\r\n \r\n وسيمهد النصر المدهش المفاجئ للسيناتور هيلاري كلينتون في نيو هامبشاير الآن السبيل لمعركة شاملة بين سيدة أميركا الأولى السابقة والسيناتور باراك أوباما. وكما هو متوقع، فإن فوز أوباما في أيوا قد دعمه في اقتراب من هيلاري كلينتون ليس فقط في نيوهامبشاير، ولكن أيضا في استطلاع الآراء الوطنية. والسيناتوران ( هيلاري وأوباما) من المتوقع الآن أن يذهبا إلى نيفادا وساوث كاليفورنيا، ثم فيما يُسمى ب\" الثلاثاء العظيم \"، وهو الخامس من فبراير القادم، حيث يمكن أن يتحدد الفائز. إن قوة الدفع الأساسية في بقية السباق الديمقراطي ستكون بين خبرة وتجربة هيلاري كلينتون ورسالة باراك أوباما وأمله وبنائه لائتلاف وطني واسع لإحداث تغيير. \r\n ولا يتواجد مثل ذلك الوضوح في جانب الجمهوريين. ففوز المحافظ السابق مايك هوكابي في أيوا يُعزى بحق إلى تلك الكتلة التصويتية الكبيرة من المسيحيين الإنجيليين. وبهذا الدعم من الحركة المسيحية الإنجيلية لمواقف هوكابي المحافظة فيما يتعلق ب\" القيم الاجتماعية \"، استطاع هوكابي الذي ليس ممولا جيدا, استطاع التغلب على الحملة الانتخابية الممولة جيدا للمحافظ السابق ميت رومني، الذي أنفق جيدا أكثر من 10 ملايين دولار في أيوا. \r\n ولأنه ليس هناك حركة إنجيلية مماثلة في نيو هامبشاير، فإن هوكابي لا يمكن أن يحقق أفضل من المركز الثالث في النهاية. وبالرغم من إنفاقه 10 ملايين دولار أخرى في نيو هامبشاير، فقد أنهى رومني مرة أخرى في المركز الثاني. وهذه المرة خسر أمام السيناتور جون ماكين. \r\n كان فوز ماكين مهما وكبيرا لعدة أسباب، فقد كانت حملته الانتخابية يُسلم بأنها ميتة من أشهر قليلة فقط. ولكن ماكين أعاد إحياء ترشيحه وركز موارده المحدودة على نيو هامبشاير - وهي الولاية التي أزعج فيها جورج بوش في عام 2000. ومع كون كثيرا من الناخبين الجمهوريين قلقين من ضعف ونقص الالتزام بالمبادئ المحافظة لدى المرشحين الجمهوريين الآخرين، اكتسب ماكين إطلالة جديدة. فقد استطاع ماكين - وقد استفاد من مبايعة صحيفة الولاية الكبيرة والقادة الجمهوريين الكبار - أن يمهد لعودة قوية. \r\n وينتقل السباق الجمهوري الآن إلى ميتشيجان ونيفادا وساوث كارولينا وفلوريدا قبل تاريخ 5 فبراير الحاسم عندما تجري 19 ولاية سباقات انتخابية في نفس اليوم. \r\n ومع فوز كل من هوكابي وماكين كليهما بالانتخابات في ولاية واحدة من الولايتين وهما أيوا ونيو هامبشاير، ومع حلول رومني ثانيا في كلتيهما، فإن الجمهوريين قد تشتتوا، بدون متسابق في المقدمة واضح. \r\n ومن بين كل المرشحين المذكورين، حتى الآن، يُعتبر رومني (الذي سيستمر في الإنفاق من ثروته الخاصة) هو الوحيد الذي لديه حاليا مال يتنافس به. ولكي يظل هوكابي وماكين يتمتعان بالحيوية، عليهما الآن أن يحولا فوزهما المبكر إلى أموال سائلة حتى يكونا قادرين على بناء منظماتهما وشراء الإعلانات اللازمة للجولة القادمة من المنافسات. \r\n يراهن رومني على الفوز بميتشيجان، وهي ولاية يستثمر فيها بقوة (حيث كان والده حاكما شعبيا محبوبا للولاية في وقت من الأوقات). على أن ماكين لديه دعم وتأييد في الولاية، وستساعده المبايعة التي تلقاها مؤخرا من صحيفة \" ديترويت فري برس \". ولو فشل رومني في أن يفوز هناك، فإنه يمكن جدا أن يدخل سباقات 5 فبراير الانتخابية بدون فوز، وهو الشيء الذي سيقضي بالتأكيد تقريبا على ترشيحه. \r\n ويجب أن يفوز هوكابي في ساوث كارولينا، وهي ولاية فيها المحافظون الإنجيليون أبرز من أيوا. والخسارة هناك، ستقضي على ترشيحه وتحكم عليه بأنه \" أعجوبة الولاية الواحدة\". على أن هوكابي سيواجه، في ساوث كارولينا، تحديا شديدا من ماكين، الذي أبلى بلاء حسنا هناك في عام 2000 وضمن مبايعات من كل من الجمهوريين الرسميين وبعض الزعماء الدينيين. ومن المحتمل أن تصب التقاليد والأعراف العسكرية القوية في ساوث كارولينا أيضا في صالح ماكين، وهو المحارب القديم الوحيد في ميدان الجمهوريين. \r\n ثم تأتي ولاية فلوريدا، حيث اتخذ عمدة نيويورك السابق رودي جيلياني خطوة مثيرة للجدل إلى حد ما في تأسيس استراتيجته في حملته الانتخابية على التملص من الولايات المبكرة في الانتخابات، معولا على فوز كبير في فلوريدا الكبيرة لإطلاق حملته في وقت مواجهة الخامس من فبراير. \r\n والصعوبة هنا ليست في أن الجمهوريين ينقصهم مرشح متقدم في المقدمة، ولكن السبب في دعم وجود مرشح متقدم. \r\n ومن نواح عديدة، لا يمثل فوز هوكابي وماكين كثيرا ظهور وبزوغ هوكابي وإعادة ظهور وبزوغ ماكين، بقدر ما يمثل وفاة الائتلاف الجمهوري الذي اكتسح وكان له السؤدد إلى حد كبير في الثلاثة عقود الماضية. \r\n لقد شكل الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريجان وحدة بين التيارات المتعددة في داخل الحزب الجمهوري، جامعا أصحاب القيم الاجتماعية والدينية والمحافظين وصقور الدفاع والدوائر الموالية للتجارة والأعمال والليبراليين معا. وكلهم وجدوا موئلا وموطنا في \" خيمة ريجان الكبيرة\". ولا يوجد أي من المرشحين الجمهوريين الحاليين يسد مسد ريجان. \r\n فجيلياني ورومني يتعرضان لانتقادات شديدة لكونهما أقل تمسكا بالمسائل \"ذات القيم\" ولسياساتهما الاقتصادية. وهوكابي، الذي مزج رسالته الدينية بمناشدة اقتصادية شعبوية لا يثق فيه كثيرا المحافظون. وعضو الكونجرس عن تكساس رون بول قد استولى على خيال الليبراليين ودعمهم الحماسي، ولكنه تم انتقاده بوصفه انفصاليا داعيا للعزلة من قبل صقور الدفاع. وماكين، وهو الخارج عن مسار حزبه لوقت طويل والمعتدل اجتماعيا، والذي كان لسنوات كثيرة شوكة في حلق الرئيس بوش في عدد من المسائل الداخلية، لا يثق فيه كثيرون في المؤسسة الجمهورية. والسيناتور السابق فريد ثومبسون، الذي كان يأمل كثير من الجمهوريين في أنه سيكون منقذهم ومخلصهم، قد أثبت أنه صاحب حملة انتخابية باهتة غير حيوية. \r\n وهناك ما يعقد هذا الوضع وهو حقيقة أن هناك عددا من كبار الجمهوريين المعتدلين والديمقراطيين المحافظين الذين يحدثون ضجة وصخبا بشأن ترشيح طرف ثالث مستقل. والمتنافس الرئيسي في هذه المجموعة هو عمدة مدينة نيويورك مايك بلومبيرج (الذي كان جمهوريا معتدلا ولكنه أعلن نفسه مؤخرا مستقلا)، والذي يمكن أن تمول له ثروته الشخصية الضخمة سباق الترشح للبيت الأبيض بطريقة ما كان يمكن أن يمول بها حتى روس بيروت حملته الانتخابية في تسعينيات القرن الماضي. \r\n ولو نجح واحد من الديمقراطيين الأكثر حزبية في تجاوز وتخطي أوباما، ولو ظهر واحد من الجمهوريين الأكثر محافظةً وإثارةً للجدل كمرشح لذلك الحزب, فإن تحديا كبيرا من طرف ثالث سيكون محتملا. \r\n ومع ذلك، لو نجح أوباما، ولو نهض ماكين بما فيه الكفاية ليفوز على الجانب الجمهوري، فإن الدفعة نحو ترشيح مستقل ستتبدد وتنقشع في كل الأحوال. وبالرغم من عدم الرضاء الذي يمكن أن يولده ويحدثه كل من أوباما وماكين في أوساط الحزبيين الضارين الشرسين في كلا الحزبين، إلا أن السباق بين هذين الاثنين لن يكون فقط معركة في قلب ولب السياسة الأميركية، ولكن أيضا سباقا من بين السباقات الأكثر إدهاشا وسحرا ومن الموضوعات التي تستحق دراسات مقارنة في حياتنا. \r\n \r\n جيمس زغبي \r\n رئيس المعهد العربي الأميركي \r\n