هذا الأمر يقودنا للاستنتاج ان موسكو لم يعد لها أي مصلحة، في البقاء تحت العباءة الأميركية والاكتفاء فقط بادخال بعض التعديلات الطفيفة على السياسات الدولية التي كانت تقررها واشنطن بشكل رئيسي. المستفيد الأول من هذا التغيير هو دون شك إيران. \r\n \r\n التقرير الاستخباري الأميركي الذي صدر في ديسمبر ذكر ان إيران ليس لديها حاليا اي برامج لتصنيع السلاح النووي، وهذا استبعد اللجوء إلى الحل العسكري للتعامل مع هذا الملف هذا الشيء دفع ادارة بوش لاعادة توجيه تركيزها على ممارسة الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية للتعامل مع إيران الحرونة. وتأمل واشنطن ان يؤدي تصاعد الضغوط الدولية عبر سلسلة من القرارات التي تتخذ من قبل مجلس الأمن الدولي إلى دفع إيران لتعليق نشاطها في مجال تخصيب اليورانيوم. الغريب في الأمر ان اللجوء الأميركي إلى مجلس الأمن للتعامل مع إيران يعتبر امرا مقبولا لدى كل من موسكووطهران. إيران عدلت مواقفها إلى حد بعيد مع مواقف الأممالمتحدة وذلك خوفا من ان تعيد الولاياتالمتحدة التعامل معها من خلال الأخذ بالسيناريو الذي سبق ان تعاملت به مع العراق حيث حوصر لفترة طويلة خلال التسعينيات وتوج في النهاية بالعمل العسكري على اساس ان العراق لم يزعن لما طالبت الاسرة الدولية به. استيعاب إيران لهذا الأمر دفعها لتعليق برنامجها النووي من 2003 إلى 2005 من أجل منع تكرار السيناريو معها. \r\n \r\n التعامل الروسي مع الطلبات الأميركية لن يوجد التوتر في العلاقات مع أميركا، كما انه يبقي على خصوصية العلاقة الروسية - الإيرانية وبالتالي يبعد عنها اي تهديد يلحق الضرر بالروابط الاستراتيجية أو الاقتصادية بين البلدين. \r\n \r\n روسيا تشاطر الولاياتالمتحدة قلقها حيث لا ترغب هي نفسها في رؤية إيران نووية، روسيا تميز بين البرنامج النووي الإيراني السلمي وكذلك الحربي بينما ترى واشنطن في البرنامج النووي الإيراني ككل، شيئا خطرا لا يمكن السكوت عنه هذا التمايز يمكن روسيا من تقديم نفسها كلاعب مستقل عن الغرب في الشرق الأوسط. \r\n \r\n طهران استفادت من الاستراتيجية الروسية الذكية من خلال تدخلها لتخفيف العقوبات الدولية الشديدة التي تطالب بها واشنطن في الوقت الذي تعمل فيه على تعميق وتقوية علاقاتها مع روسيا فالدبلوماسيون الروس نشطون في اجراء مفاوضات مع نظرائهم الأميركيين بشأن العقوبات التي يمكن ان يتضمنها قرار جديد يصدر عن الأممالمتحدة ضد إيران، وفي نفس الوقت تسارع موسكو لتقديم الوقود النووي لإيران اللازم لتشغيل المفاعل النووي في بوشهر. وفي الوقت الذي تتفاعل فيه روسيا مع مخاوف الغرب من الطموحات النووية الإيرانية، فإن ذلك لم يمنعها من توقيع المزيد من العقود التجارية مع إيران. \r\n \r\n العلاقات الاقتصادية الروسية - الإيرانية لها أهمية خاصة وكل من روسياوإيران تمتلكان حوالي 20% من الاحتياطات البترولية العالمية وحوالي 50% من احتياطات الغاز الطبيعي. قطاع النفط والغاز الإيراني يوفر الكثير من الفرص للشركات الروسية وهو شيء يتم على حساب الشركات الغربية وبالرغم من النظرة الغربية غير الجيدة لإيران، الا ان طهران تصرفت بطريقة مسؤولة مع الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى وأميركا قد تنظر لإيران كقوة ثورية تعمل على زعزعة الاستقرار الاقليمي، ولكن ترى روسيا في استمرار التعاون مع إيران كشيء في غاية الأهمية من أجل استقرار الشرق الأوسط ومد النفوذ الروسي إلى هذه النطقة. \r\n \r\n ان التحالف الاستراتيجي بين روسياوإيران يعزز المصالح الاقتصادية لكلا الطرفين وهي الأساس القوي الذي يمهد لاقامة علاقات سياسية اقوى وأدوم. وفي الوقت الذي ناشدت فيه روسيا وقف الاندفاع الأميركي باتجاه العراق وكوسوفا، فإن الموقف الروسي الحالي تجاه طهران يعني عودة روسيا كلاعب اساسي على المسرح الدولي. \r\n \r\n لقد تغير المشهد الاستراتيجي وهذا التغير لن يخدم المساعي الأميركية التي تبذل من أجل كبح جماح إيران.