\r\n - الأكراد: لقد شكلت السياسة الأميركية تجاه العراق طيلة السنوات الست عشرة الأخيرة كارثة حقيقية بالنسبة لتركيا. فمنذ حرب الخليج عام 1991 اكتسب الأكراد في العراق حكماً ذاتياً يشرف على استقلال فعلي. ومن شأن هذا الكيان الكردي أن يحفز المطالب الانفصالية داخل تركيا، ناهيك عن مساندة واشنطن للإرهابيين الأكراد ضد إيران. \r\n \r\n - الإرهاب: لقد خاضت تركيا حرباً ضد العنف السياسي الداخلي والإرهاب لأكثر من ثلاثين عاماً بين العنف الماركسي والاشتراكي والقومي اليميني والكردي والإسلامي. لكن السياسات الأميركية في الشرق الأوسط تشجع على العنف وانتشار الراديكالية في المنطقة، كما ساهمت تلك السياسات في تغلغل \"القاعدة\" بالقرب من تركيا. \r\n \r\n - إيران: تعتبر إيران أقوى الدول المجاورة لتركيا وأحد مصادرها الأساسية للنفط والغاز الطبيعي، محتلة بذلك المرتبة الثانية بعد روسيا في تأمين احتياجات تركيا من موارد الطاقة. غير أن أميركا تضغط على تركيا لوقف علاقاتها المكثفة مع إيران في إطار خطتها لفرض المزيد من العقوبات الأميركية على الجمهورية الإسلامية. ومع أنه لا يوجد الكثير من الود بين تركيا وإيران، إلا أن البلدين لم يخوضا حرباً كبيرة ضد بعضهما بعضاً منذ عدة قرون. وتعتبر أنقرة أن السياسات الأميركية ضد إيران تدفعها إلى المزيد من الراديكالية، وهو ما لا ترغب فيه تركيا. \r\n \r\n - سوريا: شهدت علاقات أنقرة مع دمشق انعطافة ب180 درجة خلال العقد الأخير، وما فتئت العلاقة تزدهر بينهما، فضلاً عن العلاقات مع باقي الدول العربية التي تنظر بعين الإعجاب إلى قدرة تركيا على التوفيق بين عضويتها في حلف شمال الأطلسي وسعيها إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والتجرؤ على قول \"لا\" لأميركا بشأن استخدام أراضيها لغزو العراق، واستعادة الاحترام لموروثها الإسلامي، وتبنيها موقفاً متوازناً إزاء الصراع الفلسطيني. وترفض أنقرة الضغوط الأميركية لتهميش دمشق وعزلها. \r\n \r\n -أرمينيا: هناك بالفعل اتصالات غير رسمية بين أنقرة ويريفان (عاصمة أرمينيا)، منها على سبيل المثال صلات تجارية وجوية، علاوة على رغبة العاصمتين في تحقيق تسوية (مصالحة). ولكن المشكلة تكمن في بعض تيارات الدياسبورا (الشتات) الأرمنية، التي ظلت عنصراً رئيسياً من عناصر الخطاب القومي المتشدد، المؤدي عملياً إلى تفشي المناخ المعادي لأي تقارب بين الطرفين. \r\n \r\n - روسيا: شهدت تركيا ثورة حقيقية في علاقاتها مع روسيا بعد خمسة قرون من العداوة والتنافر. فقد أصبحت موسكو اليوم ثاني أكبر مستورد للبضائع التركية بعد ألمانيا، كما استثمرت تركيا حوالي 12 مليار دولار في روسيا في مجال البناء. وتعتبر روسيا المصدر الأول الذي تعتمد عليه تركيا لتأمين احتياجاتها من الطاقة، فضلاً عن أن تركيا تنظر إلى منطقة أوراسيا باعتبارها مفتاح مستقبلها الاقتصادي. وقد ذهب الأمر بالجنرالات الأتراك الغاضبين من واشنطن إلى حد الحديث عن \"البديل\" الاستراتيجي الذي قد توفره روسيا إذا ما اقتضى الأمر مع الغرب. ورغم التنافس بين بلدان المنطقة على طرق مرور أنابيب النفط في آسيا الوسطى إلى الغرب -هل تمر عبر روسيا، أو إيران، أو تركيا- إلا أن تركيا تحرص على علاقاتها مع روسيا، وتعارض الجهود الأميركية لاستفزاز الدب الروسي عبر توسيع حلف شمال الأطلسي في منطقة القوقاز وأوروبا الشرقية ونشر الصواريخ بالقرب من حدوده. \r\n \r\n - فلسطين: يولي الأتراك اهتماماً كبيراً لفلسطين التي حكموها خلال الفترة العثمانية. وهم يتعاطفون مع المعاناة الفلسطينية التي دامت أربعين عاماً تحت الاحتلال الإسرائيلي. وتنظر أنقرة إلى \"حماس\" باعتبارها عنصراً شرعياً ومهماً في المشهد السياسي الفلسطيني ساعية للتوسط معه، وهو ما ترفضه واشنطن. ومع أن أنقرة تجمعها صلات جيدة مع إسرائيل، إلا أنها لا تتردد في توجيه انتقادات علنية ولاذعة لما تعتبره تجاوزات إسرائيلية. \r\n \r\n وعموما تسعى \"تركيا الجديدة\" إلى ترسيخ علاقات جيدة مع محيطها بحيث تشمل جميع الدول واللاعبين الإقليميين. وهي تسعى أيضاً للعب دور الوسيط في الشرق الأوسط لإدماج الراديكاليين في السياسة الرسمية من خلال الدبلوماسية الصبورة خلافاً لما تراه من سياسة واشنطن المعقَّدة والعدائية. ولتركيا مصالح راسخة في آسيا الوسطى. فإذا ما نجحت \"منظمة شنجهاي للتعاون\" التي ترعاها روسيا والصين في التحول إلى لاعب أساسي في أوراسيا، فإن تركيا، على غرار أفغانستانوإيران والهند، ستسعى إلى الانضمام إليها، وهو ما تعارضه واشنطن بشدة. ومع أننا قد نختلف مع تركيا في بعض تفاصيل سياستها، إلا أن هناك إجماعاً تركياً واضحاً حول تلك السياسات لأنها تخدم المصالح الأساسية للبلد. وفي الوقت الذي قد تتحدث فيه وزارة الخارجية بلغة ليِّنة عن \"المصالح الحيوية المشتركة\" متمثلة في الديمقراطية والاستقرار ومحاربة الإرهاب، إلا أن ذلك ليس سوى عبارات جوفاء مقارنة مع السياسات المتضاربة للطرفين في الكثير من النواحي. ومن الأفضل التعود على حقيقة أن تركيا قوية بديمقراطيتها الشعبية ستواصل سعيها الحثيث لخدمة مصالحها القومية، بصرف النظر عن ضغوط واشنطن. \r\n \r\n \r\n \r\n جراهام فولر \r\n \r\n النائب السابق لرئيس مجلس الاستخبارات الوطني التابع ل CIA \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n \r\n