\r\n ففي آخر حادث من نوعه, قتل 11 مدنيا عراقيا يوم الاحد الماضي عندما فتح حرس تابعون لشركة »بلاك ووتر« للمقاولات الامنية النار عشوائيا في ساحة النسور ببغداد بعد ان تعرض موكبهم لهجوم بالهاونات. \r\n \r\n من جانبها, قالت الشركة إن منتسبيها ردوا على الهجوم الذي استهدفهم \"بشكل مناسب وضمن المعايير القانونية.\" \r\n \r\n ولكن الحادث, الذي حدا برئيس الوزراء العراق نوري المالكي الى اصدار بيان ادان فيه قتل المدنيين \"بدم بارد\" وحظر بموجبه الشركة من العمل في العراق, اثار من جديد مشكلة لم يتسن العثور على حل مقنع لها الا وهي الجهة التي ينبغي ان تحاسب بلاك ووتر وسواها من شركات المقاولات الامنية. \r\n \r\n فراغ قانوني \r\n \r\n منحت سلطة التحالف المؤقتة في العراق شركات المقاولات الامنية العاملة لحساب الحكومة الامريكية وغيرها حصانة مطلقة من المقاضاة امام القضاء العراقي بموجب قانون صدر عام .2003 وقد جدد العمل بهذا القانون قبل ايام قليلة فقط من حل سلطة التحالف (CPA) في شهر حزيران عام 2004 . \r\n \r\n يقول يحيى سعيد, وهو اكاديمي عراقي المولد يعمل في كلية لندن للدراسات الاقتصادية (London School of Economics) إن الوضع القانوني المبهم لهذه الشركات هو السبب الرئيسي للحنق الذي يشعر به تجاههم العراقيون. \r\n \r\n ويضيف يحيى: \"انهم مقاولون يتمتعون بحصانة قانونية بحيث لا يستطيع القضاء العراقي ملاحقتهم. انهم فوق القانون.\" \r\n \r\n رقابة ذاتية \r\n \r\n فهؤلاء الحرس, الذين يعتبرون مقاولين ثانويين وليسوا موظفين حكوميين, لا تسري عليهم القوانين الدولية ولا الانظمة الامريكية ولا القوانين العراقية, ولو انهم - من الناحية الفنية على الاقل - يخضعون لقوانين بلدهم الام. \r\n \r\n وبالرغم من محاولات الكونجرس الامريكي حث وزارة الدفاع على اصدار تعليمات تتيح مقاضاة هذه الشركات بموجب القوانين الامريكية المدنية او العسكرية, لم تسفر هذه المحاولات عن اية نتائج ملموسة لحد الآن. \r\n \r\n ولذلك, والكلام ليحيى سعيد, تقوم هذه الشركات بمراقبة ومقاضاة نفسها ذاتيا, حيث يقول: \"خارج هذا الفراغ القانوني, يعتمد كل شيء على القيم الخاصة التي تؤمن وتنادي بها كل شركة على حدة, وهو امر لا يمكن الاعتداد به. يجب اخضاع هذه الشركات لشكل من اشكال المحاسبة, والا سيكون احترام حقوق الانسان من عدمه امر خاضع لها ولاختيارها.\" \r\n \r\n ولكن ممثل بريطانيا السابق في العراق ابان فترة حكم سلطة التحالف السير جيريمي جرينستوك - الذي استفاد من الحماية التي يوفرها المقاولون الامنيون اثناء الاشهر الستة التي قضاها في البلاد - يدافع عن الحصانة التي تتمتع بها هذه الشركات حيث يقول: \"هناك اساس قانوني لهذه الحصانة. فهناك سوابق في هذه المضمار, كما ان الحصانة ضرورية اذا اردنا اجتذاب الاشخاص المناسبين للعمل في هذا المجال.\" \r\n \r\n خطورة \r\n \r\n ويمضي السير جيريمي الى القول إن الدور الذي يلعبه المقاولون الامنيون في بناء مستقبل العراق من خلال تأمينهم لسلامة المسؤولين وخطوط الامداد ومنشآت البنية التحتية ثمين جدا ولا يمكن الاستهانة به. \r\n \r\n ويقول: \"إن عملهم حيوي بالنسبة لأية شركة اجنبية تريد العمل في العراق. فلا يمكن للموظف الاجنبي ان يقوم بمهام عمله في تلك البلاد دون حماية.\" \r\n \r\n ويدافع السير جيريمي عن المهنية العالية التي يتمتع بها الكثير من الحرس الذين هم في اغلب الحالات جنود وضباط سابقون في وحدات عسكرية عالية التدريب حيث يقول: \"ان معظمهم يؤدون واجباتهم بكفاءة عالية جدا. فهم يبدون شجاعة فائقة في العناية بزبائنهم ويحوزون على ثقتهم.\" \r\n \r\n سمعة سيئة \r\n \r\n الا ان يحيى سعيد لا يعتقد ان الحصانة ضرورية لعمل هذه الشركات. فهو يقول إن المقاولات التي تحصل عليها مربحة بشكل كبير, وان غياب الحصانة لن يثني الكثيرين عن العمل كحرس خصوصا وانهم يحصلون على مرتبات تتجاوز ال ̄ 500 دولار يوميا. \r\n \r\n حقائق عن شركة (بلاك ووتر) \r\n \r\n اسسها عام 1997 ضابط سابق في القوات البحرية الخاصة الامريكية \r\n \r\n مقرها في ولاية كارولينا الشمالية \r\n \r\n واحدة من 28 شركة مقاولات امنية عاملة في العراق \r\n \r\n لها 744 موظفا امريكيا و231 موظفا من دول اخرى و12 عراقيا يعملون على حماية نشاطات وزارة الخارجية الامريكية في العراق \r\n \r\n كانت مسؤولة عن حماية رئيس سلطة التحالف بول بريمر \r\n \r\n قتل 4 من موظفيها في الفلوجة عام 2004 \r\n \r\n ولكنه يعترف بأن السمعة التي تحيط بهؤلاء الحرس بوصفهم مرتزقة مسلحين وعدائيين قد تكون بعيدة عن الواقع بعض الشيء حيث يقول: \"إن سمعتهم سيئة لانهم مرتزقة. فرغم منظرهم العدائي, فانهم احسن تدريبا واكثر مهنية من كثير من العسكريين. فهم ليسوا مجندين شبابا, ولا يستخدمون الاسلحة الثقيلة. انهم لا يلقون قنابل زنتها 500 رطل على احد.\" \r\n \r\n اما السير جيريمي جرينستوك فيقول إن وجود حرس مدربين تدريبا جيدا على حماية الاشخاص يقومون بعمل لا تقوى الجيوش عليه. اضافة لذلك, فهم بقيامهم بواجباتهم يتيحون للجيوش التركيز على واجباتها. \r\n \r\n ولكن يحيى سعيد يقول إن الشكوك التي تحيط بهؤلاء المرتزقة مردها بشكل رئيسي هو هذا الحد المبهم الذي يفصل بين العسكري الرسمي والحارس الخاص, والذي ينتهك مبدأ اساسيا من المبادئ التي نؤمن بها الا وهو اننا لا نعترف بالمسلحين الا اذا كانوا ممثلين لدول وحكومات. اما المسلحون الذين يعملون لدى شركات خاصة فننظر اليهم نظرة مختلفة حيث ان الاعتقاد السائد هو ان القوة يجب ان تكون حكرا على الحكومات بسبب خضوع العسكريين للمحاسبة من جانب قادة منتخبين انتخابا ديمقراطيا الامر الذي لا يتوفر في حالة شركات المقاولات الامنية. \r\n