\r\n هل ستكون على غرار بريطانيا حليفا مواليا وشريكا في «الحرب على الارهاب» وتابعا ومبشرا بالأسواق الحرة وبالديمقراطية؟ أم انها ستكون كفرنسا تشارك الولاياتالمتحدة قيمها ولكنها تحرص دائما في المقام الأول على خدمة مصالحها الخاصة بها على حساب المصالح الأميركية؟ ام انها ستكون مثل الصين اي انها ستشكل مصدر تهديد تنافسي للاقتصاد الأميركي وتعمل على استخدام واستغلال نفوذها من أجل إفشال الضغوط الدبلوماسية الأميركية التي تمارس على دول مثل السودان وإيران؟ \r\n \r\n في هذا الأسبوع يعمل المسؤولون الحكوميون الأميركيون والشركات الأميركية المصنعة للأسلحة على جمع معلومات عن النوايا الاستراتيجية الأميركية في الوقت الذي يحاولون فيه تمهيد الطريق أمام إقامة أفضل علاقات ممكنة مع الهند، تلك القوة الآسيوية الناهضة وعلى أسس جديدة. \r\n \r\n النشاط الأميركي يتركز الآن في معرض جوي أقيم قرب بنغلور التي تمثل المركز التكنولوجي للهند وذلك من أجل بيع الهند طائرات أميركية الصنع لم يسبق ان اشترتها من قبل من الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n كانت علاقة أكبر ديمقراطيتين في العالم لا تتسم بالود خلال فترة الحرب الباردة حيث اعتمدت الهند في حينه على الاتحاد السوفياتي من أجل الحصول على احتياجاتها من الأسلحة ولكن مع تغير الأزمان خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ظهرت إلى السطح مصالح أمنية مشتركة بين البلدين مما دفع زعماء البلدين في يوليو 2005 ليعلنا عن أنهما يعتزمان تقوية التحالف الاستراتيجي والروابط الاقتصادية بين بلديهما. \r\n \r\n في قلب هذه الروابط الجديدة تأتي الصفقة النووية التي تمت الموافقة عليها في أميركا واصدارها على شكل قانون مما يرفع القيود التي كانت مفروضة على مشتريات الهند من الوقود النووي الذي يلزمها لتشغيل مفاعلاتها ويحرر في نفس الوقت الشركات الأميركية من أي قيود لبيع تكنولوجيا نووية حساسة للهند. \r\n \r\n خلال الفترة التي شهدت إبرام تلك الصفقة كان يحلو للمسؤولين الأميركيين التحدث عن الهند كما لو كانت بريطانيا جديدة أي حليفا طبيعيا لن يتوانى عن فعل أي شيء يخدم المصالح الأميركية ولكن بعد مرور عام ونصف العام أظهرت الهند أنها ليست ذلك البلد الذي يمكن ان يساق خلف البعض بسهولة وظهر ذلك جيدا وجليا من خلال تقوية علاقاتها مع كل من السودان وايران في الوقت الذي لا تزال تتباطأ في فتح أبوابها أمام الشركات الأميركية العملاقة مثل وال مارت وايه. آي. جي وسيتي بنك. \r\n \r\n وعليه يمكن القول ان المشاركة الأميركية القوية والنشطة في المعرض الجوي في الهند هي أكثر من مجرد تحرك اقتصادي حيث يشكل هذا الحدث فرصة مناسبة لمعرفة نوعية الشريك الذي يمكن ان تكونه الهند. \r\n \r\n أعطى البنتاغون موافقته على المشاركة الأميركية في المعرض الجوي وجعلها مميزة ويعود السبب في ذلك إلى توقع قيام الهند بطرح مناقصة في هذا العام لشراء 126 طائرة نفاثة جديدة من أجل تحديث أسطولها الجوي، ويأمل الأميركيون في ان تؤدي الصداقة الجديدة مع الهند إلى إعطائها الأفضلية لطائرات إف. إيه - 18 إف سوبر هورنيث التي تصنعها بوينغ ولطائرات إف - 16 التي تصنعها لوكهيد مارتن على حساب طائرات ميغ الروسية التي طالما شكلت في السابق حصة الأسد في القوة الجوية الهندية. \r\n \r\n ميزة معرفة الهند بالسلاح الروسي دفعت بوينغ لأن تقدم عرضين مغريين للهند يتمثلان في إنتاج طائرات إف. إيه - 180 في إطار شراكة مع إحدى الشركات الهندية، وقد سجلت شركة لوكهيد نقطة في مجال العلاقات العامة لصالحها من خلال السماح لتاتان تاتا وهو ملياردير هندي وصاحب امبراطورية صناعية كبرى وطيار هاو بالطيران في طائرة إف - 16 خلال فترة المعرض الجوي. \r\n \r\n تنظر شركات السلاح الأميركية إلى الهند بأنها تشكل فرصة تبلغ قيمتها 30 مليار دولار خلال فترة خمس سنوات، ولكن يبقى السؤال مفتوحا فيما إذا كان الهنود هم ذلك الحليف الوفي الذي يتصوره الأميركيون. \r\n \r\n على الورق تبدو الهند حليفا طبيعيا للولايات المتحدة، وكتب محلل سياسي أميركي يدعى روجرز كوهين في صحيفة «هيرالد تريبيون» يقول «ان الهند والولاياتالمتحدة تشكلان مجتمعين متعددي الثقافات ولهما ديمقراطية علمانية إضافة إلى قيم مشتركة ومصالح وأهداف تدفعهما للعمل والتنسيق معا»، وختم كوهين مقاله بالقول «ان الحلفاء المثاليين سيكون لهم دور ايجابي في القرن الحادي والعشرين». \r\n \r\n هناك الكثير من المؤشرات التي تدل على تعاون جديد سواء في التجارة أو الاستثمار، كذلك فإن المناورات العسكرية المشتركة بين البلدين أصبحت أكثر تكرارا، فما يمر بعض الوقت إلا ونسمع عن مناورات عسكرية مشتركة بينهما، وتلعب الهند حاليا دورا مهما ولكنه غير ملحوظ في حقبة التعمير في فترة ما بعد طالبان في أفغانستان، إضافة إلى أن نيودلهي أكثر دفئا مع واشنطن فيما يتعلق بحرب إدارة بوش على الإرهاب على اعتبار ان البلدين يخوضان حملة على المتطرفين الإسلاميين. \r\n \r\n ما تقدم لا يعني ان الهند بدأت تسير في ركاب الولاياتالمتحدة، فالهند تفتح اقتصادها أمام منافسة الشركات الأجنبية ولكن بصورة أبطأ مما ترغب به واشنطن، ومن أجل موازنة النفوذ الصيني في فنائها الخلفي عملت الهند على تقوية علاقاتها مع حكام ماينمار العسكريين الذين تسعى الولاياتالمتحدة لعزلهم. \r\n \r\n وعلينا ان لا ننسى اهمية النفط والغاز بالنسبة للهند فقد عملت الهند على اعادة الحياة والنشاط لعلاقاتها مع روسيا مؤخرا على اعتبار ان موسكو تمتلك احتياطات ضخمة من النفط والغاز وخلال احتفالات الهند بعيد الاستقلال في يناير كان بوتين الرئيس الروسي ضيف شرف وهو الزعيم الذي تنتقده العواصم الاوروبية العربية على اساس انه حاكم مستبد والذي لم يتورع نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني في ان يتهمه باستخدام النفط والغاز كأدوات للتخويف والابتزاز. \r\n \r\n لقد اظهرت الهند رغبة واضحة في شراء النفط والغاز من مكونات تعمل اميركا على عزلها بما فيها السودان وايران. قبل ايام سافر وزير الخارجية الهندي الى طهران من أجل اجراء محادثات حول اقامة خط انابيب لنقل الغاز من ايران الى الهند عبر باكستان وهو امر يزعج المسؤولين الاميركيين كثيرا. وتقول واشنطن ان مشروعا بهذا الحجم يكلف مليارات الدولارات سيعمل على تصليب مواقف طهران في الوقت الذي تسعى الولاياتالمتحدة لاستخدام العقوبات الاقتصادية لتخويف طهران ودفعها بالتالي للتخلي عن برنامجها النووي. \r\n \r\n تقول ارونداني وهي مفاوضة هندية سابقة في مجال السيطرة على التسلح ان الهند لن تصبح ابدا حليفة للولايات المتحدة بل سنكون اصدقاء وهناك اختلاف جذري بين الاثنين في التحالف يكون هناك قائد وما يقوله سيتوجب على الموجودين في التحالف تنفيذه هنا لدينا مصالح مشتركة وسنعمل على رعايتها اينما نتفق سنمضي قدما واينما نختلف سيفعل كل واحد منا ما يخدم مصالحه. \r\n \r\n وتدرك الهند ان الغرب لديه مصادره الخاصة من الطاقة وهو في وضع يختلف عن الوضع الذي تجد فيه الهند والصين نفسها وهو بالتأكيد اضعف بكثير من الموقف العربي. \r\n \r\n وعندما سئل احد كبار المسؤولين الهنود لماذا لا تعمل الهند على استخدام نفوذها الاقتصادي من اجل وقف العنف في اقليم دارفور في السودان قال ان بعض الاطراف الدولية ضخمت كثيرا من هذه القضية فالوضع في دارفور ليس بتلك الدرجة من السوء التي يتحدث عنها البعض فنحن نبني هناك الجسور ونساعد في برامج التنمية بما يخدم شعوب المنطقة وهو امر تساهم فيه ايضا كل من الصين وروسيا. \r\n \r\n كيف ستختار الهند وماذا ستختار طائرات ميغ - 35 ام طائرات اف - 16؟ وهل سيشكل ذلك ابتعاد نيودلهي عن واشنطن او اقترابها اكثر من موسكو؟ \r\n \r\n الايام كفيلة بتقديم اجابة عن هذا السؤال. \r\n