غير أن المبعوث الأميركي الأول الذي يجري المفاوضات في بكين، حذر من أن الجانبين، لا يزالان يتعثران في مسألتين ثانويتين على حد تصريحه للصحفيين إثر عودته للفندق الذي يقيم فيه مساء الجمعة الماضي. وقال المبعوث \"كريستوفر هيل\"، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، إنه لا يمكن الحديث عن أي صفقة حتى يتم الاتفاق على كل شيء فعلياً بين الجانبين. ولذلك فقد أبدى حذراً من الحديث المبكر عن إحراز نجاح في مهمته الحالية. غير أن المسؤولين في واشنطن والبيت الأبيض، قد تهيأوا سلفاً للإعلان عن أخبار سارة مدوية عن هذه المحادثات. ووصف هؤلاء الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه مع بيونج يانج، بأنه مختلف جداً عن اتفاق تجميد الأنشطة النووية الذي كانت إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون قد تفاوضت حوله مع بيونج يانج عام 1994. وكان ذلك الاتفاق قد انهار تماماً في نهاية الأمر، بينما قطعت بيونج يانج شوطاً بعيداً في إنتاج ما يكفي من المواد النووية، لصنع ست قنابل على أقل تقدير، خلال إدارة الرئيس بوش الابن. \r\n \r\n ووصف مسؤول رفيع المستوى من الإدارة، هذا الاتفاق الأخير الذي جرى التوصل إليه مع كوريا الشمالية، بأنه جاء على شاكلة \"النموذج الليبي\"، في إشارة منه إلى تخلي ليبيا عن كافة المواد النووية التي اشترتها سراً. يُذكر أن واشنطنوطرابلس، قد اتخذتا سلسلة من الخطوات المشتركة والمفاوضات الحذرة، التي أفضت في نهاية الأمر، إلى تخلي طرابلس عن التكنولوجيا النووية، في مقابل وضع حد للعزلة الدولية المفروضة عليها. أما في حالة \"بيونج يانج\"، فإنه لم يتضح بعد، مدى الوقت الذي تحتاجه لوضع حد لبرامجها النووية، والموعد الذي ستقوم فيه بتسليم ما لديها من بلوتونيوم ومواد نووية أخرى جرى إنتاجها خصيصاً لتطوير البرامج النووية العسكرية، إلى جانب تسليمها لأي عدد من الأسلحة النووية الفعلية التي طورتها. وكانت إدارة بوش قد أعلنت من جانبها مسبقاً، أنها لن تتفاوض مطلقاً مع بيونج يانج حول \"تجميد\" الأنشطة النووية للأخيرة على نحو ما فعلت إدارة بيل كلينتون. والفكرة هنا ألا تُكافأ بيونج على أي شيء، قبل أن تضمن واشنطن تسليمها لكل ما تحوز عليه من مواد وتكنولوجيا نووية. وبسبب ذلك الخطأ الذي ارتكبته إدارة كلينتون، فسرعان ما تمكنت بيونج يانج من استئناف العمل في برامجها تلك. أما الاتفاق الأخير الذي جرى إبرامه، فهو مختلف جداً، بسبب أن كوريا الشمالية لن تجني أكبر الفوائد المتوقعة له، إلا بعد سماحها بدخول المفتشين الدوليين، ومن ثم إغلاق مرافقها وتسليم ما لديها من مواد وتكنولوجيا وأسلحة نووية. غير أن المسؤولين الذين أدلوا بهذه التصريحات، وصفوا هذه الخطوات بالصعوبة من ناحية مراقبتها. والسبب هو النزاع القائم الآن حول كمية المواد النووية التي حصلت عليها بيونج يانج. \r\n \r\n وتلك هي الخطوة الثانية المطلوبة من كوريا الشمالية بالإعلان عما لديها من مواد نووية، وبتحديد مواقع تواجدها، على حد تصريح مسؤولي الإدارة. وربما تشمل هذه الخطوة الكشف عن برنامج تخصيب اليورانيوم، الذي اعترف عبدالقدير خان بمساعدة كوريا الشمالية فيه قبل عقد مضى، مع العلم بأن بيونج يانج لا تزال تواصل إنكارها له. أما في التصريحات التي أدلى بها \"هيل\" ليلة الجمعة، فقد أكد أن كوريا الشمالية ستطالب هذه المرة بما هو أكثر من مجرد الإعلان عن \"تجميد\" برامجها النووية. واقترح أن يتم إغلاق المنشآت ووقف البرامج النووية الكورية على عدة مراحل وخطوات. فالفكرة هي على حد قوله، ضمان إغلاق وتفكيك تلك المنشآت والبرامج بالكامل. وعليه فإن \"التجميد\" ليس هو التعبير الصحيح عن هذه العملية، لكونه يبقي على باب استئناف هذه الأنشطة والعودة إليها مجدداً، مفتوحاً على الدوام، وهذا ما لا نريده بالتأكيد. وظل \"هيل\" على تفاؤله الحذر، مع تفادي التصريح بأي من العقبات والمشكلات التي حالت دون إبرام الصفقة المرتقبة حتى الآن. هذا وقد استؤنفت المحادثات بين الجانبين يوم أمس السبت، بينما ظل \"هيل\" متفائلاً بتوصله إلى صفقة الاتفاق المنشود مع بيونج يانج خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي. \r\n \r\n وكانت آخر المفاوضات التي جرت حول برامج الأسلحة النووية الكورية الشمالية، قد بدأت في بكين، في أوساط جو من التفاؤل الحذر، باحتمال إحداث طفرة، وإن كانت متواضعة ومحدودة المدى نوعاً ما، في حل الأزمة التي تثيرها هذه البرامج. وفي السياق نفسه، كان ممثلون للسداسية الدولية المعنية بحل هذه الأزمة والتفاوض حولها، الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وروسيا، والولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية، قد عقدوا اجتماعاً سرياً فيما بينهم، في شهر يناير الماضي في العاصمة الألمانية برلين. إلى ذلك عقد \"هيل\"، ونظيره الكوري الشمالي، \"كيم كاي- جوان\" أكثر من لقاء بينهما خلال الأسبوع الماضي، بما فيه لقاء تناولا فيه وجبة الغداء معاً، يوم الجمعة الماضي. ومن جانبه صرح السيد \"كيم كاي- جوان\" للصحفيين قائلاً إن كوريا الشمالية أضحت على استعداد لاتخاذ الخطوة الأولى من نوعها لتفكيك برامجها النووية. \r\n \r\n \r\n جيم ياردلي وديفيد سنجر \r\n \r\n \r\n مراسلا \"نيويورك تايمز\" في بكينوواشنطن \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n