في الفترة الاخيرة اخذ السيستاني يبدي عدم ارتياحه لأداء الحكومة التي يقودها الشيعة والتي اثبتت عجزها عن كبح جماح العنف وتحسين الخدمات العامة، الآن اتخذ السيستاني على ما يبدو موقفا جديدا يتمثل في الابتعاد عن الاصرار على وجود مجموعة شيعية واحدة يقوم بدور اللاعب السياسي الرئيسي لها، اعطى السيستاني موافقته المبدئية في الايام الاخيرة على اقامة تحالف يدعمه الاميركيون يتألف من الشيعة والسنة العرب والاحزاب الكردية، واذا نجح مثل هذا الائتلاف فانه قد يؤدي الى تخفيف السيطرة الشيعية وربما يؤدي في النهاية الى إلحاق الاهتراء بالتحالف الشيعي الحالي. التحالف المقترح يؤمل في ان يتبنى مسارا سياسيا معتدلا من خلال استبعاد الاحزاب المتطرفة والسياسيين المتطرفين خاصة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يشكل اتباعه جزءا مهما من التحالف الشيعي. يعتبر آية الله السيستاني المسن اكبر عامل في انجاح فكرة الائتلاف الجديد وتعتبر موافقته شيئا اساسيا في اضافة المزيد من الزخم للجهود الاميركية والعراقية من اجل دفع العراق للاستقرار وحكم القانون. وبلغ الوسطاء الذين سعوا من اجل تحقيق هذا الامر الاميركيين ان السيستاني «يبارك» فكرة تشكيل جبهة معتدلة، وعلق احد المسؤولين الاميركيين على ذلك قائلا «ما كنا لنحقق ذلك دون دعم السيستاني»، وقد كتب مستشار الامن القومي للرئيس بوش ستيفن هادلي يقول في مذكرة سربت للصحافة الاميركية الشهر الماضي «ان على الولاياتالمتحدة ان تسعى لتشجيع السيستاني على الانخراط في العملية السياسية والسعي لاخذ مباركته على اقامة حركة سياسية غير طائفية». منذ الغزو الاميركي للعراق رفض آية الله السيستاني مقابلة اي شخص من الولاياتالمتحدة ولكنه تلقى رسائل عبر وسطاء، وخلال لقاءات عقدت في بيته في النجف وضع السيستاني جملة من الشروط من اجل اعطاء موافقته على الائتلاف المعتدل الجديد، الشرط الاساسي للسيستاني هو ان اية اعادة ارتباطات وتحالفات سياسية «يجب ان تحافظ» على الوحدة الشيعية المعبر عنها في التحالف العراقي المتحد الذي يمتلك 130 مقعدا في البرلمان، ويقول المسؤولون ان مثل هذا الشرط يمكن ان يفسر المحافظة على الوحدة الشيعية اسميا فقط حيث يمكن للاحزاب الشيعية ان تشكل ائتلافاتها الخاصة بها بالتعاون مع السنة العرب او الاكراد. \r\n \r\n تشكيل الائتلاف الجديد لن يكون دون مخاطر، فالائتلاف الشيعي الحالي يمكن ان يتحطم بكل بساطة، ويقول البعض ان التحالف الشيعي قد دخل فعلا مرحلة التفكك، لقد شكل السيستاني هذا التحالف في اواخر عام 2004 من اجل ضمان دخول جميع الاحزاب الشيعية كجبهة واحدة في الانتخابات البرلمانية. الائتلاف الشيعي تنخر جسده تنافسات وتناحرات داخلية تصاعدت حدتها في الاشهر الاخيرة. الصدر الذي يسيطر على 30 مقعدا في البرلمان وله ستة وزراء في الحكومة انسحب من الحكومة الشهر الماضي احتجاجا على اللقاء الذي عقد مؤخرا في الاردن بين رئيس الوزراء العراقي نور المالكي والرئيس الاميركي بوش، ويدين المالكي للصدر بالكثير من الدعم الذي يحصل عليه. ويعرف عن الصدر ايضا انه اصطدم سياسيا وعسكريا مع المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، الذي يترأسه عبدالعزيز الحكيم، ويبدو ان السيستاني غير سعيد بما يجري على الساحة الشيعية في العراق وهذا ربما دفعه لعدم اصدار اي بيانات عامة لحض الشيعة على الوحدة كما انه وقف عاجزا عن فعل اي شيء لوقف العنف في الشارع العراقي. يقول احد المقربين من السيستاني «انه حزين للغاية ويشعر انه يتوجب عليه فعل شيء ما لحماية العراق والمحافظة على وحدته ووقف اراقة دم الابرياء فيه». بزغ نجم مقتدى الصدر على اكتاف الميليشيا المعروفة بجيش المهدي التي شكلت تحديا حقيقيا لسلطة السيستاني، وبالرغم من ان السيستاني يدعو في مواعظه للتسامح تجاه السنة العرب الا ان جيش المهدي استمر في مطاردتهم وملاحقتهم واضطهادهم مما تسبب في ازدياد العنف ما بين فعل ورد فعل مما نتج عنه مقتل ما لا يقل عن مائة عراقي يوميا. ويبقى السيستاني من اكثر الشيعة نفوذا في العراق، واي قادة سياسيين بحاجة الى دعم فانهم يلجأون لزيارته في بيته في النجف من اجل الحصول على مشورته او مباركته لشيء يرغبون في فعله، المالكي يدرس الآن وبتمعن مسألة الانضمام للائتلاف الجديد وهو يخطط لارسال وفد من حزبه السياسي المعروف بحزب الدعوة الاسلامية لمقابلة اية الله السيستاني ومعرفة رأيه. ظهرت فكرة اقامة ائتلاف جديد يضم الطوائف والاعراق الرئيسية في العراق لاول مرة في الربيع الماضي خلال الاسابيع الطويلة التي امضيت من اجل اختيار رئيس جديد للوزراء للحكومة الجديدة. وقد فاتح عبدالعزيز الحكيم زعيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق السياسيين العرب السنة والاكراد من اجل التوصل الى اتفق لدعم مرشح وبالتالي كسر الجمود المحيط باختيار رئيس الوزراء. السيستاني وقف في وجه ذلك الاقتراح من اجل المحافظة على وحدة التحالف الشيعي، وفكرة الائتلاف الجديد بعثت من جديد مؤخرا في محاولة لتنشيط العملية السياسية، وبالتالي اخذ البلاد بعيدا عن سياسات العنف الطائفي المعبر عنه في العنف اللامحدود في شوارع المدن العراقية، اجتمع الرئيس بوش مع عبدالعزيز الحكيم وطارق الهاشمي زعيم اكبر حزب سياسي عربي سني من اجل تشجيعهما على قبول فكرة التحالف الجديد، ويقول احد المسؤولين الشيعة: ان هذا الاقتراح يشكل بارقة امل في سماء ملبدة بالغيوم. هناك الآن محادثات تجرى بين الاحزاب الكردية الرئيسية والحزب الاسلامي العراقي السني وحزب الحكيم من اجل تنفيذ هذه الفكرة. وعلى الاغلب سيتولى المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق قيادة الحكومة الجديدة. بعض كبار المسؤولين في حزب الدعوة الذي ينتمي اليه المالكي نصحوه بعدم الانضمام للتحالف الجديد بسبب التخوف من ان يعمل الآخرون على الاطاحة به، ولكن يرد المسؤولون المنخرطون في المحادثات بأن هدفهم هو تقوية رئيس الوزراء بشكل يمكنه من ابعاد نفسه عن الصدر واذا اقتضت الضرورة فيمكن التحرك عسكريا ضد الميليشيا التابعة للصدر والعمل بالتالي على تقليم اظافره. المسؤولون الاميركيون لم يخفوا غيظهم من اعتماد المالكي سياسيا على الصدر الذي دعمه الى ابعد الحدود من اجل ايصاله لرئاسة الحكومة. وقد حاول الاميركيون طمأنة المالكي بان الاطراف الاخرى ستعمل على تقويته واعطائه الدعم السياسي المطلوب الذي يمكنه من كسر علاقته مع الصدر. والهدف من ذلك كما قال احد قادة الشيعة هو «ايجاد جماعة واحدة قوية وكبيرة تكون قادرة على دعم المالكي خاصة عندما يحاول عمل شيء ما مثل حل الميليشيات او تغيير الوزراء». المالكي يريد الاطمئنان اولا الى نوايا حلفائه الجدد ومدى الدعم الذي سيقدمونه له قبل ان يفك علاقته مع الصدر، فرئيس الوزراء كما قال احد المحللين السياسيين «يريد ان يبدأ بباب واسع ثم يعمل تدريجيا على اغلاقه». \r\n