\r\n \"مالك مروميا\"، فرنسي من أصول عربية ورجل أعمال ناجح يقول في هذا الصدد: \"عندما ينعت الوزير الناس ب\"الحثالة\"، فإن ذلك لا يساعد أبداً، لأننا لا نملك سوى أن نفترض بأننا نحن المعنيون ولا أحد غيرنا\"، مضيفاً: \"إن ما قام به ساركوزي تسبب في انقسام داخل فرنسا، بحيث أصبح الانطباع السائد هو وجود فرنسا الضواحي وفرنسا الأخرى\". وقد أثار وصف \"ساركوزي\" للشباب الذين تورطوا في أعمال الشغب التي شهدتها فرنسا في وقت سابق من العام الماضي ب\"الحثالة\" حالة من الغضب لدى العديد من الفرنسيين، لاسيما في الضواحي. وتفاقمت الأمور أكثر عندما أعلن \"ساركوزي\" عند تعامله مع أعمال الشعب بأنه لن يتسامح أبداً مع الجريمة في إشارة إلى الشباب المشاركين في المظاهرات العنيفة. \r\n \r\n وليس غريباً أن تنعكس مواقف \"ساركوزي\" وتصريحاته القاسية ضد ذوي الأصول العربية والأفريقية على صورته لدى الرأي العام الفرنسي، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة \"سيفيبوف\" أن 49% من الفرنسيين المستجوبين عبروا عن خوفهم من وزير الداخلية الفرنسي. وفي الأسبوع الماضي امتنع \"ساركوزي\" عن الظهور في حفل عشاء نظم في باريس، وجمع أكثر من 300 مشارك من أصول عربية وأفريقية، حيث انتدب أحد كبار مساعديه لتلبية الدعوة خوفاً من تعرضه للانتقادات. غير أن \"ساركوزي\" التواق إلى دخول قصر الإيليزيه، مقر الرئاسة الفرنسية، بدأ يخفف من لهجته ضد الأقليات الإثنية، واتجه إلى التركيز في خطابه على القضايا الأساسية التي تشغل الناخبين من ذوي الأصول العربية والأفريقية مثل تكافؤ الفرص والحصول على وظائف، وذلك في مسعى لتغيير الصورة السلبية وإعادة تشكيل أخرى تظهر قدرته على مد يد المصالحة مع الفئات المختلفة للمجتمع الفرنسي واسترجاع الود المفقود. \r\n \r\n وفي هذا الإطار ألقى \"ساركوزي\" خطاباً في المؤتمر الذي حضره أمام مئات المشاركين من الشباب قائلاً: \"إنني لن أخيب آمالكم، فهذا اليوم لن يكون له معنى دون مستقبل واعد لكم\". وتأكيداً على تأييده للتمييز الإيجابي الذي يمنح أبناء الأقليات بعض الامتيازات فيما يتعلق بالتعليم والتوظيف أضاف \"ساركوزي\" على هامش المؤتمر الذي شارك فيه مخاطباً الشباب: \"إنكم فرنسيون مثلكم مثل الآخرين، لكننا واعون بالتحديات التي تواجهكم، لذا علينا مساعدتكم أكثر من الآخرين\". ورغم أن \"ساركوزي\" هو راعي المؤتمر، فإنه لم يستمر اليوم كله الذي دامه، وعندما انتهى من إلقاء خطابه امتنع عن تلقي أسئلة الحضور، مفضلاً تجنب الانتقادات التي لم تكن لتغيب عن اجتماع يضم أبناء الأقلية العربية والأفريقية. يُشار إلى أن هذا المؤتمر لا يندرج في سياق الحملة الانتخابية لساركوزي الذي لم ينل بعد تزكية حزبه \"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية\"، رغم أنه من المتوقع أن يرشحه الحزب خلال الشهر المقبل. \r\n \r\n وباقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي لم تعد تفصلنا عنها سوى أربعة أشهر يسعى \"ساركوزي\" وباقي المرشحين الرئيسيين الذين سيخوضون الانتخابات الرئاسية إلى استمالة الأقليات الإثنية الفرنسية التي تعاني من التهميش وتعيش أوضاعاً سيئة. ولعل أحد الأهداف الأساسية التي يسعى المتنافسون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية إلى تحقيقها هي إقناع الفرنسيين من أصول عربية وأفريقية بالمشاركة الكثيفة في الاقتراع والإدلاء بأصواتهم. لكن يبقى الهدف الآخر هو إقناع الناخبين الفرنسيين عموماً بأن الهوة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تقسم الفرنسيين يمكن جسرها وبناء مستقبل أفضل لجميع الفرنسيين. وفي هذا السياق يقول \"فينسو تيبرجي\"، وهو عالم اجتماع \"قبل خمس سنوات لم تكن الهجرة والاندماج جزءاً من الحملات الانتخابية للأحزاب الرئيسية، لكن هذه المرة يطرح الفرنسيون تساؤلات حول إخفاق الاندماج ومدى قدرة فرنسا على استيعاب المزيد من الأجانب\". وإذا كان موضوع الانفتاح على الإثنيات الأخرى في المجتمع الفرنسي برز كقضية أساسية في الخطاب السياسي لمرشحة الحزب الاشتراكي \"سيجولين رويال\"، فقد كان حاضراً أيضاً في أجندة \"جان ماري لوبان\"، زعيم \"الجبهة الوطنية\" ذات التوجه \"اليميني\" المتطرف، حيث أشارت آخر استطلاعات الرأي إلى أنه يحظى بنسبة تأييد تصل إلى 17% من المستطلعة آراؤهم. \r\n \r\n ففي يوم الاثنين الماضي استخدم \"لوبان\" لوحة إعلانية تسعى إلى حشد تأييد الناخبين من أصول عربية وأفريقية عبر فيها عن انتقاده الشديد لسياسة الإدماج التي أثبتت فشل المؤسسة السياسية القائمة في معالجة القضايا المرتبطة بالهجرة. وفي لوحة إعلانية أخرى تظهر امرأة أفريقية بشعرها الطويل، وهي ترفع إبهامها مقلوباً في إشارة إلى فشل الحكومات السابقة في معالجة مشاكل الأقليات، وفي الصورة أيضاً يظهر شعار يقول \"اليمين واليسار كلاهما أفسد كل شيء\". وأثناء خطاب ألقاه \"جان ماري لوبان\" في شهر سبتمبر الماضي حث زعيم حزب \"الجبهة الوطنية\" اليميني \"الشعب الفرنسي من أصول أجنبية\" إلى الانضمام إلى حزبه، وهي أول مرة يوجه فيها \"لوبان\" دعوته إلى الأقليات. ويبرز هذا التسابق بين السياسيين الفرنسيين على استمالة الناخبين من أصول عربية أو أفريقية واستعدادهم لتغيير خطابهم الانتخابي التقليدي المعادي للأجانب كما هو عليه الحال بالنسبة ل\"جان ماري لوبان\" المكانة المهمة التي باتت تحظى بها تلك الأقليات في الساحة السياسية الفرنسية ودورها المؤثر في تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة. \r\n \r\n إيلين سيولينو \r\n \r\n مراسلة \"نيويورك تايمز\" في باريس \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n