\r\n \r\n وليس ثمة شك ان أعضاء في أحزاب اليسار القديم قد انتخبت في شيلي والبرازيل واورغواي وبيرو، بيد أن جميع هؤلاء القادة الذين وقع عليهم الاختيار من الواضح أنهم يدركون جيدا ان ميلتون فريدمان كان أقرب كثيرا من فهم علم الاقتصاد بتركيزه على تحقيق الاستقرار المالي وتقوية الأسواق عن كارل ماركس ويثبت ذلك ويبرهن عليه السياسات الاقتصادية التي نهجها كل منهما. فهل يعني ذلك أن فريدمان كان يساريا ام أن القراءة الواضحة أن (اليسار) كلمة لا محل من الإشارة اليها في هذا الصدد؟ \r\n كما كان هناك قادة آخرون لعبوا دورا محوريا في المنطقة يدينون بالكثير لفريدمان أكثر منه الى ماركس ومن هؤلاء الرؤساء ألفارو أوريبي في كولومبيا وفيليب كالديرون في المكسيك. \r\n ومن وراء ذلك هناك أنماط لليسار الجديد الزائف الذي يتزعمه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي أعيد انتخابه مؤخرا ليلحق بالآخرين في بوليفيا والإكوادور ونيكاراغوا. كما أن هناك تشافيزيين آخرين في بعض الدول الأخرى بما في ذلك المكسيك التي سنسمع منها عما قريب ما إذا كان القادة الأكثر اعتدالا سيخفقون في الوفاء بالمطالب الوطنية. وقد يكون هؤلاء على صواب من بعض الأوجه إلا أنهم والى حد كبير يسيرون على غير هدى ويأخذون مواقف معادية للولايات المتحدة و/أو الفاشية وسيشهد المستقبل فشل أفكارهم الشعبية كما حدث في الماضي. \r\n والمعلم الأكبر لذلك بالطبع هو الكوبي فيدل كاسترو الذي يعيد تشافيز الآن ترديد عباراته الشهيرة التي خرجت في عقد الستينيات إلى جانب بعض الكلمات الأخرى من سيمون بوليفار وماو تسي تونغ. بيد ان كاسترو ليس ماركسيا ولكنه مغرور معاد للولايات المتحدة ومروج لدعاوى الوطنية الا ان ذلك لا يمنع أن لديه على الأقل خططا منسقة وكان يهتم بآراء الآخرين. \r\n فإذا كان (اليسار) كلمة لا مجال لها هنا فما هو لب القضية إذا؟ يجب أن نلاحظ في المقام الأول أنه إذا كان سكان اميركا اللاتينية اليوم يعتقدون أنهم يعيشون في أفضل العوالم كما يبدو واضحا في اشارة صدرت مؤخرا عن الرئيس المكسيكي فيسنت فوكس عندئذ لن يكون هناك ما يستحق المناقشة. \r\n لكن وكما نقرأ من خلال الكثير من الاستطلاعات فالأغلبية من الشعوب تتوق أن يتوفر لها الطعام والمنزل والوظيفة بشكل أفضل الى جانب التعليم الجيد والمساواة في الفرص والحقوق والعيش في أمن في ظل القانون كما أن هناك المشاكل الأساسية التي يعرفها جيدا القادة في المنطقة وهي: \r\n الفقر وعدم المساواة وحالة العجز التي تهيمن على أداء هؤلاء القادة وتنسحب كذلك على الأحزاب والمؤسسات وكذا تحسين الظروف المعيشية للغالبية العظمى من الشعب تحت أي شكل من الحكومة سواء يمين أو يسار أو وسط عسكرية كانت أم مدنية. \r\n وقد فاقم من حالة الاستياء والسأم من الظروف السابقة على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية اخفاقات عديدة في الاصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وكانت هناك أصوات تحمل الولاياتالمتحدة المسؤولية عنها. \r\n وقد نشأت الدعوات المعادية للولايات المتحدة والتي انتشرت في انحاء المنطقة نتيجة اسباب عديدة منها الإهمال الأميركي للمنطقة واشتداد الحنق والغضب إزاء السياسات الأميركية المتغطرسة كما هو الحال في العراق. \r\n ومن غير الواضح على أية حال ان معظم القادة يدركون حقيقة أن المشاكل الجوهرية التي تعاني منها المنطقة هي مشاكل داخلية بيد ان السعي نحو القاء اللوم على كبش فداء كان دائما سمت اميركا اللاتينية خلال السنوات الماضية. \r\n إلا ان تحديا آخر ظهر في الأفق وهو الصين وآسيا الآخذة في التطور. وعلى الرغم من الزيادة الحالية المرتفعة في اجمالي الناتج المحلي إلا أن التاريخ يقول إن أميركا اللاتينية سرعان ما ستدخل في دوامة ازمة جديدة وسوف تواصل حالة التراجع. \r\n والأشخاص الوحيدون القادرون على اعادة الامور الى نصابها هم القادة الكفء أصحاب العزيمة والتصميم جنبا الى جنب مع شعوبهم حيث يمكن لهؤلاء أن يعملوا على تفادي الاصلاحات السريعة التي ينهجها البعض مثل تشافيز ويسخرون جهودهم لمواجهات التحديات الحقيقية بشكل عملي على المدى الطويل \r\n \r\n ويليام راتليف \r\n باحث بمعهد هوفر جامعة ستانفورد \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب(الوطن)