\r\n \r\n \r\n \r\n وعندما دمرت الصواريخ مجمعا في \"دامادولا\" أدى إلى مصرع 13 مدنياً في شهر يناير الماضي، كانت حكومة باكستان في ذلك الوقت ما تزال في حرب مع المسلحين الذين يتحركون في المناطق القبلية. \r\n أما الآن فإن هذه السلطات- من الناحية الأسمية على الأقل- في حالة سلام مع المقاتلين، وذلك بعد أن وقعت معهم اتفاقاً مثيراً للجدل في مقاطعة \"وزيرستان\" نظر إليه الكثيرون- ومنهم مسؤولون في أفغانستان و\"الناتو\"- بعين الريبة. \r\n بموجب ذلك الاتفاق وافق شيوخ القبائل على طرد المقاتلين الأجانب من المناطق القبلية، ومنع المسلحين من دخول أفغانستان، على أن يقوم الجيش الباكستاني في مقابل ذلك بالإفراج عن المئات من مقاتلي \"طالبان\"، وإعادة أسلحتهم وسياراتهم ومعداتهم إليهم. \r\n وكان من المتوقع أن تقوم الحكومة الإقليمية المشرفة على منطقة القبائل بالتوقيع على اتفاقية مماثلة، الاثنين الماضي في \"باجاور\"- وهو أمر أصبح مشكوكاً فيه الآن- تؤدي إلى توسيع عملية السلام مع رجال القبائل المرتبطين ب\"طالبان\". \r\n وتوقيت الضربة يثير أسئلة بشأن التزام باكستان بمثل هذه الاتفاقيات، وكذلك التزام الحلفاء عبر الحدود بها، كما يهدد بإذكاء نيران التطرف في منطقة، كانت قد بدت- وإن بشكل مهتز- وكأنها تتحرك على طريق السلام. \r\n وكانت باكستان قد بذلت جهدا كبيرا لإزالة المخاوف المتعلقة بالتفاوض مع الإرهابيين، لكن بعض المراقبين يقولون إنها قد فشلت في ذلك، وإن الضربة التي تمت أول من أمس الاثنين تعتبر \"رسالة عدم الثقة\" مرسلة من قبل قوات \"الناتو\" والقوات الأميركية عبر الحدود. \r\n حول ذلك يقول \"رسول بخش ريس\" أستاذ العلوم السياسية بجامعة لاهور لعلوم الإدارة: \" ما حدث نوع من الرفض الواضح لسياسة الحكومة الباكستانية في المنطقة الحدودية... وهو بمثابة رسالة يقول من خلالها الأميركيون \r\n والناتو لباكستان إنها إذا ما انسحبت من تلك المنطقة فإنهم سيذهبون إلى هناك.\" \r\n وقد أدلى المتحدث العسكري الباكستاني اللواء \"شوكت سلطان\" بتصريح قال فيه إن طائرات الهليوكوبتر العسكرية الباكستانية هي التي نفذت الضربة التي تمت عند الفجر، وإن تلك الطائرات، قد أطلقت ما بين أربعة إلى خمسة صواريخ على المدرسة التي تم استهدافها لأنها كانت تستخدم كقاعدة للأنشطة الإرهابية وكانت تضم 80 مقاتلاً. \r\n وقال الجنرال سلطان إن الهجوم قد تم بعد أن رفض المسؤولون عن تلك المدرسة طلباً من السلطات لإغلاقها. \r\n وكان من بين من لقوا مصرعهم في الغارة \"لياقت حسين\" وهو رجل دين مرتبط بأيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم \"القاعدة\". \r\n وعلى الرغم من أن الجيش الباكستاني قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم، فإن كبار الزعماء الإسلاميين السياسيين قاموا على الفور بتوجيه اللوم للولايات المتحدة الأميركية، ودعوا إلى تنظيم احتجاجات أمس الثلاثاء. ففي هذا الإطار دعا \"فقير محمد\" وهو رجل دين لم يكن موجوداً في المدرسة وقت الهجوم، إلى تنظيم احتجاج واسع النطاق خلال مراسم الجنازة التي حضرها الآلاف من رجال القبائل. وقبل ذلك التاريخ بيومين كان السيد \"محمد\" قد شجب الحكومتين الباكستانية والأميركية، وامتدح أسامة بن لادن خلال تجمع مناصر ل\"طالبان\" ضم 5000 من رجال القبائل في \"دامادولا\". \r\n مع ذلك يستمر عدم التأكد بشأن الجهة التي قامت بتنفيذ هذه الضربة وعلى أي نوع من المعلومات استندت. وهناك تكهنات بأن الضربة الجديدة– شأنها في ذلك شأن تلك التي تمت في يناير الماضي- قد تمت بناء على حسابات خاطئة وأنها استهدفت المدنيين بالخطأ بدلا من المقاتلين. \r\n ويقول \"طلعت مسعود\" وهو فريق باكستاني متقاعد ويعمل الآن محللاً استراتيجياً في إسلام أباد \"إن قيام الجيش بضرب هذه المدرسة بطائرة هليكوبتر يبدو أمراً غريبا ويدفع للتساؤل: لماذا لم يقوموا بتنفيذ مثل هذه الضربة بواسطة عملية أرضية\". \r\n والتشوش السائد بشأن هذا الأمر دفع كثيرين إلى التساؤل عما إذا كان ذلك الهجوم قد تم عبر الحدود بواسطة القوات الأميركية أو قوات حلف \"الناتو\" العاملة في أفغانستان. وهم يقولون إن الجيش الباكستاني ربما قد قام بإدعاء المسؤولية عن ذلك الهجوم، لكي يتجنب عاصفة سياسية كتلك التي حدثت بعد الهجوم الذي تم في شهر يناير الماضي. \r\n ففي ذلك الوقت، اندلعت المظاهرات، بعد أن عرف الباكستانيون أن طائرة من دون طيار تابعة ل\"السي.آي.إيه\"، قد دخلت المجال الجوي الباكستاني، وأطلقت نيرانها على المجمع الذي قامت بضربه في ذلك الحين. \r\n يعلق \"ريس\" على ذلك بقوله: \"إن الضربة ترمز إلى عدم الاتفاق مع حكومة باكستان التي لم تتمكن من تسويق الاتفاقية التي وقعتها مع شيوخ القبائل إلى الولاياتالمتحدة أو افغانستان\". ومهما كان مصدر الهجوم، فإن هناك نوعاً من الإجماع على أن جهود السلام في المناطق القبلية قد قُوضت، إنْ لم تكن قد أخرجت عن مسارها. فالضربة الجوية التي نُفذت ضد المدرسة الدينية الإسلامية أول من أمس، والدعوة لاستئناف العنف أثناء الجنازة تلقي بظلال من الشك حول عملية السلام هناك. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n