\r\n بالنسبة للحالتين معا, يقول المحللون الاسرائيليون والاجانب ان اسرائيل قد اندفعت في استراتيجية مغامرة تقوم على عنصرين رئيسيين هما استخدام القوة الكاسحة لتحجيم قوة الخصم مشفوعة بضربات تنزل الضرر بسكان غزة ولبنان من المدنيين وتدمر اقتصادهما المدني. اما الجزء الثاني من هذه الاستراتيجية فيهدف الى ممارسة الضغط على العناصر الاكثر اعتدالا في الحكومتين الفلسطينية واللبنانية بغرض تجريد حماس وحزب الله من جزء من مكانتهما ونفوذهما. \r\n \r\n في غزة, مضى اسبوع على بدء القتال قبل ان يتضح ان الهدف من العملية العسكرية قد توسع الى ما هو ابعد من محاولة ردع حماس عن اطلاق صواريخ القسام البدائية على جنوب اسرائيل او اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليت. \r\n \r\n فبعد بدء الهجوم الاسرائيلي بوقت قصير كتب المعلق الاسرائيلي روني شاكيد في صحيفة »يديعوت احرونوت« يقول ان لدى اسرائيل »فرصة ذهبية«. فسواء نجحت العملية في اطلاق سراح شاليت ام لا, فإن اسرائيل, حسب قول شاكيد« تستطيع ان تنجز خطوة استراتيجية اعظم من ذلك وذلك بقضائها على نظام حماس الامر الذي يمكن ان يحدث تأثيرا عميقا على المنطقة بكاملها«. \r\n \r\n وخلال ايام, شرع صناع السياسة في اسرائيل يتحدثون صراحة عن تطلعهم الى استغلال المواجهة لاخراج حماس من الحكم. وقد لمح الزعماء الاسرائيليون وميض امل مماثل في لبنان. فحماس لم تستلم السلطة في الاراضي الفلسطينية الا في شهر آذار الماضي. في حين ان حزب الله يسيطر على جنوب لبنان منذ سنوات, ولدى الجيش الاسرائيلي خطط جاهزة منذ زمن طويل للانقضاض على حزب الله في حال سنحت الفرصة لذلك. \r\n \r\n ولم تمض ساعات على قيام مقاتلي حزب الله بشن غارة عبر الحدود قتل فيها ثمانية جنود اسرائيليين واسر اثنان حتى اخذ الزعماء الاسرائيليون يتحدثون عن توجيه ضربة ماحقة للحركة المسلحة لن تستطيع النهوض من بعدها على الصعيدين السياسي والعسكري. وتتردد الآن اصداء هذه الرغبة بشكل يومي على لسان المسؤولين الاسرائيليين من مختلف الوان الطيف السياسي. \r\n \r\n لكن لهذه السياسة مخاطرها المتعددة. \r\n \r\n تدرك اسرائيل بشيء من القلق ان حماس وحزب الله يجدان نفسيهما اليوم على ارضية مشتركة, فالاثنان في مرمى البندقية الاسرائىلية. وربما عمل ذلك على تقوية الروابط بين الاثنين. \r\n \r\n تحدث السيد حسن نصر الله, زعيم حزب الله, عن مقايضة الاسرى الاسرائيليين الثلاثة بعدد غير محدد من الاسرى الذين تحتجزهم اسرائيل. لكن اسرائيل رفضت الطلب. \r\n \r\n وفي غزة اعلن مسلحون ملثمون عن عزمهم على توجيه المزيد من الصواريخ الى اسرائيل لاظهار »تضامنهم« مع حزب الله الذي وصفوه بأنه »توأمهم في المقاومة«. \r\n \r\n المجازفة الرئيسية الاخرى تتعلق بالخسائر في صفوف المدنيين. ففي لبنان كما في غزة فاقمت الاختراقات العسكرية الاسرائيلية المعاناة اليومية على نحو درامي, ويدرك المدنيون جيدا انهم هم الذين يتحملون النتائج في وقت يختار فيه المقاتلون الاسلاميون توجيه ضربة الى اسرائيل القوية. \r\n \r\n لكن اي نوع من الامتعاض يمكن ان يوجه الى المسلحين يبهت, اذا ما قورن بالسخط الشديد الذي يشعر به اهالي لبنان وغزة, المغلوبون على امرهم عندما يواجهون القوة النارية العاتية التي تصبها اسرائيل على رؤوسهم. \r\n \r\n يقول يوري درومي, المحلل في معهد الديمقراطية الاسرائيلي والناطق السابق بلسان الحكومة الاسرائيلية »علينا ان نكون واقعيين بشأن طبيعة النتيجة التي يمكن ان نحصل عليها عندما نتصدى »لهندسة« مواقف السكان. اذ ان علينا ان نواجه الحقيقة القائلة بأن ما حصدناه من المحاولات المشابهة في الماضي كان الاخفاق الملموس«. \r\n \r\n حشرت الهجمات الاسرائيلية على كل من لبنان وغزة الزعماء المنتخبين في زاوية حرجة. فبغض النظر عما يمكن ان يكون عليه شعورهم الحقيقي بشأن ما فعله المسلحون, فإنهم لا يجازفون بالظهور بمظهر عملاء اسرائيل اذا ما تحدثوا صراحة ضد حماس او حزب الله. \r\n \r\n لقد شاهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة فتح التي يرأسها وهي تهزم من قبل حماس في الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر كانون الثاني هذا العام. كما راقب المواجهات بالسلاح التي جرت بين فتح ومسلحي حماس. ولعله لا يرغب برؤية حماس وهي تزاح عن مواقع السلطة. \r\n \r\n لكنه كان مرغما على اصدار البيان اثر البيان في دعم حماس بعد ان قامت اسرائيل بالقبض على عشرات المسؤولين المنتمين للحركة وقصفت مقرات الوزارات وهددت باغتيال زعماء حماس. \r\n \r\n في لبنان, حيث يشارك حزب الله في الحكومة الضعيفة, اوضح نصر الله للشعب اللبناني في خطاب ناري القاه الاسبوع الماضي ان امامه واحدا من خيارين لا ثالث لهما: فإما ان يتبعوه او ان يظهروا بمظهر من يركع لاسرائيل. \r\n \r\n ربما لا يرغب اللبنانيون بأي من الخيارين, لكن رابطة التضامن ضد عدو قديم والاحساس بالمعاناة الوطنية على يد اسرائيل يمكن ان يزيدا من قوة حزب الله, ولو على المدى القصير, كما يرى الكثير من المراقبين. \r\n \r\n في اسرائيل, يقر الجميع بمن فيهم اولئك الذين وقفوا حياتهم المهنية على محاربة هذه الحركة الاسلامية او تلك بوجود مجازفة ثالثة وهي: ان اسرائيل قد تتجاوز حدودها. ويرى المحللون ان على زعماء اسرائيل ان يقيّموا من دون انفعال توقعاتهم عما يمكن تحقيقه عبر اجراءات مثل قتل زعماء حماس او حزب الله. \r\n \r\n يقول يوري ساغواي, مدير الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية السابق, ان على بلاده ان تضع اهدافا واقعية لهجومها على كل من غزة ولبنان, ويرى ان اسرائيل قد تتمكن, على سبيل المثال, من ازاحة حزب الله عن الحدود مع اسرائيل لكنها لن تتمكن من نزع سلاح الحزب بالكامل ولا تخيف قبضته على السلطة السياسية في لبنان. \r\n \r\n ويقر ساغواي بشكل غير مباشر بدوره في التخطيط لعملية اغتيال سلف حسن نصر الله. لكنه يقول انه لا يعتقد بأن قتل نصرالله يمكن ان يحل مشكلة اسرائيل مع حزب الله. وفي حديث له عبر الاذاعة الاسرائيلية قال ساغواي »ان حزب الله يشكل قضية معقدة لن تنتهي بقتل امينه العام«. \r\n \r\n شاؤول ميشال, الاستاذ المتخصص في الحركات الاسلامية المسلحة في جامعة تل ابيب, يشكك هو الاخر في الفائدة التي يمكن لاسرائيل ان تجنيها من السير في حملتها على حزب الله الى نهايتها المريرة. ويقول ميشال: »لنقل اننا نجحنا في تدمير حزب الله, وتركنا جثة نصر الله تطفو على الماء, فهل نحن متأكدون من ان الامور ستصبح افضل, ام ان حزب الله سيتقسم الى مليون شظية كما يفعل الزئبق?«. \r\n \r\n ويرى ميشال ان من الافضل الاستفادة من كون حزب الله كيانا متماسكا يخضع لقيادة محددة يمكن ان تتعهد بالالتزامات وتنفذها. \r\n \r\n وعلى النقيض من ذلك, فإن خطوط السلطة في حماس متشابكة, ولا يوجد زعيم واحد يتحدث باسم الحركة. \r\n \r\n ويعتقد آخرون ان تصاعد العنف سيجعل الطرفين يشعران بأنهما قد بلغا رسالتهما ولو عن طريق انزال اقسى الضربات ببعضهما البعض. يقول ايتان بن الياهو, قائد السلاح الجوي الاسرائيلي السابق ان »النهاية تستغرق وقتا اطول من البداية, لكن ما ان ينتشر الاحساس بالاشباع والانهاك حتى يصبح بالامكان البدء بالجهود الدولية ومن ثم الاتصالات الدبلوماسية«. \r\n