\r\n لقد شجع النجاح المعنوي والحقيقي زعماء حزب الله على تغيير لهجتهم السياسية. ففي الماضي كان حزب الله يشكل حركة مقاومة شعبية تقاتل من أجل المصالح اللبنانية، ولكن زعيمه، الشيخ حسن نصر الله، قال مؤخرا إن الحزب يقاتل من أجل مصالح الأمة الإسلامية. ولا يخفى أن هذه الكلمات، وتحركات الحزب الأخيرة، تهدد ليس فقط إسرائيل، ولكن أيضا باقي المنطقة، لأنها يمكن أن تغير اصطفاف القوى هناك. \r\n إن نجاح حزب الله يضر بالشعب الإسرائيلي، وكذلك سلطة الحكومات العربية. وقد قال الرئيس المصري حسني مبارك إن موقف الزعماء العرب معقد للغاية. فطبقا للاتفاقيات العربية البينية، عليهم أن يدعموا الضحية ضد الهجوم. فماذا بوسعهم أن يفعلوا؟ هل ينضمون إلى الحرب ضد إسرائيل؟ القليل منهم يريد ذلك، ولكن عدم تحركهم يقوض شرعيتهم في الداخل. وإذا كان العرب بوجه عام لم يعبروا عن رأيهم حتى الآن، إلا أن الأعمال الاحتجاجية بنتائجها غير المتوقعة وشيكة، ولربما تتسبب التوترات الاجتماعية في أغلب دول المنطقة، والشعبية المتزايدة لقوى المعارضة في استثارة أعمال ضد الأنظمة الحاكمة، التي على عكس حزب الله، لم تحرك ساكنا لحماية المصالح العربية والإسلامية. \r\n وبالنظر إلى الطاقة والنقل والأهمية الجيوبوليتيكية للشرق الأوسط، فإن مثل هذه الأعمال يمكن أن تؤثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي الدولي، والحركات الإسلامية، أو بالأحرى الحركات السياسية، العاملة تحت شعار الإسلام، قد تشكل معارضة للأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط. والنتيجة أن السلطات الحاكمة في الشرق الأوسط، برغم أنها ليست ديمقراطية حسب المعيار الغربي للكلمة، قد تستبدل بأنظمة ربما لا يستطيع الغرب أن يتفاوض معها، وما حدث مؤخرا من انتصار حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية خير دليل. \r\n كما أن خطر فقدان السلطة قد يدفع حكومات بعض الدول العربية كسوريا لبدء قتال إسرائيل، حتى وإن لم تكن ترغب في ذلك. \r\n قصارى القول، إن مستقبل الشرق الأوسط لا يدعو للتفاؤل، لا سيما وأنه من غير الواضح متى يمكن وقف العملية العسكرية الإسرائيلية هناك، ووسائل الإعلام تنقل عن الجيش الإسرائيلي قوله إن ثمة خطة لتصفية حزب الله في خلال أسبوعين. بالمقابل، قد لا يكون ذلك هدفا واقعيا، كما سترى إسرائيل. \r\n إن الهجمات الكثيفة التي تشنها إسرائيل على البنية الأساسية اللبنانية لم تعطل قدرة حزب الله، الذي يرد بنفس القوة والطاقة التي كان عليها في النزاعات السابقة. ولقد حذر الشيخ نصر الله من انه لم يعد هناك خطوط حمر الآن بعد أن بدأت إسرائيل تقصف أهدافا مدنية في لبنان، واعدا إسرائيل بمفاجآت غير سارة، رغم أن حزب الله كان يهدف في البداية للهجوم فقط على أهداف عسكرية إسرائيلية. \r\n وطبقا لرواية ثانية، تعمد حزب الله استفزاز إسرائيل لعلمه أن عملية أسر مشابهة لجندي إسرائيلي على يد المقاومة الفلسطينية حماس جعلت الجيش الإسرائيلي يعود إلى غزة. \r\n كما أن المزاج العام في لبنان عامل آخر، حيث إن إسرائيل لا تهاجم قواعد ومكاتب حزب الله فحسب، ولكنها تقصف أهدافا مدنية أيضا، وكان هناك ضحايا حتى في المناطق اللبنانية التي لم تمسها الحرب الأهلية الطويلة أو الغزو الإسرائيلي السابق. \r\n من هنا، حتى اللبنانيين الذين غضبوا في البداية من أعمال حزب الله باتوا ناقمين على إسرائيل، وفي الوقت نفسه، تعتبر الحركة الشيعية أكبر تنظيم فعال واجتماعي الوجهة في لبنان، والشيخ نصر الله يحظى باحترام أغلب اللبنانيين بصرف النظر عن معتقداتهم الدينية. \r\n إن الحكومة اللبنانية لم يكن بوسعها عمل شيء لنزع سلاح حزب الله وفقا لقرار الأممالمتحدة رقم 1559 قبل العدوان الإسرائيلي، وقد صارت فرص تطبيقه أقل الآن، وسيتعين على إسرائيل أن تحتل كامل لبنان كي تحقق هذا الهدف، ولكن هل ستوافق على ذلك حكومة إيهود أولمرت؟ \r\n \r\n * باحث بمعهد الدراسات الشرقية بالأكاديمية الروسية للعلوم \r\n خدمة كيه آر تي خاص ب(الوطن) \r\n \r\n \r\n \r\n