\r\n ففي حين تتمسك الولاياتالمتحدة واسرائىل بالامل في ان تستجيب حماس لمسؤوليات الزعامة المنتخبة وتلطف من رفضها لاسرائيل, فانهما لا تمتلكان مثل هذا الامل بالنسبة لايران. \r\n \r\n فقد اعلن الرئىس الايراني انكاره للمحرقة وادلى بالعديد من التصريحات الاستفزازية بشأن اسرائىل. وكانت ايران, قبل انتخاب الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد قد تعهدت باحباط اية امكانية للتوصل الى سلام حقيقي بين اسرائىل والفلسطينيين وذلك من خلال القوى التي تعمل بالنيابة عنها مثل حزب الله في لبنان وحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين. \r\n \r\n كما تعتبر ايران الراعي الرئيسي لخالد مشعل, رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والشخص الذي يعتبر المسؤول الاول عن الجناح العسكري السري للحركة وهو الجناح الذي نفذ عملية اسر الجندي الاسرائىلي جلعاد شاليت التي اشعلت فتيل الازمة الراهنة. \r\n \r\n جاء اسر الجندي الاسرائيلي في وقت كانت فيه حكومة حماس بقيادة رئىس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية تختتم مفاوضاتها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول وثيقة الاسرى التي كانت تصلح كبداية لعملية تجديد التفاوض مع اسرائىل. \r\n \r\n من جانبه, ظهر محمود عباس قبل عملية اسر الجندي الاسرائيلي وهو يتبادل العناق والقبلات مع رئىس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في دعوة على الفطور تمت في عمان. وكان الزعيمان قد وعدا بالالتقاء في ظرف اسبوعين ليعلنا قيام علاقة جديدة مبنية على وعد من اولمرت باطلاق سراح اعداد كبيرة من الاسرى الفلسطينيين. \r\n \r\n لكن ازمة الجندي الاسير اكتسحت المبادرة كما اكتسحت المفاوضات الداخلية بين الاطراف الفلسطينية وتجاوزت كلا من اسماعيل هنية ومحمود عباس اللذين اصبحا, ولو مؤقتا, خارج الصدد مقابل تعزيز مكانة خالد مشعل والمسلحين. \r\n \r\n ان التكتيك الذي اتبع في الغارة التي نفذت داخل اسرائىل عبر نفق تحت الارض وانتهت بأسر الجندي الاسرائيلي لاستخدامه كورقة للمساومة ليس سوى نقل حرفي لتكتيك حزب الله الذي سبق له ان استخدم مثل هذا الاسلوب بنجاح في التوصل الى مبادلة الجنود الاسرى من الاسرائيليين باعداد من الاسرى اللبنانيين والفلسطينيين الذين كانت تعتقلهم اسرائيل. وفي حين يقول اولمرت انه يريد تغيير المعادلة عن طريق رفض التفاوض حول اطلاق سراح الاسرى, فان الغارة الثانية التي نفذها حزب الله يوم الاربعاء الماضي وادت الى اسر المزيد من الجنود الاسرائىليين قد اظهرت بان حزب الله قد طور تكتيكاته. \r\n \r\n هناك تكهنات عديدة لدى الاسرائىليين وسواهم عما اذا كان حزب الله وخالد مشعل, وبالتالي الجناح العسكري لحركة حماس, هما اللذان رتبا الطريقة والتوقيت اللذين تمت بهما عملية اسر الجندي الاسرائىلي, ام ان القرار من وراء العملية كان قرارا ايرانيا. \r\n \r\n يقول ضابط استخبارات عربي من دولة مجاورة لاسرائىل انه يبدو ان ايران من خلال حزب الله قد قدمت الدعم لخالد مشعل لدفعه الى تنفيذ عملية اسر الجندي الاسرائىلي. واضاف الضابط ان اسر شاليت, ومن بعده اسر الجنديين الاخرين, يرقى الى كونه رسالة من ايران تقول:»اذ اردتم انزال الاذى بنا, فان لدينا ادواتنا التي نستطيع استخدامها ضدكم«. \r\n \r\n يعتقد المحللون وضباط الاستخبارات الاسرائيليون ان الرسالة رسالة ايرانية قبل كل شيء وان كانت قد سلمت عبر حزب الله وخالد مشعل. \r\n \r\n ويرى ايتامار رابينوفيتش, سفير اسرائىل السابق في واشنطن وكبير المفاوضين مع سورية حول اتفاقية السلام التي تعثرت, بان ايران »تتطلع الى الهيمنة الاقليمية«. وبغض النظر عن نجاحها في الحصول على السلاح النووي, فانها قد نجحت لحد الان ومن دون ذلك السلاح في الحصول على نفوذ كبير في لبنان وسورية وبين صفوف الفلسطينيين, ناهيك عن دورها الفعال في العراق. \r\n \r\n ويضيف رابينوفيتش:»ان ايران تستطيع ان توجه حزب الله في الجنوب اللبناني من خلال سورية, ومع وجود حماس والجهاد الاسلامي في الاراضي الفلسطينية فانها تستطيع تفجير الوضع متى تشاء«. \r\n \r\n على الصعيد المحلي, يتذمر المسؤولون الاسرائىليون باستمرار مما يدعونه بعدم قدرة الفلسطينيين على الاضطلاع بمسؤوليتهم عن شؤونهم الخاصة وحفظ امنهم. في حين يشكو الفلسطينيون من ان اسرائيل قد جعلت ممارسة السلطة تحت ظروف الاحتلال امرا مستحيلا حتى في غزة التي ما زالت اسرائىل, رغم اعلان انسحابها منها, تسيطر على حدودها وسواحلها البحرية ومجالها الجوي. كما انهم يصرون على مواصلة الكفاح من اجل تسوية عادلة ما دامت اسرائىل تواصل احتلال الضفة الغربية وتنوي الاحتفاظ بجزء من الاراضي التي احتلتها عام 1967 . \r\n \r\n ان فقدان الثقة بين الجانبين قد وصل حدوده القصوى الامر الذي دفع ايهود اولمرت الى ان يقرر بان على اسرائىل ان تتحرك بنفسها لضمان امنها في غزة وان لا تتوقع من مصر او الفلسطينيين, وخصوصا حماس, ان يقوموا لها بذلك. \r\n \r\n يقول جيرالد شتاينبرغ من جامعة بار ايلان الاسرائىلية ان اسرائىل »تنفذ عملية طويلة الامد لاعادة فرض سيطرتها الامنية«, وان على اولمرت ان يعمل على ايقاف عملية اطلاق صواريخ القسام على اسرائىل وتهريب الاسلحة والخبرات من مصر اذا ما رغب حقا في تنفيذ خطته الرامية الى اجلاء 70 الف مستوطن عن الضفة الغربية. \r\n \r\n اما في غزة نفسها, فيعتقد شتاينبرغ ان اسرائىل في مأزق. فهناك من يريد ان يضمن عدم ترسخ زعامة حماس, مع كل ارتباطاتها بالاخوان المسلمين وسورية وايران, في السلطة. في حين يريد آخرون العمل على شق صفوف حماس او دفعها الى موقف اكثر اعتدالا ايمانا منهم بان تدمير حماس او السلطة الفلسطينية يمكن ان يؤدي الى حالة من الفوضى تسود فيها العصابات والفئوية وجماعات الارهاب العالمي الامر الذي يجعل التعامل معها اصعب من التعامل مع حكومة حماس. \r\n \r\n لقد كانت حكومة اولمرت امام خيار صعب قبل التطورات الاخيرة في لبنان. وقد ازداد موقفها تعقيدا وصعوبة بعد تلك التطورات. \r\n