ورغم أن تحقيق هذين الهدفين، اللذين طال السعي لتحقيقهما، يمكن أن يدعم، بشكل مؤقت على الأقل، معدلات تأييده التي وصلت إلى أقل مستوياتها، إلا أن إدارة بوش وحلفاءها في بغداد لازالوا يواجهون مقاومة متصاعدة في الحفاظ على الثقة الشعبية في سياسته في العراق، وإنهاء الصراع الطائفي الذي يهدد بإغراق العراق في حرب أهلية. \r\n \r\n وتعليقا على هذا قال يوست هيلترمان، الخبير في الشأن العراقي بمجموعة الأزمة الدولية والمقيم بعمّان: \"إن موت الزرقاوي سوف يساعد في التقليل من التوترات الطائفية؛ لأنه قام، أكثر من أي شخص آخر، بالترويج لأيديولوجية مناهضة للشيعة، كما قام بتنفيذ هجمات ضد الشيعة\". \r\n \r\n وأضاف هيلترمان في اتصال تليفوني مع آي بي إس قائلا: \"لكن القوة الطائفية تم تحريرها، وأصبح ميراثه الآن موجودا بقوة في العراق\". وأضاف قائلا إنه \"سيكون من الصعب للغاية إعادة هذه القوة إلى القمقم\". \r\n \r\n وفي ظهور قصير صباح الخميس بحديقة روز جاردن بالبيت الأبيض تجنب بوش نفسه الاحتفال بالانتصار، مؤكدا على أن موت الزرقاوي، رغم أنه \"ضربة قوية للقاعدة\" وأنه \"انتصار في الحرب العالمية على الإرهاب\"، إلا أنه لن يؤدي بالضرورة إلى الإضرار بالقوة الأساسية. \r\n \r\n وقال بوش، متحدثا عن الزرقاوي، مؤسس تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين: \"يمكن أن نتوقع أن يستمر الإرهابيون والمتمردون في عملهم من دونه. ويمكن أن نتوقع أن يتواصل العنف الطائفي\". \r\n \r\n كما أضاف: \"إن أمامنا أياما عصيبة في العراق سوف تتطلب صبرا مستمرا من الشعب الأمريكي\". \r\n \r\n ومع ذلك فإن التطورات التي جرت الخميس خارج بغداد، بما في ذلك موافقة البرلمان العراقي على وزراء الأمن والدفاع والأمن القومي في وزارة رئيس الوزراء نوري المالكي، قد قطعت بالفعل سلسلة من الأخبار السيئة التي قللت من الصبر المتضائل بشأن إبقاء القوات الأمريكية في العراق. \r\n \r\n ويقول مراقبون إن أداء الحكومة الجديدة سوف يكون حاسما، وخاصة فيما يتعلق بالوصول إلى بالسكان السنّة، وإدخالهم في العملية السياسية، وإصلاح الدستور بشكل يعالج بواعث القلق لديهم. \r\n \r\n ويمكن أن تمثل الموافقة على وزراء الحكومة الجديدة بداية مهمة، وخاصة في أعقاب تحركات المالكي نحو الإفراج عن أعداد كبيرة من المعتقلين من السنّة وكبح جماح الميليشيات الشيعية في البصرة وأماكن أخرى. \r\n \r\n ورغم أن سنيا سوف يترأس وزارة الدفاع، وهو اللواء عبد القادر العبيدي، إلا أن جواد البولاني وشروان الوائلي، وكلاهما أعضاء في أحزاب شيعية، قد تسلما حقيبتي الداخلية والأمن القوي على الترتيب. وقد عبر السنّة عن قلق خاص بشأن وزارة الداخلية بسبب سيطرتها على الشرطة التي تسللت إلى صفوفها الميليشيات الشيعية وفرق الموت بشكل مكثف. \r\n \r\n وخلال الأسابيع الماضية كانت تهيمن على الأخبار القادمة من العراق تقارير بشأن حوادث القتل الطائفي الوحشية التي ساهمت في حدوث زيادة حادة في أعداد الجثث –أعداد متزايدة منها بلا رءوس– وهي الجثث التي تتعامل معها المشرحة الرئيسية في بغداد مقارنة بأعداد الجثث منذ عام واحد، إضافة إلى التحقيق في إحدى المذابح الواضحة –ومحاولة إخفائها– والتي ارتكبها جنود البحرية الأمريكية \"المارينز\" بحق 24 مدنيا في مدينة حديثة السنية في نوفمبر الماضي. \r\n \r\n وبالإضافة إلى هذا كان فشل المالكي بعد ستة أشهر من الانتخابات البرلمانية في ديسمبر الماضي في الحصول على إجماع داخل \"حكومة الوحدة الوطنية\" التي شكلها بشأن من ينبغي أن يترأس الوزارات الأمنية الثلاثة الحساسة، كان هذا الفشل يضيف إلى الاقتناع داخل الكونجرس، بين الجمهوريين والديمقراطيين، بأن العراق، الذي تُنفق الحكومة الأمريكية عليه 2 بليون دولار تقريبا كل أسبوع، قد أصبح يمثل معركة خاسرة. \r\n \r\n وفي مقابل هذه الخلفية كان إعلان الخميس شيئا جيدا للغاية بالنسبة للإدارة ومؤيديها. \r\n \r\n حيث أشار فيكتور ديفيس هانسون، وهو مؤرخ ينتمي للمحافظين الجدد بمعهد هوفر وأحد الأشخاص المفضلين لدى نائب الرئيس ديك تشيني، إلى أن مقتل الزرقاوي \"يضيف إلى الشعور بالزخم (الذي خلقه تعيين الوزراء الثلاثة)... بالإضافة إلى تهدئة استحواذ قضية مدينة حديثة على وسائل الإعلام، ولو حتى لبضعة أيام\". \r\n \r\n ومن بين الحدثين كان مقتل الزرقاوي، والذي جاء بعد قصف قامت به الطائرات الحربية الأمريكية لمنزل آمن بالقرب من مدينة بعقوبة مساء الأربعاء، هو الذي جذب الاهتمام الأكبر هنا في واشنطن الخميس. \r\n \r\n ويبدو أن هذا المقاتل الأردني المولد، والذي كان موضوعا لتشويق بشع من وسائل الإعلام هنا في واشنطن منذ شريط الفيديو الذي ظهر فيه يقطع رأس الرهينة الأمريكي نيكولاس بيرج، يبدو أنه كانت لديه علاقة معقدة بكل من تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن وبالمقاومة السنية الأعم في العراق. \r\n \r\n وقبيل الحرب في العراق أكدت إدارة بوش على أن القاعدة قد قامت بإرسال الزرقاوي إلى بغداد، لكن معظم الخبراء في شئون الإرهاب يعتقدون أنه كان يعمل بشكل مستقل عن بن لادن، إن لم يكن منافسا له، على قيادة عملياتية للحركة الإسلامية العالمية، حتى بعد \"خضوعه\" لسلطة الأخير في أواخر عام 2004 عندما قام بإعادة تسمية حركته لتصبح \"القاعدة في بلاد الرافدين\". \r\n \r\n وفي إشارة إلى هذا قال خوان كول، رئيس جمعية دراسات الشرق الأوسط في الولاياتالمتحدة، يوم الخميس على مدونته واسعة الانتشار: \"لقد كان هذا مجرد نوع من التصنيف الذي ناسب الجميع، بما في ذلك الولاياتالمتحدة، والتي غالى المتحدث باسمها منذ البداية في تقدير أهمية الزرقاوي\". \r\n \r\n وقد كان هناك اختلافات كبيرة وواضحة لدى الزرقاوي، والذي يُعد الأكثر وحشية بين \"المقاتلين الأجانب\" الذين اندفعوا إلى العراق بعد الغزو الأمريكي والراعي الرئيسي للتفجيرات الانتحارية هناك، تميزه عن القاعدة، أبرزها استهدافه المتعمد للشيعة أملا في إشعال حرب طائفية، إضافة إلى وحشية أساليبه. \r\n \r\n وبسبب هذه الوحشية على وجه التحديد أصبح الزرقاوي رمزا ملائما للمقاومة للاحتلال الأمريكي؛ حيث يرى بعض المحللين أنه من الواضح أن إدارة بوش قد بالغت عن عمد في تصوير دوره أملا في تشويه المقاومة. \r\n \r\n ومع ذلك فإن \"المقاومة في الواقع هي أكثر تعقيدا وقوة بكثير\" بحسب تعبير أنتوني كوردسمان، وهو خبير في شئون الشرق الأوسط بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية. \r\n \r\n وفي ورقة تم توزيعها بشكل خاص الخميس اعتبر كوردسمان أن موت الزرقاوي يمثل \"انتصارا كبيرا للسياسة والدعاية\"، وذلك على وجه التحديد بسبب أهمية الزرقاوي، لكنه رجح أن يكون تأثير هذا الانتصار \"محدودا\" على العناصر الأخرى المكونة للمقاومة، والتي أصبحت أجزاء منها معادية بشكل صريح للزرقاوي. \r\n \r\n وقد اتفق هيلترمان مع الرأي القائل بأن الزرقاوي لم يكن على الإطلاق يمثل عنصرا مركزيا في المقاومة السنية العراقية كما حاولت واشنطن كثيرا أن تشير إلى ذلك. حيث قال هيلترمان في حواره مع آي بي إس: \"لقد جاء بدعم مالي ضخم وبعض الهجمات الواضحة، لكنه لم يكن يمثل ما تريده المقاومة العراقية\". \r\n \r\n وفي نفس الوقت أشار كوردسمان إلى أنه بنفس الدرجة التي يضعف بها موت الزرقاوي تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين فإنه يمكن أن يؤدي فعليا إلى تقوية المقاومة من خلال التخلص من أحد مصادر التفرقة. وأشار إلى \"وجود بعض المخاطرة على الأقل في أن يسمح موته للمقاومة المتبقية بتوسيع قاعدتها\". \r\n \r\n ويرى نير روزن، وهو خبير في شئون الحركات الإسلامية العربية في مؤسسة أمريكا الجديدة بواشنطن، أنه ربما يكون هناك تأثير سلبي لمقتل الزرقاوي على المستوى الإقليمي أيضا، مضيفا في حواره مع آي بي إس: \"داخل العراق الأمر لا يهم؛ لأن الحرب الأهلية سوف تستمر أيا كان ما يحدث\". (آي بي إس / 2006)