\r\n في سياق ذلك المنهج العسكري الجديد، فإن حملات الهجوم النووي المضاد تقع ضمن خطة استراتيجية أوسع يتم تنفيذها بعد أن يشن «العدو» هجوما نوويا مفاجئا على الصين، بحسب ما ورد في تلك النصوص.ويتصور الجيش الشعبي الصيني أن المنشآت النووية الصينية ستكون الهدف الرئيسي لأي هجوم من قبل أي أطراف معادية للصين. \r\n \r\n \r\n وفي المقابل فإن الأهداف الرئيسية للأسلحة النووية الخاصة بالجيش الشعبي الصيني ستكون شعوب تلك الدول الأعداء ومراكزها السياسية. ويتمسك الجيش الشعبي الصيني بتلك الاستراتيجية بهدف تبيان أن أي هجوم نووي عليه سيكون باهظ التكلفة على كل من تسول له نفسه الهجوم على الصين. \r\n \r\n \r\n وتعتبر إدارة الأركان العامة التابعة للجيش الشعبي الصيني قوات المدفعية الثانية العنصر الرئيسي لأي خطة خاصة بشن أي هجوم نووي مضاد على قوات «العدو». العناصر الأخرى للخطة هي الغواصات التي تحمل صواريخ باليستية ذات رؤوس نووية وصواريخ بحرية أو جوية. \r\n \r\n \r\n وتدّعي الصين أيضا أنها لن تكون أبدا الطرف البادئ باستخدام السلاح النووي في أي وقت من الأوقات أو تحت أي ظروف. غير أن التصريحات المزعجة التي وردت في النصوص الخاصة بالجيش الصيني تترك الباب مفتوحا أمام كيفية إقدام الصين على استخدام أسلحتها النووية. \r\n \r\n \r\n في بداية 1988 ألمح ميجور جنرال مي زينوو إلى أن التأكيد القوي على شن هجوم أولي حاسم يعتمد على معلومات استخبارية موثوقه وعلى استطلاع للهدف- هذا التأكيد سيضمن الانتصار على المستوى العسكري. \r\n \r\n \r\n غير أنه ما يتبين بشكل جلي في هذا الصدد هو أن تلك الاستراتيجية الواضحة الخاصة بأن الصين لن تكون الطرف الذي سيبدأ باستخدام السلاح النووي- تلك الاستراتيجية ذاتها تتسبب بشكل منطقي في إثارة عدة تساؤلات تنطوي على قدر من الغموض. \r\n \r\n \r\n لقد استخدمت أميركا بالفعل السلاح النووي ضد اليابان في أغسطس 1945. وبالتالي فإنه في حال استخدام الصين الأسلحة النووية الآن فإنها لن تكون الطرف الذي قد بدأ باستخدام السلاح النووي. فالصياغة المطمئنة لتلك الاستراتيجية يجب أن تكون كالتالي: «في أي صراع مستقبلي ضد أي عدو، أيا كان هذا العدو، لن تبدأ الصين باستخدام السلاح النووي.» \r\n \r\n \r\n بل ان حتى تلك الصياغة لن يكون من المستطاع التأكد من صدق نواياها. فمنْ الذي يضمن كيف يمكن أن تتصرف الصين في ظل ظروف وخيمة العواقب؟ في كتاب صدر في 2005 بعنوان «علم الاستراتيجية العسكرية»، دافع جنرالان من الجيش الشعبي الصيني عن مبدأ «الهجوم النووي المضاد في أسرع وقت ممكن». \r\n \r\n \r\n فضلا عن ذلك، فإن بعض واضعي استراتيجيات الجيش الشعبي الصيني أوضحوا في كتاب حمل اسم « دليل دراسة نظرية الحملة العسكرية»- أوضحوا أنهم يتوقعون الحصول على معلومات تحذيرية مسبقة بشأن نوايا العدو حيال استخدام أسلحة نووية. \r\n \r\n \r\n تلك المعلومات تتضمن «موعد الهجوم» و« استعدادات العدو». ولا شك أن وجهة النظر التي يتبناها هؤلاء تترك الباب مفتوحا أمام شن هجوم نووي مضاد استباقي يمكن أن تُقدم عليه الصين. \r\n \r\n \r\n كما أن التاريخ العسكري الصيني الذي يتجلى من خلال الحروب التي خاضتها الصين مثل الحرب الكورية والهجوم على فيتنام والحرب ضد الهند - كل تلك الحروب وغيرها تترك الباب مفتوحا أمام درجة مستوى الاستفزاز الذي يمكن أن يُفضي إلى الحاجة إلى تبني مفهوم « الدفاع النشط » في المستقبل. \r\n \r\n \r\n كما أن هؤلاء الذين يسعون إلى تجنب المواجهات النووية ينبغي لهم أيضا أن يشعروا بالقلق جراء الأسلوب الذي يتبعه الجيش الصيني في استخدام صواريخه الباليستية التقليدية كجزء من سلاح المدفعية الثانية الرئيسي لديه. \r\n \r\n \r\n فالمنهج العسكري الصيني يقوم على استخدام الهجمات الصاروخية الباليستية التقليدية كعامل ردع تحذيري يقدم رسالة مفادها أن أي تصعيد من العدو يمكن أن يؤدي إلى هجوم نووي مضاد. \r\n \r\n \r\n ويبدو أن الجيش الشعبي الصيني يعول على معلومات استخبارية جيدة للغاية عن الولاياتالمتحدة وعلى قدرته على التمييز بين الوحدات الصاروخية الباليستية التقليدية والنووية. \r\n \r\n \r\n غير أنه كيف يمكن للجيش الصيني التأكد، في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى تطوير قدراتها العسكرية وإلى الانتقال إلى استخدام تكنولوجيا الصواريخ المتحركة، -كيف يمكنه أن يتأكد من أن الولاياتالمتحدة ستعلم نوعية الصواريخ التي ستطلقها المدفعية الصينية الثانية؟ \r\n \r\n \r\n أليس من الممكن أن يؤدي مثل ذلك الإطلاق، لاسيما إذا ما اقترن بهجوم غير حركي على أنظمة التحكم والقيادة أو على الأقمار الصناعية في الفضاء- أليس من الممكن أن يؤدي إلى رد أميركي حاسم؟ \r\n \r\n \r\n و في النهاية فإنه في الوقت الذي يفكر الجيش الصيني في الخيار النووي، فإنه يعول على وجود تمهيد بطيء للغاية لأي حرب نووية مع الولاياتالمتحدة؛ فالجيش الصيني يعتقد أنه ليست هناك عزيمة لدى الشعب الأميركي على قبول تبادل نووي أو التحرك نحوه بعبارة أخرى يعتقد المحللون الاستراتيجيون للجيش الصيني أن الولاياتالمتحدة الأميركية يمكن ترهيبها. \r\n \r\n \r\n و في هذا السياق ينبغي النظر إلى التهديدات الخاصة بضرب المدن الأميركية، وهي التهديدات التي يتبناها بعض المحللين الإستراتيجيين الصينيين- ينبغي النظر إليها باعتبارها جزءاً من خطة لإدارة رؤية استراتيجية، \r\n \r\n \r\n وأن التصريحات الصادرة عن بعض المحللين الاستراتيجيين الصينيين في هذا الصدد تمثل أيضاً جزءاً من استراتيجية ردع أوسع تهدف إلى إقناع الولاياتالمتحدة الأميركية بأن الحرب مع الصين هي ضرب من ضروب الحماقة وأنها تنطوي على خطورة كبيرة. \r\n \r\n \r\n ربما يكون قد آن الأوان لفتح قنوات حوار استراتيجي جاد بين القوات المسلحة الأميركية وجيش التحرير الشعبي الصيني في أعقاب زيارة وزير الدفاع الأميركي رامسفيلد إلى مقر المدفعية الثانية الصينية. \r\n \r\n \r\n وفي الوقت ذاته فإن نشر الولاياتالمتحدة الأميركية صواريخ دفاع باليستية هي خطوة من شأنها بث الطمأنينة بأن أي سوء حسابات في بكين لن يعني كارثة أو شن حرب. \r\n \r\n