\r\n \r\n فوزيرستان والمقاطعة الحدودية الشمالية الغربية اللتين يختبئ فيهما \"أسامة بن لادن\"، وقائد طالبان \"الملا عمر\" أصبحتا توفران ملاذاً رئيسياً تقوم فيه \"القاعدة\" و\"طالبان\" بالتدريب، وتجنيد الأفراد، والاستعداد لشن الهجمات التالية على الولاياتالمتحدة، و\"الناتو\"، والقوات الأفغانية الحكومية. \r\n \r\n وتواجه الولاياتالمتحدة مأزقاً كبيراً في هذا الصدد. فهي من ناحية تدرك أن تدريب الجيش والشرطة الأفغانية لن ينتج القوة القادرة على الدفاع عن نفسها طالما كان ل\"طالبان\" ملاذ في باكستان. فبخلاف ما يعرف ب\"الملاحقة الساخنة\" المسموح بها بالفعل، فإن الولاياتالمتحدة لا تستطيع أن تقوم بغزو وزيرستان. لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى خلق أزمة ضخمة في العلاقات بين الولاياتالمتحدةوباكستان. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، فإنها (الولاياتالمتحدة) لو تركت أفغانستان، فإن \"طالبان\" ستعود مرة أخرى ومعها أسامة بن لادن و\"القاعدة\". والحل الوحيد الناجع أمام الولاياتالمتحدة هو أن تبقى حتى تحول بين العدو وبين الاستيلاء على معظم البلاد. وهذا يعني وجوداً عسكرياً غير محدد المدة للقوات الأميركية وقوات \"الناتو\" في أفغانستان. \r\n \r\n والأفغان لديهم حل بسيط لمشكلة الملاذ هو أن تطلب الولاياتالمتحدة من الرئيس برويز مشرف تطهير منطقة الحدود وإلا!... وستكون للباكستانيين في تلك الحالة إجابة بسيطة وهي أنهم يبذلون قصارى جهدهم في منطقة قبلية عرفت تاريخياً بخروجها عن النظام والقانون، وأنهم قد قاموا بالتعاون مع الأميركيين بالقبض على أو قتل المئات من الإرهابيين. وعلى الرغم من أن معظم الأفغان يشعرون بالعرفان تجاه أميركا لأنها خلصتهم من حكم \"طالبان\" الكريه، إلا أنهم يحسون في نفس الوقت بأنها تتعامل بليونة مبالغ فيها مع باكستان، لأسباب من بينها التخفيف من حدة الغضب الباكستاني نحوها بسبب الصفقة النووية الأخيرة التي أبرمتها مع الهند. \r\n \r\n وأكبر مشروع تقوم به واشنطن والاتحاد الأوروبي في أفغانستان هو برنامج القضاء على المخدرات (90 في المئة من الهيرويين الخام في العالم يأتي من أفغانستان). وتزعم التقارير التي أذاعتها الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة أن الجهود التي تم القيام بها في إطار هذا البرنامج، قد نجحت في خفض إنتاج الخشخاش بنسبة 4 في المئة فقط بتكلفة تقترب من مليار دولار. ومعنى هذا أن الولاياتالمتحدة قد أنفقت ما يزيد على مبلغ الميزانية الإجمالية لأفغانستان كي تنجز شيئا يكاد لا يذكر. \r\n \r\n وإذا ما كان الفشل الأميركي في مجال القضاء على المخدرات هو الفشل الأكبر الذي منيت به واشنطن هناك، فإن الجهود المدعومة من قبلها والرامية إلى منح المرأة الأفغانية الفرصة لتحسين حياتها هي الجهود التي تحمل في طياتها أكبر قدر من الأمل. فالإصرار على أن تشغل النساء نسبة 25 في المئة من المقاعد في الجمعية الوطنية كان مشروعاً خطراً، ولكنه مُلهم في الحقيقة. وقد التقيتُ 10 نساء من أعضاء الجمعية الوطنية الأفغانية ولاحظت أنهن كن أكثر نشاطا وأكثر اهتماما بشؤون بلدهن من نظرائهم من الرجال. وإذ ما تمكنت هؤلاء السيدات من تكوين كتلة حزبية وهي الخطوة التي بدأنها بالفعل فإنهن سيصبحن قوة كبيرة للتقدم في بلدهن. \r\n \r\n هذا بالنسبة للمرأة في المستويات العليا في أفغانستان..أما المرأة الريفية فلا يزال التقدم بعيداً عنها. واللباس الوطني للمرأة الأفغانية الذي يخفي جسمها كله من الرأس وحتى القدم والمعروف باسم \"البرقع\" لا يزال مستخدماً على نطاق واسع في كل مكان.. كما أن القانون المعروف بقانون التضحية بالنفس والذي يفرض على النساء من قبل عائلاتهن إذا ما قمن بانتهاك قانون السلوك الأخلاقي الصارم، لا يزال مطبقاً بل إنه آخذ في التزايد. \r\n \r\n ومدينة \"هيرات\" وهي المدينة الكبيرة الوحيدة في الغرب تلقي الضوء على تعقيدات الوضع الأفغاني. فهذه المدينة التي تبعد بمسافة 100 كلم عن الحدود الإيرانية، تتمتع بازدهار اقتصادي مشهود، كما لا يوجد فيها تهديد من جانب \"طالبان\". ولكن هذا الازدهار الاقتصادي تغذيه إيران، التي تحصل على نفوذ سياسي واقتصادي في المنطقة جراء مساهمتها في ازدهارها. وهنا تكمن المفارقة الكبرى في الوضع المليء بالمفارقات في أفغانستان وهي أن لدى حليفنا الاستراتيجي في باكستان من يعطي \"طالبان\" و\"القاعدة\" ملاذا آمنا في الشرق، في حين أن الدولة التي نعتبرها ضمن \"محور الشر\" تلعب دوراً في استقرار الأمور في الغرب (مع إدراكنا أن إيران تفعل ذلك من أجل تحقيق مصالحها طويلة الأمد في هذه المنطقة) . \r\n \r\n وعلى الرغم من خطورة الوضع في أفغانستان فإن الكونجرس الأميركي لم يوافق سوى على جزء من المبلغ الإضافي الذي طالبت به الإدارة لتعزيز جهود إعادة إعمار أفغانستان. \r\n \r\n يجب علينا أن نعرف أن الوضع في أفغانستان سيكون صعباً، وأننا يجب أن نحقق إنجازات أكبر بكثير مما حققنا حتى الآن على الأرض. \r\n \r\n وهناك دائماً خطر من أن يؤدي وجودنا عبر الزمن إلى خلق حالة من كراهية الأجانب مشابهة لذلك الموجود في العراق. ولكن أفغانستان ليست العراق.. فالحيلولة بين أعدائنا وبين السيطرة على هذه البلد ليست استراتيجية طويلة الأمد فقط، وإنما هي أمر جوهري في هذه المرحلة من مراحل التاريخ خصوصا في الوقت الذي يتعثر فيه الوضع في العراق، ويمضي البلد برمته نحو مستقبل يتزايد قتامة على نحو مطرد. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n