\r\n ومن قبيل المفارقة أن وجود \"شراكة إستراتيجية\" أقرب بين الولاياتالمتحدة والهند لازال مطروحا، رغم الاختلافات بينهما حول قضية الأسلحة النووية، المرتبطة أيضا بوضع الهند كدولة غير موقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وتمتلك أسلحة نووية. \r\n \r\n وعلى غير ما كان متوقعا سابقا يبدو من غير المرجح أن بوش ورئيس الوزراء مانموهان سنج سوف يتوصلان إلى اتفاق بشأن توسيع صفقة التعاون النووي التي قاما بتوقيعها في يوليو الماضي. وكان أمام الحكومتين جولة أخرى من المحادثات في الأسبوع الماضي، لكنها فشلت في تضييق هوة الخلافات بشأن فصل المنشآت النووية المدنية الهندية عن المنشآت العسكرية، ووضع المنشآت المدنية تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. \r\n \r\n وقد قام سنج بتقديم بيان في البرلمان يوم الاثنين الماضي، منع فيه ضم أحد أنواع المفاعلات إلى قائمة المنشآت، وهي المفاعلات سريعة التوليد، كما قال إن الهند يمكن أن تضع حوالي 65 بالمائة فقط من قدرة طاقتها النووية تحت الضمانات. وهذا سوف يترك حوالي ثمانية أو تسعة مفاعلات خارج الضمانات الدولية؛ وهو ما سوف يجعلها 'حرة‘ في إنتاج المواد الانشطارية للاستخدام العسكري. \r\n \r\n وقد جاء تصريح سنج استجابة لضغوط مكثفة من وزارة الطاقة الذرية الهندية وجماعة الضغط المكونة من علماء الدفاع المتشددين، والتي تطالب بحرية كاملة في تطوير ترسانة نووية طموحة، كما حذرت بشكل حاد من تعريض 'الأمن القومي‘ للخطر. \r\n \r\n ومع هذا فإنه من غير المرجح أن تلقى خطة الفصل التي حددها سنج الموافقة في الكونجرس الأمريكي. ودون تصديق الكونجرس لا يمكن إتمام الصفقة، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تستأنف التجارة النووية المدنية مع الهند. وسوف يرغب الكونجرس الأمريكي في رؤية دليل على بعض 'التقييد‘ النووي من جانب الهند قبل الموافقة على الاتفاقية. \r\n \r\n ومن غير المستبعد على الإطلاق أن يحاول بوش التوصل إلى اتفاق مع سنج بشأن هذه القضية المثيرة للجدل رغم أن هذا يبدو من غير المرجح إلى حد كبير. ومن المحتمل أن يقوم الزعيمان بإصدار بيان 'إيجابي‘، يعيدان فيه التأكيد على التزامهما بالتفاوض بشأن الاتفاقية النووية بشكل فعال ومثمر، مع التشديد على اتفاقيات حول عدد من القضايا من أجل الادعاء بأن زيارة بوش تمثل نجاحا كبيرا. \r\n \r\n ويُقال إن عدد الموضوعات التي يُحتمل أن تغطيها الاتفاقيات يبلغ 14 موضوعا، تضم العلم والتكنولوجيا، والفضاء، والزراعة، والطاقة، والتجارة، والعلاقات الاقتصادية، وتحديث البعثات الدبلوماسية، والتعاون العسكري. وقد وعدت الولاياتالمتحدة بمساعدة الهند في إشعال 'ثورة خضراء‘ جديدة في الزراعة، وكذلك إطلاق جهود مشتركة لاستكشاف أشكال أنظف من إنتاج الفحم وغيرها من التكنولوجيات المتعلقة بالطاقة. \r\n \r\n والتعاون في مجال الطاقة يمثل جزءا من أجندة 'الشراكة بين آسيا والمحيط الهادي‘ الخاصة بتغير المناخ، والتي جرى إطلاقها بشكل مشترك في العام الماضي من قِبل عدد من أكثر الدول المتسببة في التلوث في العالم، ومن بينها الولاياتالمتحدة واليابان والصين وكوريا الجنوبية وأستراليا والهند. وقد كان المقصود من هذه المبادرة تجنب بروتوكول كيوتو؛ حيث إن اثنتين من الدول الأعضاء في هذه الشراكة قد رفضتا التوقيع على البروتوكول. ولا يسعى هذا الاتفاق إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما لا تضع الاتفاقية أي أهداف يمكن تحقيقها، وإنما تؤكد على 'الحلول التكنولوجية‘ من أجل الاستهلاك المتصاعد في الطاقة. \r\n \r\n وسوف تكون لمشاركة الصين والهند في هذه 'الشراكة‘ آثار كبرى على الاحترار العالمي (ارتفاع درجة حرارة الأرض)؛ فقد رفضت الدولتان، إضافة إلى الولاياتالمتحدة وأستراليا، الأهداف الخاصة بتقليل الانبعاث حتى بعد تغطية حصص كيوتو بحلول عام 2012. \r\n \r\n ومع هذا فإنه من المرجح أن تكون معظم الاتفاقيات خلال زيارة بوش في المجال العسكري؛ حيث يقول آتشين فانايك، أستاذ العلاقات الدولية والسياسة العالمية بجامعة دلهي: \"إن هذه هي المنطقة المركزية في الشراكة الهندية–الأمريكية الصاعدة؛ فالولاياتالمتحدة تبحث عن إمبراطورية عالمية، وهي تحتاج من أجل بناء هذا إلى نظام موسع من التحالفات، وهو ما سوف يؤدي إلى تحييد المنافسين ومنع صعودهم. وقد أصبحت الهند لاعبا رئيسيا أو محوريا في المخطط الأمريكي الخاص بالكتلة الأوروآسيوية، وخاصة المنطقة الممتدة من غرب آسيا وجنوب غربها وحتى وسط آسيا وشرقها\". \r\n \r\n والشيء الحساس في المخطط الأمريكي هو دور الهند المحتمل كقوة موازية في مواجهة الصين، التي تعتبرها دورية البنتاجون 'كودرينيال ديفينس ريفيو‘، التي تصدر كل أربع سنوات، تمثل \"تهديدا محتملا\" للولايات المتحدة. \r\n \r\n ومن المرجح أن تتضمن الاتفاقيات العسكرية الهندية الأمريكية مكونين اثنين: المزيد من الدعم لصفقة تعاون دفاعي موسعة تم توقيعها في يونيو الماضي، وعقود مكلفة لشراء أسلحة. وتتطلب اتفاقية الدفاع إجراء عمليات مشتركة في دول أخرى. وفي ظل هذه الاتفاقية سوف تقوم سفن الأسطول الهندي بحراسة الشحنات الأمريكية ذات القيمة العالية خلال المحيط الهندي إلى مضايق ملقة. كما تفرض الاتفاقية أيضا إجراء اتصالات وتدريبات على مستوى عالٍ عسكريا. \r\n \r\n ومنذ عام 2002 قامت الهند والولاياتالمتحدة بإجراء 30 تدريبا عسكريا في بيئات ومواقع مختلفة، من ألاسكا إلى البحر العربي والغابات شبه الاستوائية شمالي الهند. ويوجد المزيد من التدريبات المطروحة للنقاش بشأنها. ومن المرجح زيادة عدد الجنود في هذه التدريبات من 120 إلى ألف جندي في العام القادم، وأن تصل إلى مستوى اللواء (3 آلاف جندي) بحلول عام 2008. \r\n \r\n وقد برزت الهند بالفعل كواحدة من أعلى ثلاثة دول مستوردة للأسلحة في العالم، بحجم صفقات يتجاوز 5.5 بليون دولار في العام الماضي. وتنظر الهند في الوقت الحالي إلى الولاياتالمتحدة باعتبارها مصدرا لجيل جديد عالي التقنية من الأسلحة، يضم ما يصل إلى 126 الطائرات المقاتلة متوسطة المدى، وطائرة دورية، وأنظمة الإنذار المبكر والقتال، ورادارات خاصة، ومعدات الدفاع الصاروخي، وطائرات تعمل دون طيار. ومن المتوقع أن تبلغ فاتورة هذه الأسلحة 6 إلى 8 بليون دولار. \r\n \r\n وقد أصدرت الولاياتالمتحدة ما لا يقل عن 1.320 رخصة لمبيعات أسلحة إلى الهند منذ عام 2002؛ حيث بلغ حجم الصفقات الهندية أقل بقليل من بليون دولار. وتقوم الشركات الكبرى مثل لوكهيد مارتن وبوينج ورايثون وهني ويل في الوقت الحالي بدفع العملية. ومن المتوقع أن تتجنب الولاياتالمتحدة والهند الخلافات حول قضايا مثل ضمان التزويد بقطع الغيار لأنظمة الأسلحة الرئيسية وفيما يتعلق ب\"التوازنات\"، أو حول سياسة الهند الخاصة بطلب إنفاق 30 بالمائة من تكلفة صفقة أسلحة كبرى داخل البلاد. \r\n \r\n وهذا يعني أن الهند سوف تقوم بتغيير سياستها لتناسب الأولويات الأمريكية. \r\n \r\n يقول أنورادا شينوي، من كلية الدراسات الدولية بجامعة جواهر لال نهرو: \"إن الأهم بكثير من صفقاتهم المتميزة هو العلاقة الإستراتيجية الكلية الناشئة بين الولاياتالمتحدة والهند؛ فهذا يشبه تحالفا سياسيا وعسكريا، كما أنه يعني فقدان الاستقلال ونقص السيادة في صناعة القرار من جانب الهند. إنه لأمر مأساوي أن تقوم الهند، التي بنت صرحا من السياسات والمؤسسات المستقلة، أن تقوم بتدمير هذا لتحل محله 'شراكة إستراتيجية‘ مع الولاياتالمتحدة، التي تمر الآن بأشد تجسيد للمحافظين الجدد عدوانية\". \r\n \r\n ويمتلك صانعو السياسات في الهند رؤية نخبوية مؤيدة للولايات المتحدة إلى أبعد الحدود؛ حيث أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة وجود درجة مدهشة من الآراء الداعمة والمؤيدة للولايات المتحدة بين الطبقة الوسطى المدنية في الهند.