وهم يعزون هذا التوقع إلى الضربة التي أحدثها إرتفاع أسعار النفط على التوازن التجاري الآسيوي وفشل الحكومات في رفع أسعار الوقود المحلي وزيادة معدلات الفائدة. ويقال ان آسيا بوجه عام أصبحت عرضة لخطر داهم مع إرتفاع سعر برميل النفط إلى 65 دولار للبرميل . والمؤكد أنالدول الآسيوية وباستثناء ماليزيا وكذلك إندونيسيا إلى حد ما تعتمد بشكل كبير على النفط المستورد من الخارج . كما ان معظم هذه الدول ترتفع فيها معدلات استخدام الطاقة لزيادة الناتج المحلي وهو ما يعزى في جانب منه إلى انخفاض أسعار المبيعات المحلية للطاقة. ففي الصين وتايلاند وإندونيسيا والهند ودول أخرى تتساوى تلك المعدلات مع السوق العالمي او تقل عنه.والحقيقة فإن تكلفة الإعانات الحكومية الخاصة بالطاقة كان لها أثر سلبي خطير على موازنات الحكومات وعلى الربحية المتوقعة لموزعي الطاقة . ومن المعروف أن الأسعار - ولأسباب سياسية قصيرة المدى - قد تم تخفيضها ومن ثم فان معظم الإعانات التي تقدمها الحكومات يجب أن تتوقف بأسرع ما يمكن .بيد أن تضخيم المشكلة من قبل المعلقين والمحللين للأسواق المالية تعيد إلى الأذهان بوجه عام وفي آسيا على وجه الخصوص الطريقة التي تحولت بها مشاكل حقيقية عام 1997 إلى أزمة اقتصادية طاحنة عصفت بالأسواق المالية. \r\n ولنأخذ إندونيسيا على سبيل المثال والتي يقال بأنها السبب المباشر للأزمة المصغرة الحالية فهي دولة مصدرة للطاقة ، والكميات القليلة المستوردة من النفط تعوضها صادرات الغاز والفحم . ولم تظهر تأثيرات الارتفاع الأخير في أسعار الطاقة على ميزان مدفوعاتها ولكن ظهرت على الموازنة وذلك بسبب المعونة الحكومية المقدمة للمستهلك المحلي فيما يتعلق بالوقود والكيروسين . ولكن حتى بدون رفع الأسعار المحلية فلن يزيد العجز المالي عن 2 % من إجمالي الناتج المحلي وهو نسبة ضئيلة بمختلف المقاييس.والمؤكد أن المعونة التي تقدمها إندونيسيا للطاقة كان الأجدر أن تذهب إلى الإنفاق على إنشاء طرق ومدارس جديدة إلا أن رفع الأسعار سوف يخفض من معدلات طلب المستهلك المحلي وهو ما يمثل المصدر الرئيسي للنمو الاقتصادي.وبالنسبة لتايلاند فالمعلقون يدقون أجراس الأنذار لأن لديها حاليا عجزا صغيرا في الحساب الجاري وهو الأول من نوعه منذ عام 1997. وحتى هذا العجز لا يعود إلى زيادة أسعار النفط ولكن إلى الخسائر التي لحقت بقطاع السياحة في أعقاب كارثة سونامي . ولم يتسن لموقفها المالي أن يحتمل تلك المعونات المحلية الدائمة للأسعار. وبعد حقبة طويلة من التضخم الناجم عن النفط والمنبهات المالية ربما يصبح هناك مبرر لرفع نسب الفائدة بيد ان ذلك بالطبع لا يرجع إلى وجهات نظر المتعاملين في الأسواق المالية في سنغافورة.أما ماليزيا فيقال أيضا انها لا تتصرف من منطلق المسؤولية لعدم رفعها أسعار الوقود المحلي إلى المعدلات العالمية غير أن هذا أيضا يسهم في دعم الاستهلاك حيث يزيد الفائض في الحساب الجاري حاليا عن 15 % من إجمالي الناتج المحلي .أما أكبر مستوردي الطاقة من الدول الآسيوية : اليابان والصين وكوريا الجنوبية وتايوان فقد تقلص ميزانهم التجاري ولكن على الرغم من ارتفاع تكلفة الطاقة إلا أن هذه الدول جميعها لديها فائض تجاري كبير .فالأزمة المالية الصغيرة الحالية يمكن فقط أن تشجع البنوك المركزية في آسيا على تكديس كميات أكبر من احتياطي العملات الصعبة كوقاية ضد هجمات سوق المال غير أنها تضر بنموها الاقتصادي وتسهم في الوقت نفسه بالمزيد من الخلل في التجارة الدولية. والحقيقة فأن معظم دول آسيا على الرغم من أسعار النفط الآخذة في الارتفاع تتمتع بأوضاع أفضل كثيرا مما يظنه المراقبون في الأسواق المالية . \r\n \r\n \r\n فيليب باورينغ \r\n صحفي آسيوي ورئيس تحرير سابق في صحيفة (فار إيسترن إيكنوميك رفيو) \r\n