لكن الحقيقة المرة ان ازمة العلاقات بين الغالبية الاوروبية والجاليات الاسلامية تمتد جذورها الى ابعد من هذه القضايا‚ واعتقد ان الاسباب الاساسية لنفور هذه الجاليات من المجتمعات الاوروبية يتعلق اولا بأوروبا قبل انعكاسات اهداف الشرق الاوسط‚ \r\n \r\n انه نفور ثقافي تاريخي وفوق كل ذلك فهو ديني اكثر منه سياسي‚ فهؤلاء المهاجرون الذين اجتذبهم النجاح الاقتصادي لهذه القارة بدأوا يشعرون بنوع من الثورة ضد مصادر هذا النجاح الثقافية والاجتماعية والنفسية وقد فشل كثير من المهاجرين المسلمين وأبنائهم في التأقلم والتوافق مع واقعهم الاوروبي وشعر بعضهم ان قيمهم الدينية التقليدية تتعرض للاهانة وفضل كثير منهم النفور والانعزال خوفا من استقلالية المرأة في المجتمعات الاوروبية وما يترتب عليها من انعكاسات على الاسرة المسلمة المحافظة‚ \r\n \r\n ونتيجة لذلك الوضع النفسي السيىء وجد بعضهم العزاء في العنف والتطرف‚ \r\n \r\n لقد بدأ السياسيون في الحديث عن تشديد اجراءات الهجرات ووضع ضوابط جديدة تحد من هذه الظاهرة ناسين الانخفاض المستمر في عدد السكان الاوروبيين وان اوروبا بحاجة الى مزيد من المهاجرين للمحافظة على ازدهارها الاقتصادي‚ \r\n \r\n ان مقترحات توني بلير بادخال قوانين جديدة تسمح بطرد المتطرفين من المسلمين واغلاق المساجد والمواقع المرتبطة بهم قد لا تجدي نفعا مع هذا العدد الكبير من المسلمين في بريطانيا وبقية الدول الاوروبية كما لا يمكن للاجهزة الامنية في اوروبا مهما تم تعزيزها ان تواكب مثل هذه الأعداد‚ كما لا أعتقد ان محاولات التهدئة والترضية مع مظالم المتطرفين قد تفلح وأشك في ان يؤدي مقترح بلير بوقف التجديف والتطاول على الأديان إلى أي نتيجة وأتساءل ماذا سيحل بسلمان رشدي عندما نشر كتابه «آيات شيطانية» لو كان مثل هذا القانون موجودا؟ \r\n \r\n في أثناء ذلك حاولت الحكومة الفرنسية ايجاد «إسلام فرنسي» يخضع لقوانين الدولة لكن فرص نجاح هذا المشروع لم تتأكد بعد إذ أنه يحتاج إلى مساهمة مؤسسة اسلامية لم يتضح بعد مدى قوة تأثيرها على جيل من الشباب لا يحس بالولاء لأي من مثل هذه المؤسسات‚ \r\n \r\n ويمكن رؤية خسوف وهم التعدد الثقافي في هولندا التي تعتبر أكثر الدول الأوروبية تحررا والتي تفترض ان المهاجرين المسلمين وغيرهم سيقبلون مع مرور الزمن بالقيم السائدة في مجتمعاتهم الجديدة دون ان توضح كيفية تعايش هذه الفكرة مع فرضيات التعدد الثقافي الأخرى مثل المحافظة على هويات هذه المجموعات‚ \r\n \r\n إن الرؤية الأوروبية للتعدد الثقافي ما هي إلا مجرد نوايا طيبة قصيرة الأجل ومعظم الأوروبيين يعرفون ذلك ولكن ما لا يعرفونه فعلا هو ما هي خطوتهم التالية فإذا قدرت لجان ماري لوبان زعيم الجبهة الوطنية الفرنسية أو حزب فلامز بيلانغ في بلجيكا دخول السياسة الأوروبية فإنهم بالتأكيد سيعتبرون الشتات الاسلامي في أوروبا طابورا خامسا ومع ذلك فالأوروبيون لا يمكن ان يقبلوا ان يفرض المهاجرون «فيتو» على عاداتهم وتقاليدهم‚ \r\n