في الدول الاخرى كانت هذه السنوات الستين كفيلة بأحداث التغيير‚ التحديث والامل اما هنا فيسود احساس مرير بأن الحرب قد قتلت الشعب الفلبيني مرتين‚ ويقول المؤرخون والاقتصاديون إذا دمرت الحرب 80% من الاقتصاد الفلبين فإن الدمار الذي تلاها شمل كافة مناحي الحياة في الفلبين ومن بين نتائجها ظهور فرناندو ماركوس الطاغية الذي استغل ندم وهبات اليابان الخيرية لمصلحته الشخصية‚ ويقول المؤرخون وعلماء الاجتماع ان الحرب العالمية الثانية دمرت الفلبين طويلا حتى بعد انتهائها ويصفون الفلبيني اليوم بأنه انسان ضائع يجوب العالم بحثا عن لقمة العيش الكريم مجرد من اي احساس بالكبرياء القومية‚ ويقول ريكاردو تورتا خوسيه استاذ التاريخ بجامعة الفلبين واكبر المؤرخين للعلاقات الفلبينية اليابانية «يتميز الشعب الفلبيني بضعف الذاكرة التاريخية»‚ فقد أبادت الحرب مليون فلبيني من 17 مليونا في ذلك الوقت ولا يزال الفلبينيون اصدقاء لليابان عكس الصينيين والكوريين الذين لا تزال مشاعرهم المعادية لليابان تشتعل بين الفينة والاخرى‚ ويعزو خوسيه السبب الى «فشل المؤرخين الفلبينيين في تذكير شعبهم بالماضي»‚ \r\n \r\n ويشير ميشيك تان عالم الاجتماع الذي ظل يدرس تأثير النزاعات على الشعب الفلبيني إلى مرجع بجانبه ويقول «لا يحتوي هذا المرجع على اي اشارة للفظائع التي ارتكبها الجيش الياباني في الفلبين»‚ ويوافق خوسيه على ذلك قائلا «نسبة لعدم الاهتمام في حجرات الدراسة بالفظائع التي لحقت بهذا البلد اثناء الحرب نجد الفلبينيين لا يحسون بأي غبن تجاه اليابان مثل الصينيين والكوريين»‚ ويقول تان ان العامل الرئيسي هو الاقتصاد «الشحاذون لا يملكون حق الاختيار» وحسب الاحصاءات الرسمية في مانيلا فإن عدد الفلبينيين العاملين في الاندية الليلية والبارات في اليابان يربون عن 000‚80 معظمهم من النساء وتبلغ تحويلات الجالية الفلبينية في اليابان مع تحويلات سبعة ملايين فلبيني مهاجر في بلاد اخرى حوالي 8 بلايين دولار تدعم اضعف الاقتصاديات الآسيوية وتحاول اليابان كما يقول تان من خلال الطبقة الحاكمة ان تغير نظرة الشعب الفلبيني لليابان وتجعله يحس بالامتنان وذلك بضخ الاموال كجزء من دبلوماسية ما بعد الحرب‚ وتعتبر اليابان أكبر المستثمرين حاليا في الفلبين وتشكل القروض معظم هذه الاستثمارات وذلك لربط الفلبين باليابان كسوق رئيسي لصادراتها‚ اما استثماراتها الاخرى فتنصب على البنية التحتية مثل الطرق ويقوم بها مقاولون وموردون يابانيون مع قلة من الشخصيات الفلبينية المؤثرة‚ ونسبة لانحصار الاستثمارات في مشاريع القطاع الخاص قصيرة الاجل وترك قطاع الصناعات الرئيسية لم تتمكن الفلبين من تطوير صناعاتها مثلها مثل الدول الآسيوية الاخرى هذا وقد فشلت اليابان لسنين طويلة في اقامة علاقات مع رؤساء الفلبين الذين جاءوا بعد الحرب لكنها تمكنت اخيرا من ايجاد هذه العلاقات في عهد فرناند ماركوس الذي استفاد من قروضها لدعم الاقتصاد وتغطية سوء ادارته وفسادها ويرى بعض المحللين ان القروض والهبات اليابانية هي المسؤولة عن اطالة عمر حكم ماركوس وتوريط الفلبين في ديون خارجية ثقيلة‚ وتقول عايدة التي تملك صالونا لتصفيف الشعر في احد ضواحي مانيلا انها غير نادمة على قرار احدى بناتها بالعمل في اليابان كنادلة في احد البارات مبررة ذلك بقولها «لقد كبر ابناؤها وهم بحاجة الى العيش الكريم والدراسة» وعندما سألناها كيف سيكون رأي والدها الذي قاتل اليابانيين في حرب العصابات قالت عايدة «لا يمكن لاحفادي ان يقتاتوا التاريخ»‚ \r\n