النواب يعقب على ملاحظات نقابة الصحفيين بشأن قانون الإجراءات الجنائية    «الآن عبر الرابط» الاستعلام عن مسابقة التربية والتعليم عبر بوابة الوظائف الحكومية    التحالف الوطنى يوقع بروتوكول تعاون مشترك بين 3 وزارات    خلال فعاليات أكبر بعثة مصرية لطرق الأبواب لبريطانيا.. وزير الاستثمار: نستهدف تنفيذ سياسات متكاملة لتشجيع تدفقات رؤوس الأموال وتيسير عمل الشركات الدولية    وزير الخارجية والهجرة يستهل زيارته لواشنطن بلقاءات مكثفة مع أعضاء الكونجرس    فيضانات أوروبا: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 23 شخصًا    "لا يمكننا الانتظار إلى الأبد".. وكيل ميكالي يعلن فشل مفاوضاته مع اتحاد الكرة    حالة الطقس غداً الجمعة 20 سبتمبر 2024 ودرجات الحرارة المتوقعة.. «موجة حارة تضرب البلاد»    صحة أسوان تكشف حقيقة تلوث مياه الشرب    "حبيبتي" و"يرقة" و"مادونا".. أفلام تتنافس بمهرجان طرابلس للأفلام في لبنان    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن» (تفاصيل)    أمين الفتوى: المرأة الناحجة توازن بين عملها والتزامات بيتها.. فيديو    مجدى بدارن يقدم نصائح للأمهات من أجل تغذية سليمة للأطفال فترة الدراسة -(فيديو)    تزايد الضغط للدعوة إلى انتخابات مبكرة في أيرلندا عقب ارتفاع شعبية رئيس الوزراء    أول رد فعل من ناصر عبدالرحمن بشأن صورته المتداولة مع صلاح التيجاني    956 شهادة تراخيص لاستغلال المخلفات    استشهاد وإصابة 7 فلسطينيين جراء اقتحام قوات الاحتلال لجنين بالضفة    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    جيش الاحتلال: مقتل ضابط وجندى فى استهداف بصاروخ مضاد للدروع على الحدود مع لبنان    مستشفى "حروق أهل مصر" يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي ضمن احتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    محافظ كفرالشيخ يوجه بالتيسير على المواطنين في إجراءات التصالح على مخلفات البناء    القوات البحرية تنجح في إنقاذ مركب هجرة غير شرعية على متنها 45 فردا    الأزهر للفتوى الإلكترونية يعلن الإدعاء بمعرفة الغيب يؤدى إلى الإلحاد    مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما يُكرم «هاني رمزي» في دورته السابعة    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    رسميا.. موعد صرف معاشات أكتوبر 2024 وطريقة الاستعلام    ميدو عادل وإيهاب فهمي يدعمان أحمد عزمي: صاحب موهبة حقيقية    محافظ بني سويف: إزالة 272 حالة بحملات المرحلة الثالثة من الموجة ال23    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    فيلم عاشق على قمة شباك تذاكر السينما في مصر.. تعرف على إيراداته    محاكمة القرن.. مانشستر سيتي مهدد بالطرد من جميع مسابقات كرة القدم    توقعات برج الحمل غدًا الجمعة 20 سبتمبر 2024.. نصيحة لتجنب المشكلات العاطفية    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    تعاون مصري إماراتي جديد.. الحكومة توافق على اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية    أخبار الأهلي: بعد تعاقده مع الأهلي.. شوبير يعلن موعد بداية برنامجه    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    أبرز تصريحات الشاب خالد ف«بيت السعد»    "بيوصل خمور لأمها وعاشرها مرة برضاها".. مفاجأة في اعترافات مغتصب سودانية بالجيزة    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    جامعة الأزهر تشارك في المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    محافظ المنوفية يضع حجر أساس لمدرستين للتعليم الأساسي والتجريبية للغات بالبتانون    حزب الله يهاجم تمركزا لمدفعية إسرائيلية في بيت هيلل ويحقق إصابات مباشرة    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    محافظ الإسكندرية يتابع المخطط الاستراتيجي لشبكة الطرق    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الرقابة الصحية»: نجاح 11 منشأة طبية جديدة في الحصول على اعتماد «GAHAR»    ضبط عنصر إجرامى بحوزته أسلحة نارية فى البحيرة    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    لو عاوز تمشيني أنا موافق.. جلسة حاسمة بين جوميز وصفقة الزمالك الجديدة    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انكسار السلام: رؤى إسرائيلية مغايرة حول المستجدات الأخيرة
نشر في التغيير يوم 31 - 07 - 2005


\r\n
هنا قراءة في كتابين لاثنين من هؤلاء الباحثين إلى جانب أخرى في تقرير صدر عن أحد معاهد البحث حول المحور ذاته:
\r\n
\r\n
سلام مكسور
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\"أطلق الكثيرون من الشرق الأوسط وخارجه على الأحداث المتعاقبة، التي من شأنها أن تفضي إلى السلام المرتجى بين إسرائيل والفلسطينيين، توصيف: عملية السلام... وفي التحصيل الأخير فإن ما أفلح الإسرائيليون والفلسطينيون في إحرازه على مدار العقد الممتد بين 1993 و2003 لم يكن أكثر من \"عملية\" انعكست في العديد من الاتفاقات والتسويات وفي القليل من مضامين \"السلام\" الهامة وذات الدلالة\".
\r\n
\r\n
\r\n
بهذه الكلمات للمؤلف يمكن إيجاز كتاب الباحث والأستاذ الجامعي د. يورام ميتال، من جامعة \"بن غوريون\" في بئر السبع، الموسوم ب\"سلام مكسور: إسرائيل، الفلسطينيون والشرق الأوسط\" (1)، الذي يعرض ل\"عملية السلام\" بين الطرفين حتى شتاء العام 2003، وتحديدًا إلى ما قبل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، أريئيل شارون، عن خطته للانسحاب الأحادي الجانب من مستوطنات قطاع غزة وبعض المستوطنات في أقصى شمال الضفة الغربية المعروفة باسم \"خطة الانفصال\" (أعلن شارون عنها خلال خطابه أمام مؤتمر هرتسليا حول ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي، في كانون الأول 2003).
\r\n
\r\n
ينهي ميتال كتابه بوقفة متأملة في من أسمي ب\"شارون الجديد\"، الذي بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتسويقه على هذا النحو بعد أن أعلن قبوله لرؤيا الرئيس الأميركي جورج بوش (الابن) كخطة لائقة لتسوية المواجهة الإسرائيلية- الفلسطينية، على رغم استنادها إلى مبدأ \"دولتين للشعبين\"، وهو المعروف بكونه من أشدّ معارضيه، فيتساءل: هل يدلّ قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي لرؤيا إقامة دولة فلسطينية وتصريحاته، التي تشفّ عن إقرار بعدم جدوى استمرار السيطرة بالقوة على الشعب الفلسطيني، على جهوزيته للتوصل إلى تسوية دائمة تشمل حلّ جميع القضايا المختلف عليها بين الشعبين؟ أم أن أفقه السياسي لا يزال أشد ضيقًا وفي صلبه قيام دولة فلسطينية في قطاع غزة وفي نصف مساحة الضفة الغربية بحيث يكون مدى استقلالها وسيادتها خاضعًا على نطاق كبير لرغبة حكومة إسرائيل وإرادتها؟.
\r\n
\r\n
ومع أنه لا يجيب على هذا السؤال حصرًا، من النقطة الزمنية التي طرحه فيها، إلا أنه لا يدع مجالاً للشك في أنه يجهل الجواب عليه. فلدى انتقاله للحديث عن خطة \"خارطة الطريق\" للرباعية الدولية، التي يخصص لها أحد فصول الكتاب، يأخذ على حكومة شارون أن تأييدها للخطة المذكورة جاء بعد تسجيل ملاحظات عليها أقل ما يمكن القول فيها إنها تفرغها من مضمونها، وليس قبل تبني الإدارة الأميركية لها. ويخضع الباحث \"التغيير\"، الذي يجري تسويقه لدى شارون، للفحص والتحليل بناء على مواقفه التي تلت أحداث 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة ومن مبادرة السلام العربية. غير أنه في موازاة قبول خطة الرباعية الدولية، وإكمالاً له، راج في السجال العمومي في إسرائيل في تلك الأيام الافتراض التبسيطي بأن الولايات المتحدة تبنت \"خارطة الطريق\" فقط من أجل تعويض رئيس الوزراء البريطاني، طوني بلير، على وقفته الحازمة إلى جانب إدارة بوش في الحرب على العراق. \"وهكذا تمّ، مرة أخرى، تسطيح مصالح وطنية لدول (وبينها الولايات المتحدة) في رواية أفقية جرى قبولها دون استئناف وروفقت بتأويلات جوفاء كانت في معظمها عودة على تقييمات شائعة في المؤسسة الإسرائيلية\".
\r\n
\r\n
\r\n
في واقع الأمر فان المؤلف يوجّه سهام نقده في الكتاب كافةُ، من ألفه إلى يائه، صوب التبسيط والتسطيح اللذين عادة ما كانا صفة ملازمة لجملة من مفاهيم السياسة والساسة في إسرائيل إزاء النزاع وإزاء الفلسطينيين والشعوب العربية جمعاء، وهي الصفة التي كانت تسعف المصابين بها في تجاهل السياقات المخصوصة.
\r\n
\r\n
وبناء على ذلك فهو يشدّد على أن غاية كتابه هي تعزيز الدعوات المختلفة الملحة على إعادة النقاش في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني إلى سياقاته التاريخية والسياسية، التي جرى تغييبها في غمرة التأجيج المتواتر والمكثف للروايات المركزية في المجتمعين، خلال السنوات القليلة الماضية استنادًا إلى إرث متراكم في هذا الخصوص.
\r\n
\r\n
\r\n
يرى ميتال أن برنامج أوسلو وسياسة الولايات المتحدة، إلى ما قبل أحداث 11 أيلول 2001، شكلا منارتين \"شقّ الإسرائيليون والفلسطينيون طريقهما على هدي نورهما سنوات طويلة\". وقد تلقت هاتان المنارتان طعنات نجلاء خلال السنوات 2000- 2003، بحيث أن محاولات تأهيلهما لا تزال شديدة التعقيد إلى أيامنا الحالية.
\r\n
\r\n
\r\n
تنطوي خطة أوسلو، برأي الباحث، على ثلاثة مركبات تشكل عمادها وقوامها. هذه المركبات هي: الاعتراف المتبادل ومأسسة \"عملية السلام\" خلال المرحلة الانتقالية والتزام بالتوصل إلى اتفاق حول الحل الدائم يتم في إطاره إجمال المواضيع الأكثر استعصاء على الحل.
\r\n
\r\n
وهو يرى أن رصاصات يغئال عمير، التي اغتالت رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يتسحاق رابين، في 4 تشرين الثاني 1995، أصابت الهدف المتوخى منها وهو كبح جماح العملية السياسية.
\r\n
\r\n
غير أن ميتال، في موازاة ذلك، يولي أهمية كبيرة لقرار شمعون بيريس، وريث رابين في كرسي رئاسة الوزراء وقيادة حزب \"العمل\"، إبقاء السيطرة الإسرائيلية على مدينة الخليل، الذي كان ذا مفعول نافذ في عدم توفير الحماية المطلوبة للعملية السياسية \"وقد أدرج المستوطنون في تلك المدينة في عداد ما جرى اعتباره في إسرائيل النواة الصلبة للمستوطنين... وعلى خلفية التوترات بين التيارات السياسية المتخاصمة في إسرائيل آثر رئيس الوزراء عدم المخاطرة بدخول مواجهة مع هؤلاء المستوطنين وأنصارهم\".
\r\n
\r\n
في سياق لاحق، لكن متصل، ينوه الباحث بأن جميع خروقات إسرائيل لما تضمنه اتفاق أوسلو من التزامات تكاد تتقزّم حيال سلوكها في موضوعة الاستيطان، الذي كانت غايته الرئيسية ولا تزال إيجاد ظروف ووقائع ميدانية تحول دون تقسيم البلاد ودون قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل إقليمي. ويضيف أن جماهير المستوطنين وأنصارهم كانوا على مدار السنوات عنصرًا شديد التأثير في الساحة السياسية في إسرائيل. وحقيقة أن أية حكومة في إسرائيل لم تفلح بعد أوسلو في إتمام ولايتها القانونية تعد تعبيرًا ملموسًا عن انعدام الاستقرار السياسي. ويلفت إلى أن جميع حكومات إسرائيل المتعاقبة في العقد الأخير أيدت وأعطت الضوء الأخضر لتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي وخلق مواقد احتكاك مع الفلسطينيين بين الفينة والأخرى. وخلال السنوات الثماني الأولى من \"عملية أوسلو\" زاد عدد المستوطنين بحوالي 80 بالمئة، فيما تشكل الزيادة الطبيعية نسبة ضئيلة من هذا الارتفاع.
\r\n
\r\n
\r\n
ولم تكن مسايرة بيريس للنواة المتطرفة من المستوطنين النقطة الوحيدة التي عَنَت أو كان فيها ما يؤشر إلى انكسار \"عملية أوسلو\"، في موازاة جريمة اغتيال رابين، ضمن سياقها الإسرائيلي. وإنما كانت هناك أيضًا نقاط انكسار أخرى أبرزها فترة ولاية بنيامين نتنياهو في رئاسة الوزراء، التي استمرت ثلاث سنوات \"تميزت بجهد لا يكلّ لحرف برنامج أوسلو عن مسار تطبيقه\". ويؤكد ميتال أن إيهود باراك، الذي ارتسم في الوعي الإسرائيلي باعتباره \"مكمل طريق رابين\"، لم يكن على هذا النحو بالتمام والكمال.. فقد اشتهر عنه تحفظه من برنامج أوسلو في فترة توليه منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي ومنصبي عضو كنيست ووزير عن حزب \"العمل\". و\"خلال نقاشات في الكنيست وحول طاولة الحكومة عرض باراك مساوئ برنامج أوسلو، وامتنع خلال التصويت على الاتفاق المرحلي\".
\r\n
\r\n
ومن الطبيعي أن يخصص المؤلف حيّزا واسعًا لفترة ولاية باراك في رئاسة الحكومة الإسرائيلية (1999–2001)، وهي الفترة التي كان مآلها \"تفجر المواجهة العنيفة بين إسرائيل والفلسطينيين\".
\r\n
\r\n
\r\n
صورة شارون
\r\n
\r\n
يحاول المؤلف أن يتجابه مع \"الصورة الجديدة\" لأريئيل شارون، التي يحاول الإعلام الإسرائيلي تسويقها وتحديدًا منذ قبوله لرؤيا الرئيس بوش المعتمدة على مبدأ \"الدولتين\"، وهو المعروف بأنه من أشدّ الأعداء الألدّاء لفكرة قيام دولة عربية أخرى بين النهر والبحر ونصير، بل ومبتكر مفهوم \"الأردن هو الدولة الفلسطينية\". بيد أنه يخضع هذا \"التغيير\" للفحص في ضوء حدثين هامين: الأول- ما تعرضت له الولايات المتحدة من هجمات إرهابية واسعة النطاق في الحادي عشر من أيلول 2001. والثاني- مبادرة السلام العربية التي أطلقتها قمة بيروت.
\r\n
\r\n
ولئن كان في الحدث الأول ما يفسّر دوافع \"التغيير\" لدى شارون (أقلمة نفسه للظروف الدولية الجديدة التي شرعت الإدارة الأميركية البوشية تدفع بها خطوات كبيرة إلى الأمام)، فإن الحدث الثاني قد وضع هذا \"التغيير\" على محك الاختبار العملي.
\r\n
\r\n
يكتب ميتال أن \"اللقاء\" بين أحداث الحادي عشر من أيلول المذكور وبين المحافظين الجدد من الجمهوريين، الذين تبوؤوا المناصب المفتاحية في الإدارة الأميركية، سرعان ما أصبح نقطة تحوّل دراماتيكية في سياسة الدولة العظمى، الأقوى في العالم. وقد أمكن الشعور بإسقاطات هذا التحول، التي اتضحت بداية في أميركا الشمالية، في مناطق مختلفة من العالم وأساسًا في الشرق الأوسط. وعلى هذا الضوء تمَّ صوغ السياسة العامة للولايات المتحدة من جديد بحيث احتلت \"الحرب العالمية على الإرهاب\" التي أعلنها الرئيس بوش المرتبة الأكثر تقدمًا في أولويات هذه السياسة. وبسرعة قياسية انعكست تبعات هذه الحرب على الشرق الأوسط، وأكثر فأكثر على النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني المتواصل، وتمثلت أساسًا في التقاء مواقف شارون وبوش في عدائها المفرط للقيادة الفلسطينية. وبالتالي فلا معنى لفهم موافقة شارون على رؤيا بوش السالفة دون قراءتها في سياق التأييد غير المحدود الذي قدمته الإدارة الأمريكية ولا تزال تقدمه لإسرائيل في \"حربها على الإرهاب\".
\r\n
\r\n
ومع أنه بالذات على خلفية هذا الواقع المتوتر والشديد التعقيد نبتت \"واحدة من أكثر مبادرات السلام أهمية في تاريخ النزاع الصهيوني- العربي\"، حسبما يصف المؤلف مبادرة القمة العربية في بيروت (أواخر آذار 2002)، فانه مقابل هذه المبادرة انكشفت حكومة شارون يكونها مجرّدة من أية رؤيا سياسية، ما يحيل إلى أن \"التغيير\" الذي طرأ على شارون كان تكتيكيًا وليس تغييرًا جوهريًا، لناحية اتخاذ موقف أخلاقي يحقق نوعًا من العدل النسبي. ويعيد ميتال إلى الأذهان، في معرض الإلماح إلى حدود هذا \"التغيير\"، أن ردود فعل مماثلة من الاستخفاف وعدم الاكتراث صدرت عن إسرائيل الرسمية حيال الملك الأردني والرئيس المصري، اللذين توجها مباشرة إلى الشعب في إسرائيل عير لقاءات مع قنوات التلفزة الإسرائيلية. وأن ردود فعل أشدّ فظاظة صدرت حيال توجهات علنية من طرف الرئيس عرفات إلى الشعب في إسرائيل وقيادته. وفي إحدى المناسبات بعث عرفات ب\"رسالة مفتوحة إلى أصدقائي الإسرائيليين\" (20 تموز 2001). وفي أخرى توجّه إلى الإسرائيليين والرأي العام العالمي عبر مقال ظهر في \"نيويورك تايمز\" (3 شباط 2002) تحت العنوان \"حلم السلام الفلسطيني\".
\r\n
\r\n
\r\n
تعزز نزعة العسكرتارية
\r\n
\r\n
تبدو الحقائق التي سلسلناها حتى الآن مألوفة بعض الشيء.
\r\n
\r\n
لكن الكتاب لا يتوقف عندها فقط، على ما في ذلك من أهمية. فالمؤلف يغوص أيضًا على جملة من التغييرات التي شهدتها إسرائيل خلال الفترة قيد البحث (1993 – 2003)، فضلاً عما ورد ذكره في السطور السالفة، ويعتبرها تغييرات سلبية.
\r\n
\r\n
تجدر الإشارة في هذا الشأن إلى ما يلي:
\r\n
\r\n
ارتفاع منسوب مساهمة العسكر في السياسة الإسرائيلية، دون مراعاة أن الحديث يخصّ نمطًا شاذًا في أنظمة الحكم الديمقراطية. وهو يأخذ إيهود باراك كمثل لكن شيوع هذا النمط الشاذ في المشهد السياسي الإسرائيلي عمومًا يتعدى هذا الجنرال، ويحيل إلى خطورة بناء المنظومة السياسية في نظام حكم ليبرالي- غربي باعتبارها منظومة عسكرية. ولا يلبث أن يؤكد أنه في واقع يكون فيه معظم أصحاب القرار هم أناس من قادة الجيش والأجهزة الأمنية وحضورهم في الإعلام مكثف جدًا فلا غرو إن هيمنت وجهة النظر الأمنية على السجال السياسي والعمومي في إسرائيل. وبهذه الطريقة يتم تكريس النزعة الذاهبة إلى أن احتياجات الأمن هي البؤرة التي ينبغي أن يتمحور حولها كل الاهتمام.
\r\n
مماشاة السجال الإعلامي المهيمن مع ما ضخّته المؤسسة السياسية والأمنية من مواقف وأنباء وتحليلات، خصوصًا فيما يتعلق ب\"الشريك الفلسطيني\". وبلغة المؤلف فإن \"البطن الرخوة\" لغالبية وسائل الإعلام الإسرائيلية تمثلت في \"اعتمادها المبالغ فيه والمفتقر إلى النقد على أخبار وتقييمات مصدرها المؤسسة السياسية والأمنية\"، حتى \"بدا أحيانًا أن صحفيين معينين ليسوا سوى رجع صدى لنغمات جرى تأليفها من قبل تلك الأطراف الرسمية أو غيرها\".
\r\n
فترة إيهود باراك، وخصوصًا في أعقاب قمة كامب ديفيد، كشفت النقاب، في نظر المؤلف، عن أزمة ما يعرف ب\"اليسار الصهيوني\" في إسرائيل. فهذا اليسار الذي يشخّص عن اليمين، خلافًا لليسار في دول العالم كافة، فقط بموجب موقفه من \"عملية السلام\" انقاد وراء الرواية التي صاغها باراك وسيطرت بكثافة على السجال الإعلامي. إن كل ما جرى الكشف عنه عقب فشل قمة كامب ديفيد لم يكن أكثر من جملة مزاعم تبسيطية تقاسمها اليسار واليمين على حد سواء، وهذان شكلا معًا الإجماع في السجال السياسي الإسرائيلي. أما المطالبة بإجراء نقاش عمومي معمّق حول الأسئلة الأساسية، يمكن عبره مواجهة سحابة الضباب الداكنة التي دأب على نشرها الناطقون الرسميون بلسان المؤسسة الحاكمة في مناسبات من الصعب حصرها، فكانت من نصيب أفراد قلائل فقط ضاعت أصواتهم هباء في الزحام. بالمقابل فقد ارتفعت في الإعلام أسهم \"يسارويين\" تحددت وجهتهم في الإعراب عن الندم وفي الاستفاقة من \"وهم السلام مع الفلسطينيين\"، ومنهم على سبيل المثال الكاتب عاموس عوز و\"المؤرخ الجديد\" بيني موريس، الذي لم يعد \"جديدًا\".
\r\n
\r\n
\r\n
بكلمات أخرى فإن المجهود المنصرف بكليته نحو إعادة بناء صورة \"الشريك\" أصبح بمثابة الدبق الذي يعيد لحمة \"أبناء القبيلة الواحدة\"!
\r\n
\r\n
\r\n
أكاذيب عن السلام
\r\n
\r\n
\r\n
إذا كان كتاب يورام ميتال يتيح للقارىء إطلالة على التطورات التي شهدها العقد الممتد بين 1993 و2003 فإن الباحثة الجامعية تانيا راينهارت تركّز في كتابها الموسوم ب\"أكاذيب عن السلام- حرب باراك وشارون ضد الفلسطينيين\" (2)، بصورة تكاد تكون جوهرية، على وسائل الإعلام الإسرائيلية وأدائها المبتور وعلى أزمة اليسار الإسرائيلي الصهيوني، الذي وقف من خلف \"فكرة أوسلو\".
\r\n
\r\n
\r\n
وهي تؤكد في مقابلة خاصة ظهرت في آخر الكتاب وأدلت بها لمحرره، أمير روتم، أن اعتمادها الرئيسي في تأليف فصول الكتاب كان على وسائل الإعلام الإسرائيلية في سيرورة أريد لها، كقولها، \"تخليص الحقائق من ربقة المزاعم الأساسية، والفصل بين الحقائق وتلك المزاعم في سبيل تشييد تفسير متجدّد للحقائق\".
\r\n
\r\n
فيما يتعلق ب\"اليسار الإسرائيلي\" تتبنى الباحثة الفكرة القائلة إن هيمنة اليمين على المؤسسة السياسية الإسرائيلية، والتي على ما يبدو لن تجد هذه المؤسسة لنفسها فكاكًا منها حتى إشعار آخر يصعب استشرافه من الآن، راجعة إلى تبدّد \"البديل اليساري\" شذر مذر. ولغرض توكيد الفكرة فهي تستعيد الأجواء التي جرت فيها المنافسة في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (كانون الثاني 2003) بين \"الليكود\" بزعامة أريئيل شارون وبين \"العمل\" بزعامة عمرام ميتسناع.
\r\n
\r\n
\r\n
\"رويدًا رويدًا- تكتب راينهارت- أصبح ميتسناع غير مختلف كثيرًا عن شارون (بالنسبة للموقف من مستقبل المناطق الفلسطينية). وفي اللحظة التي يكون فيها الخيار الماثل أمام المترددين هو بين يمين واضح وبين نهج مماثل متبّل ببلاغة يسارية (جوفاء) فإن ذلك يسعف في إقناع هؤلاء بأن طريق اليمين هي الطريق الوحيدة عمليًا. أما إذا كتب علينا أن نحارب الفلسطينيين وأن نسعى إلى طردهم أو حبسهم فإن في مقدرة شارون أن يفعل ذلك أفضل من ميتسناع بكثير\".
\r\n
\r\n
\r\n
الجيش- \"الحكومة الدائمة\"
\r\n
\r\n
\r\n
ينطوي كتاب راينهارت، زيادة على ما ذكر، على تعميق لجانب واحد من الجوانب الواردة في كتاب ميتال، ترى بدورها أنه جانب بالغ الدلالة. ذلك هو دور العسكر (الجنرالات) في ترسيم حدود السياسة الإسرائيلية. وهي تشير في هذا الخصوص إلى أن المنظومتين العسكرية والسياسية في إسرائيل كانتا على الدوام منضفرتين ببعضهما البعض. وطبقًا لأقوال \"مصدر أميركي في الكونغرس\" فإن الذي يقرّ في إسرائيل الإستراتيجيات وسلم الأولويات القومي، باعتبارهما موضوعًا يقف في صلب الإجماع (الوطني)، ليس هيئات تتولاها تعيينات سياسية وإنما أشخاص في البزات العسكرية.. وجميع حكومات إسرائيل السابقة أولت اهتمامًا هائلاً للاقتراحات التي طرحها الجيش حيث أنه يمثل \"الحكومة الدائمة\"، حسب أقوال المصدر الأميركي نفسه. مع ذلك- تؤكد المؤلفة- فلم يكن للجيش دور مركزي في السياسة الإسرائيلية يضاهي الدور الذي يقوم به منذ فترة باراك وكما هو دوره الآن في ظل حكومة شارون.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
وثمة تركيز استثنائي على باراك وعلى جوهر أدائه في فترة توليه رئاسة الحكومة. وهو تركيز أريد له أن يسند الخلاصة التي تتوصل إليها المؤلفة، والذاهبة إلى أن باراك لم يتطلع إلى تحقيق مصالحة مع الفلسطينيين في قمة كامب ديفيد، ولم يحاول تقريب النزاع من نهايته، بحق وحقيق. والتأويل الأكثر معقولية لما أقدم عليه باراك في كامب ديفيد هو أنه \"بادر إلى هذه القمة بهدف إفشالها عن طريق العمد، وبذا يثبت أن الفلسطينيين هم الطرف الرافض\". وهذا ما يفسّر، بكيفية ما، استمرار تباهيه بكونه \"الذي كشف عن الوجه الحقيقي لعرفات\". وتحيل المؤلفة قراء الكتاب إلى \"سوابق باراك\" في ممارسة الخديعة، وأبرزها سابقة المفاوضات مع سوريا التي حصلت قبل القمة في كامب ديفيد.
\r\n
\r\n
كما أنها، على صلة بذلك، تحشد سيلاً من البراهين لكي تثبت أن باراك هو الوجه الآخر لشارون وأن هذا الأمر هو تحصيل حاصل تاريخ التعاون الطويل بينهما، من جهة ومحصلة مفهومهما المشترك، من أخرى.
\r\n
\r\n
يقرأ الكتاب سياسة الاستيطان الإسرائيلية في مناطق 1967 في سياق النية البعيدة المدى لركل حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وتعتقد المؤلفة، في هذا الشأن، أن هناك مستويين للتعاطي مع حل مشكلة اللاجئين. الأول هو المستوى العملي والثاني المستوى الرمزي. ويتعلق الثاني ب\"الناراتيف\" الخاص بموضوع اللاجئين، حيث أن أي زعيم إسرائيلي يتطلع إلى المصالحة على المستوى الرمزي يتعين عليه بداية، من وجهة نظرها، الاعتراف بمسؤولية إسرائيل عن نشوء المشكلة. غير أن السلطة في إسرائيل لم تحظ حتى الآن بزعيم كان معنيًًا حقًا بإنهاء النزاع. والأمر الأكيد أن باراك لم يكن كذلك. وفي سبيل التشديد على هذه المسألة تحديدًا فهي تعلن، منذ مقدمة الكتاب، دون تأتأة أو مواربة، أن الأرض التي أنشئت عليها دولة إسرائيل تم الحصول عليها بواسطة تطهيرها العرقي من سكانها الأصليين- الفلسطينيين. وتتابع: لو أن إسرائيل توقفت عما اقترفته (من تطهير عرقي) في العام 1948 لكان الافتراض المعقول \"أنني أستطيع العيش مع ذلك\"، غير أن الأمر استمر وبلغ الذروة في 1967. وفي 1993 بدا أن الاحتلال من 1967 يقترب من نهايته. وآمن كثيرون بأن اتفاقات أوسلو، التي جرى التوقيع عليها في واشنطن في 13 أيلول من تلك السنة، ستؤدي إلى انسحاب إسرائيلي من المناطق المحتلة وإقامة دولة فلسطينية. لكن الأمور لم تسر على هذا المنوال. ويتبين الآن أن القيادة السياسية لمعسكر السلام الإسرائيلي حولت روح أوسلو التصالحية إلى وسيلة جديدة أكثر إحكامًا لمواصلة الاحتلال. يضاف إلى ذلك أن قيادة إسرائيل العسكرية تعتبر الحرب الحالية ضد الفلسطينيين \"النصف الثاني المكمل لحرب 1948\". وقد استعمل المستوى العسكري الإسرائيلي هذا التوصيف فورًا بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، منذ تشرين الأول 2000. ولا شك الآن أن قصدهم من هذه المقايسة هو أن مهمة التطهير العرقي نفذت في 1948 بنصفها الأول فقط. ولا يمكن تفسير سياسة إسرائيل المنهجية في إصابة الفلسطينيين كدفاع عن النفس أو كرد فعل تلقائي على الإرهاب. إن ذلك هو ممارسة من التطهير العرقي- عملية يجري فيها طرد مجموعة إثنية من مناطق تتطلع مجموعة إثنية أخرى إلى السيطرة عليها. وفي مكان يحظى باهتمام عالمي كبير مثل إسرائيل/ فلسطين يستحيل اقتراف تطهير عرقي عبر عملية مفاجئة من الذبح المكثف وإخلاء الأراضي. ولذا تجري عملية مثابرة هدفها إجبار الناس، رويدًا رويدًا، على الموت أو الهرب لكي ينجو بجلودهم.
\r\n
\r\n
\r\n
وكما سلفت الإشارة توجه راينهارت نقدها الشديد إلى \"اليسار الصهيوني\" المتمسك بالاحتلال. وإذ تؤكد أن القيادة السياسية لمعسكر السلام الإسرائيلي صاحبة تجربة ومراس طويلين في تسيير وجهة معظم المعارضين للاحتلال نحو طريق الحفاظ على الوضع القائم، فإنها تلفت إلى أن هؤلاء الأشخاص هم نفسهم الذين كرزوا في أثناء سنوات أوسلو إلى أن الاحتلال انتهى عمليًا وإن ما تبقى هو بضع سنوات من المفاوضات فقط. وهم خبراء في إقناع كل من هو مستعد للإنصات لهم بأن الملك ليس عاريًا وأن المشكلة كامنة فقط في عيوننا. وإذا لم تقف الأكثرية في إسرائيل بالمرصاد لهم فالاحتمال الأقوى هو أن ينجح هؤلاء الخبراء في مهمتهم مرة أخرى. مع ذلك فإنه للمرة الأولى منذ أوسلو نشأت حركة سلام إسرائيلية آخذة في التوسع وهي عصية على طوع القادة السياسيين لمعسكر السلام. والنواة الصلبة لهذه الحركة مؤلفة من مجموعات احتجاج محلية عديدة أصبحت فاعلة منذ بدء الانتفاضة. وتذكر منها حركات \"يوجد حد\" و\"شجاعة الرفض\" و\"بروفيل جديد\" و\"ائتلاف النساء من أجل سلام عادل\" و\"تعايش\" و\"كتلة السلام\" و\"الغسيل الأسود\". والمبدأ الأساسي الهادي لهذه المجموعات هو أن الكفاح من أجل السلام وضد الاحتلال هو كفاح إسرائيلي- فلسطيني مشترك.
\r\n
\r\n
\r\n
تقرير استراتيجي
\r\n
\r\n
\r\n
صدر، في شباط 2005، عن \"معهد القدس للدراسات الإسرائيلية\" تقرير استراتيجي يتضمن تقييمًا للمفاهيم السياسية والمنطلقات الأساسية، التي وجهت السياسة الإسرائيلية حيال الفلسطينيين خلال السنوات 2000- 2004، مقايسة مع ما كان سائدًا قبل ذلك أيضًا.
\r\n
\r\n
\r\n
يحمل التقرير عنوان \"الانتقال من تسوية النزاع إلى إدارته\" (3)، وهو يشكل خلاصة عمل \"مجموعة تفكير\" تبلورت تحت كنف المعهد المذكور ضمت باحثين وخبراء في مجالات مختلفة وعقدت عدة لقاءات، ابتداء من شهر تشرين الثاني 2003.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد شملت هذه المجموعة شخصيات رفيعة من مجال الاستخبارات مثل: إفرايم هليفي ورؤوبين مرحاف ويوسي بن آري (من الموساد) وافرايم لافي (من أمان- شعبة الاستخبارات العسكرية) وكوبي ميخائيل (من وحدة التنسيق والارتباط)، وأكاديميين آخرين مثل: يعقوب بار سيمنطوف (رئيس الطاقم ورئيس المعهد) ودانيئيل بار- طال وروت لبيدوت ودان زكاي وعزرا سدان وتمار هيرمان ويفراح زيلبرمان ويتسحاق رايتر. وأجرت المجموعة مقابلات مع رجال استخبارات ومستشرقين ومن بينهم ماتي شتاينبرغ، المستشار البارز لرئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) في الشؤون الفلسطينية.
\r\n
\r\n
\r\n
ومع أن التقرير ينتهي عند اعتبار \"خطة الانفصال\" بمثابة \"خيار تقصير\"، سواء من الناحية السياسية أو الأمنية، فإنه لا يغوص على أبعاد هذه الخطة. ويكتفي من هذه الأبعاد بما يحسبه جوهريًا (ثوريًا في قراءته) منها، ومؤداه أنه \"للمرة الأولى في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، بل وحتى في النزاع الإسرائيلي- العربي، تتبنى إسرائيل إستراتيجية إدارة (للنزاع) أحادية الجانب تستند إلى انصراف يشمل انسحابًا إقليميًا وإخلاء مستوطنات دون عملية سلام ودون أي مقابل من الطرف الثاني (الفلسطيني)\".
\r\n
\r\n
\r\n
وعطفًا على ما سبق يرى التقرير أن الانفصال، رغم ما يعنيه من \"إدارة أحادية الجانب\" للنزاع، جنبًا إلى جنب إقامة \"جدار الفصل\" المندرج في إطار معنى الإدارة ذاته، ربما يؤشران إلى عملية تغيير في مفهوم إسرائيل السياسي وفي منطلقاتها الأساسية حيال النزاع مع الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
\r\n
ويلفت إلى أن هذا التغيير يأتي على خلفية تغييرين بنيويين، من الماضي القريب:
\r\n
\r\n
الأول- التغيير الذي أتاح عملية أوسلو.
\r\n
\r\n
والثاني- التغيير الذي طرأ بعد انتخابات شباط 2001، التي جاءت بأريئيل شارون إلى سدّة الحكم، والذي يتضاد مع الأول. وقد بدأت علائم التغيير الثاني الواضحة خلال فترة ولاية إيهود باراك في رئاسة الحكومة الإسرائيلية (1999 -2001).
\r\n
\r\n
\r\n
غير أن أهمية هذا التقرير تبقى مستمدة من أحكامه بشأن اتزان أو معقولية عناصر المفهوم السياسي الإسرائيلي، وهي أحكام يمكن هيكلتها في نطاق جهود إماطة اللثام أو نزع الأقنعة عن المنطلقات الأساسية لذلك المفهوم.
\r\n
\r\n
ثمة الكثير من التفاصيل التي يكشف عنها التقرير بصورة مركّزة مستعينًا بالعديد من المراجع، وليس من المبالغة اعتبارها مفاصل جوهرية، إلى ناحية تسليط بؤرة الاهتمام نحو ما تتحمله إسرائيل من مسؤولية مباشرة عما آلت إليه الأوضاع السياسية والأمنية.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن هذه التفاصيل لا بدّ من الإشارة إلى ما يلي، على سبيل المثال:
\r\n
\r\n
\r\n
(*) أولاً- يحاول التقرير أن يجيب على السؤال المفتوح: لماذا باءت مفاوضات كامب ديفيد حول التسوية الدائمة بالفشل الذريع؟. وفي سبيل ذلك يستعرض ما صدر عن طرفي المفاوضات من ادعاءات، لكنه يرجّح، في ما يشبه الاستحصال، بأن تكون الأزمة، التي انتهت إليها المفاوضات، وما تمخض عنها من انفجار عنيف \"تعبيرًا ذا قوة عالية جدًا\" عما يسميه \"التصادم (الحتمي؟) بين الروايتين التاريخيتين القوميتين\".
\r\n
\r\n
ويكتب في هذا الشأن: بنظرة ثانية يبدو الآن أن طلب إسرائيل الملحاح ب\"نهائية النزاع\"، ضمن الشروط التي وضعتها، تمَّ تفسيره لدى الفلسطينيين باعتباره محاولة لإخضاع الرواية التاريخية الفلسطينية أمام الرواية التاريخية الإسرائيلية. \"خنوع\" كهذا، من ناحية الفلسطينيين، لم يكن خيارًا سياسيًا ممكنًا. زد على ذلك أن هذا الطلب الإسرائيلي نأى بالطرفين عن النقاش حول نتائج حرب 1967 إلى نقاش حول نتائج حرب 1948 - 1949.
\r\n
\r\n
\r\n
ويتهم التقرير إيهود باراك بأنه سعى للوصول إلى نهاية النزاع ووضع حد للمطالب الفلسطينية مقابل تنازلات وإن بدا أنها بعيدة المدى إلا أنها تعكس فقط نتائج حرب الأيام الستة (حزيران 1967): إقامة دولة فلسطينية، التنازل عن معظم مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وقطاع غزة، بما في ذلك غور الأردن، اقتلاع مستوطنات وتقسيم القدس. لكن في كامب ديفيد، كما في استمرار المفاوضات بعد ذلك أيضًا، تعلم الطرف الإسرائيلي درسًا في معرفة الموقف الفلسطيني الحاسم بشأن عدم ممكنية تسوية النزاع بثمن حل نتائج حرب 1967 فقط.
\r\n
\r\n
\r\n
(*) ثانيًا- يعتبر التقرير ما يجوز تسميته ب\"إرث باراك\" واحدًا من الأعمدة الرئيسية في المفهوم السياسي إزاء النزاع الذي أدار ظهر المجن لمفهوم أوسلو، والذي تمت تبيئته فيما بعد أيضًا من قبل حكومة أريئيل شارون واليمين المتطرف في طبعتها الأولى. فإن أقطاب هذه الحكومة، على ما جاء فيه، ورثوا تقييمات باراك بالنسبة لعدم نضوج الفلسطينيين لتسوية النزاع، وبالنسبة لمسؤوليتهم عن فش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.