\r\n هناك حيرة واضحة فاستراتيجيات تعد ثم تذهب في سبيلها ثم تخترع استراتيجيات أخرى بديلة ثم تذهب في حالها ايضا‚ بعد النصر العسكري الذي تحقق قدمت لنا ادارة بوش ما يمكن ان نسميه «استراتيجية اللااستراتيجية» أي بمعنى ان الامور والاشكالات ستحل نفسها بنفسها‚ بعدها كان لدينا استراتيجية السفير بول بريمر الذي تملكه الهوس في اصدار الاوامر لكل شخص في كل أمر‚ ثم جاء بعده السفير نيغروبنتي الذي التزم فضيلة السكوت المطلق بعدم اصدار الاوامر لأي شخص حول أي امر قائلا «دعهم يكونوا اصحاب سيادة»‚ \r\n \r\n الآن بوجود السفير زلماي خليل زاد ادمنت الولاياتالمتحدة على اعطاء المواعظ العامة حول الكثير من الاشياء وربما يكون وعظها في الاشياء الخطأ‚ \r\n \r\n احدى هذه المواعظ كانت ضرورة ان يعمل العراقيون على الانتهاء من اعداد مسودة الدستور قبل حلول 15 اغسطس الحالي حتى وان لم يتم حل العديد من القضايا المهمة والمتفجرة في آن واحد‚ استجاب العراقيون للضغوط الأميركية ولكن من الواضح انه لا توجد هناك نتائج مؤكدة‚ الموعظة الثانية كانت حول قدرة الولاياتالمتحدة على اجراء انسحاب «جوهري» خلال عام‚ \r\n \r\n عندما ضغطت أميركا من اجل الالتزام بموعد 15 اغسطس كان ذلك لأنها تفضل عدم التوصل الى حل أي خلافات رئيسية بين الشيعة والسنة العرب والاكراد لأن ذلك من وجهة نظرها قد يجلب بعض النتائج السيئة‚ \r\n \r\n النتيجة المرجوة في عيون الولاياتالمتحدة هي وجود دستور يجسد مبادىء الفيدرالية القوية مع اعطاء استقلال ذاتي للجماعات الثلاث ووجود حكومة مركزية ضعيفة‚ فالولاياتالمتحدة لا تعجبها فكرة وجود حكومة قوية في بغداد واقاليم ضعيفة بل تفضل العكس‚ هناك بعض المنطق في هذا الموقف فاميركا تفضل وجود عراق موحد الى حد ما يحول دون قيام جيرانه باقتطاع اجزاء منه وضمها اليهم‚ وهذا سبب وجيه للابقاء على العراق موحدا ولكن ليس من الضروري ان يحكم من بغداد‚ يجب ان يكون دور بغداد محصورا في القضايا الحساسة والمهمة الخاصة بالدفاع والسياسة الخارجية وتقاسم عائدات النفط‚ هذه السلطات المركزية من وجهة النظر الأميركية كافية لابعاد مطامع جيران العراق عنه‚ الادارة الأميركية تتخوف ايضا من ان تؤدي الفيدرالية الى اشعال نيران الحرب الاهلية مع السنة العرب‚ بعض المسؤولين الأميركيين لا يدركون حتى الآن للاسف ان السنة يخوضون فعلا حربهم الخاصة بهم‚ بعض هؤلاء المسؤولين اصيبوا بالعمى ولم يعودوا يرون حقيقة ان الكثير من قادة السنة يعارضون الفيدرالية ولا يزالوا يطالبون بوجود حكومة مركزية قوية‚ \r\n \r\n ولكن هؤلاء المسؤولين الأميركيين وقادة السنة يعيشون احلاما خطيرة‚ فالسنة يحلمون انه سيأتي ذلك اليوم الذي يستعيدون فيه سيطرتهم في بغداد ومثل هذا الشيء لن يحدث ابدا وسيدرك السنة ذلك قريبا احبوا ذلك ام لم يحبوه‚ \r\n \r\n من جهة أخرى تدفع الولاياتالمتحدة العراق في اتجاه معاكس وهو طريق المركزية من اجل تحقيق وعود بوش بوجود عراق ديمقراطي يسود فيه حكم الغالبة‚ المشكلة هنا ان أي حكم للغالبية يعني سيطرة الشيعة على الحكم الذين يشكلون حوالي 60% من اجمالي السكان ولديهم قادة يكرهون ويحتقرون حقوق الآخرين‚ ان مثل هذه الحكومة الشيعية ستجعل من تضحيات الائتلاف ومبادئه شيئا مضحكا كما ان هذه الحكومة ستعمل دون أدنى شك على اقامة علاقات وثيقة مع ايران‚ \r\n \r\n ان وجود حكومة مركزية يحكمها القانون الاسلامي الشيعي وغبن المرأة حقوقها وتحالفا يقام مع ايران كل هذا يعني وصفة لحرب اهلية‚ \r\n \r\n ان ما نحتاجه ليس استراتيجية يقودها الشيعة بل استراتيجية تقاد من قبل السنة العرب‚ فالسنة هم من يقف خلف التمرد‚ والارهاب الحادث في قلب العراق‚ انهم يمثلون حجر الزاوية في المشكلة الاستراتيجية ولن يكون هناك أي استقرار في هذا البلد دونهم‚ \r\n \r\n الحيرة الاستراتيجية الكبرى التي تتملك أميركا هي كيف يمكن دفع قادة السنة للتجاوب مع الدستور والوقوف في نفس الوقت ضد المتمردين‚ \r\n \r\n الشيء المؤلم هو انه يتوجب علينا في هذه الحالة ان نعطي السنة العرب اكثر مما يستحقون‚ ان على الشيعة والاكراد وبتشجيع من الولاياتالمتحدة ان يقدموا للسنة عرضا لا يمكن لهم ان يرفضوه على اعتبار انه افضل عرض يمكن لهم ان يتوقعوا الحصول عليه بدل الاستمرار في تمردهم‚ \r\n \r\n على الشيعة والاكراد ان يفكروا باعطاء السنة العرب شيئين هما: \r\n \r\n نصيبا اكبر من حصتهم العادلة في العائدات النفطية‚ \r\n \r\n حقهم في ادارة انفسهم بأنفسهم في مناطق تواجدهم وعدم الخضوع للهيمنة الشيعية والكردية‚ \r\n \r\n قادة السنة المعتدلون سيقبلون بمثل هذا العرض على اعتبار انه افضل ما سيحصلون عليه بعيدا عن خوض المعارك الدامية‚ فهم لا يملكون أي احتياطات للبترول أو مصاف للنفط في مناطقهم واي اتفاقية يتم التوصل ايها يجب ان تعطيهم عائدات سخية من اجل اعادة تعمير ما دمر وبناء اقتصاد قابل للحياة‚ \r\n \r\n اضافة الى ما سبق فإن الاستقلال الذاتي الاقليمي سيبقيهم بعيدين آمنين عن الهيمنة الشيعية والكردية‚ من البديهي ان يقرر العراقيون ذلك وبامكان الولاياتالمتحدة مساعدتهم على فعل ذلك‚ \r\n \r\n ان مثل هذه التسوية تعد ضرورية جدا اذا ما اريد للافراد القوات العراقية ورجال الشرطة ان يكون لديهم الاحساس بالولاء لبلدهم الجديد‚ \r\n \r\n ان المكون الاستراتيجي المهم هنا هو وجود خطة انسحاب عامة ومرنة وليس مجرد جدول زمني جامد‚ \r\n \r\n ان الانسحاب يجب ان يتم الاتفاق عليه مع القادة العراقيين ولكن دون اعطائهم حق النقض الفيتو‚ جورج تيسي كبير القادة العسكريين الأميركيين في العراق اقترح مؤخرا اجراء انسحابات «جوهرية» خلال عام واحد‚ اقتراح هذا القائد افتقر للتأثير السياسي‚ ان مثل هذا الاقتراح يجب ان يدمج في خطة شاملة تعطي العراقيين اشعارا ان الوجود الأميركي في العراق ليس مفتوحا الى ما لا نهاية ويجب عليهم ان يعملوا بجد على الاعتناء بانفسهم‚ واذا لم يتم هذا الامر بهذه الصورة فإن العراقيين سيستمرون في افتراض ان قوات الائتلاف ستبقى هناك باعداد كبيرة الى اجل غير مسمى‚ وبامكان الولاياتالمتحدة ان تعدل الانسحابات وفق الظروف السائدة‚ ولكن يبقى هناك شيء واضح يشير الى «الخروج» في المستقبل المنظور‚ \r\n \r\n ان الانسحاب الأميركي سيكون له دور المطلق للمشاعر المعادية للأميركيين في العراق‚ ايضا وجود خطة انسحاب عامة سيقطع دابر الاشاعات القائلة ان الادارة الأميركية تخطط بصورة سرية لاجراء اقتطاعات في اعداد الجنود قبل انتخابات منتصف الفترة الخاصة بالكونغرس‚ \r\n \r\n ان وجود استراتيجية جيدة الاعداد يتم الاتفاق على تفاصيلها مع العراقيين بحيث تتناسب مع الحقائق السياسية في العراق وخطة الانسحاب الأميركي يمكن ان يحول دون انفجار البركان العراقي‚ \r\n