وقد شاعت لسنوات حالات الاختطاف في جمهورية الشيشان جنوبي روسيا، والتي ألقى المدنيون وجماعات حقوق الإنسان اللوم فيها على القوات الفيدرالية أو المتمردين الانفصاليين، وكذلك على قوات الأمن تحت قيادة \"رمضان قديروف\" النائب الأول لرئيس الوزراء الشيشاني والمدعوم من موسكو، والتي تُعرف باسم \"قديروفتسي\". \r\n \r\n وقد صرح الرئيس الشيشاني \"ألو ألكانوف\"، المدعوم من الكريملين، أن القوات الفيدرالية تورطت في 5 إلى 10 بالمائة من كل عمليات الاختطاف في المنطقة، وأن 23 شخصا قد فُقِدوا في الخمسة شهور الأولى من هذا العام، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الروسية \"إنترفاكس\". \r\n \r\n وأضاف الرئيس الشيشاني: \"إن المشكلة لم يتم حلّها بعد. إن حل هذه المشكلة هو المهمة الرئيسية لكل من الرئيس الشيشاني والرئيس الروسي، وأنا واثق أننا سوف ننجز هذه المهمة\". \r\n \r\n وقال الرئيس الشيشاني إن التحقيقات قد أظهرت أن بعض الأشخاص الذين تم الإبلاغ عن اختفائهم كانوا في الحقيقة قد تم القبض عليهم كجزء من تحقيق جنائي. وأضاف: \"لقد اتضح بعد التأكد أن أحد الأشخاص لم يتم خطفه، وإنما كان قد تم اعتقاله كمشتبه به في جريمة معينة\"، مضيفا أن 58 شخصا قد تم الإبلاغ عن اختفائهم في الشهور الخمسة الأولى من عام 2005. \r\n \r\n وفي تصريح ل\"آي بي إس\" قالت \"فيكتوريا ويب\"، وهي باحثة في منظمة العفو الدولية \"أمنستي\" في روسيا ووسط آسيا: \"إن السلطات الروسية لا تستطيع –بشكل يمكن تصديقه– أن تنفي دورها في الانتهاكات المنتشرة والمتزايدة في الشيشان\". \r\n \r\n كما قالت: \"إن \"منظمة العفو الدولية\" قد بحثت بشكل فعال العديد من التقارير المتطابقة والموثوق بها والتي تقول إن القوات الفيدرالية الروسية كانت مسئولة، في سياق الصراع في الشيشان، عن انتهاكات متفشية حقوق الإنسان، مثل حالات الاختفاء (القسري)، والقتل خارج نطاق القانون، والتعذيب، إضافة إلى الاغتصاب\". \r\n \r\n وأضافت: \"إن جماعات المعارضة الشيشانية المسلحة مسئولة هي الأخرى عن الإساءة لحقوق الإنسان\". \r\n \r\n وفي مقابلة معه قال \"توم دي وال\"، المحلل الشيشاني في \"معهد أخبار الحرب والسلام\" في لندن: \"إن قوات \"قديروفتسي\" معروفة على نطاق واسع بأنها أخطر الجماعات المسلحة، الذين لا يستجيبون لأحد سوى أنفسهم، وقد حشدت جماعات حقوق الإنسان كمية كبيرة من الأدلة على مسئولية هذه القوات عن حوادث الاختطاف، وهناك الكثير من الناس الذين يخافون، بل يخافون بشدة، من الإبلاغ عمّا حدث لذويهم وعائلاتهم\". \r\n \r\n وأضاف \" وال\": \"إن عدد الأشخاص الذي تم اختطافهم في العام الماضي قد يبلغ ألف شخص\". \r\n \r\n كما أكد أن روسيا قد صورت الصراع في الشيشان كجزء من \"الحرب الدولية على الإرهاب\"، مع بعض النجاح، وهذا يبرر في نظر الكثيرين الأعمال الوحشية التي يتم ارتكابها، بما في ذلك حوادث الاختطاف المنتشرة. \r\n \r\n وصرح \"وال\" أن القوات الروسية والشيشانية فشلت في معظم الحالات في إجراء تحقيقات عاجلة ومستقلة ومستفيضة في الادعاءات بوجود حوادث اختطاف متفشية. \r\n \r\n كما أكد مجددا أنه: \"بسبب التغطية الإعلامية الهزيلة في الشيشان فإن الحكومة الروسية ليست مضطرة لمواجهة ضغط كبير بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، ولهذا فإن المنطقة تظل أكثر المناطق إظلاما في أوروبا فيما يتعلق بحقوق الإنسان\". \r\n \r\n ومن جانبها صرحت \"ويب\" الخبيرة بمنظمة العفو الدولية أن \"الظروف الأمنية للصحفيين أو نشطاء حقوق الإنسان، الذين يحاولون وصف الموقف، في غاية الصعوبة، حتى أنه من الصعب معرفة المقياس الحقيقي للمشكلة\". \r\n \r\n وقد كشفت تقارير منظمة العفو الدولية أن حوادث الاختفاء والاختطاف القسري عادة ما تحدث أثناء الليل، ويقوم بها رجال مسلحون بشكل متخفٍ وغالبا ما يرتدون أقنعة، حيث يصلون في عدد كبير من المركبات العسكرية وقد طُمست لوحاتها المعدنية، ثم يتم أخذ شخص أو شخصين في هذه السيارات إلى مصير مجهول. \r\n \r\n وفي بعض الحالات يتم إطلاق سراح الأفراد في خلال بضعة أيام، وفي حالات أخرى يظل هؤلاء الأشخاص مفقودين، بينما في حالات أخرى توجد جثثهم تحمل علامات القتل العنيف. وطبيعة انتهاكات حقوق الإنسان، بهذا الشكل من السرية وعدم معرفة هوية مرتكبيها، تعني أن تحديد المسئول عنها هو أمر في غاية الصعوبة. \r\n \r\n وتستخدم منظمة العفو الدولية تعبير \"حالات اختفاء\" في الحالات التي تناسب هذا التعريف ويتورط فيها عملاء للحكومة، أم إذا تم أخذ الأشخاص بواسطة مجموعات مسلحة غير تابعة للحكومة، أو عندما لا يكون واضحا هل قام عملاء للحكومة بارتكاب هذه الممارسات أم لا، فإنه تتم الإشارة إلى الحوادث بتعبير اختطاف. \r\n \r\n وتطالب منظمة العفو الدولية بإنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق في كل حوادث \"الاختفاء\" والاختطاف. \r\n \r\n ومع ذلك فإن وصف شهود العيان، وشهادات الناجين الذين تم إطلاق سراحهم فيما بعد، وعمليات البحث، تشير إلى أنه في الكثير من الحالات كانت قوات الأمن الروسية والشيشانية، بما في ذلك تلك الخاضعة لقيادة \"قديروف\" نائب رئيس الوزراء الشيشاني، والتي تُعرف باسم \"قديروفتسي\"، هي المسئولة. \r\n \r\n وقد كان هناك بعض الاعترافات الرسمية بهذا، فعلى سبيل المثال أكد \"أصلان بيك أصلاخانوف\"، مستشار الرئيس الروسي \"فلاديمير بوتين\"، في شهر أبريل من هذا العام أنه لا يستبعد تورط \"قديروفتسي\" أو تورط القوات الفيدرالية في حوادث الاختفاء. \r\n \r\n ويتم تمرير ملفات الحوادث من مكتب وكيل نيابة إلى آخر، ثم يتم إغلاقها لعدم كفاية الأدلة، ولم يتم اتخاذ أية إجراءات حقيقية من أجل تحقيق فعال. أما من يحاول البحث عن الحقيقة –مثل أقارب الأشخاص المفقودين، أو الصحفيين، أو نشطاء حقوق الإنسان أو حتى وكلاء النيابة– فإنه يتم إرهابهم وتهديدهم، وفي بعض الأحوال يختفون هم أيضا. \r\n \r\n وتضيف \"ويب\" فتقول: \"المشكلة هي أنه لا يوجد تقريبا أي تحقيقات فعالة في الانتهاكات؛ فمناخ الخوف في المنطقة عقبة هائلة أمام جهود تحقيق العدالة\". \r\n \r\n وقد طالب \"اتحاد هلسنكي الدولي لحقوق الإنسان\" و\"اتحاد لجان أمهات الجنود\" بتأييد دولي للمدافعين عن حقوق الإنسان في الشيشان وجارتها أنجوشيا، حيث قالت هذه الجماعات إن هذه المناطق في خطر متزايد. \r\n \r\n وبحسب هذه الجماعات فإن اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان قد تزايد، كما قامت القوات الفيدرالية باختطاف 11 شخصا في الأسبوع الماضي وحده. \r\n \r\n وقد أكد المحللون وجماعات حقوق الإنسان ل\"آي بي إس\" أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد حكمت في فبراير من هذا العام أن القوات الفيدرالية مذنبة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان. \r\n \r\n وقد توصلت المحكمة إلى أن القوات الروسية قد قامت بانتهاك الحق في الحياة، وتحريم التعذيب، وكذلك الحق في الإنصاف، والتمتع الآمن بالملكية، للمدنيين في الشيشان. \r\n \r\n وقد أكدت ويب أنه \"ينبغي على السلطات الروسية أن تقوم بتوجيه رسالة واضحة إلى كل أقسام ومستويات قوات الأمن العاملة في الشيشان تؤكد فيها أن 'حوادث الاختفاء‘ والاختطاف هي أمر غير قانوني وغير مقبول، وأن المسئولين عنها سوف يواجهون عقوبة قاسية\". \r\n \r\n وأضافت: \"ينبغي أن يتم فورا إنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق في كل حالات الاختفاء والاختطاف في شمال القوقاز، والتي جرت في سياق الصراعين المسلحيْن في الشيشان\". \r\n \r\n وقد اتفق \"وال\" مع هذا مضيفا أن \"هناك حاجة إلى وجود مراقبة دولية هناك من أجل التحقيق في حالات الاختطاف... والتأكد من أن روسيا لم تُخلّ بالتزاماتها الدولية التي تعهدت بها عندما انضمت إلى مؤسسات مثل المجلس الأوروبي\". (آي بي إس / 2005)