لو تكلمنا من الناحية السياسية فان السؤال عما اذا كان ما يزال بالامكان اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة سؤال خطأ بالتأكيد لأن الاجابة عنه واضحة منذ البداية‚ فالرئيس الاميركي بوش لن يرغب في تحمل المخاطر السياسية التي قد تترتب على اقامة مثل هذه الدولة في وجه التصميم الشاروني على منع حدوث ذلك‚ \r\n \r\n السؤال الصحيح الذي يجب ان يطرح هو: هل ما يزال هناك أمل لبقاء ونجاة اسرائيل كدولة يهودية؟ ان المعرض للتهديد هو دولة اسرائيل وليس الشعب الفلسطيني الذي يسعى لاقامة دولة له‚ \r\n \r\n وبغض النظر عن عدم التأكد حول الدولة الفلسطينية فان ما هو مؤكد حتى بعد انسحاب اسرائيل من قطاع غزة هو انه لن يمضي وقت طويل قبل ان يشكل العرب غالبية السكان ما بين البحر الابيض المتوسط ونهر الاردن‚ وعندما يحصل ذلك فان اسرائيل ستنتهي كدولة يهودية من الناحية الرسمية وعلى ارض الواقع الا اذا قامت بحشر العرب في بانتسوستانات مغلقة وتتحول بالتالي الى دولة عنصرية‚ \r\n \r\n الغريب ان الدولة الفلسطينية هي التي يمكن ان تضمن نجاة اسرائيل كدولة يهودية‚ وفي الوقت الذي يستمر شارون في تنفيذ مشروعه الاستيطاني في الضفة الغربية ويقوم بشرذمة الارض الفلسطينية فان الفلسطينيين سيتخلون قريبا عن خيار الدولتين وسيتبعون المنطق السياسي القائم على الديمغرافيا بدل ذلك‚ \r\n \r\n ان الفلسطينيين لن يقبلوا ابدا بأقل من دولة تقوم بالكامل على الارض التي كانت لهم قبل يونيو 1967‚ لقد استولت اسرائيل على نصف الاراضي التابعة للعرب التي وردت في قرار التقسيم الذي صدر في عام 1947 ولن يقبل الفلسطينيون الآن ان تقدم اسرائيل على ضم ال 22% مما تبقى من فلسطين باستثناء بقع يعيشون فيها هنا وهناك‚ وعاصمة الدولة الفلسطينية يجب ان تكون القدس الشرقية‚ \r\n \r\n ان فرص وجود زعيم فلسطيني يقبل باغلاق القدس امام الفلسطينيين تعادل وجود زعيم اسرائيلي يقبل بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى اسرائيل‚ \r\n \r\n ان هذه التنازلات الصعبة التي قد تقوم بها اي حكومة اسرائيلية يمكن تقديمها اذا ابلغت تلك الحكومة الشعب الاسرائيلي بالحقيقة وهي ان وجود دولة فلسطينية هو الشيء الوحيد الذي يمكن تجنيب اليهود التحول الى اقلية في دولتهم‚ ان اولئك اليهود الذين يعتقدون ان العالم بما فيه الحليف الاميركي الكبير سيقبل بوجود نظام عنصري يهودي يفرض على العرب بقوة السلاح او يسمح لاسرائيل بممارسة التطهير العرقي في معظم اجزاء الضفة الغربية عبر تبني اجراءات اقتصادية أو امنية انما يخدعون انفسهم‚ \r\n \r\n لسوء الحظ فان هناك بعض الاحزاب الاسرائيلية التي تدعو لممارسة التطهير العرقي ضد العرب ومع ذلك ينظر اليهم رغم تطرفهم الشائن على انهم شركاء يمكن القبول بهم في الحكومة‚ والحقيقة ان شخصا مثل ناتان شارنسكي وهو وزير سابق في حكومة شارون يطالب باعلان ممتلكات العرب الذين يعيشون خارج حدود القدس البلدية على انها «ممتلكات غائبين» وبالتالي يمكن مصادرتها دون دفع اي تعويضات او اعطائهم حق التظلم والاستئناف‚ \r\n \r\n ان هذا الرجل هو الذي اقنع بوش بأنه يجب ابقاء الفلسطينيين تحت الاحتلال الى ان تعطيهم اسرائيل شهادة حسن سير وسلوك واقرارها لهم بأنهم تحولوا الى ديمقراطيين‚ \r\n \r\n ان الحقائق الديمغرافية على الارض هي التي ستحدد مستقبل اسرائيل اكثر من المستوطنات وأكثر من الجدار الامني الذي تقوم اسرائيل ببنائه على الارض الفلسطينية المسروقة‚ \r\n \r\n بعد كل هذا علينا ان ندرك ان باب الفرصة لن يغلق امام الدولة الفلسطينية بل امام الدولة اليهودية وليس غيرها‚ \r\n