\r\n وكما اوضحت كوريا الشمالية في المحادثات السداسية التي جرت في يونيو الماضي، فإنها مستعدة لتجميد برنامج البلوتونيوم كخطوة باتجاه تفكيكه. وقالت انه في اطار هذا التجميد ستعيد وضع البلوتونيوم الجاهز لصنع 5 او 6 قنابل كانت قد اعادت معالجتها العام الماضي مرة اخرى الى التفتيش الدولي وهو ما يضمن في حد ذاته انها لن تلجأ لصنع القنابل او لبيعها للارهابيين. \r\n لقد سعت للتوصل الى اتفاق مبادئ تقوم بموجبه الولاياتالمتحدة بتطبيع علاقاتها وتوفر تطمينات أمنية. في مقابل التجميد ارادت واشنطن ان تشارك جنبا الى جنب مع سيئول وطوكيو في امداد الكوريين الشماليين بالكهرباء، حسب الوعد المقطوع في اطار اتفاق اكتوبر 1994. كما طلبت ايضا شطبها من الدول الراعية للارهاب وان يتم تخفيف العقوبات. وهكذا بدون صفقة بات من الواضح ان استمرار صنع الاسلحة لن يتوقف. \r\n وفي حال مددت بيونغ يانغ تجميد برنامجها والتعهد بتفكيكه لتغطية انشطتها لتخصيب اليورانيوم ايضا، فهذا قد يعني نزع فتيل الازمة والسماح بوقت للتفاوض حول التفتيش والهواجس الاخرى. \r\n ان المتشددين بادارة بوش يعارضون مثل هذه الصفقة ويصرون بدلا من ذلك على ان تبدأ بيونغ يانغ في تفكيك برنامجها اولا قبل ان تتخذ واشنطن خطوات بالمقابل. وهكذا ساووا سياسة الاخذ والعطاء الدبلوماسية بمكافأة السلوك السييء زاعمين انه بموجب اطار الاتفاق عام 1994، خدعت كوريا الشمالية الرئيس كلينتون بوقف برنامج البلوتونيوم بينما شرعت في برنامج سري لتخصيب اليورانيوم. \r\n المشكلة ان ذلك الزعم هو محض خيال. فقد حصلت واشنطن على معظم ما تريد من تجميد لبرنامج البلوتونيوم الكوري الذي ربما استطاع توليد بلوتونيوم كاف لصنع 50 قنبلة على الاقل. على ان الولاياتالمتحدة اخفقت في مكافأة سلوك كوريا الشمالية الطيب اذ سيطر الجمهوريون بعدها على الكونغرس في الانتخابات التي تلت اطار 1994 مباشرة، واستنكروا الصفقة معتبرين اياها تهدئة. وخشية ان يدخل في مواجهة مع الجمهوريين، تراجع كلينتون عن تطبيق الاتفاق ثم جاء الرئيس بوش ليزيد الطين بلة بالحديث عن هجمات استباقية. \r\n ان المتشددين في ادارة بوش يعتقدون ان كوريا الشمالية على شفا انهيار، ومن ثم فهم يضغطون من اجل فرض حظر اقتصادي وحصار بحري كي تتضور جوعا. على ان كل جيران كوريا الشمالية يعرفون تماما ان فرض الحظر والحصار قد يستفز الكوريين الشماليين لحمل السلاح بصورة أسرع من الانهيار المتوقع، وهذا هو ما يجعلهم يحجمون عن ذلك حيث يرون انه من الافضل مواصلة محادثات من جانبهم مع كوريا الشمالية جعلتهم على قناعة بأن بيونغ يانغ لديها الرغبة في عقد صفقة. \r\n عندما يعيق المتشددون التوصل الى حل تعاوني فإنهم يضعون واشنطن في مسار تصادمي ليس فقط مع بيونغ يانغ ولكن مع حلفاء اميركا في اسيا ايضا. ذلك انهم يتسببون في تآكل الدعم السياسي في كوريا الجنوبية واليابان للتحالف ويعرضون للخطر الوجود العسكري الاميركي في المنطقة بينما ستكون الصين هي المستفيد الاكبر من هذا التمرد. \r\n لقد فشلت استراتيجية المتشددين بعد ان هددت كوريا الشمالية بتنفيذ تهديداتها مؤخرا ورفعت حجم المخاطر. والطريقة الوحيدة لتحويل مسار تآكل الدعم السياسي في شمال شرق اسيا وتحسين الامن الاميركي هو ان يحاول بوش التفاوض من اجل احداث تغيير. \r\n \r\n ليون سيغال \r\n مدير مشروع الأمن التعاوني لشمال شرق آسيا بمجلس أبحاث العلوم الاجتماعية بنيويورك. \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست - خاص ب(الوطن)