\r\n ولنبدأ من حقيقة أن تايوان لا تجادل عادة لتفنيد ادعاءات الصين بأن جزيرة تايوان تعتبر إقليماً من أقاليم جمهورية الصين الشعبية. وبالنسبة لتايبيه، فإن من شأن إعلان الاستقلال أن يمثل خطوة متطرفة قانونياً، لكن تايوان أصلاً بلد مستقل عملياً على كافة الأصعدة الأخرى. \r\n \r\n \r\n وإذا كانت تايوان جزءاً من الصين، فمن منظور قانوني صرف، ينبغي أن يكون بمقدور الصين فعل ما تراه ضرورياً في «إقليمها» من دون الحاجة لاستصدار تفويض قانوني خاص. وإذا لم تكن تايوان جزءاً من الصين، فإن بكين لا تحتاج إلى قانون لغزو بلد أجنبي. \r\n \r\n \r\n وبالنظر إلى الأمر من منظور عسكري صرف، فإن أي غزو صيني لتايوان لن يكون نزهة. فجمهورية الصين الشعبية لا تملك قوة برمائية كبيرة، وما تملكه ليس كافياً لتمكينها من شق طريقها عبر مضيق تايوان في مواجهة سلاح الجو التايواني والصواريخ التايوانية، أو إنزال جيشها الغازي إلى اليابسة والمحافظة على خطوط الإمداد. وإذا أضفنا الولاياتالمتحدة إلى المعادلة، يتضح جلياً أن القوات الصينية لن تكون قادرة على الانتصار في مثل هذا الغزو. \r\n \r\n \r\n صحيح أن الصين قادرة على شن هجوم نووي ضد تايوان، لكن من شأن ذلك أن يدمر بنى تحتية اقتصادية قيمة جداً، وهذا ما لا تريده الصين. ويمكنها أيضاً محاولة عزل تايوان بإطلاق صواريخ مضادة للسفن على السفن التجارية المتجهة من وإلى الجزيرة. لكن هذا الخيار متاح لتايوان أيضاً. \r\n \r\n \r\n إذن، فالصين لم تكن بحاجة لهذا القانون بالمعنى القانوني، وتمرير القانون لا يغيّر الواقع العسكري الذي يشير بوضوح إلى أن احتمال نشوب حرب شاملة غير مرجح. لكن الصين بلد جدّي ولا يقوم بخطوات تافهة بدافع الطيش. فلماذا إذن مرر المؤتمر الشعبي الوطني هذا القانون؟ \r\n \r\n \r\n الإجابة تكمن في جذور نقطة سبق أن أشرت إليها من قبل، لكن تستحق التكرار: الأداء الاقتصادي الصيني ليس جيداً إلى الدرجة التي يبدو عليها في الظاهر. صحيح أن صادرات الصين ترتفع بشكل كبير، لكن ذلك لا يعني أن تلك الصادرات مربحة. وقد بلغ مجموع الديون الميتة في البلد 600 مليار دولار بحسب بيانات ستاندرد أند بورز وأنا أقدر أن الرقم أعلى من ذلك. \r\n \r\n \r\n والمعجزة الاقتصادية الصينية، التي لا يمكن الاستهانة بها، بدأت تفقد زخمها، كما حصل من قبل مع بقية دول آسيا. وهذا يضع الحكومة الصينية أمام تحدّ سياسي هائل. \r\n \r\n \r\n فأحقية الحزب الشيوعي بالسلطة لم تعد تعتمد على الاستحقاقات الأيديولوجية لماو تسي تونغ وكارل ماركس، بل تعتمد على حقيقة أن الحكومة الشيوعية للصين نجحت في تحقيق الازدهار للبلد. وهي لم تحقق الازدهار، على امتداد رقعتها الجغرافية ولم تحققه بشكل منصف، لكنها حققته بشكل أسرع وأكبر مما يمكن تصوره. \r\n \r\n \r\n والنجاح في الصين مصدر الشعبية، كما هو الأمر في المسارح السياسية بأي مكان آخر في العالم. وخلال الثلاثين سنة الماضية، كانت مشكلة بكين هي كيفية إدارة الازدهار الاقتصادي المتسارع. لكن لنتصور ما سيحدث إذا انتهت فورة الاقتصاد الصيني، ووجدت الحكومة نفسها مضطرة لإدارة اقتصاد ينمو بوتيرة أبطأ بكثير من قبل. ستكون هذه مشكلة سياسية شائكة جداً بالنسبة للحكومة. \r\n \r\n \r\n وإذا لم يعد بمقدور الصين مناشدة الروح الحماسية الثورية لدى العمال والفلاحين، فكيف يمكنها المحافظة على شعبيتها وشرعيتها؟ والشيء الوحيد الذي يبقى وهو قوة مؤثرة جداً بالفعل هو الروح الوطنية والقومية التي يتمتع بها الشعب الصيني. وإذا لم يعد بإمكان الشيوعيين تعبئة الحشود لنصرة ماركس فإن بمقدورهم تعبئتها لنصرة الصين. \r\n \r\n \r\n إن تمرير قانون يعطي تفويضاً بشن الحرب في حال إعلان تايوان انفصالها هو إجراء لا يبرره أي منطق هذا إذا افترض المرء أن الصين تتمتع بكامل عافيتها الاقتصادية، لكن في المقابل إذا افترضنا أن الصين تواجه فترة عصيبة مقبلة في الاقتصاد، فإن خطوة تصعيد مستوى التوتر مع تايوان تصبح منطقية جداً. وحتى لو لم تكن لدى الصين النيّة أو القدرة للغزو، فإن تايوان تظل قضية وطنية وخطر الحرب يولد تكاتفاً اجتماعياً ودعماً للحكومة. \r\n \r\n \r\n وخلال الأسابيع القليلة الماضية، لاحظ المراقبون تصلباً غريباً في سياسة الصين الخارجية. وإنني لأدفع بالقول بأن الصين تواجه ضغوطات اقتصادية الآن والحكومة الصينية تواجه مأزقاً سياسياً عميقاً أيضاً. \r\n \r\n \r\n ولذلك فإن تصرفها كقوة عظمى هو العلاج الأمثل للمشاكل الاقتصادية وإلزام نفسها قانونياً بحماية سيادة الصين أمر له ما يبرره منطقياً. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n