علي الرغم مما عاصرته ولا تزال مصر من تغيير وتحول في المراحل التالية للثورة, فإن العلاقة بين مصر وتايوان تظل حبيسة زنزانة الهامش. فالقاهرة تخشي من التقارب الوثيق مع تايبيه, وتحبذ حتي ساعتنا تلك الإبقاء علي حبال الود بين البلدين في أضيق الحدود الممكنة, وأن تبقي هامشية قدر المستطاع دون التوغل في العمق. في الوقت الذي لا تكف فيه تايوان الاقتصاد ال18 في العالم عن إبداء رغبتها في الاقتراب من مصر الثورة وتبادل المنافع الاقتصادية والمالية والسياحية, وبمعني أوضح فإن دعوة تايبيه ترتكز بالأساس علي جوهر العلاقات الدولية ممثلة في السعي لتحصيل مصالح أطراف المعادلة. ويبدو أن الدبلوماسية المصرية لاتزال متأثرة بمواقف نظام الرئيس السابق حسني مبارك, الذي كان يحرص علي عدم إغضاب الصين التي تعتبر تايوان مقاطعة متمردة تنتظر عودتها لأحضان الوطن الأم بفارغ الصبر, وهنا مكمن المشكلة, إذ يتعين علي صانعي سياستنا الخارجية إبراز أن دخول العلاقات المصرية التايوانية المنطقة الدافئة لن يلحق الأذي بعلاقة بكين مع القاهرة, وأن القصة ليست متعلقة باعتراف دبلوماسي وشيك من جهة القاهرة بتايوان. كما يتعين عليهم إفهام الصين أن الانفتاح علي تايوان تحكمه المصالح المصرية العليا اي زيادة التبادل التجاري والسياحي, والاستفادة من مزايا التقدم العلمي والتكنولوجي التايواني, وبيان أن بكين تتبع هذه القاعدة في تحركاتها وتعاملاتها الدولية فما يجذبها مصلحتها, وذاك أمر واضح وضوح الشمس, وللتدليل فإنه برغم الخلافات السياسية الناشبة بين الصين وتايوان فإن حجم تبادلهما التجاري يبلغ130 مليار دولار سنويا, فضلا عن7 ملايين تايواني يزورون الأراضي الصينية كسائحين كل عام ينفقون ملايين الدولارات التي تدخل خزينة الدولة الصينية. فلماذا تحرم مصر من فرصة بمقدورها أن توفر لها عوائد استثمارية ومالية تحتاجها مع الاحتفاظ بعلاقتها الجيدة مع الحكومة الصينية التي لا يخفي أنها من الجهات التي تعول عليها مصر لنيل قروض واستثمارات تفتح الأبواب لتشغيل آلاف العاطلين عن العمل؟ وفائدة التقارب مع تايوان بالنسبة لمصر لا تقتصر علي الاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا فهي صاحبة تجربة تستحق الدراسة في التحول من نظام شمولي يعتمد علي الأحكام العرفية إلي حكم القانون والتعددية الحزبية. والدولة المصرية مطالبة بوضع حد لترددها, ومد جسور من التفاهم مع تايوان فهذه الخطوات سوف تشكل ضمانة للراغبين من المستثمرين التايوانيين في القدوم إلي مصر لضخ استثماراتهم, بالإضافة إلي أنه سيوفر القدر الأدني من المناخ الصحي الذي يستطيع من خلاله رجال الأعمال المصريون الذهاب إلي تايوان لفتح أفاق جديدة من التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري, كذلك فإن الحكومة المصرية مدعوة لمؤازرة الكيانات الأهلية العاملة علي تعزيز أواصر العلاقة بين القاهرة وتايبيه, بما يخدم صالح مصر ومستقبلها. [email protected]