كالعادة الكلام رخيص ليس له ثمن‚ يظهر في التليسكوب جندي كوري شمالي يسترخي بكسل على جدار نقطة التفتيش وهذا يعكس حقيقة الوضع وهو انه لا شيء يتغير هنا‚ فلقد مضى حتى الآن 60 عاما على قيام الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي بتقسيم شبه الجزيرة الكورية ومضت خمسة عقود على الحرب التي كلفت الكثير ومضى ايضا 16 عاما على نهاية الحرب الباردة وما تزال كوريا الشمالية تحكم من قبل نظام اشبه ما يكون بالنظام الستاليني‚ \r\n \r\n الرئيس الكوري الشمالي الذي شبهه الرئيس الاميركي جورج بوش ب «القزم» استمرأ اللعب مع الاميركيين واداراتهم المختلفة منذ عشر سنوات‚ فلقد تحاور دبلوماسيا مع ادارة بيل كلينتون ثم تراجع عن التفاهم الذي تم التوصل اليه في عام 1994 من اجل تجميد برنامجه النووي ثم لعب قليلا مع بوش المهووس بالشأن العراقي وعمد الى انتاج عدد قليل من القنابل النووية‚ ومضى قدما في برنامج تخصيب اليورانيوم‚ \r\n \r\n ان السياسة الاميركية تجاه كوريا الشمالية فاشلة‚ وعلينا ان نعلن هذه الحقيقة المرة دون مواربة‚ من وجهة نظر البعض اصبحت كوريا الشمالية تمثل خطرا كبيرا على السلام الدولي ليس بسبب احتمال لجوئها لتفجير قنبلة نووية هنا او هناك بل بسبب استعدادها للمتاجرة في اي شيء مقابل الحصول على المال بما فيها المتاجرة بالمواد النووية‚ \r\n \r\n لكن هذا يعد تبسيطا للامور‚ قد يكون الزعيم الكوري الشمالي غريب الاطوار ولكنه بالتأكيد ليس غبيا‚ انه يدرك جيدا ان المتاجرة بالمواد النووية ستجعله يتجاوز العديد من الخطوط الحمراء مما يدخله بالتالي في مناطق خطيرة‚ نتيجة لذلك فانه قد يظهر بعض ضبط النفس ولكن المشكلة ستبقى على حالها‚ وعليه ماذا الآن؟ لنفكر قليلا‚ \r\n \r\n اذا ما اندلعت الحرب في شبه الجزيرة الكورية فان هناك شيئا مؤكدا وهو انه ومع نهاية تلك الحرب لن يكون هناك شيء اسمه كوريا الشمالية بل مجرد كومة من الرماد‚ والزعيم الكوري الشمالي كيم له مصلحة حيوية في تجنب حدوث مثل هذا السيناريو‚ في المقابل فان الولاياتالمتحدة ليست لها مصلحة في وقوع اي حرب‚ فالجيش الكوري الشمالي المؤلف من 2‚1 مليون جندي سيفعل المستحيل لكي لا تكون بيونغ يانغ بغداد اخرى‚ \r\n \r\n الجغرافيا والتاريخ يؤكدان ذلك‚ فشعب كوريا الجنوبية البالغ عدده 48 مليون نسمة يرفض الحرب في معظمه ولا تبعد سيئول عن الحدود بأكثر من 50 كيلومترا‚ وحتى لو قرر كيم الهجوم فان ذلك سيحصد الكثير من الارواح‚ يقول غيون لي استاذ العلاقات الدولية في جامعة سيئول الوطنية «اننا نريد تغيير كوريا الشمالية بأقل ثمن ممكن‚ لا نريد طوفانا من اللاجئين يجعل الامور غير مستقرة‚ لقد مات الملايين في شبه الجزيرة الكورية‚ اننا نريد ان نكون واقعيين ونتصرف بعقلانية»‚ \r\n \r\n ان شيوع مثل هذه الواقعية يجعل موضوع اندلاع حرب امرا لا يمكن التفكير فيه‚ هذا الشيء يترك المجال مفتوحا للجهود الدبلوماسية لاقناع كيم بتفكيك ترسانته النووية مقابل الحصول على مساعدة اقتصادية وعلى نوع من الضمانات الامنية وربما ايضا الاعتراف الدبلوماسي من قبل الولاياتالمتحدة‚ \r\n \r\n ان المشكلة الاساسية مع هذا المفهوم لخصها ستيفن برادنر المستشار السياسي للقوات الاميركية في قوله «ان تخلي كيم عن اسلحته النووية يضعه في منافسة سلمية مع جنوب كوريا وهو شيء ليس بمقدوره كسبه‚ وبالتالي من الصعب تصور حصول تغيير في هذا النظام»‚ \r\n \r\n واعتقد ان برادنر مصيب فيما ذهب اليه‚ ولكن لنتصور للحظات ان بالامكان اقناع نظام كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجه النووي الذي طوره على مدار عقود من الزمن كأفضل وسيلة تساعده على البقاء حيا‚ هناك شيء مؤكد وهو ان يكون هذا الاقناع نشطا وسخيا‚ هذا النشاط قد توقف ولم يعد له وجود تقريبا من قبل الاطراف الستة المشاركة في المحادثات مع كوريا الشمالية منذ يونيو الماضي‚ \r\n \r\n وهناك الكثير من الاجندات‚ فوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس امضت معظم وقت زياراتها الآسيوية الاخيرة وهي تحاول اقناع الصين استضافة المحادثات وفعل المزيد لاعادة كوريا الشمالية الى طاولة المفاوضات‚ الصين لديها بالتأكيد نفوذها على كوريا الشمالية‚ لكنها ليست على استعداد للتخلي عن بيونغ يانغ كما انها ليست على استعداد لتوريط نفسها في استقبال ملايين اللاجئين من كوريا الشمالية اذا ما سقط النظام هناك‚ انها تريد ان ترى شبه الجزيرة الكورية وهي منزوعة السلاح النووي ولكن ليس الى الدرجة التي تجعلها تخاطر بمستقبل نظام يدور في فلكها‚ \r\n \r\n ان دعوات رايس الفجة للصين لادخال المزيد من الديمقراطية تجعل بكين راغبة في فعل القليل وليس الكثير لارضاء واشنطن‚ من وجهة نظر الصين وكوريا الجنوبية يتوجب على الولاياتالمتحدة ان تكون اكثر مرونة وتساهم بالتالي في جعل كيم يشعر بانه غير مهدد‚ \r\n