\r\n هذه الخطوة التي تلت مباشرة تسمية جون بولتون سفيراً لواشنطن لدى الاممالمتحدة بدت كما لو انها اعلان مقصود عن احكام قبضة الصقور من المحافظين الجدد على مقاليد الادارة الامريكية الجديدة في ولاية بوش الثانية. \r\n \r\n عالمياً, اغضبت هذه التسمية الدول والجماعات المعارضة للحرب الامريكية على العراق التي كان ولفويتز مهندسها الاول واشد دعاتها حماسة. وهناك من يشبه ولفويتز بروبرت ماكنمارا مهندس الحرب الفيتنامية الذي تولى فيما بعد ادارة البنك الدولي ليغادره مثقلاً. بالتخبط وسوء الادارة ويترك وراءه شعوب العالم الثالث غارقة في مديونية باهظة تقدر بمليارات الدولارات. \r\n \r\n ويذكر ان البنك الدولي مؤسسة اقيمت في اعقاب الحرب العالمية الثانية لتشجع على نظام رأسمالية الدولة على الطريقة الامريكية. وفي سنواته الاولى, ابدى البنك حذراً شديداً ازاء تقديم القروض الكبيرة. لكن هذا الحذر ما لبث ان تبدد اثناء رئاسة روبرت ماكنمارا التي امتدت من عام 1968 وحتى عام .1981 \r\n \r\n فماكنمارا الذي اشتهر باعتماده على حسابات الخسائر بالارواح في الحرب الفيتنامية, عمم استراتيجيته الحربية على البنك الدولي. \r\n \r\n وكان شعاره هو ان فاعلية البنك تزداد بزيادة حجم قروضه. وكانت النتيجة مبالغ هائلة انتفع بها الحكام المستبدون في الدول المتخلفة وانفقت على مشاريع غير ذات جدوى بالنسبة للبلاد التي نفذت فيها ومديونيات بمليارات الدولارات اغرقت العالم الثالث في مزيد من الفقر والتخلف. لذا لم يكن مستغرباً ان يعتبر اليسار في جميع انحاء العالم البنك الدولي جهة لاستغلال الدول غير النامية واداة فعالة من ادوات الرأسمالية. \r\n \r\n اوروبياً, استقبل خبر ترشيح ولفويتز بالكثير من الاستغراب والقليل من الحماس, وقد رأى الاوروبيون في هذا الترشيح اصراراً امريكياً على تأجيج الخلاف الاوروبي - الامريكي الذي اطلقته الحرب الامريكية ضد العراق. ولا يمكن المجيء بمهندس تلك الحرب الى رئاسة مؤسسة دولية خطيرة مثل البنك الدولي, تملك الدول الاوروبية 30 بالمئة من الاصوات في مجلس ادارتها, الا ان يعتبر تحدياً صريحاً للاوروبيين. \r\n \r\n وفي الوقت الذي تحفظ فيه المسؤولون الاوروبيون عن التصريح بردود افعالهم مقتدين, ولو مؤقتا, بموقف وزير الخارجية الفرنسي ميشيل بارنييه الذي قال: »انه ما يزال اقتراحاً فحسب«, فان المعلقين الاوروبيين اطلقوا لامتعاضهم الناطق بلسان منظمة السلام الاخضر بوصف ترشيح ولفويتز بأنه كارثة. وقال »انها لمصيبة ان تضع البنك الدولي - الذي يفترض فيه ان يقدم التنمية المستدامة - بيد رجل لا يشك احد بأنه يضع مصلحة الولاياتالمتحدة والصناعة النفطية فوق كل اعتبار«. \r\n \r\n مارك ليونارد, مدير مركز الاصلاح الاوروبي, تساءل متهكماً: »ما الذي يتوقعه المرء من هذه الادارة الامريكية, هل سيأتون بالام تيريزا او الوالي لاما? \r\n \r\n في حال المصادقة على ترشيح بول ولفويتز فانه سوف يضطلع بادارة هذه المؤسسة التي تقدم قروضاً تصل قيمتها الى 20 مليار دولار في العام والتي تلعب دوراً ذا تأثير هائل على صياغة مواقف الدول النامية المستفيدة من تلك القروض المشروطة دائماً بشروط تخدم الغرض الذي اقيم البنك من اجله. \r\n \r\n ويتعرض البنك منذ سنوات الى انتقادات شديدة من قبل الجماعات التي ترى فيه اداة للرأسمالية الامريكية. واذ يقترن هذا الموقف بالحساسية الشديدة التي تعم معظم دول العالم من مساعي الادارة الامريكية الحالية لبسط هيمنتها على الاخرين, فإن تعيين ولفويتز لرئاسة البنك الدولي يدعم الانطباع السائد بكون البنك مجرد اداة من ادوات فرض السياسة الخارجية الامريكية على الشعوب الاخرى. \r\n \r\n ومن المعروف لدى الجميع ان قروض البنك غالباً ما استخدمت في زمن الحرب الباردة لتدعيم مواقع الحكام الديكتاتوريين الموالين للولايات المتحدة مثل الرئيس التانزاني نايريري وغيره من الزعماء الافارقة الذين انتفعوا شخصياً بالقروض مقابل انحيازهم لواشنطن ايام الصراع ضد النفوذ السوفيتي. \r\n \r\n وقد توقع عدد من كبار موظفي البنك الدولي ان يعمد ولفويتز الى استغلال التأثير المالي الكبير للبنك من اجل تحقيق هدف ادارة بوش المعلن في نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط. \r\n \r\n وفي حديث هاتفي مع ولفويتز, سأله مراسل صحيفة واشنطن بوست عما اذا كان في نيته ادخال تغيير على سياسة الاقراض في البنك يشترط على متلقي القروض الالتزام باتباع الطريقة الديمقراطية, في الحكم في بلادهم. وقد اجابه ولفويتز: »ليس سراً انني معني كثيراً بنشر الحرية والديمقراطية«. \r\n \r\n المتتبعون لمسيرة ولفويتز يستذكرون مقالة عن السياسة الخارجية كتبها ملخصاً تجربة الحرب الباردة. يقول ولفويتز في تلك المقالة: »ان المهم في الزعامة هو ليس الخطابات والتقاط الصور وطرح المطالب. بل هو القدرة على ان توضح للجميع ان اصدقاءك سوف يحصلون على الحماية والرعاية, وان اعداءك سوف يطالهم العقاب, وان الذين يمتنعون عن دعمك سوف يندمون«. \r\n \r\n اخيراً, لم تكن ردة الفعل على ترشيح ولفويتز داخل الولاياتالمتحدة افضل منها خارجها حيث يسود الاعتقاد بان تسمية ولفويتز لرئاسة البنك الدولي تعكس رغبة الرئيس بوش باحداث هزة عنيفة في عالم التنمية الاقتصادية الدولية تشبه الهزة التي احدثها تعيين دونالد رامسفيلد في صفوف الجيش الامريكي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.0 \r\n \r\n عن »واشنطن بوست« \r\n