\r\n وفي عرضه للكتاب قال الكاتب الصحافي بيتر بريستون ان مؤلفه يدهشنا لان كتابه السابق مباشرة والذي جعل عنوانه «بوش محارباً» كان اقرب الى كتب سيرة القديسين، غير ان كتابه الجديد يعيد التوازن في تناوله لمسألة الحرب على العراق. ومن ابرز الحكايات التي احاطت بهذا الكتاب ان الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش التقى وودوارد في الاحتفال برأس السنة، فسأله : «ماذا تكتب الآن يابوب؟» فأجابه الصحافي الكبير بقوله: «المزيد من (بوش محارباً) وبدا الانزعاج على محيا لورا بوش، فقالت متوجسة: «دعنا نأمل الا تفعل ذلك». \r\n \r\n \r\n ويختلف الكتاب الجديد عن سابقه في انه يعتبر تسجيلا اكثر عمقا من سابقه لما اعتبره النقاد اطول جولة ثانية من الحرب واكثرها تقلباً، فضلا عن أن جبابرة الادارة المترنحين كانوا قد اعتادوا على اغداق اسرارهم على وودوارد سعيا وراء الامجاد وتبرئة للذات. \r\n \r\n \r\n وقد فعلوا ذلك مرة ثانية باسهاب ساذج ونلاحظ ان صحيفة «الاوبزرفر» اللندنية استخدمت عبارة «جبابرة الادارة الاميركية» وكلمة جبابرة هذه في اللغة الانجليزية التي استخدمتها الصحيفة مأخوذة من الاسم الذي كان يطلق في الاساطير القديمة على اي من الجبابرة الذين حكموا العالم قبل سادة الاوليمب. \r\n \r\n \r\n الهدف \r\n \r\n \r\n نعود الآن لنلقي نظرة على الملاحظة الواردة في صدر الكتاب، والتي وجهها المؤلف الى القراء ليقول لهم ان الهدف من تأليفه هو تقديم اول سجل مفصل من وراء الستار يبين كيف ولماذا قرر الرئيس جورج دبليو بوش ومجلس حربه وحلفاؤه شن حرب وقائية (أو استباقية، كما يحلو للبعض وصفها) في العراق لاسقاط صدام حسين، وقد استقى المؤلف معلوماته من اكثر من 75 شخصية اساسية ممن كانوا على صلة مباشرة بالاحداث. \r\n \r\n \r\n ومن بينهم اعضاء في مجلس الحرب، وموظفو البيت الابيض، والمسئولون العاملون في مستويات مختلفة في وزارتي الخارجية والدفاع، ووكالة المخابرات المركزية الاميركية، وقد اجريت المقابلات مع هذه الشخصيات على أساس تقديم الخلفيات التي يذكرونها، ومعنى ذلك ان في استطاعة وودوارد استخدام المعلومات في كتابه من دون ان يفصح عن هوية اصحابها وبالاضافة الى ذلك اجرى المؤلف مقابلة مسجلة مع الرئيس بوش استغرقت اكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة على مدى يومي 10 و 11 ديسمبر 2003. \r\n \r\n \r\n كما اجرى مقابلة مسجلة اخرى مع دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي استمرت اكثر من ثلاث ساعات في خريف عام 2003 ويقول وودوارد انه استغرق اكثر من عام في البحث واجراء المقابلات للحصول على مادة الكتاب، وان اتخاذ القرار الذي ادى الى حرب العراق تركز في 16 شهرا من نوفمبر 2001 حتى مارس 2003. \r\n \r\n \r\n وقد حاول المؤلف ان يوضح تفاصيل الاستراتيجيات، والاجتماعات والمحادثات الهاتفية، وجلسات التخطيط، والدوافع، والازمات، والصراعات والشكوك والمشاعر الحقيقية. \r\n \r\n \r\n وتبدأ القصة في الكتاب بالرئيس الاميركي جورج بوش الابن وهو يطوق بذراعه وزير دفاعه دونالد رامسفيلد، بينما كان اجتماع مجلس الامن الوطني في «غرفة الموقف» بالبيت الابيض على وشك الانتهاء يوم الاربعاء 21 نوفمبر 2001، وهو اليوم السابق على عيد الشكر، وبعد 72 يوما فقط من هجمات 11 سبتمبر الارهابية، كما يوافق ايضا بداية الشهر الحادي عشر من ولاية بوش، قال الرئيس الاميركي لوزير دفاعه: \r\n \r\n \r\n «انا في حاجة لرؤيتك» وقد بعثت تلك العبارة العاطفية برسالة مؤداها ان هناك عملا رئاسيا مهما، يحتاج الى مناقشته على اعلى درجة من السرية، وكان بوش يعلم ان من المثير بالنسبة له ان يطلب الاختلاء بوزير الدفاع، وتوجه الاثنان الى احد المكاتب الضيقة المغلقة، الملحقة بغرفة الموقف، واقفلا الباب عليهما، ثم جلسا وبدأ بوش الحديث قائلا: «اريدك ان .. » وكعادته دائما اعاد الجملة ثانية قائلا: «اي نوع من خطط الحرب لديك من اجل العراق؟ وما رأيك في خطة الحرب على العراق؟». \r\n \r\n \r\n واجاب رامسفيلد بانه يعتقد بانها لا تصلح في الوقت الحاضر، وهي لا تمثل وجهات نظر الجنرال تومي فرانكس قائد العمليات القتالية في المنطقة، كما من المؤكد انها لا تمثل فكره الخاص، واوضح ان الخطة الموجودة كانت في الاساس من اجل عاصفة الصحراء 2 وهي بهذا مجرد نسخة معززة من قوة الغزو الضخمة التي استخدمها والده في حرب الخليج 1991 واردف رامسفيلد قوله «انا قلق من جميع خططنا الحربية» ثم افرغ بعض ما تراكم في نفسه من مشاعر الاحباط والذعر، وهو يستعرض جميع خطط الوزارة للحروب السرية وغيرها من المعارك والتي تبلغ ثماني وستين خطة في جميع انحاء العالم . \r\n \r\n \r\n وقال له بوش: دعنا نبدأ بوضع خطة، واطلب من فرانكس ان يفكر فيما تحتاجه هذه الخطة لحماية اميركا باطاحة صدام حسين، اذا اضطررنا الى ذلك، وتساءل بوش: هل من الممكن اعداد الخطة من دون افتضاح امرها؟ واكد رامسفيلد ان ذلك ممكن، وكان لدى بوش مطلب آخر فقال: لا تتحدث لاحد عما تفعله» ورد وزير الدفاع بتأكيد الالتزام بذلك، ولكنه قال ان مما يساعده ان يعرف مع من يستطيع الحديث عن الموضوع عندما يشرك الرئيس آخرين في تفكيره، وان من الضروري ان يتحدث مع جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية الاميركية لان دوره مهم في جمع المعلومات وفي تنسيق اية جهود سرية في العراق. \r\n \r\n \r\n ووافقه بوش ولكنه اشار الى مكان اشراك تينيت وآخرين غيره في وقت آخر. \r\n \r\n \r\n رقصة الحرب والدبلوماسية \r\n \r\n \r\n يقول وودوارد ان بوش قال في مقابلات اجريت معه بعد سنتين انه لم يكن يريد اشراك آخرين في السر لان اي تسرب قد يفجر ذعرا دوليا عارما ومضاربات داخلية، وقد ظل عمل بوش رامسفيلد فرانكس محاطا بالسرية عدة شهور وعندما سمح جزئيا بتسريب بعض المعلومات الى وسائل الاعلام في السنة التالية حاول بوش ورامسفيلد وآخرون في الادارة الاميركية التخفيف من اي احساس بالآنية والحاجة الفورية للحرب، واخذوا يتحدثون عن التخطيط لمواجهة الاحتمالات، واصروا على انه لا يوجد لدى الرئيس اي خطوات للحرب. وكان بوش يعلم ان معرفة عمل كهذا قد تثير عاصفة من الغضب، ويستشهد المؤلف بقول بوش: \r\n \r\n \r\n «كانت لحظة رهان كبير واذا انتاب الناس هذا الشعور بالحرب في اعقاب قرار افغانستان، فقد يبدو الامر وكأنني حريص على شن الحروب وانا لست كذلك، والحرب هي آخر خياراتي». \r\n \r\n \r\n ولكن بوب وودوارد يعلق على ذلك بقوله: في الوقت نفسه قال بوش انه يدرك ان مجرد تكليف رامسفيلد بالعمل على وضع خطط حرب العراق، قد يشكل الخطوة الاولى في دفع الشعب الى حرب مع صدام حسين، وربما كان الامر الذي لم يدركه هو ان خطط الحرب وعملية التخطيط لها تصبح سياسة بقوة الدفع الذاتية وخاصة مع الاشتراك الحميم لكل من وزير الدفاع ورئيس الجمهورية. \r\n \r\n \r\n ولقد كانت قصة قرارات بوش التي ادت الى حرب العراق، سجلا لازمات متواصلة لانه كان يتبع سياستين في نفس الوقت، فقد كان يخطط للحرب، ويقود دبلوماسية تهدف الى تجنبها، وفي بعض الاوقات ساعد التخطيط للحرب الجهود الدبلوماسية ولكنه تعارض معها في كثير من الاحوال الاخرى. \r\n \r\n \r\n ومنذ الحديث الذي جرى ذلك اليوم في الغرفة الضيقة خارج غرفة الموقف، ادرك رامسفيلد كيف ان بوش يركز فكره على العراق، وقد قال الرئيس فيما بعد: «لابد انه ادرك ذلك لانه لاحظ كم كنت جادا» وخرج رامسفيلد بانطباع مؤداه ان بوش لم يصارح احدا غيره، ولم يكن هذا صحيحا لان الرئيس اخبر كوندوليزا رايس مستشارته للأمن القومي، في اليوم نفسه بأنه يخطط لتكليف رامسفيلد بالعمل في موضوع العراق ولم يوضح لها سبب عودته الى هذه المسألة آنذاك او ما الذي دفعه الى اصدار اوامره الى وزير الدفاع. \r\n \r\n \r\n وفي المسيرة الطويلة نحو الحرب في العراق كان ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي قوة دافعة هادرة وبعد الهجمات الارهابية ركز اهتمامه بشدة على المخاطر التي يمثلها صدام حسين وشبكة القاعدة التابعة لاسامة بن لادن المسئولة عن هجمات يوم 11 سبتمبر وقد اعتبر بعض زملائه اهتمامه هذا نوعا من «الحمى» بل وحتى «الهوس» المزعج. اما بالنسبة له فقد كان الخلاص من صدام هو الضرورة القصوى. وفي المقابلات التي اجراها وودوارد مع الرئيس الاميركي لم يستطع ان يتذكر ما اذا كان قد تحدث الى نائبه عن التخطيط للحرب قبل ان ينتحي جانبا بوزير دفاعه. \r\n \r\n \r\n ثم يصف مؤلف الكتاب حالة الذهول التي كانت لا تزال تسيطر على الشعب الاميركي في نوفمبر 2001 نتيجة هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها، ثم نجاح القوات الاميركية في معاركها مع طالبان والقاعدة في افغانستان. \r\n \r\n \r\n ويعود المؤلف الى رامسفيلد الذي عاد من الاجتماع الى مقره في البنتاغون على بعد ميلين من البيت الابيض عبر نهر بوتوماك في فيرجينيا، وعلى الفور امر هيئة الاركان المشتركة باعداد رسالة سرية للغاية الى الجنرال تومي فرانكس تطلب منه تقويما قياديا ونظرة جديدة الى حالة خطة حرب العراق واقتراحاته بشأن ما يمكن عمله لتحسينها، وقد منح الجنرال مهلة مدتها اسبوع واحد لارسال مذكرته الى رامسفيلد. \r\n \r\n \r\n وكانت الخطة الموجودة المسماة او بلان 1003 تقع في نحو مئتي صفحة ومعها عشرون ملحقا يبلغ عدد صفحاتها ستمئة صفحة عن اللوجستية والمخابرات والعمليات الجوية والبرية والبحرية. ووفقا لتلك الخطة كانت الولاياتالمتحدة تحتاج تقريبا الى سبعة شهور لتحرك قوة من 500 ألف جندي الى الشرق الاوسط قبل بدء العمليات العسكرية. \r\n \r\n \r\n الحرب منذ البداية \r\n \r\n \r\n كل هذه الحكايات تعود الى شهر نوفمبر 2001 بعد الهجمات التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر من العام نفسه ولكن ما يرويه بوب وودوارد بعدد ذلك يعود بنا الى الوراء مع بداية عام 2001 ليؤكد لنا ان التفكير في غزو العراق كان يسيطر على فكر الرئيس الجديد. \r\n \r\n \r\n ففي اوائل شهر يناير من ذلك العام وقبل حفل تنصيب جورج دبليو بوش رئيس الجمهورية، بعث ديك تشيني نائب الرئيس المنتخب رسالة الى ويليام كوهين وزير الدفاع المنصرف والجمهوري المعتدل الذي خدم في ادارة كلينتون الديمقراطية. \r\n \r\n \r\n وقال تشيني في رسالته: «نحن نحتاج بشدة الى اطلاع الرئيس المنتخب على بعض الامور» ثم اضاف انه يريد اجراء مناقشة جدية بشأن العراق والخيارات المختلفة. ولايجب ان تقدم للرئيس المنتخب المعلومات الروتينية المعلبة في تلك الجولة حول العالم التي تقدم عادة للرؤساء الجدد. \r\n \r\n \r\n والعراق هو الذي يجب ان يكون الموضوع الاول، ويشير الكتاب الى ان تشيني كان يشغل منصب وزير الدفاع خلال فترة رئاسة بوش الاب التي تضمنت حرب الخليج 1991، وهو يضمر شعورا عميقا بأن المهمة لم تكتمل بالنسبة للعراق بالاضافة الى ان العراق كان الدولة الوحيدة التي تقوم الولاياتالمتحدة بقصفها بانتظام وان كان ذلك على فترات متقطعة وهناك عنصر آخر، وهو السياسة القائمة الموروثة عن ادارة كلينتون والتي كان خطها الاساسي الواضح هو «تغيير النظام». \r\n \r\n \r\n وفي صباح الاربعاء 10 يناير، وقبل التنصيب بعشرة ايام، توجه بوش وتشيني ورامسفيلد ورايس وكولن باول، المرشح لمنصب وزير الخارجية الى مبنى البنتاغون للاجتماع بكوهين وبعد ذلك توجه بوش وفريقه الى غرفة اجتماعات هيئة رئاسة الاركان المشتركة حيث اطلعهم الجنرالات على الوضع في مناطق حظر الطيران في العراق وحركة الطائرات الاميركية والبريطانية ومهامها، ووجه بوش بعض الاسئلة العملية، ولكنه لم يشر بأي شيء الى رغباته. \r\n \r\n \r\n ونلاحظ في مواضع كثيرة من الكتاب ان بوب وودوارد يقدم احيانا لمحات خاطفة لعله يريد ان يستكمل بها رسم الشخصيات التي يتناولها، وهو هنا يروي لمحطة طريفة اثناء ذلك الاجتماع، فيقول ان هيئة الاركان وزعت اقراص النعناع في كل مكان في الغرفة، فقام بوش بقص الورق من القرص الذي امامه وقذف به الى فمه، وبعد فترة نظر الى قرص كوهين، واشار اليه بحركة صامتة مفادها: \r\n \r\n \r\n «هل تريد هذا؟» فأشار اليه كوهين ان لا، فمد بوش يده ليطاله واخذه ايضا وقرب نهاية الاجتماع الذي استغرق نحو ساعة وربع الساعة لاحظ الجنرال هيوشيلتون رئيس هيئة الاركان المشتركة ان عين بوش على قرص النعناع الخاص به فمرره اليه. \r\n \r\n \r\n ثم ينتقل المؤلف الى الآخرين فيقول ان تشيني انصت الى حديث الجنرالات ولكنه كان مرهقا فأغلق عينيه واخذ يوميء برأسه عدة مرات بطريقة غير ملائمة. اما رامسفيلد فكان يجلس على طرف الطاولة ويبدي انتباها رغم انه ظل يطلب من المتحدثين رفع اصواتهم. ولذلك علق واحد من رؤساء الاركان على الاجتماع فأسر الى زميل له ساخرا: «يالها من بداية عظيمة ... نائب الرئيس نائم ووزير الدفاع لا يستطيع سماعنا». \r\n \r\n \r\n ويبدو مما يسرده وودوارد ان بوش الابن جاء الى الرئاسة وقد استولى عليه هاجس الاطاحة بصدام حسين. \r\n \r\n \r\n المخاطر الثلاثة \r\n \r\n \r\n اما الاجتماع الثاني المهم الذي حضره بوش فقد عقد بعد ايام قليلة من الاجتماع الاول وتناول الامن القومي وقام جورج تينيت مدير ال «سي. آي. ايه» وجيمس بافيت نائبه للعمليات بإطلاع الرئيس الجديد ومعه تشيني وكوندوليزا رايس، على ما يسمى بالتقارير السرية. واستعرض مسئولا المخابرات، على مدى ساعتين ونصف الساعة الامور الجيدة والسيئة والقبيحة المتعلقة بالعمليات السرية وبأحدث عمليات الاستطلاع والتنصت التقنية، وكشوف الرواتب السرية وكيف لم يتم صرفها. \r\n \r\n \r\n وبعد ان تم تصنيف جميع المعلومات وتقويمها وتحليلها وافق تينيت وبافيت على ان هناك ثلاثة مخاطر اساسية تواجه الامن القومي الاميركي: الخطر الاول هو اسامة بن لادن وشبكته الارهابية «القاعدة» التي تعمل من ملجأ في افغانستان. \r\n \r\n \r\n وقد اعتبر تينيت ونائبه ان «ارهاب ابن لادن» هو خطر داهم يجب اعتباره داهما واشارا الى انه سيقوم من دون شك بتوجيه ضربة الى مصالح الولاياتالمتحدة بشكل من الاشكال، ولم يكن واضحا متى سيقوم بضربته، ولا اين، ولا الوسائل التي سيستعملها. وكان الرئيس السابق كلينتون قد اصدر خمسة اوامر منفصلة تخول ال «سي. آي. ايه» محاولة تمزيق القاعدة وتدميرها. \r\n \r\n \r\n وكان الخطر الثاني هو تزايد انتشار اسلحة الدمار الشامل الكيميائية والبيولوجية والنووية، وذكر المسئولان ان هذه الاسلحة تمثل هما كبيرا. \r\n \r\n \r\n ويتمثل الخطر الثالث في صعود الصين، وخاصة قواتها المسلحة، ولكن مازال امام هذا الخطر ما بين خمس سنوات وخمس عشرة سنة او اكثر ولم يشر الى العراق الا بشكل عارض وضئيل، ولم يكن العراق على اجندة تينيت، مثلما هي الحال بالنسبة للقاعدة وابن لادن. \r\n \r\n \r\n وفي اليوم السابع شعر من ولاية بوش وهو يوم الاثنين 5 فبراير تولت كوندوليزارايس رئاسة اجتماع لجنة كبار المسئولين والذي ضم تشيني وباول ورامسفيلد وجون ماكلولين نائب مدير ال «سي. آي. ايه» وكان الغرض من الاجتماع استعراض سياسة العراق، ودراسة حالة الخيارات الدبلوماسية والعسكرية، والعمليات السرية. \r\n \r\n \r\n وكان من بين اولى المهام التي كلف بها كل مسئول ووزارته او وكالته، فحص ودراسة كيفية زيادة جمع المعلومات عن اسلحة الدمار الشامل العراقية المشكوك في امرها. وقد اقر المسئولون ان صدام حسين قد ربح معركة العلاقات العامة باقناعه المجتمع الدولي بان العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق قد أفقرت شعبه كما انها لم تمنعه من صرف الاموال لابقائه في السلطة، واسرع باول الى القول بانهم يحتاجون الى محاولة دفع الاممالمتحدة الى اعادة النظر في العقوبات لتشديدها بالنسبة للمواد التي قد تساعد على تقدم برامج صدام العسكرية والبرامج الخاصة باسلحة الدمار الشامل، ويمكن في هذه الحا��ة تخفيف العقوبات على السلع المدنية. \r\n \r\n \r\n ويروي مؤلف الكتاب قصة واقعة اثارت غضب رامسفيلد، ففي يوم الجمعة 16 فبراير قامت اثنتا عشرة قاذفة اميركية وبريطانية بقصف 20 رادارا ومراكز قيادة داخل العراق على بعد بضعة اميال فقط من ضواحي بغداد، وقام احد جنرالات هيئة رؤساء الاركان المشتركة باطلاع كوندوليزا رايس مقدما، واخطرت هي بدورها الرئيس الاميركي قائلة ان صدام على وشك الربط بين بعض مواقع القيادة والسيطرة المهمة عن طريق كيبل الياف بصرية تحت الارض مما يجعل من الصعب ضربها ولذلك من الضروري تدميرها قبل انجازها على ان تكون الغارات جزءا من التعزيز الروتيني لمناطق حظر الطيران وقد كانت تلك العملية اكبر غارة على مدى سنتين. \r\n \r\n \r\n وبشكل ما لم يفكراحد في البنتاغون او البيت الابيض في التأكد من ان رامسفيلد احيط علما بذلك. ولم يكن مكتبه التنفيذي في شهره الاول قد تم تنظيمه بعد، كما لم يعين او يتأكد تعيين نائبه او ملء الوظائف المدنية في وزارته. وفي داخل البنتاغون لم يكن هناك ادراك لاهمية المواقع القريبة من بغداد. \r\n \r\n \r\n وقد اصيب صدام وقادة جهازه الامني بالفزع، وتصوروا ان الولاياتالمتحدة بدأت تشن هجوماً اوسع نطاقا، فاطلقت صفارات الانذار في بغداد، وظهر صدام حسين على شاشة قناة ال «سي. ان. ان» ليذكر البيت الابيض والبنتاغون بانه مازالت له الكلمة العليا في هذه الهجمات وانه يستطيع ان يتجاوب او ان يصعد الامور. \r\n \r\n \r\n وانفجر غضب رامسفيلد واعلن انه تم تخريب التسلسل القيادي، ووفقا للقانون تبدأ القيادة العسكرية من رئيس الجمهورية الى رامسفيلد باعتباره وزيرا للدفاع ثم الى الجنرال فرانكس في القيادة المركزية. اما دور هيئة رؤساء الاركان المشتركة فهي بحكم القانون، تقديم المشورة والاتصالات والمراقبة ووزير الدفاع هو الذي ينبغي ان يتعامل مع البيت الابيض والرئيس فيما يتصل بشئون العمليات وقد اعرب رامسفيلد عن غضبه مذكرا احد الضباط فقال له: «انا وزير الدفاع وانا في داخل دائرة القيادة». \r\n \r\n \r\n ولاسباب عديدة يعود بعضها الى عقود من السنين، وبعضها الآخر الى عدة شهور قرر رامسفيلد ان يشدد قبضته على البنتاغون، وقد اصر على الشفافية والنظام في وزارته، ويعني ذلك ممارسته لعملية الادارة، ومعرفة جميع التفاصيل، وطرح الاسئلة، وصياغة التقارير الرئاسية والنتائج النهائية وكانت الاسئلة التي وضعها دائما في ذهنه هي: ماذا يريد الرئيس ان يعرفه؟ وما الذي يتوقع الرئيس من وزير دفاعه ان يكون على علم به؟ \r\n \r\n \r\n لقد اراد رامسفيلد باختصار ان تكون له السيطرة الشاملة تقريبا، ويرجع المؤلف رغبته تلك الى تجربته والاحباط الشديد الذي شعر به عام 1975 1976 عندما كان وزيرا للدفاع في ادارة الرئيس الاسبق جيرالدفورد ويذكر وودوارد انه في 1989 بعد اثني عشر عاما من ذلك التاريخ كان يؤلف كتابا عن البنتاغون واجرى مقابلات مع جميع وزراء الدفاع السابقين وكبار القادة العسكريين وفي الستينيات والسبعينيات اصبح رامسفيلد نجما جمهوريا وشخصية مهمة في الحزب . \r\n \r\n \r\n وكان يعتقد ان جورج اتش دبليو بوش (الاب) ضعيف ويفتقر الى الصلابة وانه حدد شخصيته السياسية المعلنة بانه رجل يسعى نحو المتاح وعلى عشاء ضم وودوارد ورامسفيلد ادرك المؤلف ان اهتمام الاخير متركز اساسا على العودة الى منصبه على رأس البنتاغون. \r\n \r\n