\r\n ففي الحقيقة فان 80% من العراقيين صوتوا لصالح الاحزاب التي تمثل جماعاتهم العرقية او الدينية بما في ذلك الاحزاب المسيحية والتركمانية وعبر العرب السنة الذين يشكلون اكثر من 20% من عدد السكان عن هويتهم من خلال عدم التصويت على الاطلاق. في الواقع فان حزبين فقط كانا بعيدين عن جماعاتهم الدينية او العرقية وهما حزب رئيس الوزراء المؤقت اياد علاوي والحزب الشيوعي. \r\n وقد فاز الحزبان بعدد تافه من الاصوات في المناطق الكردية وبما لا يزيد عن 20% من الصوت العربي. \r\n وعلى الرغم من ان العراق ممزق فان نتائج الانتخابات قد تجعل من السهل نسبيا تشكيل حكومة فحسب الدستور المؤقت للعراق فانه يتعين توفر اغلبية الثلثين من الجمعية الوطنية لاختيار الرئيس ورئيس الوزراء وهذا يعني ان ائتلافا بين القائمتين الشيعية والكردية يمكن ان يكون كافيا وفي الواقع فان الاكراد يقترحون صفقة تقاسم سلطة يمكن ان تمنحهم الرئاسة الرمزية وعدد من الوزارات الرئيسية (اضافة الى بعض التنازلات السياسية) مقابل دعمهم لرئيس وزراء وحكومة شيعية وعلى الرغم من ان بعض الشيعة يحتجون بأن اغلبيتهم الانتخابية تسمح لهم بتجاهل الدستور المؤقت المصاغ من قبل الولاياتالمتحدة (الذي فشلت ادارة بوش بشكل متهاون في جعله ملزما) الا ان القيام بذلك يمكن ان يؤدي الى انسحاب كردي من بغداد واثارة قضية الانفصال ومن ثم فان صفقة حسب الخطوط العريضة التي يبديها الاكراد تبدو محتملة. \r\n كل من الشيعة والاكراد يريدون محو آثار نظام صدام الذي كان يدعم السنة. وسوف يكونون صارمين في التعاطي مع الحركات المسلحة باستخدام قوات البشمرجة الكردية والميليشيات الشيعية فضلا عن الجيش العراقي الجديد غير الفعال الذي اقامته الولاياتالمتحدة وسوف يعجلون بعملية اجتثاث البعثيين المعلقة من قبل علاوي. \r\n وبما ان كردستان مستقلة من الناحية العملية بالفعل عن بقية العراق فان الاكراد ليس لديهم حافز كبير لوقف المحاولات الشيعية لاضفاء الطابع الاسلامي على عرب العراق وبالمقابل فان الاكراد يتوقعون من بغداد الا تتدخل في شؤونهم وتدعم مطالب الاكراد في السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط. \r\n لكن ماذا سيحدث لهذا الائتلاف عندما يأتي الى صياغة دستور وهي العملية التي تتطلب من الاطراف المختلفة تنحية خلافاتها والموافقة على وثيقة واحدة محددة؟ \r\n لدى الاكراد والشيعة رؤى مختلفة من الاصل لمستقبل العراق فالاكراد علمانيون وموالون لاميركا وينظرون للديمقراطية الغربية على انها نموذج سياسي لهم. \r\n والشيعة يريدون جعل الاسلام المصدر الرئيسي للتشريع وعلى الرغم من تأكيدهم انهم لا يريدون نسخة من نظام الحكم في ايران فانهم بشكل واضح ينظرون لايران على انها صديقة ومصدر الهام. \r\n كيف يمكن التعامل مثلا مع الاكراد الفخورين بالتقدم الذي حققته النساء في منطقتهم وعلماء الشيعة الذين يريدون النص على الشريعة الاسلامية في الدستور بما في ذلك قضايا الميراث؟ بل والاكثر تعقيدا ان الاكراد والعرب لا يشتركون في الالتزام بفكرة العراق فالعرب السنة هم دائما قوميون وقد يغدو الشيعة قوميين عندما يصبحون هم الحكام غير ان الاكراد لا يريدون ان يصبحوا عراقيين على الاطلاق ولن يقبلوا بدستور يستعيد اي سيطرة للحكومة المركزية على منطقتهم. \r\n يتحدث مهندسو السياسة الاميركية بشأن العراق من المحافظين الجدد عن ايجاد دستور عراقي كما لو انه سيكون نسخة من الخبرة الاميركية في فيلادلفيا في عام 1787 حيث تم تسوية الانقسامات والاختلاف عبر سلسلة من المساومات والتسويات الكبيرة لكن بعض الخلافات هنا هي من العمق لدرجة ان فرض تسوية يمكن ان يسهم بالفعل في تمزيق العراق (كما كان في تسوية فيلادلفيا بشأن العبودية). \r\n بوضوح فان دستورا مقبولا لكل الفصائل الرئيسية الثلاةث في العراق سيكون افضل من كل القضايا الاخرى المحتملة وان كان من غير المتخيل ان العراقيين يمكن ان يحققوا ذلك بأي حال وان كان السؤال بالنسبة للزعماء العراقيين وللادارة الاميركية هو الى اي مدى يمكن الدفع من اجل وثيقة حكم في الوقت الذي يمكن ان تدمر فيه حكومة هشة لكنها عاملة بالفعل على الساحة. \r\n على صعيد القضيتين الاكثر انقساما في العراق وضع الاكراد ودور الاسلام في العراق ثمة طريقة عيش او تسوية مؤقتة وهي ان كردستان مستقلة من حيث الواقع في حين ان الشيعة يطبقون الشريعة الاسلامية في الجزء الذي يعيشون فيه من العراق ويمكن لحكومة ائتلافية شيعية كردية تفعيل هذا الترتيب والا فان حزبا او صراعا دستوريا ممتدا حول الدين وحقوق الاكراد يمكن ان يمزق العراق. \r\n \r\n بيتر غالبريث \r\n سفير اميركي سابق لدى كرواتيا وباحث بارز في مركز الحد من الاسلحة ومنع الانتشار النووي في واشنطن.