\r\n كما ان العراق لن يكون قادرا على التحكم في ثرواته، حيث أن جميع القرارات المهمة سيكون اتخاذها بيد سلطات الاحتلال الاميركي، ويتم فرضها على ابناء الشعب العراقي سواء وافقوا أو لم يوافقوا، بهدف وضع الأسس الراسخة للديمقراطية في المستقبل، ويقوم هذا الخيار على التجربة التي تم تطبيقها مع كل من ألمانياواليابان بعد كارثة الحرب العالمية الثانية. \r\n \r\n ويشير المؤلفان على هذا الأساس الى أن نظام التعليم في العراق سوف يحتاج الى تجديد كامل، كما سيحتاج عدداً لا يمكن تحديده من ابناء الشعب الى اعادة برمجة بعد 30 عاما من حكم البعث،. \r\n \r\n وسيحتاج الاقتصاد الى اعادة بناء من البداية وسيتطلب الأمر اقتلاع الفساد والذي وصل الى مستويات ونسب وبائية عالية، وسيحتاج العراقيون الذين تسيطر عليهم فكرة أن اميركا واسرائيل هما ألد الأعداء للشعب العراقي الى الاقتناع بعكس ذلك .. إلخ. \r\n \r\n تجربتا اليابانوألمانيا \r\n \r\n على ذلك فالمهمة الأساسية وفق تصور المؤلفين، أمام الولاياتالمتحدة هي إعادة بناء حكومة العراق قبل القيام بأي محاولة لزرع الديمقراطية.وعلى عكس الوضع في ألمانياواليابان فإن صعوبة هذه المهمة أنها يجب أن تتم وسط منطقة تتسم بالعداء بصورة كبيرة وذلك أثناء تجميع شتات الدولة والمجتمع مرة أخرى. \r\n \r\n ما أن الخلاف بين هذه التجربة وتجربة اليابان والمانيا، وفق رؤية المؤلفين، يتمثل في أنه فيما كانت اليابانوألمانيا في ذلك الوقت تعدان من أكثر الأقطار المتجانسة عرقيا على وجه الأرض، فإن الوضع في العراق على خلاف ذلك. \r\n \r\n وعلى ذلك فإنه اذا أرادت الولاياتالمتحدة أن تعطي الديمقراطية أي فرصة للبقاء، فهذا سيحتاج الى مستوى من الإلتزام مساو على الأقل لما وجد في اليابان وهذا يعني احتلالاً عسكرياً طويل الأمد. \r\n \r\n وهنا يجب تذكر أن اليابانيين قد تم إجبارهم على قبول الديمقراطية وأن الولاياتالمتحدة قد فرضتها من أعلى، حتى أن واشنطن قد كتبت دستور اليابان، ثم فرضته من خلال البرلمان الياباني. \r\n \r\n لقد كان هذا احتلالا كان فيه ممثلو الولاياتالمتحدة بمثابة حكام استعماريين، وكانت التجربة تجربة استعمار كاملة، غير أنه فيما كانت هناك حالة خضوع كامل وإذعان من قبل الشعب الياباني فإن الوضع في العراق من هذه الزاوية غير متماثل. \r\n \r\n على الرغم من ذلك، يؤكد المؤلفان إمكانية مواصلة تطبيق هذا السيناريو، مؤكدين أن احتلالا عسكريا طويل الأمد من قبل الولاياتالمتحدة للعراق سوف يؤدي، على الأقل وفقا لهما، الى ترسخ الديمقراطية الناشئة في العراق، عند نهاية هذه الفترة. ويحاولا تعزيز الفكرة بالإشارة الى أن وجود القوات الأميركية يستطيع أن يعزز الاستقرار ويحميه بمقتضى استخدام القوة القهرية سعيا لتطبيق الدستور بالقوة. \r\n \r\n ومن النماذج والأمثلة التي يقدماها في هذا الخصوص على امكانية ضمان الولاياتالمتحدة خضوع الأطراف المختلفة لها افتراض التوصل الى اتفاق بين الأكراد والعرب يتضمن خروج مدينة كركوك من المنطقة الكردية، وفي المقابل يحصل الأكراد على دخل سنوي مضمون من حقول نفط كركوك. \r\n \r\n وبناء على التجارب التاريخية فإن الأكراد سيتصفون بالسذاجة اذا وثقوا بأن الحكومة العربية المركزية المهيمنة سوف تحترم مثل هذا الاتفاق. \r\n \r\n غير أن وجود قوات الولاياتالمتحدة لمدة طويلة من الممكن أن يضمن إذعان جميع الأطراف لهذه الاتفاقيات ما يعنى في النهاية أن ديمقراطية العراق يمكن تطبيقها في غياب الثقة المتبادلة بين الجماعات العراقية وبمرور الوقت وتفاعل الأطراف المختلفة فإن ذلك يمكن أن يفرز أجواء من الاستقرار تعزز مناخ الثقة المفقودة بينها. \r\n \r\n وبالإضافة إلى حل العديد من المشكلات الخاصة بالمؤسسات السياسية فإن الوجود طويل الامد للولايات المتحدة سوف يسهل نشوء مجتمع مدني وربما ترسخ الإيمان بالديمقراطية، وعلى ذلك يمكن للولايات المتحدة في هذه الحالة الرحيل بعد انتهاء مدة تتراوح بين عشرة الى خمسة عشر عاما من الاحتلال العسكري تاركة مجموعة من المؤسسات السياسية التي تشكل هيكلا أساسيا للديمقراطية. \r\n \r\n تعزيزالمجتمع المدني \r\n \r\n في سياق استعراضهما لهذا السيناريو، يتطرق المؤلفان الى أهمية تعزيز المجتمع المدني الأمر الذي يعتبرانه غائباً في العراق. وهو وفق تعريفهما مجموعة الأبنية والمؤسسات الاجتماعية التي تتمتع باستقلالية عن الدولة، وتتضمن جماعات الاصلاح النشيطة والاتحادات المهنية والصحافة الحرة، وكلها تعد شروطا مسبقة ضرورية لتعزيز الديمقراطية. \r\n \r\n ويشبه المؤلفان المجتمع المدني بأنه سطح التربة التي يتم عليها نثر بذور المؤسسات الديمقراطية.وعلى ذلك يؤكدان أن جودة هذه التربة هي التي تحدد احتمال نجاح عملية نمو البذور. ومن هذه الزاوية فإنهما يشيران الى ان التربة العراقية القائمة تربة صلبة! \r\n \r\n معتبرين أن العصر الذهبي للمجتمع المدني في العراق إنما كان في السنوات الأخيرة للحكم الملكي. وحتى في هذا الوقت فإن هذا المجتمع كان يعكس الصفوة، ولم يشمل الأغلبية العظمى من السكان. \r\n \r\n ومع حلول عام 1968 واستيلاء حزب البعث على السلطة للمرة الثانية، فإن المجتمع المدني يكاد أن يكون قد اختفى، وهي نتيجة طبيعية، حيث أن طبيعة الحكومات الاستبدادية هي القضاء على المجتمع المدني، إزاء نظرة مثل هذه الأنظمة الى أن وجود الأبنية الاجتماعية المستقلة بعيدا عن السيطرة المباشرة للحكومة على أنه يمثل تهديدا. \r\n \r\n وعلى ذلك يشير المؤلفان الى الدور المحوري الذي لعبه حزب البعث في القضاء على أي أثر للمجتمع المدني، والذي كان قد تلاشى بعد سقوط الملكية العراقية عام 1958، حتى أنهما يشيران الى أنه قد تم القضاء على أبنية المؤسسات الاجتماعية البعيدة عن سيطرة الحكم، وتم تفكيك أغلبها. \r\n \r\n ومن بينها الأسرة حيث ان هذه الرابطة كذلك تمت محاصرتها من خلال محاولة زرع الولاء للنظام بشكل يتجاوز ولاءه وانتماءه الأسري وفي المقابل، فإن النظام قام بعد عام 1991، على حد ما يذكر المؤلفان، بتشجيع بنى محددة، وهي المؤسسة القبلية. \r\n \r\n حيث شهدت التسعينيات، على ما يذكران، ميلاد القبلية حديثة العهد في العراق والتي شهدت انحرافا غريبا عن القيم التقليدية، وذلك من خلال توجيه المنافع المادية الى جماعات قبلية معينة على حساب أخرى. \r\n \r\n وعلى هذا يذهبان الى أن الجماعات القبلية المسلحة والتي اعتادت على العمل بحرية نسبيا عن السيطرة المركزية المباشرة قد تتيح الفرصة لإفراز نسخة أخرى من الوضع الحاصل في أفغانستان. \r\n \r\n من هذا العرض، والذي يشير الى مدى التأثيرات السلبية التي تسببت فيها تجربة البعث السلطوية، يشير المؤلفان إلى أن رعاية نشأة المجتمع المدني سوف تكون عملية طويلة الأجل ومؤلمة، وسوف تشتمل على توفير سياق سياسي واقتصادي واجتماعي يؤدي الى ظهور جماعات معتدلة، مثل اتحادات التجارة والمؤسسات المهنية والأحزاب السياسية الملتزمة تجاه عملية الديمقراطية. \r\n \r\n وفي الوقت نفسه فإن هذا الأمر يتطلب أيضا أن تقوم الولاياتالمتحدة باتخاذ قرارات صعبة بشأن كيفية التعامل مع الجماعات المتطرفة وجماعات معاداة الصهيونية، أو بشكل عام أي جماعات تمثل توجهات تعادي الأمركة. \r\n \r\n وهنا فإن من الغريب أن المؤلفين لا يتوانيان عن أن يذكرا الموقف من الصهيونية لجهة محاربة الاتجاه المعادي لإسرائيل، وهو الأمر الذي قد يبدو مقحماً على الموضوع، وإن كان يكشف من جهة أخرى عن مدى تغلغل التوجهات المؤيدة للصهيونية في دوائر الأكاديميين الغربيين. \r\n \r\n ثقافة سياسية جديدة \r\n \r\n من الحديث عن المجتمع المدني ينتقل المؤلفان الى استعراض مؤثر آخر في عملية غرس الديمقراطية في المجتمع العراقي، وهو الثقافة السياسية، والتي تشتمل على عناصر مثل الدين والقيم الأخلاقية الوعي العرقي وغير ذلك، معتبرين أن هذا المستوى يمثل التربة الأعمق، والتي فيها تؤسس البذور الناشئة للمؤسسات الديمقراطية جذورا قوية تستطيع التحمل. \r\n \r\n هنا يشير المؤلفان الى غياب هذه الثقافة بشكل كبير، ويخلصان من استعراض هذا الجانب الى أن سجل الديمقراطيات المستقرة في العالم العربي ليس جيدا. \r\n \r\n ففي عام 2001 ووفق تقويم معين للأخذ بالديمقراطية في العالم فإن 121 دولة من أقطار العالم والتي يبلغ عددها 191 دولة وبنسبة 63 في المئة كان يوجد بها حكومات منتخبة ديمقراطيا ولا يوجد من الدول العربية الست عشرة أي منها، ولم تحكم أي دولة عربية بالديمقراطية لمدة طويلة، وأقرب استثناء هو العراق تحت نظام الملكية على الأقل حيث كان على قدر معقول من المظاهر الديمقراطية. \r\n \r\n أما سجل الاقطار الإسلامية فهو أفضل قليلا ففي عام 2001 فإنه من بين 45 دولة يمثل المسلمون أغلبية فيها فإن 11 دولة فقط كانت حكومات منتخبة ديمقراطياً، وعلى هذا الأساس يذهب المؤلفان الى الأهمية المحورية التي يشكلها نجاح الولاياتالمتحدة في إرساء أسس الديمقراطية في العراق. \r\n \r\n وهو الأمر الذي يمكن اذا ما تم أن يقلل من مساحة الإنجازات التي حققتها في ألمانياواليابان، حيث سيكون العراق أول ديمقراطية عربية عاملة في التاريخ. وعلى الرغم مما في هذه النظرة أو التحليل من قسوة إلا أنه قد يكون صحيحا في ضوء افتقاد أغلب الدول العربية للديمقراطية في معناها الحقيقي، ومن المؤسف أن تتحول الآمال لدى البعض الى مجيء الديمقراطية على أسنة رماح دولة أجنبية. \r\n \r\n ولكي تبقى الديمقراطية وتزدهر في العراق، فإن الأمر سيتطلب التزاما كبيرا من جانب الولاياتالمتحدة في ضوء معرفة أن العراق (مع استثاء كردستان العراق) لم يتمتع بما يشبه مجتمع مدني كامل منذ بداية الخمسينيات، وليست لديه ثقافة سياسية ديمقراطية، وإن أغلب النزاعات السياسية في تاريخ العراق إنما تم حلها عن طريق استخدام العنف. \r\n \r\n وليس صناديق الاقتراع. وتتحدد المشكلة على هذا الأساس في أن الأوضاع في العراق لا تشير الى كمون الديمقراطية بشكل يسمح ببزوغها بمجرد بدء المحاولات في هذا الصدد، بل على العكس، حيث ان إيجاد المجتمع المدني والثقافة السياسية المناسبة سوف يستغرق وقتا وربما عدة أجيال. \r\n \r\n وهو الأمر الذي ينتهي معه المؤلفان الى أن احتلالا عسكريا للولايات المتحدة من 10 الى 15 عاما سيكون على الأقل هو المطلوب لإعطاء فرص نجاح للديمقراطية في العراق، وهو الامر الذي قد نراه نحن العرب كابوسا مزعجا، وهو كذلك بالفعل في ضوء النظر للقضية من زوايا أخرى عديدة ليس هنا مجال الخوض فيها. \r\n \r\n ثم ينتقل المؤلفان الى استعراض مزايا هذا الخيار، مشيرين الى أنه يختلف عن الخيار الأول في أنه يكشف عن أن تحقيق الديمقراطية في العراق هو أحد الاستراتيجيات الحيوية للولايات المتحدة وهذا يتطلب التزاما كبيرا من حيث الموارد سواء المادية أو البشرية لتحقيقه، وهو الأمر الذي سيؤدي الى إقناع المتشككين بأن الولاياتالمتحدة جادة في تطبيق الديمقراطية في الشرق الأوسط. \r\n \r\n وهنا فإن من بين الجوانب التي يلاحظ مرور المؤلفين عليها مرور الكرام الجوانب المتعلقة بدوافع الولاياتالمتحدة لأخذ هذا الالتزام على عاتقها، وخلال فترة 10 الى 15 سنة فإن العراق يمكن إعادة تعميره كاملا منذ البداية. \r\n \r\n ويمكن اعادة بناء البنية التحتية لحقول للنفط واعادتها للعمل بكامل طاقتها مرة أخرى ويمكن اعادة تأسيس وتكوين شبكة عمل المساندة الاجتماعية العراقية، ويمكن أن تترك الولاياتالمتحدة نظاما ديمقراطيا للحكومة يعزز من فرص رحيل الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n وخلال هذه الفترة فإن القانون والنظام وحماية الدولة ضد أي عمليات تدخل خارجي سوف تكون مهمة تسند الى القوات الأميركية، أما بالنسبة لجماعات الفساد في المجتمع فيمكن حينئذ استئصالها. ويستطرد المؤلفان في سرد الصورة الوردية لما ستؤدي اليه هذه الفترة من تأثير سحري. \r\n \r\n مشيرين الى أنه في نهايتها فإن دائرة العنف، التي لازمت العلاقات بين الأكراد والعرب، سوف يتم القضاء عليها، وستكون لدى العراق الديمقراطي المزدهر المستقر الفرصة الحقيقية للنجاح كأمة. \r\n \r\n غير أنه، وفي محاولة رصد كافة الاحتمالات، يحاول المؤلفان تحدي ما يمكن أن يشمله الخيار الثاني من عيوب فيشيران الى عيبين واضحين الأول يتمثل في من غير الواضح بالتحديد طبيعة المدة التي سيكون فيها الشعب الأميركي مستعدا لتحمل احتلال يستهلك موارد اقتصادية ويؤدي الى إصابات واضحة وخطيرة في صفوف الجنود الاميركيين. ويقوم تحليلهما على أساس عدم كفاية موارد العراق للإنفاق على عملية اعادة إعماره، حيث يشيران الى عدم صحة هذا التصور. \r\n \r\n فوفقا لأغلب التحليلات فإن البنية التحتية لنفط العراق لن تعود الى حالتها التي تمكنها من العودة الى الإنتاج بمعدلات ما قبل 1991 إلا بعد مرورو ستة أعوام. وفي الوقت الحالي فإن أعادة بناء البنية التحتية سوف تبلغ مئات المليارات من الدولارات، حيث ان تكلفة الاحتلال فقط تقارب المليار دولار شهريا. \r\n \r\n من جانب آخر فإن القضية الأهم في هذا الصدد هي الخسائر الأميركية فتحقيق تهدئة للأوضاع في دولة بحجم العراق لن يتحقق بدون خسائر كبيرة وكلما ارتفع عدد القتلى تزايد الضغط الشعبي والعام لكي تنسحب القوات الاميركية. والمشكلة وفقاً للكتاب أن الشعب ا لأميركي لم يستعد جيدا لالتزام بمثل هذه الضخامة. \r\n \r\n حيث ان تقدير إدارة بوش السابق فيما قبل بداية الحرب كان يتمثل في أن قوات الولاياتالمتحدة ستنسحب من العراق خلال 60 يوما من اعلان نهاية الحرب ويبدو واضحا الآن أن هذا التقدير غير دقيق بشكل يدعو للرثاء. \r\n \r\n متطلبات غير مقبولة \r\n \r\n يعود المؤلفان ليتحدثا عن صعوبات الخيار الثاني على صعيد الموقف في العراق ذاته حيث ان المشكلات التي تواجهه بحق تتمثل في أنه يتطلب من الشعب العراقي أن يقوم بتسليم سيادته لمدة 10 الى 15 عاما، وخلال هذه الفترة فإن الولاياتالمتحدة ستتحكم في موارد العراق وتقرر ما هو الحزب السياسي المقبول . \r\n \r\n وغير المقبول وتمارس احتكار استخدام العنف وتفرض نظاما سياسيا وفق رؤيتها هي على الشعب العراقي. وهنا يقرر المؤلفان أنه ليس من العقول توقع أن أغلبية العراقيين ستتحمل احتلالا من هذا النوع والمدة. \r\n \r\n وعلى ذلك فإن العقبة الأساسية التي يصطدم بها هذا الخيار هي الرغبة المشتركة التي توجد حاليا لدى العراقيين في انتهاء الاحتلال بأسرع وقت ممكن واسترداد سيادتهم مرة أخرى. فضلا عن ذلك فإن حلفاء الولاياتالمتحدة ذاتهم أعلنوا بوضوح أن احتلالا طويل الأمد ليس خيارا. \r\n \r\n الوحيدون الذين يفضلون مثل هذا الاحتلال هم الأكراد الذين يفضلون على الارجح فترة طويلة من الإحتلال الحربي، باعتبار أنه طالما وجدت قوات الولاياتالمتحدة على أرض العراق فإن الأكراد لديهم فرصة جيدة لاستعادة استقلالهم في شمال العراق ولكن رد فعل الشعب العراقي العربي تجاه احتلال طويل الأمد هو على الأرجح سوف يكون الرفض. \r\n \r\n بالرجوع الى التجربة التاريخية يشير المؤلفان الى صعوبة هذا الخيار أيضا، فقد سلك البريطانيون مثل هذا الطريق من قبل، وكان طريقا وعرا مغطى بالدماء. \r\n \r\n وكانت النتيجة التي انتهى اليها البريطانيون إثر ما تكبدوه هناك هو ان السبيل الوحيد للتعامل مع الأمر هو احتلال العراق بالقوة وفرض نظام عميل يفتقر للشرعية الشعبية. إن فرض البريطانيين للملكية الهامشية قد أثبت قدرته غير انه لم يصمد إزاء عدم حصوله على التأييد الشعبي العام نتيجة ارتباطه بسلطة الاحتلال. \r\n \r\n وخلال فترة الحكم المباشر (1920 1932 ) واجه البريطانيون ثورة كبيرة وحدت سكان العراق العرب (1920) فضلا عن قلاقل مستمرة من الأكراد في الشمال. وقد لجأ البريطانيون الى استخدام جرعات كبيرة من العنف من أجل الحفاظ على النظام، ويقول المؤلفان إنه يجب على الولاياتالمتحدة أن تستعد لعمل الشئ نفسه. \r\n \r\n غير أنه فيما كان هدف البريطانيين، حسبما يذكر المؤلفان، هو تهدئة العراق والحفاظ على بعض أشكال النظام الداخلي، فإن الأمر يختلف أميركيا حيث ان أميركا لها طموح كبير في تحويل العراق الى الديمقراطية الكاملة وهو ما يتطلب الإشتراك الفعال والواسع المجال للشعب العراقي. \r\n \r\n وتبقى المشكلة فيما يمكن أن يكون عليه العراقيون من حساسية تجاه خضوعهم لحكم دولة مسئولة عن دمار العراق وموت مئات الآلاف من العراقيين خلال العقوبات والحرب. \r\n \r\n وعلى هذا الأساس فإن الخيار الثاني قد يؤدي في النهاية الى نتائج غير مقبولة تتمثل بالأساس في استمرار استنزاف الإقتصاد الأميركي وتواصل الموكب اللانهائي للجثث العائدة من العراق نتيجة إزدياد المقاومة للإحتلال الاستعماري ما يعني أن يحوي في داخله مقومات فشله. \r\n \r\n من يريد عراقاً ديمقراطياً؟ \r\n \r\n ينتقل المؤلفان الى مستوى أخر في مناقشة قضية تطبيق الديمقراطية في العراق، مشيرين الى أنه على المستوى المحلي، فإن القضية الأوسع هي من سيساند ومن لن يساند عراقاً ديمقراطياً مزدهراً مستقراً وقوياً؟ لو أن الولاياتالمتحدة قد نجحت في العراق مخالفة كل التوقعات، فلصالح من ستكون هذه النتيجة؟ \r\n \r\n هنا يحاول المؤلفان بحث دور العوامل الخارجية في إنحاح أو فشل الأهداف الأميركية. من خلال التجربة التاريخية، يشيران الى أنه فيما بعد 1958 فإن أحد العناصر الأساسية التي أثرت على استقرار العراق الداخلي هو رغبة الأحزاب الخارجية في التدخل وزعزعة التوازن الطائفي والعرقي الضعيف. \r\n \r\n ان العراق هدف سهل، سهل كثيرا، عن أقطار اخرى في المنطقة وفي العديد من الأوقات كان هذا هو السبب في التدخلات الخارجية الكبيرة واستخدام الأكراد كوكلاء في مجال استهداف الحكومة المركزية. \r\n \r\n وهنا يعددان قائمة الدول التي تجد صعوبة في مقاومة إغراء التدخل في الشؤون العراقية وهي طويلة، وتشمل حسبما يذكران الولاياتالمتحدة وسوريا وإسرائيل والإتحاد السوفييتي والأردن والكويت وتركيا والمملكة العربية السعودية، أي تقريبا كل الدول في المنطقة. \r\n \r\n وبناء على هذه الرؤية، يشيران الى انه في ضوء افتراض أن الهدف هو تمتع العراق بالاستقرار وتعزيز أوضاع الديمقراطية فيه فإن القليل جدا من الدول سترحب بعراق ديمقراطي، فبالنسبة لأغلب دول المنطقة فإن الشكل النموذجي لحكومة العراق هو حكم ضغيف. \r\n \r\n ويضيف المؤلفان أنه مما لاشك فيه أن الولاياتالمتحدة ستصدر تحذيرات مشددة بعدم التدخل في العراق ولذلك فهذا التدخل سيأخذ كما كان دائما صورة استخدام وكلاء من كردستان والجنوب. وبخلاف هذا فمن الصعب مجموعة أخرى من الدول في المنطقة تحتضن ديمقراطية الشرق الأوسط بذراع مفتوحة. \r\n \r\n فضلا عما سبق، يشير المؤلفان الى أن هناك من الأمثلة من مناطق أخرى (روسيا والبوسنة وكوسوفو) ما يشير الى أن الشعب عندما يعيش في مناخ من الحريات بعد فترة طويلة من الحكم الاستبدادي يكون عرضة بصورة كبيرة للخضوع للقوى السياسية المتطرفة. \r\n \r\n إن تقسيم الشعب العراقي قد حطم الروابط التقليدية للولاء والأخلاص الى المدى الذي أفقد أفراد الشعب الشعور بالإنتماء الى شئ أكبر وعلى ذلك فإنه من المتوقع ألا تكن الأحزاب السياسية التي من المتوقع أن تنشأ تعاطفا مع الغرب. وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات حول قبول الولاياتالمتحدة بنتائج على هذه الشاكلة .. فهل ستقبل واشنطن مثلا بحكومة منتخبة في العراق تعادي الصهيونية؟ \r\n \r\n هنا فإن المتصور وفق المؤلفين تدخل الولاياتالمتحدة من وراء الكواليس الأمر الذي سيؤدي الى التقليل من أهلية وشعبية أي حكومة تقوم وفق هذه التدخلات. \r\n \r\n ولعل هذا الطرح يشير الى الدقة التي يحاول المؤلفان من خلالها رصد مختلف احتمالات المستقبل في العراق. وفي ضوء ما أشرنا اليه من أن الكتاب قد يمثل بحق محاولة لرسم خريطة طريق للإدارة الأميركية تسير على هداها في العراق. \r\n \r\n وهو أمر لا يقلل من قيمته إن لم يكن على العكس، فإن الكتاب يقدم قراءة أمينة من الممكن أن تستفيد منها الإدارة الأميركية بالقدر نفسه الذي يمكن أن يستفيد منه العراقيون والعرب بشكل عام. وهو في سبيل ذلك رغم الإقرار بالتحيزات الشخصية. \r\n \r\n وهو أمر قد يكون طبيعياً في سياق أي تناول تحليلي، يقدم كل ملامح الصورة المحتملة في المستقبل سواء كانت في صالح الولاياتالمتحدة أم ضدها فمن الواضح أن الهم الرئيسي الذي يسيطر على المؤلفين. \r\n \r\n وفق المنطلق الأساسي الذ