ففي غزة قام محمود عباس المعروف ب\"أبومازن\" والمرشح للحلول محل عرفات في الانتخابات التي ستجرى يوم الأحد المقبل، باحتضان العرب الراديكاليين الذين لا يريدون سلاماً وإنما يريدون صراعاً. فهؤلاء \"الإرهابيون\" يقومون بإطلاق الصواريخ ونيران الهاونات على المدنيين الإسرائيليين القريبين منهم، على أمل جعل انسحاب شارون المزمع من غزة يبدو وكأنه استسلام لمقاتلي \"حماس\". \r\n \r\n وعندما قام الإسرائيليون بالدفاع عن أنفسهم والرد، وصف \"أبو مازن\" من سقطوا ضحايا لذلك ب\"الشهداء العرب الذين قتلوا اليوم بقذائف العدو الصهيوني\". وبهذا فإن \"أبو مازن\" يأمل في كسب أصوات المتطرفين من خلال تبني نبرة خطابهم المفعم بالكراهية، ومن خلال تبني موقف عرفات بخصوص \"حق العودة \" للفلسطينيين كي يقوموا باجتياح إسرائيل. \r\n \r\n ويأمل شارون أن يكون \"أبو مازن\" قد قال ما قاله في نطاق الخطب الإعلامية، وبهدف زيادة أصوات الأغلبية المتوقع حصوله عليها. ولكنه إذا ما كان يقوم باسترضاء الجماعات الفلسطينية المتطرفة والعنيدة فإنه سيكون في هذه الحالة مثل من يلعب بالنار. \r\n \r\n فأبو مازن كي يصل إلى تسوية مع الإسرائيليين، سيضطر إلى التوصل إلى تسويات ترفضها تلك الجماعات الراديكالية رفضاً باتاً، وهو ما يعني أنه إذا ما قام بالتوصل إلى اتفاقيات، وقامت تلك الجماعات برفضها والتمرد عليها، فإن ذلك سيؤدي إلى إشعال نيران حرب أهلية فلسطينية. \r\n \r\n أما الانشقاق الداخلي الإسرائيلي فهو يدور حول المناورات السياسية البرلمانية المعتادة. ففي الوقت الراهن يحتاج حزب \"الليكود\" صاحب الأغلبية في \"الكنيست\"، والذي يقوده شارون إلى عدد قليل من أصوات الأحزاب الدينية، التي سيقرر أمرها حاخام يبلغ عمره 95 عاماً. وإذا لم يتم الحصول على تلك الأصوات بالطريقة العادية، فإن شارون سيكون مضطراً إلى الدعوة لعقد انتخابات لإتاحة الفرصة للشعب الإسرائيلي للتعبير عن إرادته. \r\n \r\n والانشقاق الداخلي في إسرائيل يرجع إلى طبيعة الدولة اليهودية في حد ذاتها. فالمتطرفون يشكلون جزءاً من السجال الدائر بين الحاخامات حول تقديم النصح للجنود الإسرائيليين: برفض إطاعة الأوامر الصادرة لهم من قبل قادتهم لطرد المستوطنين الإسرائيليين، الذين يرفضون الانتقال من المستوطنات القائمة في قطاع غزة إلى مستوطنات أخرى. ومن المعروف أن العصيان المدني أمر مشروع في الديمقراطيات، حيث ينص القانون على القبول بعواقبه، أما عصيان الأوامر العسكرية الشرعية فهو أمر غير مقبول على الإطلاق. \r\n \r\n ولولا وجود قوات جيش الدفاع الإسرائيلي التي تتصرف بدافع الولاء وانطلاقاً من قواعد الانضباط... لكان هؤلاء الحاخامات - الذين يملكون حق الصلوات في المعابد، ويملكون أيضاً حق الشقاق في الميادين العامة- هم أول من ألقي بهم في البحر من قبل المتطرفين العرب الذين يحاول \"أبو مازن\" خطب ودهم. \r\n \r\n ولكي يتم التوصل إلى تسوية سلمية بين العرب واليهود، فإن الطرفين يجب أن يؤكدا على حكم الأغلبية، وهو ما يعني أن الجنود يجب أن يخضعوا لأوامر المسؤولين المنتخبين. ولا يوجد لدي أي شك في أن أرييل شارون- مع وجود شمعون بيريز إلى جانبه – سيقوم بذلك.. وآمل أن يحدث نفس الشيء من قبل \"أبو مازن\". \r\n \r\n وشارون يحدوه الأمل في تحقيق السلام، ولقد قال لي ذات مساء:\"لقد قمت من قبل بمصافحة أبو مازن وأنا مستعد للتباحث معه... أما عرفات فإنني لم أكن لأقوم أبداً بمصافحته\". \r\n \r\n وهو أيضاً واثق من قدرته على تحقيق عملية فض الاشتباك التي وعد بها أثناء أو بعد الانتخابات، إذا ما دعت الضرورة لعقد مثل تلك الانتخابات.. شريطة أن يكون متأكداً من أن آلاف الإسرائيليين الذين سيقومون بهذا الخروج المؤلم من غزة سيسمح لهم بالخروج بسلام. وأنا من جانبي أفهم أن ذلك يعني أنه يتوقع من \"أبو مازن\" القيام بلجم متطرفيه المسلحين بأية وسيلة كانت. \r\n \r\n وقال لي شارون أيضاً:\"إن المصريين تحت حكم مبارك يثبتون الآن أنهم مفيدون.. لقد نجحت في إقناعهم بالإفراج عن مواطن إسرائيلي قاموا باحتجازه لمدة ثماني سنوات بدون سبب، وهو ما أدى إلى تغير المناخ السائد، وأدى بالتالي إلى إيقاف عمليات تهريب الأسلحة المضادة للدبابات إلى غزة\". وعندما سألته ولكن ما الذي دفع مبارك للقيام بذلك قال لي:\"إن مصر هي أهم دولة في العالم العربي، والمصريون يريدون من الآخرين أن يعترفوا بأنهم عنصر جوهري\". وعندما سألته ما إذا كان ذلك هو كل ما في الأمر قال لي \"إنهم يريدون في الأساس تعزيز علاقتهم مع الولاياتالمتحدة الأميركية\". \r\n \r\n والسؤال الآن هو ماذا سيحدث إذا ما اختار أبو مازن – بمساعدة من المصريين- أن يقوم بتهدئة الجهاديين الفلسطينيين؟ وعلى الجانب الإسرائيلي: ماذا سيحدث إذا ما تم حل المعركة الداخلية، ووافق المستوطنون في النهاية على القبول بالواقع؟ ألن يؤدي فض الاشتباك المتفاوض عليه إلى إحياء خريطة الطريق؟ \r\n \r\n إن شارون المتفائل ينظر إلى ما هو أبعد من الوضع المتأزم القائم حالياً بين العرب واليهود. إنه ينظر إلى ما يعتبره تهديداً لوجود أمته والذي وصفه بقوله: \"هناك محور للرعب يمر عبر سوريا وحزب الله - الذي يمتلك 13 ألف صاروخ في لبنان- ويمتد إلى إيران... كما أن برنامج الصواريخ النووية الإيرانية يمثل اليوم أعظم خطر ليس على إسرائيل فقط، ولكن على العالم بأسره\". \r\n \r\n \r\n ويليام سفاير \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\"