\r\n الخبر الطيب هو ان محمود عباس, الذي خلف ياسر عرفات في رئاسة فصائل فتح, يبدو اليوم المرشح المفضل ليس بالنسبة لاسرائيل او الولاياتالمتحدة فحسب انما بالنسبة للاتحاد الاوروبي ولحماس ايضا, وهذا هو مصدر الدهشة الكبرى. محمود عباس دعا يوم الثلاثاء الماضي الى انهاء الانتفاضة التي دامت اربع سنوات قائلاً: ان »استخدام السلاح امر مضى ويجب ان يتوقف«. \r\n \r\n زعماء حماس, الذين ينتظر منهم معارضة مثل هذا الاقتراح, عملوا في الواقع من وراء الكواليس لتقويض ترشيح المنافس الرئيسي لمحمود عباس وهو مروان البرغوثي زعيم الانتفاضة السجين الذي يعتبر المثال الاعلى لدى جيل الشباب من مقاتلي فتح. وقد انسحب البرغوثي من السباق يوم الاحد الماضي. \r\n \r\n وعلى الرغم من ان البرغوثي اقرب في توجهه الى حماس من محمود عباس, فإن زعماء حماس قرروا ان ترشحه جاء معوقاً للتوصل الى اجماع سياسي فلسطيني وانه يمكن ان يقود الى حالة من الفوضى السياسية. وبازاء ضآلة النتائج التي حققتها الانتفاضة على صعيد فرض التنازلات الاسرائيلية, فان حماس باتت مهددة بالتناحر الداخلي. حيث يميل زعماؤها في الضفة الغربية لصالح عقد اتفاق تاريخي, بينما يرغب مقاتلوها في غزة في تصعيد العنف. \r\n \r\n وفي الوقت الذي كان فيه عرفات يعالج سكرات الموت, كان زعماء حماس الرئيسيون يتفقون على التخلي عن رفضهم الطويل للتعاون مع اية حكومة فلسطينية ذات علاقة باتفاقات اوسلو للسلام عام 1993 وكان التطور الاهم في هذا المجال التصريح الذي صدر عن الشيخ حسن يوسف, زعيم حماس في الضفة الغربية, والذي اعلن فيه ان على الجماعة ان تدرس فكرة اعلان هدنة غير محددة. \r\n \r\n في حالة قيام اسرائيل بالانسحاب الى حدود ما قبل حزيران ,1967 والاقرار بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين, واطلاق سراح السجناء المحتجزين لديها, وازالة الجدار الذي تقوم بانشائه في الضفة الغربية. \r\n \r\n وفي الوقت الذي تعتبر فيه هذه الشروط غير مقبولة بالنسبة لاسرائيل, فان مجرد تقديم اقتراح بالهدنة يعتبر تطوراً مهماً. الشيخ يوسف الذي كان قد اطلق سراحه في تشرين الثاني الماضي بعد اكثر من عامين قضاهما في السجون الاسرائيلية, اصر بأن تصريحه لم يكن إلا تكراراً لمواقف سبق ان عبر عنها الشيخ احمد ياسين, مؤسس حركة حماس الذي اغتالته اسرائيل في شهر آذار الماضي. وقد اخبرني الشيخ يوسف الاسبوع الماضي بأن بوسعنا ان نحلم بفلسطين محررة بكاملها, تماماً كما يحلم بعض الاسرائيليين باسرائيل الكبرى التي تضم كل اراضينا لكن الامرين ليسا عمليين. ولهذا فقد اوضح لي ان »الهدنة« تعني بوضوح ان يعيش طرفان مشتبكان في نزاع دائم بسلام وامان ما دامت الهدنة سارية وان بالامكان تمديد الهدنة الى ما لا نهاية. \r\n \r\n يواجه الشيخ يوسف, بالطبع, معارضة من الداخل. فقد استنكر محمد الزهار, المسؤول الكبير في حماس في غزة, المبادرة قائلاً: انه لا مجال للحديث عن هدنة في الوقت الحاضر وان استراتيجية حماس تقوم على تحرير كامل فلسطين . وقد تبع ذلك على الفور مقتل خمسة جنود اسرائيليين بقنابل حماس في غزة ثم الغارات التي شنها الجيش الاسرائيلي وقتل فيها عدد من الفلسطينيين. \r\n \r\n لكن فصائل غزة قد تكون في الجانب الخطأ من حركة التاريخ. فقد اظهر استطلاع اجري هذا الشهر من قبل المركز الفلسطيني للسياسة والابحاث ان فتح تكسب حالياً التأييد الشعبي في غزة والضفة الغربية وقد فازت بتأييد ارتفع الى 40 بالمئة بزيادة 10 بالمئة على نسبة التأييد الذي حصلت عليه في استطلاع سابق اجري في شهر ايلول في حين انخفضت نسبة التأييد الذي حصلت عليه حماس من 30 بالمئة الى 20 بالمئة كما اظهر استطلاع قام به مركز القدس للاتصالات والاعلام بأن اغلبية الفلسطينيين باتت, ولاول مرة منذ اندلاع الانتفاضة عام ,2000 ترفض العمليات العسكرية وتعبر عن تفاؤلها بالمستقبل. \r\n \r\n يبدو ان الشيخ يوسف يمثل فرصة لحماس لكي تدخل التيار السياسي السائد, وقد اخبرني ان »علينا ان نتحمل المسؤولية عن رعاية شعبنا الى جانب ابو مازن والسلطة الفلسطينية«. واوضح ان ذلك يعني »ان علينا ايضا ان نتفاوض مع الاسرائيليين:« وقد ابلغتني مصادر استخباراتية فلسطينية واسرائيلية ان هذه المواقف قد قوبلت بتأييد شديد من لدن سجناء حماس لدى اسرائيل, كما انها حظيت بتأييد خالد مشعل, الزعيم النافذ في حماس والذي يعيش في دمشق. \r\n \r\n من جانب آخر, اخبرني اسحاق بن اسرائيل, وهو جنرال في القوة الجوية الاسرائيلية ومحلل استراتيجي بارز, انه يعتقد بأن الشيخ يوسف قد يعتبر مؤشراً على وجود تحول مخلص في حماس يمكن لاسرائيل ان تتعايش معه. لكنه اكد ان الامر قد تطلب اضعاف حماس في البداية عن طريق استهداف زعمائها بالاغتيال وهو الامر الذي يرى انه ساهم في تخفيض عدد الهجمات الانتحارية التي يشنها مقاتلو حماس مقارنة بالمعدلات التي كانت سائدة قبل الانتفاضة. \r\n \r\n يبدو واضحاً, في نهاية المطاف, ان حماس مستنفذة وربما تكون مستعدة لايقاف القتال, كما هو حال معظم الفلسطينيين. حيث تشير احصاءات السلطة الفلسطينية الى ان 63 بالمئة من الاسر الفلسطينية قد انخفض دخلها الى النصف خلال الانتفاضة, وان 58 بالمئة منها يعيش الآن في مستوى الفقر. \r\n \r\n يضاف الى ذلك ان الكلفة البشرية للحرب باتت تضغط حتى على المتشددين. فقد تحدثت مع الشيخ يوسف عن مقابلات كنت قد اجريتها مع افراد من اسر الاستشهاديين, فاخبرني ان الاذلال والمعاناة هي اللذان يجعلان مثل هذا السلوك مفهوماً, فحتى الحيوانات تدافع عن نفسها الى حد الموت, لكنه اردف يقول: »الا ان الله خلق الانسان ليحيا لا ليموت وعلينا ان نجد مخرجاً. ونحن بحاجة الى حوار حضارات وليس الى صدام حضارات«. \r\n \r\n ثم اعرب عن اعتقاده بأن بوسع حماس ان تحمل جماعات اسلامية اخرى على »ايجاد نظام دولي مستقر«. \r\n \r\n تكمن المشكلة في ان كل جانب يطالب الجانب الآخر بأن يكون البادي بالهدنة. وفي اسرائيل, كما في الاوساط الفلسطينية, فإن الطرف الذي يعلن الهدنة من جانب واحد سرعان ما يخسر مكانته لدى جمهوره. فكيف يمكن, اذن كسر هذا الجمود? ربما تمكنت الولاياتالمتحدة واوروبا, اذا ما عملنا بالتنسيق مع اسرائيل والزعماء الفلسطينيين, من التوصل الى وقف متبادل لاطلاق النار يعلن معاً من قبل الجانبيين ويكون الخطوة الاولى نحو هدنة غير محدودة. وهي مهمة ليست بالبسيطة, لكن ما يشجع عليها الآن ان حماس قد اصبحت مستعدة للاصغاء, وراغبة في اعطاء فرصة للديمقراطية.0 \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n