ان الولاياتالمتحدة ليست بحاجة لتكرار ما حدث في فلوريدا في الانتخابات السابقة‚ ان الخطر ليس ببساطة تأخير معرفة الرئيس القادم او معرفة الاسلوب الذي سيؤخذ به في الحكم او الغضب الذي سيبديه مؤيدو المرشح الخاسر من ان الانتخابات قد «سرقت» لصالح المرشح الآخر‚ ان الخطر الحقيقي يتمثل في ان يصبح هذا الأمر جزءا دائما من العملية السياسية الأميركية‚ ان تقرير وحسم نتيجة الانتخابات من خلال المحاكم هو امر سيىء لانه يقوض الثقة الشعبية في العملية الانتخابية برمتها‚ الأميركيون سيقصفون بالكثير من الشكاوى التي تتحدث عن وجود الفساد والتلاعب في العملية الانتخابية سواء من ناحية عد الأصوات او التلاعب في الفرز‚ وعاجلا أم آجلا فإن الكثير من الأميركيين سيعتقدون ان من يقرر من هو الفائز ليس الناخبين انفسهم بل المحامون الأذكياء والقضاة من أصحاب الصداقات الحميمية لهذا او ذاك من المرشحين وهذا في النهاية يحمل في طياته مخاطر ظهور نتائج غير عادلة لا تعكس رأي الناخبين‚ اننا لم نصل الى هذه المرحلة حتى الآن‚ نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي نظمها مركز «بيو» للابحاث تظهر ان 11% من الناخبين المسجلين يتخوفون من ألا يتم عد اصواتهم بصورة عادلة مقابل 62% قالوا انهم واثقون جدا من العد الصحيح لاصواتهم و26% لديهم الثقة «الى حد ما»‚ ان اي شيء يلطخ عملية التصويت سيلحق الاهتراء بالثقة لأن التصويت في النهاية هو شيء رمزي للغاية‚ كان التصويت امتيازا لا يعطى إلا لعدد محدود من المواطنين في الولاياتالمتحدة كما يقول المؤرخ الأميركي السكندر كيسر في كتابه «الحق في التصويت»‚ \r\n \r\n في 1790 قصرت الولايات الأصلية الثلاث عشرة التصويت في الذكور على البيض الذين لديهم ممتلكات او يدفعون الضرائب‚ فقط كان بوسع 60 70% من الرجال البيض التصويت‚ مع انطلاق الحرب الأهلية تم التخلي عن شرط امتلاك العقارات وحصل توتر بين اولئك المطالبين بتوسيع حق الانتخاب واولئك الداعين للابقاء على القيود‚ \r\n \r\n عدد من اعضاء النخبة الحاكمة تخوف من ان تؤدي عملية توسيع العملية الانتخابية الى تهديد سلطتهم كما انهم تخوفوا من ان الكثير من الديمقراطية قد يؤدي الى تدميرها‚ \r\n \r\n حتى عام 1824 لم تكن جميع الولاياتالمتحدة تسمح لجميع المواطنين بالتصويت مباشرة للرئيس‚ بعض الولايات لا تزال تختار ناخبين رئاسيين‚ أخيرا ادت الحرب الى توسيع قاعدة التصويت وفي 1919 اقر الكونغرس التعديل التاسع عشر الذي اعطى المرأة حق الانتخاب كون النساء قدمن الكثير من المساعدة للبلاد خلال الحرب العالمية الأولى‚ \r\n \r\n خلال حرب فيتنام خفض الكونغرس سن التصويت الى 18 عاما‚ حيث كان من الصعب الطلب الى الجنود ان يموتوا من أجل بلادهم دون ان يمنحوا حق الانتخاب‚ بعد الحرب الأهلية اعطي السود حق الانتخاب بموجب التعديل الخامس عشر الذي تم التصديق عليه في 1870‚ \r\n \r\n بالطبع كان التعديل الخامس عشر شبه ملغي بسبب سياسة التخويف وفحوصات الأمية وضرائب الاقتراع حيث أدى ذلك الى ابعاد الكثير من السود عن صناديق الاقتراع‚ \r\n \r\n ان هذا الفصل المخزي اصبح الآن تاريخا‚ وفيما يتعلق بالانتخابات الحالية فمن الصواب على المرء ان يكون متفائلا‚ فقد اوردت صحيفة «واشنطن بوست» ان الديمقراطيين يخططون لنشر 10 آلاف محام في الولاياتالمتحدة المتأرجحة التي تصبح ساحة معركة مع خصومهم الجمهوريين‚ من جهتهم يخطط الجمهوريون لنشر محامين لتغطية 30 ألف دائرة انتخابية‚ \r\n \r\n ليس من الممكن ان تكون الحملات الانتخابية «عادلة» ولكن الانتخابات يجب ان تكون كذلك ان الناس بحاجة لأن يشعروا بالثقة تجاه العملية الانتخابية‚ فالرئيس القادم هو رئيس للأميركيين ككل وهو بالتأكيد لن يمثل فقط الحزب الذي رشحه‚ ان ما تحتاجه الولاياتالمتحدة هو ان يحصل المرشح الفائز على 52% من التصويت الشعبي وهذا كاف لازالة اي شكوك قد تطل برأسها‚ \r\n