عندما عاد الكنيست من عطلته الصيفية في الاسبوع الماضي دخل شارون معترك العمل البرلماني وهو يواجه مهمتين تشريعيتين: الأولى كسب الموافقة على خطة فك الارتباط‚ والثانية اقرار ميزانية عام 2005‚ \r\n \r\n فشل شارون في الأولى حيث رفض الكنيست بياناته كونه يتضمن قضيتين متناقضتين‚ \r\n \r\n هذا الفشل غير المتوقع أدى بالكثير من المحللين للتساؤل فيما إذا كان شارون ذلك الساحر السياسي السابق قد فقد بريقه وسحره‚ وعلينا ان نتذكر انه خسر كل المحاولات السياسية منذ الكشف عن خطة غزة‚ ففي مايو رفض أعضاء الليكود تلك الخطة في استفتاء نظم لهذا الغرض وفي يونيو اضطر شارون لتعديل التفاصيل وتأخير القرار الفعلي حول التخلص من المستوطنات وذلك من أجل الحصول على موافقة مجلس الوزراء‚ بعدها في أغسطس وقف حزب الليكود في وجه دخول حزب العمل الى الائتلاف الحاكم وكانت تلك خطوة ضرورية لتوسيع قاعدة الدعم للخطة‚ \r\n \r\n في ظل الأوضاع الحالية الفوضوية التي يشهدها النظام السياسي في اسرائيل وهو منتج ثانوي لخطة الانسحاب‚ فإن شارون يحكم بحكومة أقلية يدعمها 58 أو 59 عضوا من أصل 120 عضوا في الكنيست وعليه ان يشكل ائتلافا مع الكتل النيابية المختلفة لكل تحرك تشريعي يخطوه‚ \r\n \r\n كانت استراتيجية شارون تقوم على أساس «قسم وافتح» حيث يعتمد على الجناح اليساري المعارض لتمرير قرارات فك الارتباط ثم التحول بعدها نحو الجناح اليميني من أجل تمرير مشروع الميزانية‚ \r\n \r\n من خلال عملية حسابية بسيطة نجد ان شارون سيكسب بسهولة التصويت على عملية فك الارتباط‚ فمشكلته تكمن ضمن حزبه حيث يمتلك «المتمردون» على خطة فك الارتباط حوالي 15 صوتا من أصل 40 صوتا تعود لحزب الليكود في الكنيست‚ الى جانب هؤلاءتوجد شخصيات كبيرة مثل الوزراء بنيامين نتانياهو وسلفان شالوم وليمور ليفنات ممزقين بين ولائهم لشارون وبين سعيهم لإسناد اللجنة المركزية لليكود التي تقرر قائمة المرشحين في الحزب‚ هذا الثلاثي يدعم من الناحية الرسمية خطة شارون ولكن يحاول في نفس الوقت تخفيفها عبر سياسات الحلول الوسط‚ \r\n \r\n ومنذ وقت قريب انضم هؤلاء الوزراء للدعوة التي اطلقها المستوطنون لاجراء استفتاء حول الخطة‚ \r\n \r\n القانون الاسرائيلي يطالب باجراء استفتاء قبل التخلي عن مناطق السيادة مثل القدسالشرقية وهضبة الجولان وليس التخلي عن المناطق المحتلة مثل غزة‚ المستوطنون المدعومون بتهديدات اللجوء الى العنف والفتاوى الحاخامية التي تدعو الجنود المتدينين لعدم اطاعة أوامر الاخلاء الصادرة اليهم يطلبون من شارون اللجوء الى الجمهور‚ رئيس الوزراء يتردد في ذلك قائلا: ان ذلك قد يؤخر تنفيذ الخطة وربما أيضا يكون متخوفا من هزيمة أخرى تحل على يد معارضة جيدة التنظيم‚ وهناك تلميحات تشير الى ان شارون يمكن ان يعيد التفكير بشأن معارضته لهذه الفكرة‚ \r\n \r\n من الواضح ان شارون قلل كثيرا من شأن المقاومة الداخلية في الليكود لفكرته‚ وقد ظهر الليكوديون كجماعة ايديولوجية قوية تعارض تقديم أي تنازلات بشأن الأرض التي تقدم كمكافأة ل «الإرهاب الفلسطيني» الذي يمثل مشكلة شارون الثانية المعقدة‚ \r\n \r\n في الاسابيع الأخيرة تفجرت جبهة غزة وتصاعد العنف منها‚ الفلسطينيون اطلقوا عددا من صواريخ القسام على بلدة سيدروت مما أدى الى مقتل اثنين من الاسرائيليين وهذا دفع الجيش الاسرائيلي للقيام بعملية عسكرية كبرى في شمال قطاع غزة استمرت لمدة 17 يوما وأدت الى مقتل 129 فلسطينيا منهم حوالي 42 مدنيا مقابل فقد ثلاثة من الاسرائيليين‚ ومع انتهاء تلك العملية غادرت القوات الاسرائيلية البلدات الفلسطينية وأعادت انتشارها في «منطقة عازلة» اقامتها خارجها‚ \r\n \r\n احداث العنف كشفت التناقض الموجود في خطة شارون‚ ففكرة ترك «فراغ أمني» لدى الجانب الفلسطيني دون وجود سلطة ذات مصداقية تضمن الأمن والهدوء يهدد بجعل خطة فك الارتباط كومة من الفوضى الدموية حيث ستحاول حماس وغيرها ضرب القوات المغادرة‚ والاحتفاظ ب «المنطقة الأمنية» في فترة ما بعد الانسحاب من غزة بغض النظر عن مدى ضيقه‚ هو وصفة لاستمرار العنف يقوض الادعاء الاسرائيلي ب «انهاء الاحتلال»‚ \r\n \r\n شارون يدرك كل هذه الأمور جيدا ويقول انه أصدر أوامره للجيش الاسرائيلي بمنع «حدوث الانسحاب في ظل اطلاق النار»‚ وليس من المعروف كيف سيتم تنفيذ ذلك دون تنسيق مع طرف فلسطيني‚ \r\n \r\n من المتوقع ان تظهر اميركا اهتماما أكبر بالشرق الأوسط بعد الانتخابات وسيطلب ساعتها من شارون تنفيذ وعوده التي قطعها على نفسه بالتخلص من مناطق الاستيطان غير الشرعية وتجميد بناء المستوطنات‚ \r\n \r\n ان كسبه للتصويت على خطة الانسحاب الأحادي الجانب بأغلبية مريحة سيعطيه مساحة أكبر ليناور الأميركيين والأوروبيين المتبرمين‚ وعليه فإن معركة شارون المحلية لها ايضا بعد دبلوماسي‚ \r\n