\r\n غير ان انعدام الافق السياسي لم يسمح للجيش الاسرائيلي بوقف او انهاء المواجهات واعمال العنف. ويعترف كبار المسؤولين العسكريين الاسرائيليين صراحة بان القمع الاسرائيلي لم يقض على عزيمة الفلسطينيين, بل ان سقوط كل قتيل فلسطيني بنيران القوات الاسرائيلية كان يعزز تصميم الفلسطينيين على الانتقام, كما ان المجموعات المسلحة الفلسطينية المقاتلة لم تجد اية صعوبة في استبدال مسؤوليها وقادتها عند تعرضهم للاغتيال او الاعتقال. \r\n \r\n وطبقا لما يقوله احد كبار جنرالات الجيش الاسرائيلي, فان هناك مفارقة جديدة بالاهتمام مفادها ان الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش الاسرائيلي خلال سنوات الانتفاضة الفلسطينية الثانية هي نفسها التي جعلت الاسرائيليين يبدأون بطرح تساؤلات حول جدوى طرح تسويات سياسية بعد ان تراجعت همومهم الامنية اليومية, وبعد ان بدأت تترسخ لديهم فكرة عدم وجود تسوية محض عسكرية للصراع الاسرائيلي, حتى داخل حكومة رئيس الوزراء الليكودي المتشدد اريئيل شارون, وكذلك فكرة ان على اسرائيل ان تقوم بمبادرة حتى لا تترك الساحة لخصومها. \r\n \r\n وذلك كان هو الهدف من خطة فك الارتباط مع الفلسطينيين التي اطلقها شارون من جانب واحد وتنص على الانسحاب من قطاع غزة بحلول نهاية عام 2005 واخلاء 21 مستوطنة يهودية مقامة في القطاع اضافة الى اربع مستوطنات معزولة بالضفة الغربية, غير ان شارون الذي كان اليمين الاسرائيلي المتطرف يمجده ويلقبه »بالبلدوزر« تارة و »ملك اسرائيل« تارة اخرى والذي بات معسكره اليميني هذا اليوم بعد اربع سنوات على الانتفاضة يعتبره خائنا منذ ان اعلن عن عزمه ازالة وتفكيك تلك المستوطنات. هو شارون نفسه الذي يقر الان بان خطته الاحادية الجانب لا يهدف باي شكل من الاشكال الى تحريك مفاوضات سلام مع الفلسطينيين ولا ينبغي ان يشكل سابقة لعمليات انسحاب مماثلة اخرى من الضفة الغربية في المستقبل. \r\n \r\n ولا يخفي شارون ان تكون خطته المثيرة للجدل والانقسامات داخل المجتمع الاسرائيلي, تهدف الى ان تحل هذه الخطة محل »خارطة الطريق« الرباعية الدولية لتسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني, وليس الى احيائها. \r\n \r\n غير ان مشروع الانسحاب من قطاع غزة الذي يحظى بدعم غالبية الرأي العام الاسرائيلي والفلسطيني والعربي والدولي على حد سواء قد اثار موجة من المعارضة القوية في صفوف معسكر اليمين الاسرائيلي وفي صفوف المستوطنين الذين اخذوا يلمحون على نطاق واسع ومتصاعد الى احتمالات ومخاطر اندلاع حرب اهلية داخل المجتمع الاسرائيلي. ويرى اللوبي المتشدد للمستوطنين في خطة شارون بداية لزوال الاستيطان ومقدمة لانهيار دولة اسرائيل وتفتتها, وينددون بالتالي بعملية ستقود في نهاية المطاف الى الانسحاب من جميع الاراضي التي احتلتها اسرائيل منذ حرب حزيران عام 1967 . \r\n \r\n ويشهد هذا التبدل والتحول في صورة شارون البالغ من العمر 76 عاما والذي كان يتباهى قبل فترة قصيرة من الزمن بقدرته على ضمان امن الاسرائيليين بالقوة العسكرية, هذا التبدل والتحول لشارون يشهد على تطور سياسي تأثر باربع سنوات من حرب استنزاف متواصلة وغير مضمونة النتائج بعد سقوط اعداد كبيرة من القتلى في صفوف العسكريين والمدينيين والمستوطنين الاسرائيليين واعداد مضاعفة من الفلسطينيين. \r\n \r\n وبينما لا زال الفلسطينيون يعتبرون شارون عدوا لدودا لهم كونه يكرر الحديث دائما وبشكل خاص عن التخلص عن خصمه الدائم رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات, فان شارون لم يعد على ما يبدو ذلك »البلدوزر« الذي كان يلقب به في الماضي حين كان يدعو الى حسم عسكري يمهد لخوض مفاوضات من موقع قوة. \r\n \r\n وتمثل خطته الاحادية الجانب لفك الارتباط مع الفلسطينيين والتي تتضمن بين امور اخرى ازالة وتفكيك كل مستوطنات القطاع واربع مستوطنات اخرى بشمال الضفة الغربية حجر عثرة من شأنه ان يحرمه من تأييد المتشددين اليمينيين الذين يشكلون معسكره الليكودي منذ زهاء 30 عاما. \r\n \r\n وبعد ان كان هؤلاء القوميون يمتدحونه عند انتخابه في شباط عام ,2001 بات بعضهم يتهمونه الان بأنه خان قضية الاستيطان ويسعى بخطوات حثيثة الى القيام بعملية »تطهير عرقي« في حق اليهود في قطاع غزة وبمباركة وتأييد من صديقه وحليفه الرئيس الامريكي جورج بوش. \r\n \r\n ومن هنا فان شارون لا يبدو في وضع يحسد عليه الان بالرغم من انه ادرك متأخرا وبعد فوات الاوان ان حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ينبغي ان يكون سياسيا وليس عسكريا.0 \r\n \r\n \r\n \r\n عن: »دي فيلت« الالمانية