\r\n ويقدم اتفاق جنيف برنامجاً تفصيلياً لمبادلة الاراضي وعناصر اخرى مكرسة لتسوية القضية. ومن الممكن ان يتجسد هذا الاتفاق واقعاً، ان ساندته الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n اما خطة الفصل التي ابتدعها الثنائي بوش شارون، فإنها في واقع الامر تعد مشروعاً للتوسع والضم، فحتى عندما يقترح شارون انسحاباً ما من قطاع غزة فإن اسرائيل تستثمر الملايين في مستوطنات في الضفة الغربية، على حد قول جيمس بنيت مستشهداً بتصريحات لوزير المالية الاسرائيلي بنيامين نتانياهو منشورة في صحيفة «نيويورك تايمز». \r\n \r\n كما تشير تقارير اخرى الى ان التغيير سيحدث في الجانب الفلسطيني من «جدار الفصل». فتلك المستوطنات تتعارض مع خارطة الطريق، المدعومة من جانب بوش، والتي تطالب بوقف جميع نشاطات البناء في المستوطنات. \r\n \r\n وعلى الرغم من انه قد يشكل حدثاً تاريخياً مهماً، إلا ان انهاء احتلال قطاع غزة من قبل اسرائيل يتطلب تغييراً سياسياً مماثلاً في الضفة الغربية كي تتجسد تلك المزايا، كما كتب جيفري ارونسون في مطبوعة صادرة عن الجمعية من اجل السلام في الشرق الاوسط ومقرها واشنطن. \r\n \r\n \r\n ولقد انتهت هذه الجمعية للتو من نشر خارطة بالخطط الاسرائيلية للضفة الغربية، التي تظهر فسيفساء من الاراضي الفلسطينية المحصورة والمحاطة بالاسوار، والتي تعيد انتاج اسوأ مظاهر البانتوستانات اي تلك التجمعات السكانية، التي نشأت في عهد نظام الاقلية البيضاء في جنوب افريقيا، كما ذكر ميرون بنفينستي في صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية. \r\n \r\n القضية المطروحة الآن تتعلق بمدى تداخل المجتمعين الفلسطيني والاسرائيلي في الاراضي المحتلة، مما يحول دون امكانية اجراء اي عملية تقسيم. \r\n \r\n لكن، مع ذلك اشار جهاز الامن الاسرائيلي «الشين بيت» في نوفمبر الماضي، الى ان تلك الدولة تستطيع ويتعين عليها الانسحاب كلياً من قطاع غزة. وبالنسبة للضفة الغربية فإن ما بين 85% و98% من المستوطنين يستطيعون ترك المنطقة بخطة اقتصادية بسيطة، فيما تقتصر احتمالات المواجهة على 10% ممن لا يرغبون بالرحيل. \r\n \r\n وتلك ليست مشكلة خطيرة بالنسبة لقادة الشين بيت السابقين، في حين يقوم اتفاق جنيف على تقديرات مشابهة تبدو واقعية للغاية. \r\n \r\n وبهذه المناسبة، لابد من القول ان أياً من تلك الاقتراحات يتصدى لانعدام التوازن الهائل في القوة العسكرية والاقتصادية بين اسرائيل والدولة الفلسطينية المحتملة، أو لمسائل اخرى حاسمة. \r\n \r\n وفي حين يمكن على المدى الطويل ان تظهر تسويات اخرى كلما تطورت اعمال متبادلة بين كلا البلدين، بحيث تبرز امكانية لقيام اتحاد فيدرالي بين قوميتين. \r\n \r\n بين عامي 1967 و1973 كانت الدولة ثنائية القومية قابلة للحياة الى حد كبير في اسرائيل فلسطين، وخلال تلك السنوات كان ممكناً ايضاً التوصل الى اتفاق سلام شامل بين اسرائيل والدول العربية، ولقد كان هناك اقتراحات في هذا السياق من مصر والاردن، لكن مع حلول عام 1973، كانت تلك الفرصة قد ضاعت. \r\n \r\n وجاءت حرب 1973 لتوتر الوضع، فضلاً عن تبدل الرأي بين الفلسطينيين وفي العالم العربي وفي الساحة الدولية لصالح حقوق الفلسطينيين، بحيث تم اصدار القرار رقم 242 من الاممالمتحدة، الذي اضاف استعدادات اخرى لانشاء دولة فلسطينية في الاراضي المحتلة، التي يتعين على اسرائيل اخلاؤها، ومع ذلك فلقد حاصرت الولاياتالمتحدة بصورة احادية ذلك القرار طوال الاعوام الثلاثين الماضية. \r\n \r\n والنتيجة كانت الحرب والدمار واحتلالاً عسكرياً وحشياً وامتصاص الاراضي والموارد والمقاومة وفي النهاية دورة متنامية من العنف والكراهية المتبادلة والسخط. \r\n \r\n ان تقدم العملية السلمية يتطلب تنازلات من جميع الاطراف. لكن ما هي طبيعة الاتفاق العادل؟ ان الطريق الاقصر، الذي يقودنا الى صيغة عامة يتمثل في ضرورة ان يكون الاتفاق مقبولاً، اذا كان افضل الممكن، وقادراً على ان يؤدي الى شيء افضل، اما اقتراح شارون لدولتين تتركان الفلسطينيين محصورين في قطاع غزة وفي كانتونات في نصف الضفة الغربية، فإنه لا يفي بذلك المعيار. \r\n \r\n لكن اتفاق جنيف يدنو منه، وبالتالي يتعين القبول به على الاقل كقاعدة للمفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين. تلك هي وجهة نظري. \r\n \r\n وتتمثل احدى القضايا الاكثر تعقيداً في حق الفلسطينيين بالعودة الى اراضيهم، صحيح ان اللاجئين الفلسطينيين ليسوا مستعدين للتخلي عن ذلك الحق، لكن في هذا العالم وليس في عالم متخيل بوسعنا النقاش حوله في الندوات، فذلك الحق لا يمكن ممارسته إلا بصورة محدودة داخل اسرائيل. \r\n \r\n في جميع الاحوال لاشك انه من الخطأ تقديم امال لن تتحقق لأشخاص يعانون من البؤس والطغيان. وفي المقابل، لابد من القيام بجهود بناءة للتخفيف من معاناتهم، والتصدي للمشكلات التي لديهم في العالم الحقيقي. لذلك يعتبر اتفاق قيام دولتين باجماع دولي امراً مقبولاً بالنسبة لطيف واسع من الرأي العام الاسرائيلي، وذلك يشمل ضمنياً اولئك الصقور القلقين للغاية ازاء المشكلة الديمغرافية المتمثلة بوجود عدد كبير جداً من غير اليهود في دولة يهودية، والذين صاغوا اقتراحاً منافياً للعقل والمنطق يقضي بترحيل الناس من المناطق ذات الكثافة السكانية العربية العالية والواقعة في اسرائيل الى دولة فلسطينية جديدة. \r\n \r\n وغالبية الشعب الاميركي تساند فكرة الدولتين ايضاً، وبالتالي من غير المعقول ان تتمكن الجهود التي يبذلها نشطاء في الولاياتالمتحدة من دفع واشنطن الى قبول الوفاق الدولي حيث لابد لاسرائيل ان تقبل بالخطة ايضاً. \r\n \r\n وحتى بدون الضغط الاميركي، هناك عدد كبير من الاسرائيليين الذين يفضلون شيئاً من هذا القبيل، وذلك يعتمد بالضبط على كيفية صياغة الاسئلة في استطلاعات الرأي، وان تغييراً في موقف واشنطن سيعني تغييراً هائلاً على الارض. ويعتقد قادة «الشين بيت» السابقين وقادة حركة السلام الاسرائيلية «غوش شالوم وآخرين» ان الجمهور الاسرائيلي سيوافق على تلك النتيجة. \r\n \r\n \r\n لكن مصدر القلق الحقيقي لدينا ليس تأملاً نظرياً وانما هو حقيقة تكمن في جعل سياسة الولاياتالمتحدة تصطف الى جانب سياسة بقية العالم، وبشكل ظاهري مع غالبية الجمهور الاميركي. \r\n \r\n \r\n