\r\n وفي تصريحات لصحيفة «واشنطن بوست» بعد عودته من الخدمة في العراق قال الكابتن راسل بيرجوس: «لقد كان السلام اكثر دموية من الحرب..» ويقارن بيرجوس وضع اميركا في العراق بوضع اسرائيل اثناء فترة احتلالها للبنان والتي دامت 18 عاماً. ولقد كان بعضنا يستخدم تلك المقارنة نفسها حتى قبل ان يقع الغزو. \r\n \r\n لقد وصل عدد القتلى الاميركيين في العراق حتى الآن الى اكثر من 1000 شخص. يقول لفتنانت كولونيل متقاعد كارلو ديست، وهو مؤرخ حربي، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»: «ما يدعو الى الحزن هو ان الألف قتيل هؤلاء لا يشكلون سوى علامة بسيطة على طريق اكثر طولاً وايلاماً.. ليس هناك اي ضوء يبدو في نهاية النفق، كما ان ادارة بوش لم تصل الى استراتيجية خروج من الحرب يمكنها النجاح، وهي الاستراتيجية التي من دونها سوف تستمر الحرب الى اجل غير مسمى اي الى سنوات». \r\n \r\n غير انني لا اشاطره الرأي فهذه الحرب لن تستمر لأجل غير مسمى. وأميركا لن تتحملها. نحن جرى اقناعنا من قبل بوش كي نؤيد غزواً من اجل التخلص مما وصفه هو بأنه تهديد خطير. \r\n \r\n يمكن ان يكون الكونغرس قد منح الرئيس شيكاً على بياض ولكن اميركا لم توقع ابداً من اجل حرب بلا نهاية تهدف الى اقامة الديمقراطية في العراق. كما ان الاميركيين لن يضحوا بدمائهم الى ما لا نهاية من اجل تحقيق ذلك الهدف.واذا كان جورج بوش يعتقد اننا سنفعل ذلك، فهو يسيء قراءة الطبيعة الاميركية. \r\n \r\n نحن على مشارف نقطة تحول. ففي ضوء تزايد الخسائر والهجمات ضد الاميركيين، التي لا تأتي من خلال متفجرات على جوانب الطرق فحسب وانما ايضا عن طريق مسلحين مدربين فإنه يبدو ان هذه الحرب تمثل ورطة لأميركا. \r\n \r\n ولا يمكننا نحن ولا حلفاءنا العراقيين استئصال شأفة العدو الذي زادت اعداده اربع مرات خلال 18 شهراً في الوقت الذي لم تزد فيه القوات الاميركية. نحن الآن نواجه معسكرات للعدو في الفلوجة والرمادي في المثلث السني. كما ان مدينة الصدر في بغداد هي الآن اقل هدوءاً مما كانت عليه في ابريل 2003. \r\n \r\n كل تلك الشواهد تشير الى حرب طويلة لولا وجود حقيقة دامغة واحدة. ان عزم العدو يبدو في تصاعد بينما لا يبدو عزم الاميركيين ابداً على الدرجة نفسها من الاصرار. وتشير استطلاعات الرأي الى ان عدد الذين يعتقدون ان الحرب كانت خطأ يعادل نصف الشعب الاميركي والنصف الآخر يعتقد ان الوقت الحالي قد يكون الوقت المناسب للانسحاب. \r\n \r\n وتشير تجارب التاريخ الحديث الى انه كلما طالت مواجهة اي قوة اوروبية لحرب العصابات في العالم الاسلامي، كلما قلت احتمالية ان تفوز تلك القوة بالمواجهة. ويشهد البريطانيون والفرنسيون والاسرائيليون والروس على تلك الحقيقة. \r\n \r\n قد لا تمثل الخسائر الاميركية في العراق الا 2% من خسائرها في فيتنام، ولكننا مقبلون على مرحلة مثل تلك التي واجهها الجنرال ويستمور لاند وهي مرحلة اتخاذ قرار قومي مشابه لما حدث في 1967 عندما عاد الجنرال ويستمور لاند في الوقت الذي كان لديه 500 ألف جندي تحت قيادته، الى واشنطن ليطلب 200 ألف جندي اضافيين. وقيل للجنرال وقتها: لا لزيادة القوات الامر هكذا. \r\n \r\n وفي الوقت الذي تستمر فيه هذه الحرب من دون ان تكون هناك اي اشارة الى الوصول الى استراتيجية خروج فإنه على الاميركيين ان يطلبوا اجابات من الرئيس بوش والسناتور كيري. والسؤال الذي يجب ان يطرح عليهما في اول مناظرة هو كالآتي: اذا قال لكما القادة الاميركيون في العراق اننا بحاحة الى 50 ألف جندي اضافي لكسب تلك الحرب ولمنع خسارة العراق فهل سترسلان لهم ما يريدونه؟ \r\n \r\n ومع رفض الحزب الديمقراطي ل «حرب بوش» وهي التي يصفها كيري الآن بأنها «حرب خاطئة في مكان خاطيء في توقيت خاطيء» هل يمكن للمرشح كيري ان يجيب بصدق كالآتي: «نعم، سأرسل 50 ألف جندي، وأقوم بتوسيع نطاق الموارد التي نحتاجها للانتصار في العراق؟».وفي حال فوز كيري بالانتخابات فإنه سوف يجد نفسه امام الموقف ذاته الذي تعرض له لندون جونسون في 1988 عندما وجد نفسه قائداً اعلى لجيش يخوض حرباً لا يريد حزبه ان يخوضها ويريد انهاءها. \r\n \r\n وكي يتسنى له ارسال مزيد من القوات فإن كيري سيكون عليه ان يذهب الى الكونغرس ويطلب دعمه.وبالنسبة للرئيس بوش وفي ضوء الدعم الكبير الذي يناله من داخل حزبه، فإنه سيكون لديه مزيد من الوقت لخوض الحرب والخروج منها بشكل مشرف غير ان التأييد الحاصل للمستويات الحالية من القتال في العراق لن يستمر طويلاً من دون ظهور مؤشرات تفيد بتحقيق انتصار وشيك او انسحاب مبكر.وقبل شهر نوفمبر المقبل يحتاج الشعب الاميركي الى ان يسمع اجابة المرشحين على الاسئلة التالية: \r\n \r\n هل هذه حرب يمكن الانتصار فيها، وذلك في حال بقاء هدفنا متمثلا في اقامة ديمقراطية على النسق الغربي في العراق؟ وما هو الوقت الذي يستغرقه تحقيق هذا الهدف؟ \r\n \r\n وما هو الثمن؟ما هو الحد الادنى الذي يمكن ان ترضى به اميركا في ضوء هذا الحجم من الدماء التي تراق والاموال التي تنفق، في حال عدم تحقق الرؤية الطوباوية للمحافظين الجدد؟ وفي حال ألا نكون غير مستويين لدفع ثمن الانتصار ماذا ستكون عواقب الفشل؟ \r\n \r\n نحن الآن بحاجة لان نطرح الاسئلة التي لم يسألها قادتنا قبل ان يزجوا بنا الى الحرب في الوقت الذي تخلى فيه الكونغرس وتخلت فيه وسائل الاعلام عن واجباتهما من اجل ان تصبح اطرافاً مهملة للامبريالية الديمقراطية. \r\n \r\n