مصادر: حلف اليمين للحكومة الجديدة برئاسة الجمهورية غدًا الأربعاء    «فيزا» تكشف عن الجوانب المالية الداعمة لنمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر    رئيس جامعة الأقصر يشهد حفل تخرج طلاب كلية الفنون الجميلة    تراجع معدل البطالة في إسبانيا بشكل حاد في يونيو    فتح الله فوزي: القطاع العقاري صمد أمام المشكلات الاقتصادية.. والأزمات صنعت شركات قوية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابطين في قطاع غزة    نجم بايرن السابق: رونالدو لا يفكر إلا في نفسه    دفاع طفل شبرا يطالب بتعويض 5 ملايين جنيه (فيديو)    الحراك المجتمعي عقب 30 يونيو في لقاءات قصور الثقافة بالإسكندرية    أحمد داود يكشف سبب مشاركته في فيلم الهوى سلطان    760 فعالية وأكثر من 800 ألف مشاهد بموسم الأوبرا 2023/2024    بالصور| أحمد فهمي ولبلبة وأوس أوس بالعرض الخاص ل"عصابة الماكس" في الرياض    فاينانشيال تايمز: ماكرون المنعزل يُكافح لمعرفة ما يخبئه له المستقبل    رئيس وزراء المجر يزور كييف لأول مرة منذ بداية الحرب    وزيرة الهجرة تمدّ التسجيل لحضور النسخة الخامسة من «المصريين بالخارج» حتى 9 يوليو    النائب أحمد عبد الجواد: الملف الاقتصادى أبرز التحديات أمام الحكومة الجديدة    ضبط سيدة بالإسماعيلية لإدارتها كيان تعليمى بدون ترخيص    رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية بين الصندوق السيادى وشركة الأهلى سيرا    الحركة الوطنية: خفض الأسعار وتشجيع الاستثمار أبرز تحديات الحكومة الجديدة    محافظ الدقهلية يعتمد تنسيق القبول بالثانوي العام منتظم بمجموع 249 درجة    فنان فلسطيني: نثمن دور «المتحدة» في دعم غزة.. ومصر السند الحقيقي    «تشع طاقة إيجابية».. 4 أبراج فلكية حياتهم كلها تفاؤل (هل أنت منهم؟)    اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم تعقد ورشة عمل حول "حماية التراث".. تفاصيل    تحرير 137 مخالفة عدم الالتزم بقرار غلق المحلات خلال 24 ساعة    وزير الصحة يبحث مع ممثلي شركة «فايزر» سبل التعاون للتصدي وعلاج مرض الهيموفيليا    آلام الولادة تفاجئ طالبة ثانوية عامة داخل لجنة الامتحان بالفيوم    ماذا يحدث للجسم في حال تناول المخبوزات على الإفطار؟.. طبيبة تجيب (فيديو)    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 5 ملايين جنيه    بالفيديو.. رئيس جامعة سوهاج: حكم الإخوان نفق مظلم و30 يونيو ثورة الشعب بكل فئاته    موعد صيام عاشوراء 2024 وفضله وحكمه في الإسلام    تنسيق الجامعات.. تعرف على كلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان    أليسون: فينيسيوس يستحق الفوز بالكرة الذهبية    استمرار الارتفاع.. الأرصاد تكشف حالة الطقس وبيان درجات الحرارة المتوقعة    رياضة المنيا: قافلة طبية مجانية للأسر الأكثر احتياجا في قرية الجندية    مصدر مطلع: الحكومة الجديدة تؤدي اليمين أمام الرئيس السيسي غدا    تقرير فلسطينى يرصد انتهاكات الاحتلال بالضفة خلال النصف الأول من 2024    هآرتس: الجيش الإسرائيلي ينوي إنهاء القتال في غزة دون التوصل لصفقة تبادل    ب الفيديو.. هنا الزاهد تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد "الزواج سم قاتل"    «ربنا فوق الكل».. رد جديد من شقيق شيرين عبد الوهاب بشأن اتهامه ببيع «صفحات التواصل»    لتنفيذ التوصيات.. رئيس «الشيوخ» يحيل 17 تقريرًا إلى الحكومة    قطار سياحي فاخر.. أبرز المعلومات عن «حارس النيل» قبل إطلاقه في مصر    الكومي: بيريرا مستمر حتى نهاية تعاقده.. وأخطاء التحكيم أثرت على نتائج 8 مباريات فقط    موقف سيف الجزيري من اللحاق بلقاء الزمالك وفاركو    جهاد جريشة: ياسر عبد الرؤوف وسمير محمود عثمان الأنسب لقيادة لجنة الحكام    بمناسبة ذكرى 30 يونيو.. جهود الأكاديمية الوطنية للتدريب فى NTA Podcast قريبا    بعد الإفراج عنه.. مدير مجمع الشفاء بغزة: الاحتلال عذبنا بالكلاب البوليسية    الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة الداخلية في الدوري    وزير الصحة يستقبل ممثلي شركة فايزر لمناقشة تعزيز التعاون المشترك    الإفتاء: تعمد ترك صلاة الفجر وتأخيرها عن وقتها من الكبائر    مأمورية خاصة لنقل المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة    14 وفاة و6 ناجين.. ننشر أسماء ضحايا عقار أسيوط المنهار    الثانوية العامة 2024.. توزيع رسائل تحفيزية لرسم الابتسامة على وجوه الطلاب بدمياط    الحوثيون يعلنون تنفيذ أربع عمليات عسكرية نوعية استهدفت سفنا أمريكية وبريطانية وإسرائيلية    أمين الفتوى: وثيقة التأمين على الحياة ليست حراما وتتوافق مع الشرع    بث مباشر، مشاهدة مباراة أمريكا وأوروجواي لحسم التأهل لربع نهائي كوبا أمريكا 2024    الأزهر يعلن صرف الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري اليوم    تصعيد مفاجئ من نادي الزمالك ضد ثروت سويلم    «الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى يتعلم بوتين من درس الإرهاب
نشر في التغيير يوم 14 - 09 - 2004

كان الرئيس «بوتين»، محقاً كل الحق، عندما أعلن أن بلاده لن تستسلم لمطالب وابتزازات «الإرهابيين». ومما لا ريب فيه، أن المواطنين الروس أضحوا بحاجة إلى الحماية من مثل هذه الهجمات، بينما يحتاج المجرمون إلى أن توقع بحقهم أشد درجات العقاب والجزاء.
\r\n
لكن على أية حال، فإنه لا الرئيس «بوتين»، ولا الحكومة التي يرأسها في موسكو، بقادرين على توفير أي من المطلبين أعلاه. ومما زاد فظائع «بيسلان» مأساوية وسوءاً، استجابة الحكومة لتلك المأساة. ففي أعقاب نهاية ذلك الأسبوع المشؤوم، كان على «بوتين» ليس أن يراجع استراتيجيته الخاصة بمحاربة «الإرهاب» فحسب، بل أن يدرس الكيفية التي يستطيع بواسطتها، بناء دولة قوية وفاعلة في بلاده. وذلك هو ما وعد به «بوتين» الشعب الروسي، غداة تسلمه السلطة في عام 2000 .
\r\n
وقد لقي ذلك الوعد ترحيباً كبيراً من جانب الشعب الروسي، الذي أمضى عقداً كاملا من الاضطرابات والفوضى السياسية، علاوة على القلق الاقتصادي، وتوالي الهجمات «الإرهابية» حتى خريف عام 1999 . وكان طبيعياً أن ينصرف تفكير الناس والقادة، إلى ملء الفراغ السياسي العريض الذي خلفه انهيار الاتحاد السوفيتي السابق. ولما كان «بوتين» شخصية معتدلة الفكر، فضلا عن كونه ضابطاً ذا شأن، في جهاز الاستخبارات السوفيتية السابق «كي. جي. بي»، فقد رأى فيه الكثير من الروس، رجل المرحلة وفارس القيادة.
\r\n
بيد أن استراتيجية «بوتين» الرامية إلى بناء الدولة الروسية القوية التي وعد بها، تمحورت كلها حول رفع القيود والرقابة المفروضة دستورياً على السلطات الرئاسية. وبذلك فقد انصرفت الاستراتيجية عن واجب تقوية وتعزيز فاعلية مؤسسات الدولة وأجهزتها. كما أخطأ «بوتين» خطأ فادحاً بمماثلته بين الديمقراطية والضعف، وبين مركزية السلطة وقوة الحكم. وبذلك فقد قوّض أي مصدر مستقل للسلطات، بدءا بسلطة الصحافة القومية، ثم زحفه على تقويض السلطات التنفيذية في الأقاليم والجمهوريات، وصولا إلى انقضاضه على طبقة الأغنياء الروس. وضمن ذلك، أضعف «بوتين» سلطات وصلاحيات المجلس الفيدرالي، بصفته الهيئة البرلمانية العليا. كما أفلحت الحملة الانتخابية الناجحة التي أجريت في ديسمبر 2003، في تحويل مجلس النواب الأدنى، وكذلك مجلس «الدوما»، إلى مجرد أجهزة للبصم على قرارات الكرملين. وفي الاتجاه ذاته، فقد دفع الأحزاب السياسية المستقلة، ومنظمات المجتمع المدني، إلى هامش الحياة السياسية الروسية.
\r\n
وفي كل خطوة تغيير خطاها «بوتين»، يلاحظ حرص واضح، على تعزيز سلطة الكرملين، مقابل إضعاف دور وسلطات المؤسسات والأجهزة السياسية الأخرى. وعليه، فإن إعادة هيكلة الحياة السياسية في روسيا، لم تسفر عن ميلاد جهاز دولة أكثر قوة وفاعلية، بل تمخضت عن نظام هزيل، فاسد وغير مسؤول. ولعل أفضل ما يمكن أن يوصف به هذا النظام، هو أنه شمولية بلا سلطات. وطبقاً لذلك، فقد أصبحت حكومة «بوتين»، نظاماً لحكم الفرد، الذي يستأثر فيه شخص واحد فحسب، باتخاذ كل القرارات. ولما كانت روسيا تلك الدولة القارية الشاسعة المترامية الأطراف، المعقدة الواقع في آن، فما أشق المسؤولية، وأكبر العبء على شخص واحد، كي ينهض به منفرداً!
\r\n
وقد تكشفت هذه الحقيقة بكامل تجلياتها تماماً في مأساة «بيسلان». وبحلول هذا اليوم، فقد مضت على رئاسة «بوتين» لبلاده، خمس سنوات كاملة. غير أنها لم تفلح في بناء أجهزة شرطية وأمنية، يعول عليها في حماية المواطنين وضمان سلامة أرواحهم وممتلكاتهم. كما لم تفلح هذه الأجهزة، ومعها القوات النظامية والأجهزة الاستخباراتية مجتمعة، حتى في حماية الدولة الروسية نفسها! ومن البديهي أن وزراء ومسؤولي الأمن المعنيين، قد أخفقوا في واجبهم الأول، المتمثل في الحيلولة دون سيطرة الإرهابيين على مدرسة «بيسلان» في المقام الأول. ويعني هذا الفشل، أن الوزراء والمسؤولين المعنيين، لم يتعلموا دروس الماضي بعد. فالملاحظ أن الإرهابيين، حملوا معهم الأقنعة الواقية من الغازات السامة، مما يعنى أنهم تعلموا درس تشرين اول 2002، الذي انتهى فيه احتجاز الرهائن، إثر استخدام القوات الأمنية الروسية للغازات السامة القاتلة، في أحد مسارح العاصمة الروسية موسكو.
\r\n
وفيما يبدو، فإن روسيا لا تزال مشدودة إلى ماضي تقاليدها الإدارية البالية، إذ لم تكن خطوط السلطات والصلاحيات، واضحة بين الضباط الذين تولوا مهمة تحرير الرهائن من قبضة «الإرهابيين». وكانت الاستراتيجية نفسها مضطربة: «هل نفاوض الإرهابيين أم لا نفاوضهم؟» وفي أثناء تلك الفوضى العارمة، أطلق العديد من المدنيين المسلحين، خطأ، النار على عدد من أفراد القوات الروسية الخاصة. وعموما فإن أولئك الجنود البواسل الذين اقتحموا المدرسة في نهاية المطاف، أبلوا بلاءً حسنا وبطوليا، على عكس قادتهم تماماً.
\r\n
صحيح أن «بيسلان» كانت الفصل الدرامي الأكثر دموية ومأساوية في التاريخ، غير أنها لم تكن الوحيدة في التاريخ الروسي القريب. فقائمة ضحايا «الإرهاب» خلال السنوات الأخيرة وحدها، طويلة جداً، بقدر ما هي صادمة ومفجعة. فقد مات من قبل، 300 مواطن روسي في انفجارات قنابل موقوتة وقعت في العاصمة موسكو، ومدينتين أخريين في خريف عام 1999 . أما قتلى مسرح موسكو، فقد بلغ عددهم 120 من الرهائن المحتجزين. وخلال الفترة الممتدة بين كانون اول 2002- ايار 2004، لقي 270 مواطناً شيشانياً مصرعهم - بمن فيهم الرئيس أحمد قادروف- خلال ثماني هجمات إرهابية شنت هناك. أما في الرابع والعشرين من شهر اب الماضي، فقد أسقطت طائرتان روسيتان، أودتا بحياة 89 من ركابهما على الأقل. وفي الحادي والثلاثين من الشهر نفسه، وقع حادث انتحاري في محطة لمترو الأنفاق، راح ضحيته عشرات آخرون. فإذا كان رصيد «الإرهاب» بكل هذه الفداحة والارتفاع المريع في أعداد الضحايا، فإلى متى سيتعلم «بوتين» الدرس؟.
\r\n
\r\n
* أستاذ مشارك للعلوم السياسية بجامعة «ستانفورد»
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.