مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء    محافظ الإسماعيلية يوافق على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني    حماس ترفض زيارة الصليب الأحمر للأسرى في غزة    وسائل إعلام أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على اجتياح لبنان    ناصر منسي: هدفي في السوبر الإفريقي أفضل من قاضية أفشة مع الأهلي    ضبط نسناس الشيخ زايد وتسليمه لحديقة الحيوان    انخفاض الحرارة واضطراب الملاحة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء    أحمد عزمي يكشف السر وراء مناشدته الشركة المتحدة    صحة دمياط: بدء تشغيل جهاز رسم القلب بالمجهود بالمستشفى العام    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    كيفية التحقق من صحة القلب    موعد مباراة الهلال والشرطة العراقي والقنوات الناقلة في دوري أبطال آسيا للنخبة    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    كيف استعدت سيدات الزمالك لمواجهة الأهلي في الدوري؟ (صور وفيديو)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    تم إدراجهم بالثالثة.. أندية بالدرجة الرابعة تقاضي اتحاد الكرة لحسم موقفهم    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفاظاً على البنية التحتية للبلاد، القيادة الأميركية ترفض اقتراحاً بنسف الجسور لا
نشر في التغيير يوم 28 - 07 - 2004


\r\n
ودعم جهود حكومة عراقية جديدة من المفترض أن تكون موالية لأميركا. واذا كان الأمر يتطلب إغلاق الجسور فإن الحل يكون باغلاقها بالدبابات والمدرعات وليس بنسفها.
\r\n
\r\n
كان أمام دي كامب الآن شريط يمتد لمسافة سبعة كيلومترات يحتاج الى تأمينه، قرر سحب قوات من وحدتيه الأخريين وارسالها الى الشمال والشرق لسد الجسور. كانت هذه مهمة شاقة تتطلب اعادة انتشار لفصائل المدرعات ولوحدات تابعة لعدد من الكتائب. قام بسحب معظم مدرعاته عند جسر الرابع عشر من يوليو ومن التقاطع المروري وارسلها لتأمين الجسرين الأولين شمال الجمهورية. كما اعتزم اعادة المدرعات الى منطقة التقاطع بعد ان تقصفها المدفعية والطيران.
\r\n
\r\n
وخلال القصف الجوي تعرضت طائرة اميركية لصاروخ ارض جو اصاب محركها اصابة بالغة، حاول قائد الطائرة الميجور جيم ايوالد السيطرة على الطائرة حتى الوصول الى الخطوط الاميركية لكنه لم يفلح فقفز بمظلته ليهبط فوق احد الحقول العراقية، اختبأ ايوالد وسط منطقة ذات اشجار كثيفة وهو لا يعرف اذا ما كان في مكان يسيطر عليه المقاتلون العراقيون ام القوات الاميركية. لكنه قرر عدم المخاطرة ثم تناهي الى مسامعه صوت عربة تقترب ثم اصوات اشخاص يتحدثون.
\r\n
\r\n
وصلته بعض الكلمات الانجليزية لكن شكوكه لم تتبدد الا بعد ان نادى عليه احدهم بلكنة اميركية بأن يخرج من مخبأه وانه في أمان. لم تكن لدى فيل وولفورد ورجاله ادنى فكرة عن ان طائرة اميركية قد سقطت وان طائرة ثانية قد اصيبت لكنها نجحت في العودة الى قاعدتها. كان الكابتن وولفورد داخل دبابته بشارع حيفا على بعد نحو مئتي متر فقط من قوس النصر المؤدي الى التقاطع.كان يريد ان يكون قريبا بالقدر الذي يكفي لتوجيه نيران الهاون التي تم اطلاقها تمهيداً للقصف الجوي.
\r\n
\r\n
كان يريد قصف مبنى وزارة التخطيط ومبنى مكون من ثلاثة طوابق في الركن الشمالي الغربي من التقاطع حيث كان يطلق منه القناصة وافراد «الآر. بي. جيه» النيران على دباباته. لم يكن بمقدوره رؤية الطائرات. ولكنه كان يسمع صوتها، اسقطت طائرة أف 18 قنبلة اخطأت مبنى وزارة التخطيط وسقطت امامه فوق كومة من الاتربة والاحجار بينما سقطت قنبلة اخرى فوق المبنى الآخر فسوته بالارض.
\r\n
\r\n
كان وولفورد على استعداد للعودة الى التقاطع من جديد. مر على انسحاب مدرعاته نحو 45 دقيقة جرى خلالها قصف التقاطع بالمدفعية وبالطائرات. تحرك في مجموعة من المدرعات تضم 14 دبابة ابرامز واربع عربات برادلي. وجد التقاطع مختلفا فمعدل اطلاق النار لم يعد كثيفا او مركزاً، وبدا لوولفورد ان العراقيين يقومون بسحب المصابين والقتلى وينقلوهم عبر النهر الى الضفة الاخرى. لكنه رأى ايضا المزيد من العربات التي ما تزال تنطلق فوق الجسر نحو التقاطع، حاملة مزيدا من التعزيزات لتعويض الذين قتلوا خلال القصف الجوي.
\r\n
\r\n
وهذه المرة تمكن الأميركيون، بدباباتهم الأكثر عدداً عن المرة السابقة ومع ضعف قوة العراقيين، من اطلاق كميات هائلة من النيران على المخابيء، والمباني وعلى المسلحين الذين كانوا يتحركون تحت دعائم الجسر. اندهش لوستيج من قوة مقاومة العراقيين رغم كل ما تعرضوا له من قصف مدفعي وجوي. كان يشعر بكراهية تجاههم، ولكنه اعترف باحترامه لهم بالمعنى العسكري المحض. بعد سلسلة متواصلة من القصف بالدبابات وعربات برادلي صدرت الأوامر لفرق المشاة لتأمين التقاطع.
\r\n
\r\n
تحرك أفراد المشاة تحت غطاء من نيران الدبابات لحمايتهم من أي هجوم عراقي. كانت الخنادق مشتعلة ويتصاعد منها الدخان بينما قام افراد المشاة بالتأكد من خلوها من أي مقاتلين بإطلاق النار بداخلها وإلقاء القنابل اليدوية داخلها. كانت جثث القتلى في كل مكان ولم يتمكن العراقيون من سحب جميع قتلاهم. كانت العربات الانتحارية لا تزال تندفع نحو المدرعات الأميركية التي كانت تطلق عليها النار فلا تتمكن من الوصول الى أهدافها وتنفجر في الطريق.
\r\n
\r\n
وبعد نحو ثلاثين دقيقة من القتال العنيف، شعر وولفورد انه قد تمكن أخيراً من السيطرة على التقاطع. إذ راح العراقيون يتراجعون باتجاه الجسر ثم إلى الأحياء المزدحمة بالسكان شمال وغرب التقاطع. ويقول مؤلف الكتاب إنه في احدى مراحل القتال صوبت احدى الدبابات مدفعيتها على فندق فلسطين على الضفة الشرقية من نهر دجلة وأطلقت قذيفة هزت الفندق وأحدثت اصابات عديدة وأدت الى مقتل اثنين من الصحفيين.
\r\n
\r\n
وكان المراسلون الأجانب يتخذون من فندق فلسطين مقراً لهم وكان هناك أكثر من مئة صحفي ومصور يقيمون في الفندق. بعد ذلك أبلغ مدني عراقي الأميركيين ان أفراداً من المخابرات العسكرية العراقية يقومون بعمليات انطلاقاً من مبنى متعدد الطوابق بالقرب من التقاطع وان تواجدهم هو الذي يعزز عمليات إطلاق النار من جانب المقاتلين العراقيين. حددت الأوامر للطائرات المقاتلة بدك المبنى. بعد ذلك انخفض معدل اطلاق النار الى حد كبير وشعر الجنود الأميركيون بقرب نهاية الحرب وذلك قبل أسابيع مما توقع الكثيرون.
\r\n
\r\n
البحث عن الجثة
\r\n
\r\n
بحلول ظهر يوم الثامن من ابريل توقف اطلاق النار على مفترقات الطريق السريع الثامن، وتمكنت الوحدات الأميركية من توسيع سيطرتها على التقاطعات بعد أن تراجع العراقيون والمقاتلون العرب وهم يحملون قتلاهم، إلا أنهم تركوا أولئك الذين وسط حقول النيران. لم يقم الضباط الأميركيون بإحصاء الخسائر، ولذلك فإنهم لم يعرفوا عدد العراقين الذين قتلوا خلال المعارك على مفترقات الطريق السريع، رغم ان بعضهم أعرب عن اعتقاده بأنه تم قتل أكثر من 600 مقاتل وتدمير نحو 150 عربة.
\r\n
\r\n
وعند حلول يوم الثامن من ابريل بدأ سكان بغداد يخرجون من منازلهم وهم في حالة من الفزع والاضطراب وكأنهم قد تعرضوا لكارثة طبيعية مثل زلزال أو اعصار. بعضهم كان له ابناء من المقاتلين فراحوا يبحثون عن جثثهم ليدفنوها، بينما قام آخرون باقتحام بنايات ونهب ما بداخلها من أثاث وأشياء ثمينة، وبعضهم كان يلوح بيديه بفرح.
\r\n
\r\n
وفي ذلك الوقت كان الاميركيون يبحثون عن جثة سيرجنت أميركي يدعى مارشال، وقد هداهم الى مكان الجثة صبي عراقي، حيث تم انتشال الجثة ووضعها في كيس أسود ليتم شحنه الى الولايات المتحدة لاجراء مراسم الدفن العسكري له. وكان مارشال قد قتل خلال الكمين الذي نصب لقافلة شاحنات التزود بالوقود والذخيرة.
\r\n
\r\n
وفي وسط مدينة بغداد يوم التاسع من أبريل كانت دبابات ابرامز وعربات برادلي لا تزال تطلق النار على آخر الصامدين من المقاتلين العراقيين الذين تسللوا إلى قطاع كتيبة مدرعات «روج» عبر نهر دجلة.
\r\n
\r\n
وفي اليوم التالي، العاشر من ابريل، رأى الجنود الاميركيون خلال دورياتهم على الضفة الغربية من نهر دجلة أهالي بغداد يلوحون بأيديهم ويحتفلون من شرفات منازلهم. طلب قائد مجموعة عربات برادلي من السائقين التحرك نحو حافة أحد الازقة حتى يتمكن من رصد البنايات ومتابعة حشود المدنيين الذين تجمعوا هناك. كان أحد الجنود يراقب الحشود عندما لاحظ سحابة بيضاء من الدخان أعقبها انفجار أصابت شظاياه عدداً من عربات برادلي. أصيب العديد من الجنود وهرعت سيارات الاسعاف لنقلهم إلى المستشفيات حيث كانت اصابات بعضهم خطيرة.
\r\n
\r\n
وعودة إلى إحدى فصائل كتيبة «روج» وهي فصيلة تدعى «تشارلي» فقد خاضت معارك عنيفة بوسط مدينة بغداد بالقرب من محطة القطارات والمتحف الوطني وذلك طوال يوم 7 ابريل. وفي اليوم التالي تعرضت دبابات الفصيلة لهجوم شنته نحو عشر عربات انتحارية. وقد اصطدمت عربة بإحدى الدبابات فهزتها بعنف رغم انه لم تلحق بها أي أضرار خطيرة. وكان جنديان من هذه الفصيلة قد أصيبا خلال عملية الانطلاقة الراعدة يوم الخامس من ابريل.
\r\n
\r\n
وتم نقلهما إلى مستشفى تابع للبحرية الاميركية في اسبانيا ثم توجها بعد ذلك الى الولايات المتحدة. وقد اجرى احدهما، ويدعى شيبلي، عملية جراحية تجميلية في وجهه، كما اجرى جراحة ترقيعية في عينه كما اجرى علاجاً طبيعياً لاحدى ذراعيه، الا انه لم يتمكن بعد فترة العلاج من تحريكه بشكل طبيعي. قرر شيبلي العودة الى مسقط رأسه في اريزونا والخروج من صفوف الجيش والعودة الى الحياة المدنية. اما الجندي الاخر ويدعى شيفر فقد قرر هو الآخر عدم العودة الى الجيش بعد ان ابلغه الاطباء ان ذراعه لن يعود طبيعياً مرة اخرى.
\r\n
\r\n
وفي المنطقة التي تفصل بين محطة القطارات ومقر الحرس الجمهوري الخاص في وسط بغداد تورطت فصيلة الكابتن جاسون كوزوي التابعة لكتيبة «روج» في سلسلة من حرب الشوارع طوال يوم الثامن من ابريل مع افراد من الحرس الجمهوري الخاص والفدائيين والمقاتلين العرب وفرق آر بي جي الذين انتشروا فوق اسطح المنازل وراحوا يطلقون النار على دبابات ابرامز.
\r\n
\r\n
وعربات برادلي. كما تعرضت الفصيلة لهجوم من العربات الانتحارية ولطلقات مباشرة من مدفعية مضادة للطائرات نصب بعضها فوق سطح محطة القطارات. وأمام المحطة انتشرت مجموعة من الخنادق مملوءة بالمقاتلين وقد قامت اطقم الفصيلة بقتل العشرات من الجنود والمقاتلين طوال فترة الصباح وبعد الظهر، الا ان آخرين كانوا يظهرون في الشوارع الجانبية وفي الازقة. وفي احد الشوارع كان المقاتلون يستخدمون عموداً طويلاً في نهايته خطاف لسحب القتلى والمصابين والاسلحة ايضا.
\r\n
\r\n
استغرقت عملية تأمين المنطقة اليوم بأكمله، الا ان رصاصات القناصة والتحرشات المختلفة استمرت بشكل متفرق لمدة ستة ايام اخرى. ورغم كثافة القتال في المدينة لم تفقد كتيبة «روج» اي فرد آخر من افرادها، بعد ان فقدت السيرجنت ستيفون بوكر يوم الخامس من ابريل ولم تعرف ظروف مقتله الا عندما اسر افراد من مشاه البحرية الاميركية مقاتلا عراقيا كان يحمل بندقية ام 4 وكشفت التحقيقات مع الاسير ان البندقية التي يحملها هي لجندي اميركي قتل في العمليات.
\r\n
\r\n
النهب في وضح النهار
\r\n
\r\n
وعند مجمع وزارة العدل على بعد ناصيتين غرب جسر نهر دجلة الذي كانت تدافع عنه فصيلة الكابتن ستيف باري وهي فصيلة تدعى «سايكلون» تحركت دورية مشاه بعد فجر يوم التاسع من ابريل لمعرفة سر الضجيج الذي يأتي من مبنى متعدد الطوابق يضم مكاتب وزارة العدل، وعندما اقترب ضوء المشاه من مدخل المبنى رفعوا بنادقهم ليصوبوها تجاه اصوات قادمة من السلم. وفي هذه اللحظة ظهر صبيان عراقيان يبتسمان وهما يحملان العديد من الاشياء المكتبية مثل الدباسات والاقلام والأوراق.
\r\n
\r\n
ابعد الجنوب الصبيين وواصلوا صعود السلم ليكتشفوا ان المبنى ممتلئ بشباب وصبية يقومون بنهب كل ما يقع تحت ايديهم من أجهزة كمبيوتروطابعات وهواتف. كما رأوا رجلين يحملان اريكة عريضة ويحاولان الخروج بها من المبنى. كما راح البعض يلقي بآلاف الملفات والاوراق الخاصة بالوزارة من نوافذ المبنى. كما نجح رجل في سحب وحدة جهاز لتكييف الهواء حتى هبط به الى الطابق الارضي، حيث طلب من جنديين اميركيين مساعدته في اخراج الجهاز!
\r\n
\r\n
ابلغ قائد الدورية رئيسه بما يحدث في المبنى. وقام الرؤساء بالاستفسار عما يفعلونه حيال عمليات النهب اذ انهم لم يتلقوا اي تعليمات خاصة بالتعامل مع مثل هذه الحالات. فقد كان تركيزهم على مدى اشهر هو مواجهة الجيش العراقي والاطاحة بنظام صدام حسين.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف في هذا الفصل الاخير من الكتاب انه لم يتم في الواقع مناقشة اية اوضاع سوف تستجد بعد سقوط بغداد. وجاء القرار من القيادة العليا: عززوا مراكز دفاعاتكم واسحبوا أي سلاح يحمله عراقيون ولكن لا تطلقوا النار على اولئك الذين يقومون بأعمال النهب.
\r\n
\r\n
وطوال بقية اليوم قام افراد فصيلة «سايكلون» بتحصين مراكز دفاعاتهم وراحوا يتابعون اولئك الذين يقومون بعمليات نهب مكاتب وزارة العدل ثم يتحولون الى بنايات حكومية اخرى ضمن المجتمع الحكومي في وسط بغداد.
\r\n
\r\n
وعلى بعد ميل الى الجنوب وعند القصر الجمهوري كان الكابتن فيل وولفورد يشق طريقه نحو القصر بعد ظهر يوم الثاني من ابريل ليلقي نظرة على ساحة القتال في ضوء النهار. وعند القوس الصغير حيث فاجأ المقاتلون العراقيون السيرجنت لوستيج بقذيفتي ار بي جي اصابتا دبابته، القى وولفورد نظرة عن قرب على المقاتلين الذين هاجموا القصر عند منتصف الليل. ولو لم يكن هؤلاء يحملون الاسلحة ويرتدون احزمة الذخيرة، لظن أنهم طلاب جامعيون.
\r\n
\r\n
فمعظمهم كان يرتدي بنطلونات الجينز والقمصان الرياضية. اندهش عندما رأى جثة أحدهم وقد وضع على عينيه نظارة شمسية رغم ان الهجوم تم في احلك ليلة يراها في بغداد. لم يفهم وولفورد السبب الذي جعل هؤلاء الشباب يندفعون على الطريق المؤدي إلى القصر في منتصف الليل ويهاجمون فصيلة من الدبابات الاميركية دون اي حماية.
\r\n
\r\n
وعند تقاطع الطريق بالقرب من جسر الجمهورية اكتشف مخبأ عند الركن الجنوبي الغربي. كان المخبأ مصنوعاً من حاوية بضائع معدنية تم دفنها تحت الارض ومجهزة من الداخل بمكتب وهاتف يستخدم في ساحات القتال لكنه لا يعمل واكوام من الامدادات. رأى وولفورد انه كان يصلح ليكون مركز قيادة متكاملاً.
\r\n
\r\n
وبعد اسبوعين من المعركة التي دارت للسيطرة على الجسر، كان وولفورد يقوم بدورية عندما لاحظ عدة سيارات اسعاف عراقية متوقفة على جانب الطريق عند الطرف الشمالي لحديقتين بالقرب من التقاطع. وكانت مجموعة من الافراد يضعون الكمامات على وجوههم وينتشلون جثثاً من سلسلة من الخنادق. وكان قد تم استدعاء هؤلاء الافراد بعد ان شكا السكان من رائحة شديدة العفونة تأتي من جهة الحديقة. انتشلوا حوالي 54 جثة.
\r\n
\r\n
كما قضى الجنود الاميركيون عدة اسابيع في منطقة التقاطع بعد ان اقاموا نقطة تفتيش بالمكان.
\r\n
\r\n
وقد شهد التقاطع بعد ذلك متاعب عديدة. ففي احد الايام اضطر رجال وولفورد إلى تفريق مظاهرة قام بها جنود عراقيون سابقون يطالبون بمرتباتهم المتأخرة. وفي يوم آخر اقتربت امرأة عجوز من الاميركيين وهي تحمل قنبلة يدوية وقد نزعت فتيلها، لكن احد الجنود تمكن في آخر لحظة من الامساك بالمرأة والقاء القنبلة بعيداً على احد الجدران. وفي احد الايام قام رجل عراقي يحمل سكيناً وآخر يمسك بقطعة من الزجاج المهشم بمهاجمة الجنود الاميركيين الذين تمكنوا من التغلب عليهما.
\r\n
\r\n
كما قام الكابتن بلانكو الذي قاد قافلة امدادات الوقود والذخيرة على الطريق السريع الثامن يوم السابع من ابريل بجولة حول القصر.
\r\n
\r\n
ازمة صحفية
\r\n
\r\n
بحلول يوم التاسع من ابريل اثار مقتل مصورين صحفيين بفندق فلسطين جميع الصحفيين في مختلف انحاء العالم. فقد تساءل الصحفيون الغاضبون عن سبب قيام وحدة قتالية اميركية، مجهزة بتكنولوجيا اقمار صناعية ومعدات كمبيوتر متطورة بقصف مبنى معروف للجميع انه فندق، كما رددت الانباء مراراً انه يقيم فيه نحو مئة صحفي يغطون تطورات الحرب من داخل بغداد. وقالوا انه كان يتعين على الاميركيين ان يتأكدوا من الهدف قبل ان يقصفوه.
\r\n
\r\n
وفي الشهر التالي نشرت لجنة حماية الصحفيين تقريراً مفصلاً عن الحادث اشارت فيه الى ان الهجوم على الفندق لم يكن متعمداً ولكن كان من الممكن تجنبه، نظراً لأن فندق فلسطين من الفنادق المعروفة ومن السهل التعرف عليه، ونظراً لأنه كان ينبغي على مدرعات اللواء الثاني ان تدرك ضرورة عدم اطلاق النار على الفندق.
\r\n
\r\n
وقد اجرى الجيش الاميركي سلسلة من التحقيقات وتم الاستماع الى اقوال بيركنز ودي كامب وولفورد وآخرين عدة مرات. وقام القادة باصطحاب المحققين لساحة القتال عند التقاطع وعبر الجسر. وفي اغسطس اصدرت القيادة المركزية الاميركية تقريراً جاء فيه ان افراد فصيلة «اساسيين» كان لهم مبرراتهم في اطلاق النار على ما اعتقدوا انه موقع عدائي. وذكر البيان ان تصرفات الوحدة تأتي متوافقة تماماً مع قواعد الاشتباك لأن الجنود اعتقدوا انهم يطلقون النار على مقاتلين يهددونهم».
\r\n
\r\n
وتجاهل التقرير تأكيدات الصحفيين بأن القيادة العسكرية الاميركية العليا في الكويت وقطر، التي تتصل بصورة مباشرة بالصحفيين، كان يتعين عليها ان تحذر القادة في بغداد بأن فندق فلسطين يقع في المنطقة التي اشتبكت فيها الدبابات الاميركية بالقوات العراقية يوم الثامن من ابريل.
\r\n
\r\n
واعرب الجنود والقادة الاميركيون، بدءاً بالكولونيل بيركنز وحتى السيرجنت جيبسون، عن اسفهم لمقتل المصورين، لكنهم شعروا ايضاً بالاحباط خاصة وان التقارير الصحفية صورت محاولاتهم لتحديد فندق فلسطين كهدف لضربتهم على انه مؤامرة لاطلاق النار على الفندق.
\r\n
\r\n
ويقول مؤلف الكتاب ان قصف فندق فلسطين تحول ليصبح احد الفصول المأساوية في عملية الغزو الاميركي للعراق.
\r\n
\r\n
ومع مطلع شهر مايو تحول تركيز الجيش الاميركي من المهمات القتالية الى مهمة تحقيق الاستقرار واعادة البناء وهي المهمة الأكثر غموضا والأكثر صعوبة بالنسبة لجنود تدربوا لأشهر على مهمة تدمير القوات العراقية والإطاحة بنظام صدام. شعر الجنود الاميركيون بفقدان الهدف، فالاندفاع للاستيلاء على بغداد والتقدم نحو القصور والوزارات قد تلاشى الآن. لقد قاموا بهجوم مدرع بعدد لا يتجاوز الألف جندي للاستيلاء على العاصمة العراقية بغداد التي يدافع عنها آلاف الجنوب والمقاتلين، واحتلال عاصمة لا تتوفر لديهم أية معلومات مستفيضة عن طبيعتها.
\r\n
\r\n
تغيير جذري
\r\n
\r\n
لقد أدت الانطلاقة الراعدة للواء المدرع الثاني الى احداث تغيير جذري بمفهوم حرب المدن واسقاط فكرة عدم ملاءمة الدبابات للتورط في مثل هذا النوع من القتال الذي يحتاج الى قدر كبير من المرونة والحركة. كما ساهمت هذه الانطلاقة في تقصير مدة الحرب بأسابيع. كما اختزلت فترة الحصار الطويل الدموي للعاصمة الذي توقعه مخططو وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» الذين تصوروا في بداية الأمر عملية انزال جوي للمشاة في مناطق حيوية من العاصمة وذلك قبل اقتحامها بريا.
\r\n
\r\n
يقول مؤلف الكتاب انه رغم كل ما قيل ورغم كل ما حققه الاميركيون فانه يجب الاعتراف بأن اللواء الاميركي المدرع الثاني قد اشترك في قتال أمام قوات لا تتمتع بروح معنوية عالية ولا تمتلك سلاحا متطورا مثل السلاح الذي يقاتل به الجندي الاميركي. كما ينبغي القول بأن الجيش الاميركي حارب دولة استنزفت قوتها وقدراتها نتيجة للانتصار الحاسم لدول التحالف خلال حرب الخليج الاولى ونتيجة لسنوات طويلة من الحصار والعقوبات الاقتصادية.
\r\n
\r\n
لقد كان الجيش الاميركي الافضل على أصعدة عديدة سواء على صعيد التدريب أو على صعيد امتلاك أكثر الاسلحة التكنولوجية تطورا على سطح الكرة الارضية، ومنها تكنولوجيا القتال الليلي وشاشات الكمبيوتر المجهزة في دبابات أبرامز التي تعد اقوى وأحدث دبابة في العالم. كما دارت معظم المعارك بين جنود يقاتلون وهم داخل هذه المدرعات التي من الصعب تعطيلها الا في حالات استثنائية وبين جنود ومقاتلين وعراقيين يختبئون في خنادق غير محصنة أو مقاتلين يواجهون بصدورهم العارية هذه الالة العسكرية الرهيبة.
\r\n
\r\n
ويقول الكاتب إن الأهم من كل ذلك ان العراقيين قد دخلوا الحرب وهم لا يملكون أسطولاً بحرياً أو طائرات هليكوبتر مقاتلة، ولم يكن لديهم سوى عدد من الطائرات المقاتلة قديمة الطراز تم اخفاء معظمها خوفاً من تدميرها. أما الوحدات المدرعة فقد انهكها بشكل كبير القصف الجوي الاميركي البريطاني.
\r\n
\r\n
ونتيجة لكل ذلك فقد شعر الجنود العراقيون بنتيجة الحرب منذ البداية وقام الآلاف منهم بالتخلص من بزاتهم العسكرية وفروا الى منازلهم. ورغم ذلك فان الآلاف من الحرس الجمهوري الخاص وفدائيي صدام والمقاتلين العرب وميليشيات حزب البعث قد صمدوا في المعركة وكانت مقاومتهم في منتهى العنف والشراسة خاصة على الطريق السريع الثامن وداخل مدينة بغداد.
\r\n
\r\n
واذا كانت معركة الاستيلاء على بغداد تبدو بمثابة رحلة ترفيهية سهلة بالنسبة لمشاهدي قنوات التلفزيون الاميركية وللجنرالات الجالسين في صالونات منازلهم ويؤدون دور المعلقين والمحللين لسير المعارك، فان الجنود الذين قاموا باقتحام العاصمة واسقاط نظام صدام هم وحدهم الذين يعرفون الحقيقة.
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان كتائب مدرعات اللواء الثاني سيطرت على مجمع القصور لعدة اسابيع، حتى تم نقل اللواء الى الفلوجة، وهي مدينة سنية مزدحمة بالسكان تقع في منطقة صحراوية مفتوحة على بعد خمسة وستين كيلو متراً غربي بغداد. وقضى جنود اللواء صيفاً حاراً صعباً قبل ان يعودوا الى بلادهم في الخريف. وكانت الفلوجة مركزاً لمقاومة عنيدة وربما أكثر المدن العراقية كراهية للاميركيين في محيط بغداد الذي يعرف باسم المثلث السني.
\r\n
\r\n
وبعد انتهاء الحرب صدرت الاوامر للجنود بالاعتماد بصورة أقل على الدبابات وعربات برادلي وبشكل أكبر على عربات همفي الخفيفة وذلك بهدف السيطرة بصورة أكثر فعالية على المناطق المدنية. إلا ان هذا التغيير أدى الى تعرض الجنود لتهديدات أكبر حيث واجهوا هجمات خاطفة من عراقيين رافضين للغزو الاميركي قاموا بتنسيق أساليب وتكتيكات مقاومتهم. وشارك في هذه المقاومة العديد من المقاتلين الذين بقوا على قيد الحياة بعد الانطلاقات الراعدة التي قضت على معظمهم.
\r\n
\r\n
وبالاضافة الى الآر بي جي والاسلحة الصغيرة والهاون تحول العراقيون الى المقاومة من خلال العربات الانتحارية التي تختار مناطق استراتيجية والى استخدام قنابل يدوية تلقى في الشوارع حيث تتواجد قوات اميركية. وقد قتلت قنبلة من ذلك النوع سائقاً تابعاً لكتيبة «توسكر» كان يقود عربة همفي عند اشارات ضوئية مرورية بالقرب من ضفة نهر الفرات. وبموت هذا الجندي ارتفع عدد القتلى الاميركيين في عملية حرية العراق الى 148 قتيلاً حتى تاريخه ليتجاوز القتلى الاميركيين في حرب الخليج عام 1991 والذي بلغ 147 قتيلاً.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.