محافظ شمال سيناء يفتتح معرض امرأة سيناوية منتجة    نائبة وزيرة التضامن تترأس اجتماعا موسعا لمؤسسات المجتمع المدني بالمنيا    رئيس جامعة دمنهور يستقبل رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق في إطار احتفالات الجامعة بالذكرى 51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    وزير الأوقاف: طلاب إندونيسيا بالأزهر أمانة في أعناقنا    خاص| هل يسترد من تم رفضهم فى إعلانات الإسكان أموالهم ؟.. مي عبدالحميد توضح    بعد صعود الأوقية عالماً.. ننشر أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالتعاملات المسائية    جامعة مطروح تتأهل لنهائيات مسابقة «GEN-Z» لريادة الأعمال    الرقابة المالية تصدر كتابا بشأن ضوابط حوالات المحافظ الائتمانية الخاصة بأنشطة التمويل غير المصرفي    بلينكن يلتقي نتنياهو لبحث تطورات الحرب على غزة ولبنان    آرسنال يتقدم على شاختار في الشوط الأول    مانشستر يونايتد يفاوض تشافي لخلافة تين هاج    مصرع «سايس» بسبب جرعة مخدرات زائدة في أوسيم    النائب العام يشارك في منتدى النواب العموم لمجموعة الدول العشرين    لطيفة تبدع في ختام الليلة العمانية على هامش مهرجان الموسيقى العربية    بالصور.. ولاء الشريف تؤدي مناسك العمرة    سامح حسين يعقد جلسات عمل مكثفة من أجل مسلسل "برمودا"    تكريم أكرم حسني في احتفالية "الأب قدوة".. ويوجه رسالة ل وزيرة التضامن (صور)    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة فى الأبناء    صحة البحيرة تواصل تكثيف أعمال المكافحة لناقلات الأمراض المعدية بشوارع المحافظة (صور)    البرلمان الأوروبي يوافق على منح أوكرانيا قرضا ب35 مليار يورو من أرباح الأصول الروسية المجمدة    القاهرة الإخبارية: 7 شهداء ومصابين إثر قصف استهدف مدرسة للنازحين فى بيت لاهيا    خبير اقتصادي: قمة بريكس جاءت في توقيت شديد الصعوبة بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية    تشكيل أستون فيلا ضد بولونيا.. دوران أساسيا فى دورى أبطال أوروبا    هل الخير الكثير من الابتلاءات؟.. رئيس «العالمي للفتوى» يجيب    بالخطوات.. طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي 2024 وسدادها أونلاين (رابط مباشر)    المصري يختتم ودياته في معسكر المغرب ب لقاء شباب المحمدية غدا    غزل المحلة يتلقى خطابا من اتحاد الكرة بإيقاف الزنفلي 4 أشهر    حابس الشروف: مقتل قائد اللواء 401 أثر في نفسية جنود الاحتلال الإسرائيلي    دَخْلَكْ يا طير «السنوار»!    مصرع طفل غرقا أثناء السباحة في ترعة «الستين» بالعياط    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    منافس بيراميدز - بعد تعادلين في الدوري.. الترجي يعلن رحيل مدربه البرتغالي    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    أهمية انضمام مصر لتجمع البريكس.. عبد المنعم السيد يكشف التفاصيل    هبة عوف: خراب بيوت كثيرة بسبب فهم خاطئ لأحكام الشرع    مساعد وزير الصحة: تنفيذ شراكات ناجحة مع منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات    نقيب المحامين يوقع مذكرة تفاهم مع وفد من هونج كونج ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي    بعد تصريحات السيسي.. الحكومة تطلب من "صندوق النقد" مد أجل تنفيذ إصلاحات البرنامج الاقتصادي    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    الفنون الشعبية تستقبل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بأسوان    بعد التحرش بطالبات مدرسة.. رسالة مهمة من النيابة الإدارية للطالبات (تفاصيل)    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    الرعاية الصحية: انجاز 491 بروتوكولًا إكلينيكيًا ل الأمراض الأكثر شيوعًا    إصابة 3 أشخاص في حادث سير بالعريش    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لروسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا    رومانو يكشف عرض نابولي لتجديد عقد كفاراتسخيليا    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع رئيس اتحاد الكرة بشأن نهائي كأس السوبر المصري    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذابح حقيقية أمام القصر الجمهوري، الفوضى تعم بغداد والمدنيون يجدون أنفسهم وسط سا
نشر في التغيير يوم 25 - 07 - 2004


\r\n
كان القصر مهجوراً عندما وصل اليه بيركنز وهو على متن عربة القيادة أم 113 وكان بيركنز قد نجا من الموت عندما اندفعت شاحنة بيضاء نحو عربته من الخلف. الا ان الكابتن شانون هيوم وهو قائد لعربة برادلي ضمن كتيبة «توسكر» قد لاحظ اندفاع الشاحنة الصغيرة فطلب من مساعده اطلاق نار تحذيرية، لكن الشاحنة واصلت اندفاعها واصبحت على بعد 150 مترا فقط من عربة القيادة. فأمر باطلاق النار عليها، فانفجرت وانحرفت عن الطريق وتأكد هيوم من شدة الانفجارات انها كانت سيارة انتحارية محشوة بالمتفجرات.
\r\n
\r\n
قام الجنود الاميركيون بتفتيش القصر وتأمينه، وقام بيركنز بانشاء مركز قيادته التكتيكية في مكان مرتفع بحرم القصر يفضي الى ممشى مغطى وممر منهار جزئيا. كان مركز القيادة عبارة عن مجموعة من عربات اتصالات مصفحة متجاورة تشكل مركزا ميدانيا للواء. ومن هذا المركز استطاع بيركنز توجيه العمليات القتالية، والتحدث لاسلكيا ومن خلال هاتف الاقمار الصناعية الى الجنرال بلاونت في المطار والليفتنانت كولونيل ويسلي بمركز عمليات اللواء على بعد 18 كيلومتراً الى الجنوب.
\r\n
\r\n
استطاع بيركنز من هذا المكان المرتفع ان يرى المجمع الحكومي بوسط بغداد، بدءاً بمقر الحرس الجمهوري في الغرب الى حديقة الزوراء في الشمال. والى الشرق يمتد جسر الرابع عشر من يوليو ويبدو خلفه القصر الجمهوري. كان يبدو ان وسط بغداد تشتعل في معظم احيائها النيران، فقد ارتفعت اعمدة من الدخان الاسود الى السماء نتيجة للحرائق التي قام باشعالها العراقيون لاخفاء بعض الاهداف عن الطائرات الاميركية، ونتيجة للعربات والمخابيء العراقية التي دمرتها المدرعات.
\r\n
\r\n
اعتقد بيركنز انه انجز هدفه الاول وهو احداث حالة من الفوضى لخلخلة الدفاعات العراقية من خلال انطلاقة مدرعة عنيفة وسريعة، فقد نجح في تفكيك طبقات الدفاع، واصبحت دباباته وعرباته المدرعة الآن خلف القوات العراقية. واصبح الهدف الثاني في المتناول الآن وهو القتال من الداخل لتحقيق موطيء قدم في قلب العاصمة ثم العمل على اسقاط النظام من الداخل.
\r\n
\r\n
في ذلك الوقت كان ريك شوارتز قد استولى بقواته على قصر الرشيد ومركز المؤتمرات وساحة العرض العسكري ونصب الجندي المجهول ومنطقة الملاهي داخل حديقة الزوراء وحديقة الحيوان المجاورة، وقام بتأمين كل هذه المواقع.
\r\n
\r\n
الالتقاء بالصحاف
\r\n
\r\n
كما كان اللواء يستعد للاستيلاء على وزارة الاعلام حيث كان شوارتز يأمل في الالتقاء بالوزير الصحاف. اما قوات دي كامب فقد كانت في طريقها للاستيلاء على مجمع القصور بكامله، بدءا بقصر سجود الى الشرق وحتى ساحة الرابع عشر من يوليو مرورا بانحناءه نهر دجلة ثم الى الشمال نحو طريق صغير من الحجر يفضي الى جسر الجمهورية العريض. ابلغ دي كامب الكولونيل بيركنز ان بامكانه قضاء الليل في هذه المنطقة، مما يعني ان باستطاعته الحصول على الوقود والذخيرة لكتيبته من على الطريق السريع الثامن.
\r\n
\r\n
أصبح بيركنز الآن مصمما اكثر من أي وقت مضى على قضاء الليل في المراكز التي تم الاستيلاء عليها. كانت الكتيبة التي خولت لها مهمة تأمين الطريق الثامن ما تزال تتحرك على الطريق، الامر الذي يعني انه من المبكر جدا معرفة ما اذا كانت ستستطيع قوات الوقود والذخيرة المرور على الطريق.
\r\n
\r\n
الا ان الامور قد سارت حتى الآن على ما يرام مما جعل بيركنز يشعر بثقة متزايدة. رأى ان بامكانه اقناع الجنرال بلاونت بأن يقضي الليل هنا. وسيتعين على بلاونت ان يقنع بدوره القيادات الاعلى على تحويل الانطلاقة الراعدة الى احتلال العاصمة لليلة.
\r\n
\r\n
لقد حدثت تطورات كبيرة على المؤسسة العسكرية الاميركية منذ انتهاء حرب فيتنام. فقد اصبح هناك اتجاه متزايد بالمرونة ومنح الضباط في ساحات القتال حرية التصرف وفقاً للمستجدات التي تطرأ على الفكرة الاصلية. وقد حدث ذلك خلال الانطلاقة الراعدة الاولى عندما تابعت القيادة الاعلى مستوى من قيادة الفرقة الثالثة مشاة الاحداث من طائرة تجسس صغيرة لكنها لم تتدخل في قرارات بيركنز على الارض.
\r\n
\r\n
لقد دخل بيركنز في معارك عديدة مع الجيش العراقي منذ انطلاقه من الكويت. وقد درس بيركنز الموقف عدة اشهر وأعد نفسه لهذا اليوم. وقد اقتحم بغداد مرتين وتعرف على حجم الدفاعات العراقية، لقد عرف الآن ما هو المطلوب للاطاحة بالنظام. فاذا تمكن من قضاء الليل هنا، فان بغداد سوف تكون في قبضته.
\r\n
\r\n
ورتب بيركنز لاجراء لقاء تلفزيوني مع شبكة «فوكس نيوز» التي رافقت القوات الاميركية في انطلاقتها الى العاصمة العراقية. وكان يهدف من وراء هذا اللقاء الى تكذيب تصريحات الصحاف لوسائل الاعلام. وقال بيركنز في اللقاء ان لواء اميركيا مدرعا بكامله قد اصبح بالفعل داخل بغداد، وانه يسيطر على البنايات الحكومية لكن بيركنز لم يرد بشكل قاطع على سؤال حول المدة التي سيقضيها اللواء داخل بغداد لكنه قال ان ذلك سيعتمد على تطورات الموقف.
\r\n
\r\n
وعندما سأل مراسل الشبكة بيركنز عما اذا كانت نهاية الحرب باتت وشيكة، قال ان الجيش الاميركي هو الذي يملي الاسلوب القتالي.وفي الواقع فان القتال كان ما يزال دائراً، ففي الخلفية وصلت الى اذني بيركنز اصوات قذائف المدفعية والهاون، لذلك استطرد قائلا «اننا لا نزال نواجه مقاومة في مختلف انحاء المدينة».
\r\n
\r\n
حالة من الفوضى
\r\n
\r\n
يواصل المؤلف سرد تفاصيل اقتحام بغداد ويقول ان بغداد شهدت حالة من الفوضى العارمة حيث هجر الكثير من الاهالي مساكنهم وفروا نحو الشمال الى القرى المجاورة. كما اصبح المسئولون سواء من حزب البعث او الحكومة في حيرة من امرهم بعد ان توقف صدور اية اوامر لهم من رؤسائهم. وهذه الفوضى هي التي كان يسعى ديفيد بيركنز الى احداثها لزعزعة اركان النظام العراقي.
\r\n
\r\n
\r\n
كما خلع العراقيون زيهم العسكري وارتدوا ملابس مدنية وفروا في كل مكان وبعضهم احتفظ معه بسلاحه، وبعضهم تخلى تماما عن كل ما لديه من سلاح. وقد امتلأت ارضية الطريق المؤدي الى مجمع القصور بالكثير من الملابس العسكرية الخضراء وبمنصات اطلاق قذائف «آر. بي. جي» ورشاشات أيه كيه 47، كما كانت الاكواخ الاسمنتية التي يختبيء فيها الجنود خاوية سوى من بعض الاطعمة خاصة الارز والخبز الجاف. وكانت اوامر عراقية قد صدرت يوم 27 مارس لوحدات معينة بالتخلص من الزي العسكري كتمويه الا ان آخرين لم يتلقوا امراً بذلك قرروا الشيء نفسه.
\r\n
\r\n
ولم تكن هناك أية اتصالات بين وحدات الجيش العراقي. وبحلول صباح يوم 7 ابريل لم يصدر عن قادة الجيش اية اوامر سوى ارسال جنود في سيارات لمعرفة ما الذي تفعله وحدات اخرى. وبالنسبة لسلاح الطيران العراقي فلم يكن له اي دور اذ صدرت الاوامر في 24 مارس بتفكيك طائرات الميج 23 و 25 وطائرات الميراج المقاتلة ودفن اجزائها تحت الارض، ورغم ذلك فقد طلبت القيادة العليا من كبار الضباط البقاء في مكاتبهم بانتظار اوامر جديدة، لم تصدر بطبيعة الحال.
\r\n
\r\n
يقول الكاتب انه عندما علم بعض كبار الضباط العراقيين بدخول المدرعات الاميركية العاصمة بغداد، شعروا بالاستياء تجاه الطريقة التي يدافع بها النظام عن العاصمة. فقد رأى معظمهم انه من الضروري نسف الطرق السريعة والجسور المؤدية الى بغداد حتى يحرم الاميركيون من سهولة الوصول الى العاصمة.
\r\n
\r\n
الا ان البعض علم ان صدام ومستشاريه لم يتوقعوا غزواً اميركيا في الاساس، فقد توقعوا ان تطول المفاوضات والمساومات ويتم التوصل الى تسوية تجنبهم المواجهة العسكرية. ولكن حتى عندما بدأ الغزو في 20 مارس اعتقدت القيادة العراقية ان فرق الحرس الجمهوري ستكون قادرة على وقف التقدم الاميركي .
\r\n
\r\n
وظلت الطرق والجسور مفتوحة لتأمين وصول امدادات الوقود والذخيرة الى هذه الفرق. وعندما اقتحمت القوات الاميركية العاصمة شعر هؤلاء الضباط ان النظام لم يتعلم شيئا من هزيمته المهينة في الكويت عام 1991 وانهم غير راغبين في قبول حقيقة ان الجيش الاميركي اكثر تفوقاً بمراحل من بقايا الجيش العراقي وانه لا يمكن هزيمته في مواجهة مباشرة.
\r\n
\r\n
يقول مؤلف الكتاب انه في وسط المدينة كانت السيارات المدنية تجر نفسها في وسط ساحة القتال. فالعديد من سكان بغداد لم يعرفوا ان الدبابات الاميركية قد وصلت الى معظم احياء وسط المدينة وكانوا يخرجون من منازلهم لاداء اعمالهم اليومية. وكانت اذاعة بغداد تقول ان القوات الاميركية تعرضت للهزيمة خارج العاصمة. كانت حركة المرور اخف بطبيعة الحال عن المعتاد، لكن بعض المحلات ومحطات التزود بالوقود ظلت مفتوحة.
\r\n
\r\n
وفي ظل هذه الفوضى لقي الكثير من المدنيين حتفهم. ومنهم مترجم وسائقه يعمل لصالح صحيفة «ديلي تليغراف» اللندنية الذي كان متوجها الى فندق فلسطين في ذلك اليوم ولم يكن يعرف ان الدبابات الاميركية في المدينة، تعرضت سيارته لقصف مدفعي مباشر مع مجموعة من السيارات المدنية الاخرى. وقال شهود عيان ان الاميركيين سحبوا السيارات عبر الطريق وكانت جثث الضحايا مازالت بداخلها وصنعوا منها حاجزا للتحصن خلفها.
\r\n
\r\n
كما كان هناك الكثير من المدنيين الذين يفرون بسياراتهم الى مدن شمالية مثل كركوك وغيرها تعرضوا لقصف مدفعي اميركي مباشر وهم يحاولون التزود بالوقود او شراء احتياجاتهم من محلات البقالة. وقال شهود عيان انهم لم يلاحظوا اية طلقات تحذيرية قبل القصف المباشر.
\r\n
\r\n
مذبحة حقيقية
\r\n
\r\n
وبالعودة الى مجمع القصر الجمهوري يقول مؤلف الكتاب لقد شهدت المعارك عند هذا القصر مذبحة حقيقية تعرض لها الجنود العراقيون. فقد كانت تحصينات العراقيين امام القصر ضعيفة للغاية وعبارة عن مجرد حفر وسط الاشجار مغطاة باغصان الاشجار وبعض الحديد والاسلاك المعدنية. وبالاضافة الى ذلك فقد كان العراقيون يتوقعون ان يأتي الهجوم من الشمال من خلال الغابات، لكن الدبابات الاميركية جاءت من الغرب فاصبحت خلف المدافعين العراقيين.
\r\n
\r\n
وبينما فر الكثير من الجنود، زحف آخرون على بطونهم وراحوا يطلقون بجنون قذائف «آر. بي. جيه» وطلقات البنادق الآلية. كان معدل اطلاق النار كثيفا لكنه لم يكن دقيقا. لقد كان العراقيون مكشوفين تماما للدبابات الاميركية التي اطلقت نيرانها بكثافة على العراقيين وعلى الخنادق. وتحول المشهد الى مجزرة فقد تطايرت اشلاء الجنود في كل مكان وعلت اصوات الانفجارات من داخل الخنادق والتحصينات كما تعرض الفارون لشظايا المدفعية فسقط منهم الكثيرون.
\r\n
\r\n
واصلت الدبابات تقدمها لتتجاوز بوابات القصر الجمهوري وحدائقه وممراته، كان للقصر مدخلان، وكلاهما كان مفتوحا على مصراعيه، وكأنهما بمثابة دعوة للدخول. اتخذت الدبابات مواقع دفاعية داخل مجمع القصر في الوقت الذي واصل فيه بعض الاطقم قتل مجموعة صغيرة من جنود الحرس الجمهوري الخاص الذين كانوا يطلقون النار من مجموعة خنادق صغيرة.
\r\n
\r\n
كان القصر مهجوراً وبدا مثل متحف مغلق هذا اليوم. وكانت فوق الاركان الاربعة من سطح القصر تماثيل نصفية ضخمة من البرونز لصدام، تم ارسال وحدة من المشاة الى خلف القصر لتأمينه، كان القصر يطل على نهر دجلة وكان يوجد في خلف القصر العديد من الخنادق والمخابيء، التي كانت تضم مدافع مضادة للطائرات وعربات عسكرية .
\r\n
\r\n
وعربة اسعاف واحدة على الاقل. لكن كل هذه الخنادق كانت مهجورة. كانت هناك خنادق اخرى مجاورة للنهر وعندما اقتربت المدرعات الاميركية خرج كل الجنود من خنادقهم وفروا هاربين وبعضهم قفز في النهر وراح يسبح بجنون للوصول الى الضفة الاخرى. كانت هناك طائرتان هليكوبتر على الشاطيء لكنهما كانتا مهجورتين ايضا.
\r\n
\r\n
اما من تبقى في الخنادق فقد فتحت عليه عربات برادلي النار واندهش الاميركيون من سهولة اصطياد هؤلاء الجنود الذين بدا انهم لم يتلقوا اية تدريبات عن كيفية حماية انفسهم، كما دهش قائد المجموعة من مدى الاختلاف بين رجاله والعراقيين. فقد تدرب مع جنوده لأشهر في اميركا وفي الكويت على كيفية مواجهة اي موقف من الممكن ان يتعرضوا له بما في ذلك تنظيف المخابيء على ضفاف الانهار.
\r\n
\r\n
وتم وضع اساليب وخطط يتم تنفيذها بصرامة وهذه الاساليب محفوظة في اذهان كل جندي. اما العراقيون فلم يشعر الاميركيون بانهم جزء من جيش بل مجرد مجموعة من الافراد يتصرفون بشكل تلقائي دون اتباع اي نهج تم تدريبهم عليه، ولم يعرفوا كيف ينسقون جهودهم او يناورون بشكل جماعي بل تحرك كل جندي بشكل مستقل عن الآخرين، وشعر قائد المجموعة الذي يبلغ من العمر 25 عاماً فقط ودخل الخدمة العسكرية قبل ثلاث سنوات، انه افضل بكثير من الناحية التدريبية من كبار الضباط العراقيين الذين يوجهون خطط الدفاع عن العاصمة.
\r\n
\r\n
طلب قائد المجموعة من الجنود النزول من عرباتهم بعد التأكد من سلامة المكان. تحرك الجنود على الاقدام بطريقة تم التدريب عليها مسبقا وقاموا بتفتيش كل خندق والقاء القنابل اليدوية بداخله للتأكد من خلوه. كما اطلقوا النار على منطقة نباتات البوص بجوار النهر التي اختبأ فيها بعض العراقيين، وخلال هذه العملية تم اسر العديد من الجنود الذين كان بعضهم مصابا بإصابات خطيرة.
\r\n
\r\n
بعد ذلك تم تفتيش قاعات وغرف القصر بدقة متناهية للتأكد من عدم وجود اي جنود بداخله، وقد استخدم القصر بعد ذلك كمركز لعمليات الكتيبة «توسكر» ثم اصبح بعد انتهاء الحرب مقرا لسلطة الاحتلال الاميركية، كان القصر يضم 142 غرفة و 64 حماما و 22 مطبخاً و 19 قاعة اجتماعات وقاعة للعروض السينمائية!
\r\n
\r\n
السيطرة على مراكز السلطة
\r\n
\r\n
في تلك الاثناء كان الكابتن جاسون كونروي قد سيطر على ساحة العرض العسكري ونصب الجندي المجهول بحلول قبل ظهر يوم السابع من ابريل، الا ان قذائف الهاون كانت تتردد من وقت لآخر. وقد سقطت احدى القذائف بين عربتين مصفحتين تستقلهما الاطقم الهندسية، وسقطت اخرى على بعد 20 متراً من احدى الدبابات. ونظراً لسهولة نقل منصات اطلاق الهاون فقد فشل كونروي في معرفة مصدر اطلاق النار.
\r\n
\r\n
وبعد مرور وقت قليل اقتربت قذائف الهاون من مركز قيادة الكتيبة الذي تم نصبه على عجل في المكان القريب من نصب الجندي المجهول. ولم تتوقف قذائف الهاون الا بعد ان طلبت قيادة الكتيبة دعما من سلاح الطيران فقامت طائرتان اميركيتان اف 18 بقصف الموقع الذي تم تحديده بصعوبة.
\r\n
\r\n
كان بيركنز يحاول اقناع الجنرال بلاونت بالبقاء في وسط المدينة بدلا من الانسحاب كما تقضي الخطة الاصلية. وقال بيركنز انه قام بمخاطرة كبيرة ووسع من نطاق القوة القتالية التي استولت على اهداف استراتيجية داخل مجمع القصور والمباني الحكومية. ولا يريد ان تستمر المعارك وهو يقوم بعملية الانسحاب كما لا يريد ان يترك اهدافا استولى عليها بالفعل، كان بيركنز مقتنعا بإمكانية اسقاط النظام من الداخل الآن، خاصة وانه يسيطر على مراكز السلطة في العراق.
\r\n
\r\n
في ذلك الوقت كانت القيادة العليا ومركز القيادة المركزية الاميركية في الدوحة تنظر الى هذه المهمة على انها انطلاقة راعدة اخرى، واحدة من انطلاقات عديدة يتم التخطيط لها لاضعاف دفاعات بغداد. وكانت القيادة العليا تتوقع ان يصل رتل دبابات بيركنز الى حافة وسط المدينة ثم ينسحب ويعود الى مركز عمليات اللواء على الطريق السريع الثامن جنوب بغداد.
\r\n
\r\n
وفي صالة الركاب بمطار بغداد الدولي تم انشاء مركز لقيادة الهجوم. وكان يتم رصد معارك اليوم على شاشات اجهزة كمبيوتر عسكرية موصولة بنظام بث بالاقمار الصناعية. ويقوم بمتابعة تشغيلها فريق مدني من المهندسين تابعين لشركة «نورثروب جرومان».
\r\n
\r\n
وفي ذلك الصباح استدعى احد الضباط المهندسين وطلب منهم اصلاح عطب بالنظام لانه يرى على الشاشة ان دبابات وعربات برادلي التابعة للواء الثاني تتخذ مواقع دفاعية داخل مجمع القصور. وقال ان هذا مستحيل لانه قد تم ابلاغه بأنه لن يتم انشاء مواقع للقوات الاميركية داخل العاصمة وانها ستنسحب مرة اخرى.
\r\n
\r\n
وبعد فحص الاجهزة وجد المهندسون ان النظام يعمل بشكل جيد، وتركوا الضابط وهو في حيرة من امره، كانت القيادة الاميركية تخشى من تعرض اللواء الثاني لهجوم مضاد، كما ان بلاونت لم يكن على يقين بأن لديه القوة القتالية التي تكفي للبقاء في المطار وان يرسل جزءا منها كقوة انقاذ اذا ما تعرضت قوات بيركنز لهجوم مضاد في وسط العاصمة.
\r\n
\r\n
الا ان بيركنز واصل الدفاع عن وجهة نظره قائلا انه اكثر امانا في مجمع القصور من مركز العمليات التكتيكية على الطريقين الاول والثامن على بعد 18 كيلومترا جنوب وسط العاصمة. واضاف «ان لدينا فرصة استراتيجية مهمة لا ينبغي علينا تفويتها. واذا ما استطعنا قضاء الليل في وسط المدينة، فان الحرب ستكون قد انتهت فعليا».
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان بيركنز بحث مع بلاونت وعدد من قادة الكتائب المدرعة ضرورة ان يظهروا للعالم والرأي العام العراقي ان القوات الاميركية قد اخترقت قلب بغداد. ورأوا ان هذا يمكن ان يتحقق من خلال هدم احد تماثيل صدام بقلب العاصمة.
\r\n
\r\n
اتصل شوارتز لاسلكيا بالكابتن كونروي وأبلغه بأن القيادة العليا تبحث عن تمثال مناسب لهدمه، فرد كونروي «ان تمثال صدام وهو يمتطي جواداً هو الافضل». نصح بلاونت بيركنز بألا يتحدث لوسائل الاعلام بشكل مسهب، لانه لا يريد ان يشعر الرأي العام بأن القوات الاميركية هي قوة احتلال.
\r\n
\r\n
الا ان بيركنز اكد له انه لن يدلي بأية احاديث. انطلقت قذيفة من احدى الدبابات على التمثال فتهشم الجواد وتحطم رأس صدام. عندئذ شعر الاميركيون بلحظة النصر وبأن الحرب قد اقتربت من نهايتها ولم تعد تراودهم اي شكوك في امكانية قضاء اكثر من ليلة في قلب بغداد.
\r\n
\r\n
وبينما كان شوارتز يتحدث الى شبكة «فوكس نيوز» من قلب بغداد قائلا ان دباباته تقف خارج وزارة الاعلام العراقية، كان الصحاف يواصل احاديثه الصحفية في فندق فلسطين على الضفة الاخرى من نهر دجلة وينفي ان الاميركيين اقتحموا العاصمة. في ذلك الوقت كانت القيادة العليا تفكر في تحجيم الاحتفالات بالانتصار الاميركي. وقد تلقى بيركنز، حتى قبل اسقاط تمثال صدام امرا بعدم رفع العلم الاميركي. فقد شاهد البعض على شاشة فوكس نيوز احد كبار الضباط وهو يرفع علما اميركيا طوله 5 اقدام وعرضه 3 اقدام بساحة العرض العسكري.
\r\n
\r\n
خطة المعركة
\r\n
\r\n
وفي مركز عمليات لواء سبارتان على بعد 18 كيلومترا جنوب وسط العاصمة، شعر الليفتنانت كولونيل ايريك ويسلي بالارتياح وهو يتابع تنفيذ خطة المعركة التي ناقشها لشهور مع بيركنز. فقد اخترقت كتائب المدرعات قلب نظام صدام بدون ان تفقد رجلا واحدا وهو ما اعتبره ويسلي انجازاً كبيراً في ضوء عدد افراد القوات العراقية الذين دافعوا عن المدينة وفي ضوء حجم بغداد نفسها التي يسكنها اكثر من خمسة ملايين نسمة.
\r\n
\r\n
كان ويسلي مسئولاً عن مركز عمليات اللواء الذي كان بمثابة المخ الكمبيوتري للقوات وقد تم انشاؤه بوضع عربات اتصالات مصفحة في ظهر بعضها البعض على شكل دائرة. وأقيم المركز داخل مخزن زراعي مهجور في فناء مفتوح. تحيطه بنايات من طابقين وكان الضباط يتابعون تحركات الدبابات على شاشات الكمبيوتر المحمول وشاشات الرادار وعبر شبكات لاسلكية.
\r\n
\r\n
وكانت كل المعلومات تصل من خلال مقر عمليات الفرقة الثالثة في المطار، ومن خلال اتصالات بيركنز وتقارير طائرات التجسس وفرق المدفعية والهاون وفرق الاستطلاع، وكان ويسلي يتلقى كل هذه التقارير ويتصل ببيركنز ليحذره من عربات او افراد يقتربون منه.
\r\n
\r\n
وبعد ان اقتحمت الدبابات وسط بغداد ودخلت مجمع القصور اراد ويسلي ان يتحدث الى بيركنز على انفراد بعيدا عن شبكة الاتصالات المراقبة ليهنئه ويشاركه فرحة النصر. خرج من مركز العمليات وأخذ هاتفه المحمول المتصل بالاقمار الصناعية واتصل على هاتف بيركنز، راح ويسلي يتجول في المكان مبتعداً عن المركز. وفي هذه اللحظة سمع صوت ازيز كما لو كانت طائرة تطير على ارتفاع منخفض.
\r\n
\r\n
ثم وقع انفجار هائل احدث زلزالا في المكان ألقى به على الارض، سمع ويسلي صوت بيركنز يسأله عما يجري. عندئذ ادرك ان الصوت الذي سمعه لم يكن صوت طائرة، ولكنه صوت صاروخ ارض ارض انطلق على المركز ليحوله الى كتلة من اللهب. لم يتمكن ويسلي من رؤية المركز بعد ذلك، فقد بدا كما لو انه قد تبخر وراء ستار من الدخان. وقع هذا الحادث في الساعة 24,10 دقيقة صباحا اي بعد اربع ساعات فقط من بدء مهمة الانطلاقة الراعدة الثانية.
\r\n
\r\n
لقد اصاب صاروخ ارض ارض من المحتمل ان يكون من نوع أنابيل 100 أو فروج 7، الساحة وحول المركز الى اكوام من التراب، كما دمر عربات «همفي» التي تخص كبار ضباط اللواء والتي كانت تقف على الجانب الشمالي من الساحة، وكذلك عربات الاشارة التي كانت تقف بمحاذاة الجدار الجنوبي. كما تطايرت اجهزة الكمبيوتر واللاسلكي ودفنت خريطة المعارك تحت الانقاض وتحطمت الاضواء وتحول كل شيء الى اللون الاسود، وتصاعدت اعمدة الدخان في الهواء.
\r\n
\r\n
وارتمى الجنود على الارض وتمزقت ملابسهم وأصيب بعضهم اصابات خطيرة، بينما قتل سائق كان بداخل احدى عربات «همفي» عندما سقط الصاروخ، كما قتل في هذا الهجوم الصاروخي صحفي اسباني يدعى خوليو انجويتا برادو وصحفي الماني يدعى كريستيان ليبيج، وكان الصحفيان يقفان بجوار عربة «همفي» يحاولان اجراء اتصال بصحيفتيهما لنشر خبر سقوط قصر صدام ومجمع الحكومة في يد القوات الاميركية.
\r\n
\r\n
وكان الصحفيان قد قررا عدم المجازفة بمرافقة وحدات الانطلاقة الراعدة، وفضلا البقاء في المركز في امان. الا ان الصاروخ انفجر بجوار العربة وأحدث حفرة عمقها عشرة اقدام، وتبخر الصحفيان في لحظة ولم يتبق منهما سوى رماد استقر في الحفرة، كما اصيب العريف هنري براون سائق الكولونيل بيركنز الذي كان يقف في مكان مجاور. وقد توفي متأثرا بجراحه بعد نقله الى سفينة المستشفى العسكري. كما قتل جندي نتيجة لإصابته بشظية او قطعة معدنية من احدى العربات مزقت جسمه.
\r\n
\r\n
كان ويسلي منبطحاً على الارض ولا يزال يمسك في يده بالهاتف بينما كان الجنود يهرعون الى المصابين ويحصون القتلى. حمل بعضهم طفايات الحريق في محاولة يائسة منهم لاطفاء النيران التي تصاعدت ادخنتها السوداء بكثافة.
\r\n
\r\n
حاول ويسلي السيطرة على الموقف رغم انه لم يعد لديه اية وسيلة اتصال لاسلكية مع الرجال الذين يعملون داخل مركز العمليات. قام بجمع اكبر عدد منهم وأبلغهم بضرورة القيام بأربع مهمات اساسية هي نقل الجرحى واستعادة المعدات التي يمكن استخدامها وانشاء مركز قيادة جديد واعادة تجهيز معدات الاتصالات.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.