\r\n وتعتبر صلاة يوم الجمعة آخر الضحايا في صراع داخل الطائفة الشيعية ناجم عن الاستيلاء على النجف في ابريل (نيسان) الماضي من جانب أتباع مقتدى الصدر زعيم ميليشيا «جيش المهدي». \r\n فقد أبعد امام صلاة الجمعة عن المنبر من جانب رجال ميليشيا «جيش المهدي» ممن كانوا يرمون الأحجار والأحذية ويحاولون اسكات الواعظ، وفقا لما قاله شهود عيان. \r\n وتوجه قوات الصدر، الذي دخل النجف لابعاد القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة، أنظارها نحو الشيعة الأكثر اعتدالا. وكان الصراع المستمر كارثة بالنسبة للمدينة المقدسة، ملحقا أضرارا فادحة بالاقتصاد المحلي عبر ايقاف تدفق الزوار الذين يشكلون عصب حياة النجف. وكان السكان يأملون أن تنتعش السياحة الدينية عندما توقف القتال بين ميليشيا الصدر والقوات التي تقودها الولاياتالمتحدة. \r\n كما أنه خلق انقساما بين شيعة العراق، ففي الوقت الذي تسعى فيه هذه الأغلبية التي تعرضت الى اضطهاد مديد الى التعبير عن حق تولي السلطة السياسية، فان النزاع الداخلي أضعف هذه الطائفة. وأصبحت الحرية الجديدة بعد سقوط حكومة صدام حسين التي كان يهيمن عليها السنة حرية القتال في ما بينهم. \r\n وقال أبو منتظر العاملي، 36 عاما، الذي يعمل في المرقد انه «من المعروف تماما في النجف أن من يسيطر على المرقد يسيطر على النجف. فالمرقد هو قلب وروح وجسد النجف، وهو جزء من الشيعة بأسرهم». \r\n ونفى مكتب الصدر أية صله له بايقاف صلاة الجمعة. وأكد المتحدث باسمه في النجف الشيخ علي سميسم ان الجماعة لم تمنع الواعظ عن اداء الصلاة. وقال سميسم ان «أمر ايقاف الصلاة يعود اليه. واذا ما أتى فان بوسعه اداء الصلاة. فالخيار له وللناس المرتبطين به». \r\n ولكن من الصعب تفنيد حقيقة أن رجال الصدر يسيطرون على مرقد الامام علي. فمكتب سميسم داخل المرقد وبالقرب منه هناك مكتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي اقامه الصدر أيضا. \r\n وقال تصريح أرسله الجمعة الماضي ممثلو الصدر الى الصحف المحلية ان الصلاة قد ألغيت «لتفادي التحريض على الفتنة أو اثارة المشاكل». \r\n ويتسم النزاع بعواقب سياسية مباشرة على شيعة العراق. وكانت صلاة الجمعة، التي يتابعها الصحافيون المحليون، تؤدى من جانب رجل دين ينتسب الى المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، وهو حزب شيعي يدعم الحكومة العلمانية المؤقتة ويتحالف مع آية الله العظمى علي السيستاني. وقد أسكت ذلك الصوت المعتدل الآن. \r\n وكان الغاء صلاة الجمعة في واحد من أقدس مراقد الشيعة في العالم أمرا مريرا بالنسبة لأفراد الطائفة، اذا ما أخذنا بالحسبان تاريخ العراق الحديث. فعندما كان صدام الذي يقود حزب البعث يحكم العراق كان الشيعة محرومين عموما من اداء صلاة الجمعة، وهي الصلاة الأسبوعية الوحيدة التي يقودها واعظ يتحدث الى المصلين عن القضايا السياسية وكذلك الدينية. \r\n وقال ليث كبة، السياسي العراقي الذي يعيش في الخارج ويتابع القضايا السياسية للشيعة انه «لم يبرز زعيم شيعي قوي سواء كان زعيما سياسيا أو دينيا. أن الوضع أشبه بمنطقة غائمة في الوقت الحاضر». \r\n وقد خلق غياب مثل هذا الزعيم في أوساط الشيعة فراغا سياسيا يبدو أن الصدر استثمره، وفقا لخبراء في قضايا الشيعة. \r\n فالصدر يوجه خطابه الى طائفة واسعة من الفقراء العاطلين عن العمل وأبناء الطبقات الدنيا في المدن، وكذلك الى الشيعة المتعلمين الذين كانوا يتبعون والده، الرجل الذي فهم كيف يستخدم الدين الجماهيري للتعبير عن الأفكار السياسية. ويؤكد الصدر أن العراق ما يزال تحت الاحتلال، وأنه يرفض دعم الحكومة المؤقتة والمشاركة في الجمعية الوطنية التي سيجري اختيارها نهاية الشهر الحالي. ويتم التأكيد على هذه الموضوعات في مواعظ الصدر أيام الجمعة وكذلك مواعظ أتباعه، التي تستمر في الكوفة القريبة وفي مدينة الصدر ببغداد، التي تحمل اسم والده الراحل. \r\n وعلى النقيض من ذلك يتوجه خطاب المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق الى الشيعة من أبناء الطبقة الوسطى. ولديه ما يقابل جيش المهدي وهو فيلق بدر الذي يضم رجالا مسلحين مستعدين للقتال على الرغم من ادعائه بأنه منظمة مدنية بشكل رئيسي. \r\n والأمر يتجاوز اداء صلاة الجمعة في مرقد الامام علي في النجف. فالمعركة هي من أجل الهيمنة السياسية، وفي الوقت الحالي على صناديق أموال المرقد. \r\n ويقول أتباع السيستاني انه استنتج أن النقد العلني للصدر سيؤدي الى ضرر أكثر مما الى نفع، ويزيد الانقسام في صفوف الشيعة. \r\n وقال الشيخ جلال الدين الصغير، إمام مسجد للشيعة في بغداد وهو من أنصار المجلس الأعلى، ان «هناك بعض العناصر التي تحاول تقويض الشيعة خصوصا اننا على أبواب الانتخابات». وأضاف ان «المرجعية تحاول التعامل مع الوضع بهدوء»، مشيرا الى الخمسة الكبار من رجال الدين في النجف الذين يشكلون زعامة الشيعة. ولاحظ ان خيار الصمت «دواء مر» لكنه الاتجاه الأفضل. \r\n \r\n * خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص ب «الشرق الأوسط»