\r\n النفق المفخخ كما سارعت لتسميته صحيفة «يديعوت احرونوت»وصحيفة «معاريف» في جملة العناوين المتناسقة، هو برهان جديد على ان جمال وروعة فك الارتباط عن غزة لن يأتينا من خلال اسلوب القمع العسكري الفتاك. بدلا من الاعلان عن الانتصار والانسحاب، ها هي اسرائيل تراكم انتصارات للعنف الفلسطيني على طريق الانسحاب المتعرج والملتوي من القطاع. «يتوجب قبل كل شيء تحقيق النصر في الحرب»، هكذا قال القادة الفرنسيون قبل تنازلهم عن الجزائر. \r\n \r\n وشارون ايضا قال العبارات نفسها. هذا ممكن هنا بدرجة لا تقل عن هناك. الجيش الفرنسي توغل في كل مربعات وزوايا القصبة الجزائرية وقضى على اغلبية قيادة جبهة التحرير الجزائرية (في عملية أطلق عليها «القطاع») وانتصر في المعارك - الا انه خسر الحرب. دان شومرون، رئيس هيئة الاركان في الانتفاضة الاولى، لم يهتم بالادعاءات والأنباء التي تتحدث عن الفوارق بين الاحتلالين الاسرائيلي والفرنسي. \r\n \r\n قبل 15 سنة حث دار النشر «معرخوت» لنشر ترجمة لكتاب «حرب وحشية للسلام» بقلم اليستر هورن، ستقرأونه أنتم وترفضون بدوركم ايضا تلك الادعاءات. بعمى البصيرة - مثل الجيش الاسرائيلي الذي لم يكشف النفق الذي يُحفر تحت أنفه - تقوم اسرائيل بتكرار واجترار الفصول الأخيرة من الملحمة الجزائرية القاسية تمهيدا للنهاية التي لا مناص منها. \r\n \r\n وخلال ذلك تتسبب في تنغيص حياة التجمعات الشمالية والنقب والعائلات المتضررة في كلا الجانبين. أكثر من 350 صاروخ قسام تطايرت حتى اليوم من القطاع. ليس فقط في منطقة بيت حانون التي اجتاحها الجيش الاسرائيلي عشر مرات على الأقل خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منذ ان انطلق أول صاروخ من القطاع نحو سدروت في ابريل 2001. المصادر الأمنية التي لا يعرف الكلل الى نفوسها سبيلا قالت في حينه ان ذلك يعتبر «تجاوزا لكل الخطوط الحمراء». \r\n \r\n هم حذروا من ان مثل هذه الخطوات «تكلف أصحابها ثمنا». رئيس الوزراء، ارييل شارون، ووزير دفاعه السابق، بنيامين بن اليعازر، قالا ان اسرائيل لن تتعايش مع أمر كهذا ولن تحتمله. القطاع بُتر الى ثلاثة أجزاء والقوات اجتاحت بيت حانون. المروحيات تحدثت عن اصابات دقيقة. في بيت حانون دُمرت عشرات المنازل منذئذ، هذا اذا لم نقل المئات (تقارير الجيش لا توضح الامر احيانا)، وجرفت مناطق زراعية واسعة. \r\n \r\n الراجمات البدائية تحولت الى صواريخ اسمها القسام، مداها أصبح أطول من السابق، اغلبية صناعة المخارط في غزة دُمرت في تلك الاجتياحات والضربات الدقيقة التي تصيب الهدف، التي ينفذها الشباب الاسرائيلي. العشرات قُتلوا والمئات أصيبوا في الجانب الفلسطيني. الآن أصبح مدى القسام يصل حتى مزرعة شارون في النقب تقريبا: \r\n \r\n ولعلمكم ما زال الاحراج الأكبر أمامنا. سدروت تلقت ضربة مرة اخرى من بيت حانون في الوقت الذي يستعد فيه الجيش الاسرائيلي لاجتياحها. وفي هذه الاثناء لا نملك بين أيدينا إلا قرارا حكوميا بالانسحاب من غزة والتباحث مرة اخرى - فلربما يُرضي ذلك حزب المفدال وجناحه اليميني - في إزالة بعض المستوطنات. \r\n \r\n لا توجد في هذه العبارات رغبة في البرهنة لحكومة شارون عن فشلها وإخفاقها مرة اخرى، بل هناك أسف واحباط مريران، لان المصاعب السياسية التي يواجهها رئيس الحكومة لا تبرر التسويف والتباطؤ المزمن الذي يعبث به منذ ان صعد الى سدة الحكم. الجناح المتطرف في الاتحاد الوطني أُبعد عن الحكومة لأن رفضهم التحريضي لم يترك له مفرا آخر. \r\n \r\n ولكن لديه مفر بين لاعبي الأروقة من حزب المفدال وهوامش الليكود وبين الحسم الجريء من خلال تسريع خطة الانسحاب التي طرحها وتمرير باقي القرارات بشأن إزالة المستوطنات وتحريك الدولاب بدرجة لا يمكن لأي عملية عسكرية ناجحة اخرى ان تحققها. \r\n \r\n هناك طريقة واحدة فقط. المفدال يحتاج الى دفعة صغيرة اخرى حتى يخرج من الحكومة. حزب العمل ويهدوت هتوراة ينتظران على الأبواب للدخول. أما من ينشدون الخصام في الليكود فيجب ان يدفعوا للخارج. هذا طريق معقد فقط لان عروق شارون تنضح بالبقاء والمناكفة التي تسببت له بالصدمات. الثمن الذي تتسبب به هذه الشارونية المتواصلة يجب ان لا يُلقى على أكتاف الاغلبية الاسرائيلية التي تُسحق تحتها سحقا. \r\n \r\n \r\n هارتس \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n