\r\n أولاً: تحقيق النفوذ عن طريق استخدام القوة أو التلويح بها. \r\n \r\n ثانياً: تحقيق النفوذ عن طريق إغراء الآخرين على الامتثال والطاعة، مع تقديم المكافآت لهم نظير ذلك. \r\n \r\n ثالثاً: تحقيق النفوذ عن طريق استخدام ( القوة اللينة) التي يقصد بها جذب الأتباع من خلال بيان قوة قيم بلد ما وثقافته. \r\n \r\n عندما تستطيع دولة ما إغراء الآخرين عن طريق توظيف القوة اللينة، فإنها توفر على نفسها الكثير من العصي والجزر.. وهو درس من الدروس التي يتعين على الولاياتالمتحدة أن تتذكرها على الدوام. \r\n \r\n إن انتصارنا في الحرب الباردة يرجع جزئيا إلى قدرتنا على ردع الاتحاد السوفييتي ومنعه من التفكير في العدوان عن طريق وسائل ( قوتنا الصلبة). ولكن تفتت الاتحاد السوفييتي فعليا، لم يتم إلا بعد أن قمنا بتوظيف وسائل القوة اللينة بشكل فعال، ونجحنا في نهاية المطاف في اجتذاب الشعوب في أوروبا الشرقية وفي الاتحاد السوفييتي السابق ذاته، للقيم الغربية من خلال برامج التبادل، والعلاقات الدبلوماسية الأفضل، ومن خلال الإذاعات الموجهة التي نجحت في اختراق الستار الحديدي، ووصلت إلى شعوب تلك المنطقة. \r\n \r\n منذ وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أصبح من المألوف أن نسمع أن الولاياتالمتحدة، قد أصبحت منخرطة في حرب أفكار من أجل كسب عقول وقلوب المعتدلين العرب. ولكسب تلك الحرب، فإننا سنكون في حاجة لأن نكون أكثر براعة مما نحن الآن في الإمساك بمقاليد القوة اللينة في المنطقة. \r\n \r\n والتحدي الأكبر الذي يواجه الولاياتالمتحدة اليوم يأتي من ناحية الإيديولوجية الإسلاموية الراديكالية، والتي ازدادت قوة في العقود الأخيرة. ومن المعروف أن من يتبنون تلك الاستراتيجيات خبراء في استخدام القوة اللينة، واجتذاب الناس إلى صفوفهم من خلال الجمعيات الخيرية، التي تعمل على توفير الحاجيات الأساسية لأفراد المجتمع. ويذكر في هذا السياق أن الحركات الدينية المنظمة في جميع الملل بما فيها المسيحية والبوذية والإسلام، قد استخدمت القوة اللينة لقرون عديدة لجذب ملايين من الناس إلى تعاليمها من خلال الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية التي كانت تقدمها لتلك الملايين، والتي كانت الدول تعجز بمفردها عن تقديمها. ومن الصعب عملياً تقدير المبلغ الإجمالي للمساعدات الهائلة التي تم تقديمها للإسلام الراديكالي على وجه الدقة وإن كان الكثير من المراقبين يقولون إن تلك المساعدات قد تجاوزت بلايين الدولارات على مدار عدة عقود. \r\n \r\n على أن ذلك لا يعني القول إن القوة اللينة تعتبر بلسما شافيا لجميع العلل. فالحقيقة أنها ليست كذلك، كما أنه يصعب- لأسباب عديدة – التحكم فيها وتوجيها بشكل كامل، كما تؤدي في بعض الأحيان إلى تأثيرات غير تلك التي كانت مقصودة في البداية. \r\n \r\n وقد نجحت الحركات الراديكالية الإسلاموية في اكتساب ثقة ومصداقية كبيرتين لدى قطاعات لا يستهان بها في العالم العربي – الإسلامي. \r\n \r\n وقد جاءت استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها عقب اندلاع الحرب في العراق كي تبرز هذه الحقيقة بشكل جلي. فغالبية الأفراد الذين ساهموا في تلك الاستطلاعات سواء في إندونيسيا أو الأردن أو المغرب أو المناطق الفلسطينية، قالوا إن لديهم الكثير من- أو بعض- الثقة في قدرة (أسامة بن لادن) على التصرف على نحو صائب في الشؤون العالمية. وفي تلك الدول، وفي غيرها في الحقيقة، كان عدد الناس الذين يثقون في أسامة بن لادن، أكبر من عدد هؤلاء الذين يثقون في الرئيس الأميركي جورج بوش، أو رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وحقيقة أن أسامة بن لادن، قد أصبح من الشخصيات التي توحي بالثقة والمصداقية في الكثير من بلدان العالم الإسلامي، ترسل رسالة واضحة إلى الأميركيين، حول القوة اللينة التي يتمتع الرجل الذي يعتبر عدوهم اللدود بمقوماتها. \r\n \r\n لذلك يتوجب على الأميركيين أن يعرفوا أن القوة الصلبة لا تكفي وحدها، وأنه يجب عليهم اللجوء إلى وسائل القوة اللينة أيضا. بيد أنه يتوجب عليهم في هذا السياق أن يحاولوا إيجاد وسائل لإبراز جوانب قوتنا اللينة، وتركيز الضوء عليها، واستخدامها لاجتذاب المعتدلين الإسلاميين. \r\n \r\n وخيار الدبلوماسية الشعبية يعتبر من الخيارات الفعالة الملائمة لأميركا في هذا السياق. غير أنه يجب أن يكون معلوما أن الدبلوماسية الشعبية تحتاج إلى ثلاث استراتيجيات حتى يمكن تحقيق الأهداف المتوخاة منها: \r\n \r\n أولا: الاستجابة للأحداث العالمية بسرعة أكبر من السرعة الحالية. في هذا المجال كان إنشاء إذاعة (سوا ) وفضائية ( الحرة ) خطوتين طيبتين، ولكن يتعين علينا العمل بشكل أكثر فعالية مع محطات الأخبار العربية، وخصوصا محطة تلفزيون الجزيرة التي تحظى بالمصداقية لدى الكثير من العرب. \r\n \r\n ثانيا: تحديد الموضوعات الاستراتيجية التي يتعين التركيز عليها: على سبيل المثال القيام بشرح السياسات الأميركية بشكل مفصل، وتوضيح أنها لا تتعارض مع القيم التي يدعو إليها الإسلام المعتدل، مع الإشارة إلى التدخل الأميركي الذي ساهم في إنقاذ المسلمين في كوسوفا والبوسنة، والمساعدات الاقتصادية التي قدمتها للكثير من البلدان الإسلامية من أجل تنمية مجتمعاتها، ومن أجل مكافحة الأوبئة والأمراض وعلى رأسها وباء الإيدز الخطير. \r\n \r\n ثالثا: وهو الأهم، العمل على تطوير استراتيجية طويلة الأمد للتبادل الثقافي والتعليمي، الهادف إلى خلق مجتمع مدني أكثر ثراء وانفتاحا في مختلف دول الشرق الأوسط. \r\n \r\n وعندما ننجح في تنفيذ تلك الاستراتيجيات، نتعلم كيف يمكن الدمج بين كافة أنواع القوة اللينة ،فإنه يمكننا حينئذ تحقيق النجاح في التعامل مع العالم الخارجي، ومواجهة التحدي الذي يمثله الإرهاب العالمي على حضارتنا الإنسانية. \r\n \r\n \r\n جوزيف ناي \r\n \r\n عميد كلية كنيدي لدراسات الحكم \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز والواشنطن بوست\"