لكن اذا وضعنا هذه القضايا ذات الطبيعة الدستورية جانبا، فإننا نجد ان مضمون المعاهدة معروف للكافة، وخصوصا فيما يتعلق بالبند الثالث الذي يحمل عنوان «سياسات الاتحاد» فهذا الجزء، يعيد تجميع مجمل السياسات «السوق الداخلية والتجارة والبيئة والزراعة واليورو» المقررة اعتبارا من عام 1958 والمدموغة، منذ عشرين عاما، بختم الليبرالية او الليبرالية الموغلة اما الهدف من إدراجها في دستور معتمد فهو استبعادها من النقاش السياسي بتعبير آخر، لم تعد الليبرالية خيارا ايديولوجيا بين خيارات اخرى. \r\n \r\n وانما هو مبدأ دستوري ولضمان هذه العودة، فإن بنود مراجعة المعاهدة واضحة، اي ان اجماع الدول يعد امرا ضروريا، بحيث اذا اتفقت 24 حكومة من الحكومات الخمس والعشرين على تعديل بند من هذه السياسات «تدفق رؤوس الاموال، على سبيل المثال» واعترضت الحكومة الخامسة والعشرين، فإن هذه الاخيرة ستكون قد نالت ماتريد. \r\n وعلى الرغم من ان هذا البند كان يجب ان يثير استنكار الاعضاء غير الليبراليين «وبشكل خاص الاشتراكيين منهم» في «المعاهدة» وذلك فيما يتعلق بمستقبل اوروبا الذي عالجه مشروع المعاهدة هذا، الا ان شيئا من هذا لم يحدث على ارض الواقع مطلقا، بل ان احزابهم في كل اوروبا وخصوصا في اسبانيا، مستعدة للتصويت لصالح المعاهدة وهذه طريقة فعالة لمنع ظهور سياسات غير ليبرالية من الآن فصاعدا، وكذلك المستوى الوطني، بحكم ان 70% من القوانين الوطنية ليست اكثر من نقل الى الصعيد المحلي والوطني للقرارات المتخذة على المستوى الاوروبي. \r\n وفي كنف الاتحاد الاوروبي لم يأخذ النقاش حول هذا البند بعدا قويا الا في فرنسا، ولم يطرحه في اسبانيا على حد علمي، سوى حزبي اليسار المتحد و «أتاك». \r\n \r\n وهذا البند مدان بقوة من قبل احزاب اليسار المتطرف، ومن قبل الاحزاب الشيوعية، ومن قبل مجمل الحركات الاجتماعية تقريبا، اما الحزب الاشتراكي وحزب الخضر، فيتبنيان موقفا غامضا قريبا من المخاتلة السياسية اذ يعلنان انهما ضد البند الثالث هذا، ويؤكدان على انه يجب سحبه من المعاهدة قبل إقرارها، لكنهما يرفضان قول ما الذي سيفعلانه في حال عدم حدوث هذا، ورسالتهم للمقترعين هي على النحو التالي الى حد كبير، صوتوا لنا ونحن سنقول لكم لاحقا ما نفكر فيه حول المعاهدة! \r\n وبذلك نعود لنجد أنفسنا امام الالتباس ذاته في الموقف الذي يجب اتخاذه حول طريقة اقرار المعاهدة، اذ ان تدابير الدستور الفرنسي تتحسب لاقتراع البرلمان او استفتاء شعبي، حيث يعود القرار لرئيس الجمهورية، ومع ان الحزب الاشتراكي من انصار الاستفتاء الشعبي الا ان مسئوليه لا يخفون، لا في السر ولا في العلن احيانا، معارضتهم لهذا الاسلوب، فهم يخشون شأن شيراك، من انه اذا تمت استشارة مجمل السكان، فإن كلمة «لا» هي التي ستفوز، واذا كان البرلمان هو الجهة المقررة، اخذين بالاعتبار الغالبية الساحقة من المناصب المنتخبة لليمين في الجمعية الوطنية وفي مجلس الشيوخ، فإن هؤلاء من الممكن ان يسمحوا بترف الامتناع، وربما يدلي جزء منهم على الأقل بصوت مضاد بدون تغيير النتيجة النهائية. \r\n \r\n المدير العام ل «لوموند دبلوماتيك» \r\n \r\n \r\n