Bring Back Our Girls... Boko Haram= Not Islam هما عبارتان من بين أبرز ما قرأته في لافتات حملها متضامنون غربيون مع البنات القاصرات المختطفات في نيجيريا، الذين بث صورهم وتظاهراتهم العديد من القنوات التلفزيونية العالمية في تنديد داخلي وعلني بأبشع جريمة يمكن أن يقترفها ابن آدم أياً كان انتماؤه الديني والعقدي، وهو الذي كرمه الله وحمله في البر والبحر ورزقه من الطيبات وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً... والجريمة هذه هي خطف بنات قاصرات لا حول لهن ولا قوة من منظمة «بوكو حرام» الإرهابية المتشددة في شمال شرقي نيجيريا... والإعلان الأول قرأته في لافتة حملته زوجة الرئيس الأميركي أوباما والثاني لمتظاهرة في قلب العاصمة الأميركية... وكلتاهما تحملان إعلاناً مدوياً: الأول يندد والثاني يخاطب العقول الحية على أن الإسلام بريء من تلك الأفعال. ووسط الغضب العالمي حيال خطف هؤلاء المراهقات اللاتي يتجاوز عددهن المائتين، أعلنت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، إرسال فرق خبراء إلى نيجيريا، كما وعدت الصين بتوفير «أي معلومات مفيدة ترصدها أقمارها الصناعية وأجهزتها الاستخبارية» لنيجيريا. وعرضت الشرطة النيجيرية 300 ألف دولار أميركي مقابل أي معلومات تؤدي إلى إنقاذ الفتيات. وللعلم أيضاً استهدف الهجوم الأخير للمتمردين بلدة «غامبورو نغالا» على حدود الكاميرون، حيث هدم مسلحون مساكن في نهاية الأسبوع وأطلقوا النار على السكان أثناء فرارهم. وقدر المسؤول المحلي «أحمد زانا» عدد القتلى ب300، نقلاً عن شهادات السكان. وأكد «زانا» أن البلدة تركت بلا حماية لأن الجنود المتمركزين فيها أعيد نشرهم في الشمال قرب بحيرة تشاد في إطار الجهود لإنقاذ الفتيات المخطوفات. وأياً كان القلق والتنديد والمساعدة التي تقدمها الدول الغربية لدولة نيجيريا في هذا المضمار فهي شيء محمود إيماناً منها بعالمية حقوق الإنسان والبشر والمسؤولية المشتركة تجاه الفرد... ولكنها تعني ويجب أن تعني في المقام الأول العالم الإسلامي أكثر من غيره لأن تلك الفئات الضالة والمضلة والمارقة والإرهابية تقوم بأعمالها وللأسف الشديد باسم الإسلام، وهنا الكارثة والمصيبة العظمى... العديد ممن حدثني في هذا الموضوع ذهل في البداية من ضعف ردود العالم الإسلامي من منظماته ودوله بل وأفراده... وكان المندد الأول الذي قرن تنديده بإمداد الدعم اللوجستيكي لدولة نيجيريا هي الدول الغربية وعلى رأسها أميركا وبريطانيا، ثم الصين....ولله الأمر من قبل ومن بعد. أولئك الناس مهما تغيرت أسماء تنظيماتهم من «قاعدة» أو «بوكو حرام» أو «سلفية جهادية» هم أصحاب الغلو في الدين المارقون والخارجون عن الملة وحاشى أن تكون لفكرهم صلة بالإسلام الحنيف الوسطي المعتدل... والذي نلحظه في السنوات الأخيرة هو التحول المهول الذي يطرأ على تلك الطوائف القتالية من تنظيم قطري إلى تنظيم إقليمي، وهي من الخطورة بمكان لأنها تمكن من استقطاب عدد كبير من الاتباع الملوثة عقولهم وقلوبهم بنسيان الجغرافية والعمل بشكل منفرد تحت مسميات متعددة ومختلفة في الخفاء والعلن وهذا هو مكمن خطرها... وقد وقع نفس الشيء مع العراق الذي تفاقمت خطورة «القاعدة» فيه لتشكل ما يسمى ب«دولة العراق والشام الإسلامية».. وقبل ذلك ظهور وانهيار المحاكم الإسلامية في الصومال... وهذه الطوائف تظهر قدرة مقلقة على التكيف مع أي وضع جديد. وذلك من خلال عدد العمليات التي يمكن ترصدها مثلاً في الدول المغاربية في الجزائر وتونس وليبيا. وخطر هذه المنظمات في تطور مستمر إذا لم تتوحد الجهود بين الدول المسلمة والمعنية على أعلى مستوى... ونظراً لعولمة الحدود المفتوحة وصعوبة الجغرافيا فقد تتحول الوحدات العنيفة إلى عناصر إرهابية عابرة للقارات وهنا تكمن الخطورة، ويجب خلق مجال العمل المشترك الاستباقي لتكوين خطة طريق استباقية في المجال الأمني دون أن ننسى خطة طريق استباقية أخرى في مجال الأمن الروحي للمسلمين بتصور مناهج تربوية عصرية تدرس في جميع الوطن العربي للناشئة منذ نعومة أظافرهم. وهذا هو المهم.... فنوعية منظومة التعليم في أوطاننا لها دور كبير في تفريخ هذه الشرذمة من الناس الخارجة عن الجماعة، وإلا كان الأبناء المسلمون محصنين من الفيروس الملوث للعقول والقلوب، ولكانوا محصنين كما كتبت مراراً من ظاهرة الغلو في الدين... والغلو يكون خطيراً جداً حين يلبس لباساً دينياً، والله سبحانه وتعالى يقول: (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون). فكل تصرف يتعدى ما يفرضه الوحي هو غلو يخرج الإنسان إلى أمر غير مكلف به، ولو كان الغلو بنية حسنة (ابتغاء مرضاة الله) ومصير كل غلو يكون العجز عن الاستمرار فيه (فما رعوها حق رعايتها)، وأغلب المغالين ينضوون سريعاً تحت قبة الفسق وقليل منهم من ينجو، والرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، استعمل لفظاً آخر وهو التنطع في قوله (هلك المتنطعون)، ولم يكن ليقول هلك العاصون الذين فتحت لهم باب التوبة ليقينه صلى الله عليه وسلم بخطر الغلو المتلبس بحسن النية؛ ويشمل الغلو ثلاثة مجالات حيوية في الإسلام: العقيدة (تكفيراً) والمعاملات (تحريماً) والعبادات (تبديعاً)، وهنا الجهل عند هؤلاء الناس بالطابع المركب الذي خلق الله به الأشياء، ورتب به القوانين، وبالتالي أدرك به العقل هذه الأشياء والقوانين، فبنى على ذلك المفاهيم بطريقة مركبة. الاستثمار الفعال لإنقاذ الأجيال المقبلة يبدأ من هنا وحري بمنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية البدء فوراً بهذا العمل تأصيلاً وتعميماً وهي مسؤولية تاريخية جماعية. رابط المقال: «بوكو حرام» والمسؤولية الجماعية