جاء اجتماع يوم الحادي عشر من فبراير/ شباط بين الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس والزعيم القبرصي التركي درويش أروغلو إثر تصريحات أكدا فيها رغبتهما في استئناف المفاوضات . وسبق اجتماعهما نشاط كبير لمبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى قبرص الكسند دونر، الذي أجرى محادثات مكثفة مع كلا الطرفين، ومع أعضاء مجلس الأمن الدولي . وتركزت جهود دونر على مسألة اتفاق الطرفين القبرصيين بشأن صياغة إعلان مشترك . وقال أناستاسيادس عقب اجتماعه مع أروغلو إنه يرى "آفاقاً جيدة" لمواصلة المفاوضات مع الجانب القبرصي التركي عقب الاتفاق على الإعلان المشترك (بشأن استئناف المفاوضات) . يشار إلى أن إخفاق الطرفين في صيغة الإعلان المشترك كان قد جمّد المفاوضات بينهما منذ العام 2012 . وحسب بعض الخبراء، فإن أحدث التطورات في منطقة المتوسط يمكن أن تدفع الطرفين إلى التوصل إلى اتفاق . وقال ديمتريوس تريانتافيلو، مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية في جامعة قادر هاس: "أعتقد أن الطرفين سيدفعان هذه المرة من أجل الاتفاق على حل . وفي الوقت الراهن، هناك رهانات كبيرة" . وفي الواقع، حدثت مؤخراً تطورات مهمة في منطقة المتوسط، خصوصاً في قطاع الطاقة، وأجرت شركات دولية، من ضمنها شركة "ديليك" "الإسرائيلية"، أعمال استكشاف وتنقيب في حقول غاز طبيعي في البحر، وبدأت الآن مرحلة فتح آبار . وستكون تركيا، المتعطشة للطاقة، المستفيد الرئيسي من تدفق الغاز الطبيعي في الجزيرة القبرصية، وفي هذه الأثناء، استكملت تركيا وشمال قبرص وضع الخطط لتنفيذ مشروع مد خط أنابيب مياه لإمداد قبرص بمياه الشرب . وتعاني جزيرة قبرص من شح المياه . وقال رئيس جامعة باموكالي التركية حسين بقجي، في إشارة إلى الشطرين القبرصيين: "من الممكن أن يكون هناك تعاون اقتصادي ثنائي" . والحوافز الاقتصادية تضع تركيا في موقف واحد مع الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالمسألة القبرصية . وعندما زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بروكسل حديثاً، اتفق ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو على الضرورة الملحة لاستئناف المفاوضات بين الشطرين القبرصيين . وقال باروزو خلال مؤتمر صحفي مع أردوغان: "اتفقنا على الضرورة الملحة لايجاد تسوية شاملة للمسألة القبرصية . وهذا بالتأكيد يصب في مصلحتنا المشتركة . والقيام بخطوة حاسمة في هذا المجال سيكون أيضاً بلا شك عاملاً يساعد في إحراز تقدم في علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي" . غير أن المصالح الاقتصادية التي تحفز إعادة توحيد الجزيرة المقسمة لا تنعكس بالضرورة على المصالح السياسية . فالأطراف المعنية لا تزال على خلاف حول مسألة ما إذا كانت الجزيرة الموحدة ستصبح اتحاداً فيدرالياً أم أنه يجب إيجاد حل دائم على أساس دولتين والشطر الشمالي التركي لايزال يتشبث بمطلبه بشأن حل دولتين، في حين أن الحكومة القبرصية مستعدة لتقديم تنازلات في إطار حل فيدرالي . ويقول بعض الخبراء إن مواقف الطرفين ليست متباعدة جداً . وقالت سيلفيا ترياكي الأكاديمية، والمحللة السياسية، والناشطة الاجتماعية السلوفاكية الأصل، من مؤسسة مركز الاتجاهات السياسية العالمية، وهو مركز دراسات ترعاه جامعة كولتور التركية في اسطنبول: "الطرفان معاً يقولان الشيء ذاته بكلمات مختلفة، وإذا ما اتفق الجانبان على الصياغة، فإن المفاوضات يمكن أن تنجح" . وترى ترياكي أن إقامة اتحاد فيدرالي أو كونفدرالي سيكون الحل الأمثل للمسألة القبرصية، وقالت إن مثل هذا الحل "سيثير صخباً أقل على الصعيد الدولي" مقارنة مع حل قائم على دولة وحدوية . يبقى أنه بالرغم من كل النوايا الحسنة، يتوقع أن تستغرق المفاوضات وقتاً . وقال بقجي: "التوصل إلى حل هذا العام مستحيل، فبعد المفاوضات، سيتعين على كلا الشطرين أن ينظما استفتاء شعبياً وأنا لا أرى في اللحظة الراهنة مناخاً سياسياً مؤاتياً لإعادة التوحيد في أي من الشطرين" . ومع ذلك، أشار بقجي إلى أن فتح فصول جديدة في المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول مسألة العضوية يمكن أن يعطي زخماً للمفاوضات القبرصية . نوع المقال: سياسة دولية