جميع الطرق والوسائل المستعملة يجب أن تكون مجتمعة لخدمة الهدف النهائي الذي سطّرته السلطة السياسية العليا للبلد... وإذا أخذنا الاستراتيجية العسكرية فلا تعني فقط التدخل العسكري الدائم أو الوحيد، فالاحتواء الاستراتيجي يلعب في كثير من الأحيان دوراً فعالاً من حيث المردودية... وهنا نستحضر هذه الحكاية التاريخية المعروفة عند من يزاولون الكندو (Kendo) (طريق السيف) وتعبر بجلاء عن نظرية الاحتواء الاستراتيجي: -«...» ذات يوم، دخل رجل يحمل سلاحاً وهو منهك القوى إلى مدينة صغيرة، ليبحث عن أكل وعمل. -لم يجد شيئاً يقتات منه أو يشربه. -فإذا به يجد نفسه تجاه رجل مسلح يحمل سيفاً براقاً، وأعطاه موعداً في الغد ليتبارزا في وسط المدينة وبحضور الخاص والعام. -وقد استعلم زائر المدينة عن ذلك الرجل، فوجده من أعتى المحاربين وأقواهم، وله قوة وتجربة لا يعلى عليهما، وهو من صناديد المحاربين بالسيوف والرمي، وقد شارك في الحروب وتصدى لكل الهجمات... فذهب عند معلم الفنون الحربية في المدينة... فأمره بأن يصلي على نفسه صلاة الموت لأن الوقت غير كافٍ لتعلم فنون الحرب المتطورة ومجابهة المحارب، وطلب منه أن يقصد رجل دين بوذياً حتى يتعلم الحكمة، فقصده ونصحه رجل الدين البوذي بأنه في وقت المبارزة يجب عليه أن يبقى دون حركة أثناء القتال، وأن يغمض عينيه وأن يقرأ صلاته المعتادة ويحرك بها شفتيه بصوت غير مرتفع... فلم يفهم الزائر شيئاً وظن أنه قد كتب عليه مسبقاً موت سريع، فغاظه ما سمعه من نصيحة، إلا أن رجل الدين البوذي قال له هذه هي الوسيلة الوحيدة لتبقى على قيد الحياة. -وفي وقت المبارزة، تعجب المحارب من ردة فعل الزائر، رجل يغمض عينيه وجالس من دون حركة يتمتم صلوات غير مفهومة، فبدأ المحارب يفكر لأنه كان ذا فكر، فالزائر (1) إما أن يكون أحمق. (2) أو أنه رجل انتحاري. (3) أو أنه رجل قوي جداً. -«فإذا كان أحمق، فهذا لن يزيد من قوتي وشهرتي في شيء؛ وإذا كان انتحارياً فسيكون من الحمق مساعدته على ذلك؛ وإذا كان قوياً جداً، فقد يودي بحياتي إلى التهلكة». -فكانت نتيجة ذلك أن الزائر استقر نهائياً وبرخاء في المدينة الصغيرة، وعاش حياة مديدة. وهذه القصة المعبرة لفلسفة سوان تزو Sun Tzu عن فن الحرب تعبر عن كون العبقرية في الاستراتيجية ليست بالضرورة هي المبارزة العسكرية المباشرة، ولكنها أيضاً قد تكون في احتواء وتطويق العدو من دون قتال، بمعنى تطويق استراتيجية الآخر وجعل الطريق الوعرة طريقاً سهلة. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا