على مدى أكثر من شهرين متتابعين تواصلت عمليات الجيش ضد ما أسموه بالبؤر الإجرامية والإرهابية في سيناء بدون توقف، وكل يوم أو يومين يستيقظ المصريون على أنباء تبث عبر الإعلام المصري حول استشهاد جنود من القوات المسلحة؛ الأمر الذي جعل كافة المصريين بعد طول صبر يتساءلون: هل ما يدور في سيناء مجرد عملية عسكرية محدودة أم أنها حرب مفتوحة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى. فوصف ما حدث على مدار الأيام الماضية داخل القرى الموجودة بين منطقتى الشيخ زويد ورفح لا مسمى له سوى الحرب .. حرب على «بؤر الإرهاب» حسب بيان القوات المسلحة، بيوت مهدمة، منازل محترقة، آثار جنازير الدبابات لاتزال ظاهرة على الأرض الرملية بوضوح، وبقايا صواريخ وقنابل. هذا حال قرى التومة والظهير والجورة والمهدية والتى بدأت المجموعات القتالية التابعة للقوات المسلحة والأمن المركزى المدعومة بغطاء جوى من طائرات الأباتشى، لبدء «خطة أمنية وضعت داخل وزارة الدفاع بعد الانتهاء من عملية فض اعتصامى رابعة والنهضة الشهر الماضى» وفقا لمصدر أمنى لتبدأ نهاية الأسبوع الماضى تنفيذ أكبر عملية أمنية فى شمال سيناء وفقا لبيان رسمى نشر عبر حساب المتحدث العسكرى على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، الذى أكد أن «الحملة هدفها مهاجمة البؤر الإرهابية والقبض على العناصر التكفيرية المسلحة والخارجين على القانون». قبل 30 يونيو الأوضاع كانت شبه هادئة قبل أن تتحول إلى منطقة عمليات عسكرية، الوصول إلى تلك القرى ليس بالأمر الصعب، ولكن للدخول يتطلب مساعدة من أحد أهالى القرية إلى الداخل، وإن لم يوجد يمكنك فقط أن تقف خارجها وتشاهد بقايا تلك القصور الفارهة والمميزة التى يقول الأهالى إنها منازل المهربين سواء كانوا فى مجال السلاح أو المخدرات أو تهريب الأفارقة. الآن وبعد انتهاء الجيش من عملياته العسكرية فى الجزء الأكبر من تلك القرى أصبح الأمر أكثر صعوبة فكمائن الجيش تنتشر على الطرق الرئيسية المؤدية إلى القرى، وعلى الرغم من أن مهمتها التفتيش لكنها لا تترك مساحة لأى سيارة من الاقتراب منها، فمع التحذير الأول من مجند الجيش الذى يجلس فوق الدبابة الأولى بالكمين وهو يشير بيديه «لف وارجع .. لف وارجع» تنطلق سريعا الطلقات لكى تجبرك على العودة والابتعاد عن ذلك الطريق، لتبقى الطرق الجانبية وغير الممهدة لتكون هى الطريق الوحيد للوصول إلى تلك القرى. قرية المهدية التى تبعد ما يقرب من 35 كيلو مترا عن مدينة العريش كان لها النصيب الأكبر فى البيوت المهدمة حيث دمرت قوات الجيش ما يقرب من 60 منزلا من أصل ما يقرب من 400 منزل تضمهم القرية، العديد من الأهالى هجروا منازلهم خوفا من العملية الأمنية تاركين بيوتهم وانتقلوا سريعا إلى مدينة العريش بعيدا عن طائرات الأباتشى والدبابات، بينما هرب آخرون وهم معظمهم من المهربين أو الجهاديين تاركين منازلهم أيضا ولكن وجهتهم كانت إلى وسط سيناء بالقرب من جبل الحلال. تختلف موجات الغضب من منزل إلى منزل، فالروايات حول العملية الأمنية واحده لا يختلف عليها الأهالي فيما بينهم، محاصره ميدانية من الأرض والجو عن طريق قوات الجيش، وعمليات تفتيش دقيقة يقوم بها جنود وضباط من فرق الصاعقة والعمليات الخاصة ثم إخراج الأهالى من داخل البيوت التى توجد معلومات حولها أن أصحابها من المسلحين أو المهربين ويطلب منهم الوقوف على مسافة بعيده من المنزل ويقوم بعدها بتدميره عن طريق القصف بالطائرات أو بمدفعية الدبابات. ما يختلف عليه الأهالى هو الطريقة التى استخدمت فى العملية، يقول إبراهيم المنيعي رئيس اتحاد قبائل سيناء والمعروف أنه من أحد أهم المؤيدين للإخوان المسلمين والمنظمين للمسيرات خلال الفترة الماضية، حسبما نقلت عنه "المصري اليوم" :«حتى لو كان أصحاب البيوت التى دمرت من الإرهابيين، كيف يتم قصف بيوتهم بالدبابات والطائرات.. والمسلحون أنفسهم الذين قبض عليهم وبحوزتهم أسلحة متطورة لم يستخدموها ضد قوات الأمن». وهو ما يرد عليه مصدر أمنى «كنا نعلم جيدا أن العدد الأكبر من الإرهابيين سيفر هاربا إلى خارج القرية مع اقتراب قوات الأمن بسبب انتشار «الناضورجية» التابعين لهم على أطراف القرية ويتم التواصل فيما بينهم عن طريق أجهزة اللاسلكى.. ولذلك كان جزءا من العملية هو تشتيت تجمعهم داخل تلك القرى وهدم بيوتهم لضمان عدم تجمعهم مرة ثانية حتى يسهل ملاحقة كل منهم بمفرده».